نص الشريط
الدرس 27
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 14/12/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2608
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (438)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين

تقدم ان سيدنا في مسالة 12 في احكام الاوقات 406 من ج 11 افاد ان من دخل الفريضة فسها فأتى بركوع او تشهد بقصد النافلة ثم التفت الى انه في الفريضة فان صلاته تصح على طبق القاعدة، ولو لم يكن هناك رواية خاصة وذلك لأنّ الناسي ناو بقاءً ما نواه اولا غير انه اشتبه في التطبيق فتخيل ان هذا الركوع من النافلة وبعد ارتفاع الشبهة يستمر على النية السابقة.

وذكرنا توجيهين لكلامه احدهما ان سيدنا لا يرى ان اختلاف الفريضة والنافلة من اختلاف الحقيقة، ولأجل ذلك فالاشتباه في التطبيق لا يضر بصحة العمل، وثانيهما ان المقصود في الاشتباه في التطبيق في عبارته هو الاشتباه في التوصيف وهو غير ضائر بالصحة، وان كان اختلاف الفريضة والنافلة اختلافا بالحقيقة.

ولكن بعد مراجعة كلامه في مبحث اخر، فقد ذكر في ج 14 ص 56 مسالة 12 لو دخل في فريضة فاتمها بزعم انها نافلة،.. صحت صلاته على ما افتتحت عليه، فذكر في شرح هذه المسالة " ربما يعلل الحكم بمطابقته للقاعدة، حيث إنّ الإتمام منبعث عن النيّة الاولى لا غير، فغايته أنّ تخيل الخلاف يكون من باب الخطأ في التطبيق والاشتباه في تعيين المنوي، وذلك ممّا لا دخل له في الإتمام، فلا يقدح في الصحة على ما افتتحت عليه.

وفيه: أنّ باب الخطأ في التطبيق أجنبي عن أمثال المقام ممّا يتقوّم الامتثال بالقصد، ولا واقع له وراء ما نواه وقصده، وإنّما يجري فيما لو كان الاشتباه في الأُمور الخارجية الأجنبية عن حريم الامتثال، كما لو أتى بالعمل بداع قربي باعتقاد أنّه واجب فتبيّن أنّه مستحب، أو بالعكس، أو صام يوماً بتخيّل أنّه يوم مبارك كالجمعة مثلًا فتبيّن الخلاف، أو صلى خلف من في المحراب باعتقاد أنّه زيد فبان عمراً ونحو ذلك، فانّ كون الأمر وجوبياً أو استحبابياً أو اليوم ذا فضيلة وعدمه، أو من في المحراب زيداً أو عمراً لا دخل لشي‌ء من ذلك في تحقّق الامتثال بعد الإتيان بذات العمل على وجهه بداع قربي. فتخيل الخلاف والاشتباه في التطبيق غير قادح في الصحة في أمثال ذلك لكون المأتي به مصداقاً للمأمور به الواقعي، فالانطباق قهري والإجزاء عقلي.

وأمّا إذا كان المأمور به في حدّ ذاته متقوّماً بالقصد بحيث لا واقع له وراء ذلك، فقصد الخلاف قادح في مثله بالضرورة، لعدم انطباق المأمور به على المأتي به بعد الإخلال بالقصد الدخيل في حقيقته. فلو اعتقد أنّ عليه فريضة قضائية فنواها، ثم تبيّن أنّ الذمة غير مشغولة إلّا بالأدائية، أو اعتقد الإتيان بنافلة الفجر فصلى فريضته، أو أراد بيع شي‌ء فاشتبه ووهبه، فإنّها لا تقع أداءً في الأوّل، ولا نافلة في الثاني، ولا بيعاً في الثالث بلا إشكال"

ملخص ما افاده ان المأمور به تارة يكون عنوانا كليا انطباقيا وتارة يكون عنوانا خاصا قصديا فان كان المأمور به عنوانا انطباقيا نظير ان يؤمر بالصوم القربي يوم عرفة، فلا حاجة الى ان يقصد انه يوم عرفة فالمأمور به هو الصوم القربي في يوم عرفة، فلو فرضنا ان المكلف لم يلتفت الى انه يوم عرفة، فصامه بقصد ان يكون يوم الاثنين صح صومه وسقط الامر والوجه في ذلك ان المأمور به هو الصوم القربي وهو عنوان عام له عدة افراد ولكنه اعتقد انه مخاطب بفرد من افراد الصوم القربي وهو صوم يوم الاثنين، فطبق هذا العنوان العام على فرد خطا وتبين انه ليس مأمورا بهذا الفرد لان اليوم ليس اثنين فحيث ان ما هو المأمور به قد قصده وهو الصوم القربي وما قصده زائدا ليس دخيلا فيما هو المأمور به فبما ان العنوان الذي قصده خارج عن حريم ما هو المأمور به فلا اثر له بعد ان قصد ما هو المأمور به فصومه صحيح.

واما اذا كان المأمور به عنوانا خاصا قصديا كما اذا امر بفريضة الفجر، فان فريضة الفجر وان كانت متحدة مع نافلة الفجر في الصورة فكلاهما ركعتان الا ان هاتين الصلاتين مختلفتان في الحقيقة فحقيقة ركعتي الفجر متقومة بقصد الفريضة وحقيقة ركعتي النافلة متقومة بقصد النافلة فحيث ان المأمور به عنوان قصدي وهو عنوان الفريضة والنافلة اذا فلو اتى بركعتين لا بقصد الفريضة ولا النافلة لم يقع عن شيء منهما، حيث ان المأمور به عنوان قصدي ولو فرضنا انه اعتقد ان هذا الوقت مثلاً وقت النافلة فأتى بالركعتين بقد النافلة ثم تبين انه صلى النافلة والان هو مأمور بالفريضة، لم يقع ما قصده نافلة عن الفريضة، لان العنوان قصدي فما قصده ليس المأمور به وما امر به لم يقصد.

قال " وأمّا إذا كان المأمور به في حدّ ذاته متقوّماً بالقصد بحيث لا واقع له وراء ذلك، فقصد الخلاف قادح في مثله بالضرورة، لعدم انطباق المأمور به على المأتي به بعد الإخلال بالقصد الدخيل في حقيقته.

فلو اعتقد أنّ عليه فريضة قضائية فنواها، ثم تبيّن أنّ الذمة غير مشغولة إلّا بالأدائية، أو اعتقد الإتيان بنافلة الفجر فصلى فريضته، أو أراد بيع شي‌ء فاشتبه ووهبه، فإنّها لا تقع أداءً في الأوّل، ولا نافلة في الثاني، ولا بيعاً في الثالث بلا إشكال.

والسرّ هو ما عرفت من تقوّم تلك الأُمور بالقصود ودخلها في تحقّق الامتثال وقد تجرّد العمل عنها، فلا تقع مصداقاً للمأمور به قطعاً، ولا شك أنّ المقام من هذا القبيل، فانّ قصد الفريضة والاستدامة على هذا القصد إلى آخر العمل دخيل في صحتها ووقوعها فريضة، فلو عدل عنها في الأثناء إلى النافلة غفلة فهي لا تقع مصداقاً للفريضة للإخلال بالنيّة بقاءً، كما أنّها لا تقع مصداقاً للنافلة لعدم القصد إليها حدوثاً، وكذا الحال فيما لو دخل في النافلة فأتمّها فريضة فإنّها لا تقع مصداقاً لشي‌ء منهما، ومن المعلوم أنّه ليست في الشريعة المقدّسة صلاة ملفّقة من الفريضة والنافلة.

وعلى الجملة: فلا يمكن تصحيح هذه الصلاة على طبق القواعد بل مقتضى القاعدة بطلانها كما عرفت، وإنّما المستند الوحيد في صحتها ووقوعها على ما افتتحت عليه هي الروايات الخاصة الواردة في المقام وعمدتها صحيحة عبد اللّٰه ابن المغيرة قال في كتاب حريز أنّه قال: «إنِّي نسيت أنِّي في صلاة فريضة «حتى ركعت» وأنا أنويها تطوّعاً. قال: فقال هي التي قمت فيها، إذا‌ كنت قمت وأنت تنوي فريضة ثم دخلك الشك فأنت في الفريضة، وإن كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة فأنت في النافلة، وإن كنت دخلت في فريضة ثم ذكرت نافلة كانت عليك مضيت في الفريضة.

ودلالتها على المطلوب ظاهرة، والمراد من الشك في قوله «ثم دخلك الشك» السهو كما يطلق عليه كثيراً في لسان الأخبار، والسند صحيح فإنّ إبراهيم بن هاشم موثق، وكذا عبد اللّٰه بن المغيرة الذي هو من أصحاب الكاظم ، فكلامه مخالف لكلامه في ج 11 ص 404، ولا يمكن التوفيق بينهما.

والروايات الاشكال فيها من ناحية السند لان ابن المغيرة روى عن الكتاب مباشرة، فيقال ما هو الطريق الى كتاب حريز فأجاب السيد الخوئي: " ولا يقدح روايته عن كتاب حريز لا عنه نفسه كي يتأمل في طريقه إلى الكتاب، فانّ حريزاً وإن كان من أصحاب الصادق لكنّه بقي بعد وفاته بل قيل إنّه روى عن الكاظم وإن منعه النجاشي.

وكيف كان فهو معاصر لابن المغيرة، بل إنّ كثيراً من أصحاب الكاظم رووا عن حريز بلا واسطة، وعليه فطبع الحال يقتضي أن يكون كتابه معروفاً لديهم وواصلًا إليهم بطريق معتبر فروايته عنه إخبار عن الحسّ دون الحدس كما لا يخفى".

قال الصدوق ”ان كتاب حريز في الصلاة من اشهر الكتب منذ زمان المعصومين

او يقال انه ينقل عمن يوثقه. وسبق المناقشة في التمسك بأصالة الحس في هذه الموارد.

الاشكال الثاني ان الرواية مضمرة، ومن المحتمل ان القائل هو زرارة او احد الاصحاب لان كتاب حريز مشحون بكلام زرارة. قال المحشي في موسوعة السيد الخوئي: ”كثرة الرواية عن حريز نفسه لا تستوجب صحّة الطريق إلى كتابه، كما أنّ المعروفية لا تلازمها. والعمدة أنّ الرواية مضمرة فلا يعوّل عليها حتى لو صحّ السند، إذ لم يسندها إلى المعصوم، ولعلّه رواها عن زرارة نفسه، كما قد يعضده أنّ كتابه مشحون بنقل فتاواه ولم يكن في الجلالة بمثابة زرارة كي لا ينقل عن غير المعصوم، وكلمة زيادة من صاحب الوسائل أو تصرّف من النسّاخ لخلوّ المصدر وهو الكافي والتهذيب عن ذلك“.

فتلخص من ذلك ان روايات الصلاة على ما افتحت غير تامة سندا وبالتالي هذه الروايات الثلاث وان كانت تامة دلالة الا انها محل تامل سندا فلا يمكن التسمك بها.

مسألة 17من العروة: إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد. ولو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في أثناء الوقت فالأقوى كفايتها وعدم وجوب إعادتها وإن كان أحوط، وكذا الحال لو بلغ في أثناء الصلاة".

بنى السيد الخوئي المسألة على مسالة عبادات الصبي، وبعض الاعلام قال ان قلنا بشرعية عباداته يترتب على ذلك الاكتفاء بتجهيزه للميت وصلاته على الجنازة.

ولكن في هذه الثمرة تأملا لان غاية الدليل الدال على شرعية عبادات الصبي هو ما دل على امره بالصلاة والصوم فبما ان الدليل الدال على الشرعية وارد في الصلاة والصوم فغاية ذلك ان يقال بشرعية ذلك في الصلاة والصوم وتوابعهما كالتيمم والوضوء، اما غير ذلك كتجهيز الميت، فهذا مما لا يترتب على مجرد القول بشرعية عباداته ما لم نثبت شرعية عباداته مطلقا.

وانما الاثر المتصور انه لو صلى الصبي صلاة الظهر ثم بلغ فخوطب فهنا ان بشرعية عباداته صحت منه صلاة العصر لأنّه اتى بظهر صحيحة وان قلنا بعدم شرعية عباداته كان لابد ان يأتي بظهر سابقة على العصر والا لم تصح منه.

ولنبحث عن الدليل على شرعية عباداته في الجملة،

وهنا وجهان: الاول ما ذكره الاعلام ومنهم سيد المستمسك من التمسك بالإطلاقات نحو اقم الصلاة والامر بالصوم والحج، فان مقتضى هذه الاطلاقات ان من امتثالها فقد سقط الامر.

ولكن سيدنا اشكل على ذلك بان هذه الاطلاقات مخصصة بحديث الرفع، والاستشكال بان حديث الرفع ضعيف بابن ضبيان قد اجيب عنه بانه اشتهر العمل به لدى الامامية بحد يحصل الوثوق بصدوره كما في المبسوط والناصريات، بل ذكر في نهج الحق انه متواتر، مضافا الى موثق عمار فاذا احتلم وجبت عليه الصلاة وجرى عليه القلم.

والكلام في تقريب تخصيص المطلقات بحديث الرفع، وهنا وجهان الاول ما ذكره سيدنا في بحث الخمس والزكاة من ان ظاهر رفع القلم رفع قلم التشريع فان القلم كناية عن الكتابة، فعندما يقال جرى القلم او رفع، اي هل سجل في التشريع تجاهه شيء ام لا، والمقصود على ذلك ان الصبي لم يكتب في حقه شيء الا ما قام عليه الدليل الخاص، ونتيجة ذلك ان الصبي خارج عن المطلقات موضوعاً فان مقتضى انه مهمل في وعاء التشريع عدم كونه مخاطبا من الاساس.

فان قلت: ان حديث رفع القلم لو قصر النظر عليه لامكن ان يقال ان مفاده الاخراج الموضوعي عن المطلقات ولكن حيث انه ورد في مقام الامتنان فمقتضى قرينية الامتنان اختصاص المرفوع بالإلزام فقوله رفع القلم عن الصبي اي رفع الإلزام عن الصبي حيث ان رفع اصل الخطاب عنه خلاف الامتنان فان مقتضى الامتنان بقاء الخطابات في حقه، فما دام الحديث واردا مورد الامتنان فمقتضى قرينة الامتنان اختصاص مدلوله برفع حيثية.

ولكن قيد يجاب عن ذلك بان الامتنان قد يكون سياقيا وقد يكون ملاكيا، فان كان سياقيا كما في حديث رفع التسعة حيث فان تعبيره ب ”امتي“ ظاهر بالامتنان، فالامتنان سياقي، ومقتضى كونه سياقيا تضييق المدلول بحدود الامتنان.

واما اذا كان الامتنان ملاكيا بمعنى اننا فهمنا ان الامتنان احدى العلل والحكم في الرفع لا انه سياقي فلا يدور الرفع مدار الامتنان وان كان الامتنان دخيل فيه خصوصا وان الحديث دل على رفع القلم عن المجنون والنائم مع ان التكليف للمجنون قبيح عقليا فرفع التكليف عن المجنون ليس امتنانيا بل هو مقتضى حكم العقل العلمي، فلو كان حديث رفع القلم واردا في سياق الامتنان لكان مقتضى ذلك عموم قرينية الامتنان لجميع المصاديق فيه بينما رفع القلم عن المجنون أو النائم بما هو نائم عقلي لقبح تكليفهما وليس امتنانيا فهذا مؤكد على ان الامتنان ملاك من ملاكات الرفع لا انه قيد للرفع يدور مداره، وعليه لا يصح ان يقال ان حديث رفع القلم لا يرفع الا الإلزام بمقتضى قرنية الامتنان.

التقريب الثاني لكلامه ان يقال سلمنا معكم ان المرفوع بحديث الرفع مجرد الالزام ولكن بما ان الالزام جعل بسيط فمقتضى رفعه ارتفاع اصل الخطاب فلا يبقى ثمة خطاب بعد رفع الإلزام بناء على ان الإلزام اعتبار بسيط.

الا ان هذا التقريب الثاني محل تأمل من جهتين الأولى انما يتم على مبناه واما على مبنى السيد السيستاني من ان الاحكام التكليفية الزامية او ترخيصية مركبة فمرجع الوجوب الى طلب الفعل مع الوعيد على الترك، ومرجع الحرمة الى طلب الترك مع الوعيد على الفعل. فحيما نقول بان الاحكام بنظر المرتكز العقلائي مركبات وليست بسائط فلا مانع حينئذٍ من ان يتكفل حديث رفع القلم حيثية الإلزام ماع بقاء اصل الخطاب على الندب.

وثانيا لو سلمنا بمبنى سيدنا من ان هذه الاحكام بسائط لا مركبات الا انه على مبانه في حقيقة الوجوب لا يتم لك حيث ان سيدنا افاد في بحث الاوامر في الاصول ان الوجوب ليس مدلولا لفظيا ولا مرادا لا استعمالا ولا جدا من قبل المولى وانما المولى يظهر بخطابه اصل الطلب فاصل الطلب هو المراد الاستعمالي والجدي من قبل المولى غاية الامر إن اقام دليل على الترخيص فيه انتزع العقل عنوان الندب وان لم يقم دليل على الترخيص انتزاع العقل عنوان الوجوب فالوجوب والندب حكمان عقليان انتزاعيان لا مجعولان من قبل المولى ابدا.

فعلى هذا المبنى نقول لا مانع من جريان حديث الرفع في المقام فيقال ان المطلقات كقوله اقم الصلاة والحجة ثوابها الحنة ان المطلقات غاية ما تدل عليه اصل الطلب لأنّه هذا ما اراده افهامه المولى استعمالا وجدا.

واما حديث الرفع فغاية مفاده الاخبار عن ان هذه المطلوبات يصح تركها، فهناك دليلان دليل يدل على اصل الطلب ودليل يدل على الترخيص في الترك، حيث ان المدلول الالتزامي لحديث الرفع الترخيص في الترك فينتزع العقل من مجموع الدليلين عنوان الندب فعلى مسلك سيدنا من ان الوجوب والندب حكمان انتزاعيان لا مجعولان لا معنى لان يقال جرى حديث الرفع ورفع الإلزام فلم يبق شيء فان حديث الرفع لا يرفع شيئا من مداليل المطلقات وانما يخبر عن الترخيص في الترك وعليه يبقى مدلول هذه المطلقات وهو اصل الطلاب عاما وشاملا للصبي ومقتضى شمولها له ان ما يأتي به من عبادات شرعي.

قال في ص 410 ج 11 موسوعة السيد الخوئي: "فان الحق أن عبادات الصبي شرعية، لا لإطلاقات الأدلة الأولية بعد رفع الإلزام بحديثه، فان فيه ما لا يخفى، بل لأجل أمر الأولياء بأمر صبيانهم بالصلاة والصيام بعد وضوح أن الأمر بالأمر بالشي‌ء أمر بذلك الشي‌ء، فالطبيعة بنفسها متعلق للأمر الشرعي الاستحبابي، ولا شبهة أن متعلق هذا الأمر هو نفس الطبيعة التي أُمر بها البالغون فكانت حاوية لتمام الملاك المشتمل عليه ما يصدر عنهم، ولا ميز إلا من ناحية الإلزام وعدمه، كما لا شبهة في أن متعلق الأمر هو صرف الوجود فلا يؤمر الآتي بالإتيان به ثانياً.

إذن فالتكليف بالصلاة المتوجه نحو البالغين منصرف عمن أتى بها حال صباه، لسقوط الأمر وحصول الغرض، ومعه لا مجال للامتثال ثانياً. ومنه‌يظهر الحال فيما لو بلغ أثناء الصلاة، لوحدة المناط.

ومما ذكرنا تعرف الجواب عما قيل في المقام من عدم الدليل على إجزاء المأمور به بالأمر الاستحبابي عن الأمر الوجوبي، فان المتعلق كما عرفت ملحوظ على سبيل صرف الوجود، والطبيعة واحدة، فتعلق الأمر الجديد بعد حدوث البلوغ يكاد يكون من تحصيل الحاصل كما لا يخفى. فلا مناص من الاجتزاء. "

والحمد لله رب العالمين

الدرس 26
الدرس 28