نص الشريط
الدرس 25
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 21/12/1436 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 3129
المدة: 00:39:20
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (250) حجم الملف: 18 MB
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

ما زال الكلام في مسالة «من صلّى في الثوب المتعلق بالخمس أو الزكاة» فهل تصح صلاته أم لا؟.

وذكرنا: أنّ النتيجة تعمد على تنقيح مطالب:

المطلب الثاني: فيما إذا باع العين أو وهب العين المتعلقة بالخمس، وذكرنا في هذا المطلب امورا:

الأمر الرابع: في شمول أخبار التحليل، فإذا فرضنا أن الإمامي باع العين المتعلّقة بالخمس، أو وهبها الى امامي مثله، فحينئذٍ يكون هذا المورد من موارد اخبار التحليل. لا بلحاظ المنتقل عنه بل بلحاظ المنتقل اليه وهو الامامي الآخر. حيث إن مقتضى اطلاق معتبرة يونس ابن يعقوب: «ما انصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم» انه إذا وقع الخمس بيد الإمامي ممن لا يخمّس سواء كان من لا يخمّس عامّيا أو إماميا، فهو للامامي حلال. فالمشتري للعين المتضمنة للخمس إذا كان اماميا تحل له هذه العين، سواء كان البائع عاميا أو إماميا.

غاية ما في البحث هل ان مفاد ادلة التحليل امضاء المعاملة أم ان مفاد ادلة التحليل مجرد الاباحة.

فإذا وهب من لا يخمس العين المتعلقة للخمس أو باعها على امامي حلت للامامي، فهل معنى تحليلها للامامي ان المعاملة صحيحة ونافذة؟ أم انه مجرد اباحة من ولي الخمس؟.

فإن قلنا: بان مفاد اخبار التحليل هو الامضاء كما ذهب اليه سيدنا «قده» وتلامذته، فالبيع نافذ. ومقتضىاه، ان الخمس ينتقل من المثمن الى الثمن، لأن المشتري امامي، وقد نفذ البيع حتى في الخمس، ومقتضى نفوذه فيه انتقاله الى العوض فيثبت في الثمن.

هذا إذا كانت المعاملة معاوضة. وأما إذا لم تكن المعاملة معاوضة كالهبة: فمعنى امضائها انتقال الخمس الى ذمة الواهب. فإذا فرضنا ان من لا يخمس وهب السيارة المتعلقة للخمس الى اخيه أو ولده، فمعنى تحليل هذا المال امضاء الهبة ومعناه ان تمام العين الموهوبة ملك الموهوب له الإمامي، فخمسها ينتقل الى ملك الواهب، لانه اتلف العين بهبتها، يعني اتلف الخمس بهبته إلى الإمامي.

وأما إذا كان مفاد أخبار التحليل مجرد الاباحة كما استظهرناه في محله وليس الإمضاء، فلا يستفاد من معتبرة: أبي خديجة: «هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب اما والله لا يحل إلا لمن احللنا له» ومعتبرة يونس: «ما انصفناكم إن كلفناكم ذلك» اكثر من الأباحة، لأنه ولي الخمس لا أن هناك امضاء للمعاملة.

فما يترتب على الاباحة: ان للامامي الذي استلم العين ان يتصرف في العين بما يريد، وحيث إن الاول هو الذي سلمه العين فيعد تسليمه العين اياه اتلافا لملك الامام فيترتب على ذلك ثبوت الخمس في ذمته، سواء كانت المعاملة معاوضة أم لم تكن.

فعلى مبنى من يرى: ان مفاد اخبار التحليل الحلية لا اكثر من ذلك، لا يفرق بين المعاوضات وغيرها، بل يعد تسليم العين المعدة للخمس اتلافا. ومقتضى ذلك ثبوت الخمس في ذمة من سلّم العين.

الأمر الأخير «الخامس»: إذا باع ما فيه الخمس وأدى الخمس من مال آخر. كما إذا افترضنا ان الكتاب متعلق للخمس، وباعه بعد أن استقر فيه فالبيع فضولي لانه باع ما لا يملك. ولكن إذا أدى الخمس من مال آخر. فبعد ان باع العين المتعلقة بالخمس تدارك وأدى الخمس من مال آخر. فهل يملك هذا الخمس بلا حاجة لإجازة البيع؟ أم لابد من اجازة؟ أم البيع فيه باطل على كل حال؟ أجاز أم لم يجز. وهذه المسألة عبّر عنها «من باع شيئا ثم ملكه».

فإذا افترضنا ان شخص باع ملك غيره كسيارة فضولاً، ثم صاحب السيارة وهبه السيارة. فهو باع السيارة ثم ملكها، فهل يصح بيعه بلا اجازة منه، اويتوقف صحة بيعه على الاجازة أم يبطل حتى مع الاجازة.

مثال الميراث: فلو ان الوارث قبل موت والده باع سيارة ابيه فضولا وتوفي الاب، فدخلت السيارة في ملكه، فهو ممن باع شيئا ثم ملكه. فهل ينفذ بيعه مطلقا أو لا يصح بيعه مطلقا أو يتوقف صحة بيعه على اجازة منه في البيع الصادر؟ ثلاثة اقوال:

1/ ما افاده سيدنا «البيع، ج37، ص19»: قال: لا يصح هذا البيع حتى مع الاجازة، لمشكلة ثبوتية واثباتية.

المشكلة الثبوتية: فهذا الوارث عندما باع السيارة هل باعها على نحو التعليق؟ أم على نحو التنجيز؟ وعندما باعها على نحو التنجيز هل باعها عن نفسه أو عن طبيعي المالك؟ صور ثلاثة:

الصورة الأولى: أن يبيع السيارة عن نفسه، لكن على تقدير موت أبيه. فباع السيارة عن نفسه بيعا معلقا على موت والده. فهذا البيع باطل لأجل التعليق لقيام الاجماع على مبطلية التعليق في العقود.

الصورة الثانية: ان يبيع السيارة بيعا منجزا لا معلقا، لكنه باع السيارة عن طبيعي المالك لا عن نفسه، وبعد ساعة توفي ابوه. فهذا البيع كسائر البيوع الفضولية. فهو عندما باع السيارة لم يكن هو المالك والآن اصبح هو المالك بإمكانه أن ينفذ بيعه السابق بإجازته كسائر البيوع الفضولية، يقول: امضيت بيعي السابق.

ولكن مفروض البحث هو:

الصورة الثالثة: ان يبيع السيارة عن نفسه منجزاً، ثم بعد ساعة يصبح هو المالك. فهل بيعه السابق يصح بلا اجازة؟ أو بالاجازة؟ أويبطل؟

يقول «قده»: يبطل، فإن البيع السابق لا تجدي معه الاجازة. والسر في ذلك: ان البيع معاوضة والمعاوضة هي عبارة عن حلول الثمن محل المثمن في الملكية والعكس. وهذا عندما قصد البيع عن نفسه لم يقصد المعاوضة، لأن المثمن خرج إلى ملك المشتري عن الوالد، لا عن نفسه، والثمن خرج من ملك المشتري الى نفسه لا الى ملك الوالد، فليست هناك معاوضة، فبما انه قصد البيع عن نفسه اذاً قصد ان يدخل الثمن في ملكه، ومع كون البيع معاوضة والمعاوضة عبارة عن حلول الثمن محل المثمن، فهو لم يقصد المعاوضة، لأنه قصد ان يدخل الثمن في ملكه مع خروج المثمن عن ملك ابيه، فلم يدخل الثمن في كيس من خرج عن ملكه المثمن. فهذا البيع باطل.

المشكلة الاثباتية: ما اشار اليه «قده» في «ص28» قال: إن الاخبار الناهية عن بيع ما ليس عنده وما لا يملك تشمل المقام بإطلاقها، كقوله : «لا تبع ما ليس عندك» «الوسائل، باب7 من ابواب احكام العقود، حديث2». وقوله في رواية اخرى: «لا بيع في ما لا يملك». فإن مقتضى اطلاق «لا تبع ما ليس عندك» الارشاد الى فساد بيع ما ليس ملكاً. سواء باعه على نحو المعلق أو المنجز. سواء باعه معلقا على اجازته أم لم يقصد ذلك. ولذلك قال «قده»: في «ص31»: [ولا يخفى ان صورة التنجيز وان كانت متيقنة الا ان كون هذه الصورة متيقنة لا يمنع من اطلاق الرواية، وهو يقتضي الحكم بالفساد سواء باعه على نحو التنجيز أو باعه على نحو التعليق، وسواء علّق البيع على شراء شخص أم لا، أو علق البيع على الاجازة أم لا؟ فقال: أنا ابيعه إذا اجزت بعد ذلك. كانت هذه الصورة ايضا مشمولة لإطلاق الرواية، مفاد الرواية: ان بيع ما ليس ملكا غير نافذ. باعه منجزا أو معلقا على اجازته، فجميع الصور داخلة]

فالنتيجة: ان رأي سيدنا «قده» في «كتاب البيع»: هو فساد بيع من باع شيئا ثم ملكه. ولا يجدي في تصحيحه الاجازة.

ولكن يلاحظ على الوجه الثبوتي:

ما ذكرنا عدة مرات: من ان هذا يبتني على ان حقيقة المعاوضات هي عبارة عن حلول كل من الطرفين مكان الآخر.

وأمّا إذا قلنا بأن المعاوضة هي المقابلة: بمعنى: أنه تارة نقول بأن المعاوضة هي عبارة عن حلول الثمن محل المثمن في الملكية، وحلول المثمن في الثمن في الملكية، وهذا لا يتصور الا من دخل الثمن في ملك من خرج عن ملكه المثمن وبالعكس.

وأما إذا قلنا ان المعاوضة التي تشمل البيع والصلح وغير ذلك، هي مجرد المقابلة في التمليك: اي ملكت هذا مقابل تمليك هذا، وهذا هو معنى المبادلة، «مبادلة مال بمال». فالمبادلة بين المالين في التمليك، مع غمض النظر عن حلول أحد العوضين محل الآخر فانه خارج عن حقيقة المعاوضة. وحنيئذٍ حتى لو علم الغاصب أو الفضولي ان من ملك المثمن لم يدخل في كيسه الثمن، فقد قصد المعاوضة، لأنه قصد المبادلة بين المالين، والمقابلة بينهما في التمليك. ملكت هذا بإزاء هذا، أما اين يحل؟ فهذا ليس منظوراً.

وهذا المعنى تعرض له السيد الإمام «قده»: «كتاب البيع، ج2، ص194»: فقال: [إن البيع عبارة مبادلة مال بمال، وهذا لا يتقوم بإخراج المال عن ملك البائع وإدخال الثمن في خصوص ملكه. والشاهد على ذلك: بيع الوقف. لو باع وقفاً بوقف، وكلا الوقفين لم يكن ملكاً لجهة من الجهات. كما لو افترضنا ان عندنا دارا أو عندنا بستانا موقوفا على كنس الطرقات فهذا وقف وليس ملكا لجهة. فباع وقفا بوقف أو مالا زكويا بمال زكوي، فحينئذ لم يحل احدهما محل الاخر في الملكية، وليس بيع الوقف بالوقف الا بالمقابلة بينهما في التمليك لا اكثر من ذلك...... فالمعاملات المتعارفة من الفضولي، هي المبادلة بين المالين من غير كون خروج العين من الملك ودخول الثمن في الملك في حريم الانشاء، فبيع الفضولي لنفسه كبيع الفضولي للمالك، وكلاهما كبيع الاصيلين في مقام الانشاء،] اي ان الجميع لم يقصد منه الا معنى واحد في جميع الموارد هو المقابلة في التمليك، فقل «بعتك الكتاب بدرهم» من الفضولي كقول الأصيل «بعتك الكتاب بدرهم» كلاهما معنى واحد، وهو المقابلة في التمليك. إلان أن بيع الاصيل يصح بمجرد تعقبه بقبول المشتري، بينما بيع الفضولي يصح بضم الإجازة من قبل المالك.

[فإن قلت: إن نية الفضولي كون الثمن داخلاً في ملكه، ودعوى كونه منه.

قلت: إن هذا غير مربوط، بماهية المعاملة، وعلى ذلك يندفع الإشكال،] بل يندفع به اشكال آخر، وهو: إن الإجازة لم تتطابق مع المجاز، فالبيع كان عن نفسه، والإجازة الآن عن المالك، فلم تتطابق الإجازة مع المجاز، لأن هذا الفضولي أو الغاصب عندما باع العين باعها عن نفسه.

وعندما أجاز المالك هذه المعاملة اجاز المعاملة عن المالك، فلم يتطابق مضمون البيع مع مضمون الإجازة، والمفروض ان الاجازة لا دور لها الا تنفيذ البيع الصادر لا انها تغير المعاملة الى معاملة أخرى.

يقول السيد: [وبما ذكرنا يندفع هذا الإشكال، إذ أن قصد البيع لنفسه ليس داخلا في حريم المعاملة وإنما المعاملة مجرد المقابلة في الملك، وما أجازه الملك هو هذا المعنى وهو المقابلة في الملك ليس إلا].

والحمد لله رب العالمين.

الدرس 24
الدرس 26