نص الشريط
الدرس 79
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 6/5/1437 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2652
المدة: 00:34:41
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (277) حجم الملف: 15.8 MB
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

كان الكلام في أن عدم المعلول هل يستند إلى وجود المانع في الاضداد أم لا؟

حيث إن هذه المسألة وقعت مثاراً لكلمات الاصوليين في بحث الضد اي في بحث هل ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ام لا؟

وذكرنا فيما سبق ان سيدنا الخوئي «قده» تبعا لشيخه المحقق النائيني «قده» ذهب الى أنه لا يتصور في باب الاضداد ان يكون احد الضدين شرطا والآخر مانعاً بحيث اذا عدم الأثر فيقال بأن الاثر استند عدمه الى وجود المانع مع ان الشرط تام، وذكرنا امس تحليل كلاهما وهو ان المانع اما موجود او معدوم، فاذا كان المانع موجوداً فالشرط غير موجود مقتضى المضادة بينهما، فاذا افترضنا ان المانع حاصل والمانع ضد للشرط اذ الشرط غير حاصل، اذ لا يجتمع الضدان، واذا لم يكن الشرط حاصلا فعدم الاثر مستند الى عدم الشرط لا الى وجود المانع بمقتضى الطولية بين الشرط وعدم المانع.

واما اذا كان المانع معدوماً فان المانع لا يتصف بالمانعية حتى يقال بان الاثر استند اليه. اذن النتيجة: ان الضد لا يتصف بالمانعية لا حين وجوده لاستناد عدم الاثر الى عدم الشرط، ولا عند عدمه لأن المعدوم لا يتصف بالمانعية.

وذكرنا ان في قبال هذا الكلام كلمات، ذكرنا امس الاولى للمحقق العراقي «قده» في رسالته في اللباس المشكوك. وسبق التأمل فيها.

الكلمة الثانية ايضا للمحقق العراقي في رسالته «اللباس المشكوك ص123»:

ومحصل كلامه: انهم افادوا ان اجزاء العلة ثلاثة: مقتض وشرط وعدم المانع.

فمقتضى تألف العلة من هذه الأجزاء الثلاثة ان تكون هذه الاجزاء في تأثيرها في وجود المعلول على نسق واحد ورتبة واحدة، وإلا لو كان بعضها متأخراً رتبة عن الآخر لما كان المعلول في رتبه مستندا الى مجموعها، فبما ان هذه الاجزاء بلحاظ عالم التاثير في رتبة وحداة، فكذلك هي بلحاظ عدم التأثير، بمعنى اذا عدم المعلول فهل يستند عدم المعلول الى عدم المتقضي أولاً فان لم يكن الى عدم الشرط ثانيا، فان لم يكن فإلى وجود المانع ثالثاً كما قرّره المحقق النائيني «قده» أم لا؟ نقول كما ان المعلول في حال وجوده يستند الى مجموع الاجزاء في رتبة واحدة كذلك في حال عدمه يستند عدمه الى عدم جميع هذا الاجزاء في رتبة واحدة، لا انه يستند في طرف الوجود الى المجموع في رتبة واحدة بينما في طرف العدم الى كل في رتبته.

فيقال استند عدم المعلول لعدم المقتضي فإن وجد المقتضي فيستند الى عدم الشرط، فان وجد الشرط فيستند الى وجود المانع، بل عدمه يستند الى عدم الجميع في رتبة واحدة كما يستند وجوده الى المجموع في رتبة واحدة.

البرهان على ذلك «مع انه منقوض فلسفيا»: انه يشترط في النقيضين وحدة الرتبة. فالكلام انه يشترط في التناقض وحدة الرتبة بمعنى انه انما يستحيل اجتماع النقيضين اذا كانا في رتبة واحدة، فيعتبر في التناقض وحدة الرتبة، بناء على ذلك: اذا قلتم بان وجود المعلول يستند الى المجموع في رتبة واحدة، مقتضى ذلك ان عدم المعلول يستند الى نقيض وجود المجموع ايضا في رتبة واحدة، والا لو استند عدم المعلول الى عدم كل واحد في رتبة لزم ارتفاع النقيضين في بعض الرتب، بمعنى انه في ظرف وجود المقتضي فإن وجود المعلول يستند اليه في رتبته لكن في عدمه لا يستند اليه في رتبته، اذن هذا لازمه ارتفاع النقيضين في تلك الرتبة، لا وجود المقتضي ولا عدمه، وهذا غير معقول، كما يشترط في استحالة اجتماع النقيضين وحدة الرتبة اذن بالنتيجة نقول لا يعقل ان يرتفع النقيضان معاً في رتبة من الرتب، مثلا رتبة المانع، فنقول: بأن عدم المعلول استند الى وجود المانع في رتبة متأخرة عن رتبة المقتضي، ففي هذا الحال يعني في حال استناد عدم المعلول الى وجود المانع مع ان المقتضي موجود حينئذ يقال: اجتمع عدم رتبة المقتضي مع عدم المعلول لكن في رتبة المقتضي لكن في رتبة وجود المانع.

ولكن يلاحظ على ذلك:

أولاً: بأن الاعلام الذين اصطلحوا على ان العلة مؤلفة من ثلاثة اجزاء: مقتض وشرط وعدم المانع، لم يقولوا بان مجموعها في رتبة واحدة، وإنما ذكروا هذه الاجزاء بلحاظ عالم التأثير. بمعنى لا يمكن ان يتحقق المعلول الا باجتماعهما زمنا لا انه باجتماعهما رتبة، هذا لم يذكره الاعلام ولم يصروا على ذلك حتى يلاحظ نقيضه في نفس الرتبة. اذن غاية ما افاده الاعلام انه يعتبر في وجود المعلول في زمان اجتماع هذه الاجزاء في ذلك الزمان، مقتض وشرط وعدم مانع، لا ان هذه الاجزاء متساوية في الرتبة من حيث دخلها في وجود المعلول حتى يقال اذا ثبت اتحادها رتبة في عالم الوجود يجب ان يكون عدمها في نفس الرتبة والا ان لم يكن عدمها في نفس الرتبة يلزم ان يرتفع النقيضان وجودها وعدمها في تلك الرتبة. هذا لم يتم في حال الوجود كي يتم في حال العدم.

ثانياً: سلّمنا بأنه يعتبر في تأثير اجزاء العلة في وجود المعلول ان تكون هذه الاجزاء في رتبة واحدة، هل نقيض المقيد رتبة مقيد رتبة؟

يعني: هل نقيض المقيَّد العدم المقيَّد ام عدم المقيَّد؟ مثلاً الجلوس الساعة في الخامسة هل نقيضه عدم الجلوس في الساعة الخامسة، بحيث يكون العدم مقيد في الساعة الخامسة؟ او عدمه في الساعة الخامسة لا عدمه المقيد في الساعة الخامسة؟ نقيض المقيَّد عدم المقيد لا العدم المقيَّد. والسر في ذلك: لوح النقيضين هو الواقع لا عالم الوجود الخارجي، اذ يستحيل اجتماع النقيضين في عالم الخارج، إذن لوح اجتماع النقيضين هو لوح الواقع، يقال: اجتماع النقيضين مستحيل خارجا، النقيضان الثابتان واقعا يستحيل اجتماعهما خارجاً، النقيضان الثابتان في عالم نفس الامر والواقع في عالم التقرر يستحيل ارتفاعهما خارجاً، فظرف استحالة الاجتماع واستحالة الارتفاع الخارج، لكن النقيضين ثابتان واقعاً، كما ان الوجود امر واقعي العدم ايضا امر واقع. لأجل ذلك عندما يقال بأن النقيض بدل بنقيضه خلف نقيضه، يعني العدم خلف الوجود بديل الوجود، هل العدم بديل الوجود في زمنه فيتقيد عدمه بزمنه؟. وهل العدم بديل الوجود في رتبه فيتقيد العدم برتبة الوجود ام لا؟

العدم بدل الوجود بما له من زمن لا بدله في زمنه، وبدل الوجود بما له من رتبة لا بدله في رتبه، فالجلوس في الساعة الخامسة نقيضه عدمه لا عدمه في الساعة الخامسة. والناطقية التي هي في مرتبة وجود الانسان، في مرتبة وجود الانسان مرتبة الناقضية عدمها عدم الناطقية لا عدمها في مرتبة وجود الانسان، لذلك قالوا: نقيض المقيد عدمه لا العدم المقيَّد.

إذن بناء على ذلك يصح ان يقال: بانه لا مانع من أن يكون وجود المعلول متأخر رتبة عن وجود العلة لكن عدم المعلول ليس متأخر رتبة عن وجود العلة، لكن عدم المعلول ليس متأخراً رتبة عن وجود العلة، فإن عدم المعلول عدمه لا عدمه في رتبه كي يكون عدم المعلول متأخر رتبة عن وجود العلة، ووجود العلة متقدم رتبة على وجود المعلول، ولكن عدم العلة ليس متقدم رتبة على وجود المعلول، فإن عدمه عدم له لا عدمه في رتبه. والمعلولان لعلة ثالثة في رتبة واحدة لانهما نشئا عن علة واحدة، فعدمهما عدمهما، لا عدمها في رتبتهما. فما دام العدم والوجود ثابتين واقعا صح ان يكون احداهما بدلا للآخر من دون ان يتقيد برتبته او زمانه.

إذن فالنتيجة: أن لو قلنا بأن المعلول لا يوجد إلا باجتماع الاجزاء في رتبة واحدة فعدم المعلول لعدم الاجزاء لا يعتبر فيه ان يكون عدما للأجزاء في رتبة وجود الاجزاء وإلا لا يصير تناقض. فإن العراقي ادعى هذه النقطة، قال اذا تقولوا وجود المعلول يتوقف على وجود الاجزاء في رتبة واحدة فلابد ان تقولوا: عدم المعلول يستند الى عدم جميع الاجزاء في تلك الرتبة حتى يتحقق تناقض.

نقول: لا، لو اشترطنا في وجود المعلول وجود جميع الاجزاء في رتبة واحدة فلا يعني ان نقيضها عدم المعلول لعدم الاجزاء لا لعدمها بنفس الرتبة. فلا يشترط وحدة الاجزاء في الرتبة وجودا وعدما، قد يشترط اتحادهما في الرتبة وجوداً لكن لا يشترط في عدمها ان يكون ايضا في عدمها في رتبة واحدة.

وبهذا يندفع كلام المحقق العراقي «قده».

الكلمة الثالثة: ما ذهب اليه المحقق الاصفهاني «قده» في «نهاية الدراية، ص182، ج2»: هذا المطلب كله مبتن على تركب اجزاء العلة من ثلاثة: مقتض وشرط وعدم مانع. لذلك وقع البحث: هل عدم المانع في رتبة الشرط ام متأخر عنه رتبة؟ قلنا البحث مبتن على هذه النقطة، ونحن ننكرها من اصلها، قلنا ليس هناك عدم مانع، ان اجزاء العلة مركبة من جزئين: مقتض وشرط. الشرط قيد يكون وجوديا وقد يكون عدميا، عدم المانع شرط وليس جزءا متأخر رتبة عن الشرط كي يأتي هذ البحث.

وافاد ذلك في مقدمات ثلاث:

المقدمة الاولى: قال ان الشرط ما كان مصححا لفاعلية الفاعل او متمما لقابلية القابل كالشروط الوجودية، «يعني مصحح لفاعلية الفاعل» والعدمية «متمم لقابلية القابل» كما ان المحاذاة محصص لفاعلية النار في الاحراق فمحاذاة الجسم للنار شرط مصحح لفاعلية الفاعل «فاعلية النار للاحراق» كذلك خلو المحل من الرطوبة متمم لقابلية المحل للاحتراق، فرجع عدم المانع الى الشرط، لكن شرط متمم لقابلية القابل، فكلاهما شرط كلاهما في رتبة واحدة. وكما يتصور ذلك في غير الاضداد يتصور ذلك في الاضداد، وهكذا الامر في السواد والبياض، فان خلو الموضوع عن السواد متمم لقابليته لعروض البياض فعدم السواد شرط في حدوث البياض لانه متمم لقابلية المحل، فلا فرق بين الاضداد وغيرها في ان عدم المانع شرط راجع الى عدم كونه متمما لقابلية القابل.

فإن قلت «ص183»: ان العدم لا ذات له فكيف يعقل ان يكون شرطاً؟ _كيف يتصف بالشرطية وهو عدم؟ _ لان ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له لا الثابت، فثبوت الشرطية لشيء فرع ثبوت المشروط حتى تثبت له الشرطية فاذا كان العدم مما لا ثبوت له فكيف تثبت له الشرطية؟ فكيف يقال عدم المانع شرط؟

قلت: إن القابليات والاستعدادات والاضافات واعدام الملكات كلها لا مطابقة لها من الخارج، _ليست من الأمور الموجود بوجود ما بإزائها_ بل هي شؤون وحيثيات انتزاعية، كلها من قبيل الامور الانتزاعية التي لا وجود لها بالذات بل وجودها بالعرض، يعني ليس لها وجود لوجود ما بإزائها بل لوجود منشأ انتزاعها. مثلا: القابليات، قابلية الجسم للاحتراق ليست امراً خارجيا بل هي امر انتزاعي بمعنى ان الذي قارن بين الجسم وبين احتراقه في فرض عدم الرطوبة انتزع من ذلك عنوان القابلية، فقال الجسم لديه القابلية للاحتراق ان فقد الرطوبة. هذا مجرد انتزاعي والا ليس امراً خارجياً.

هذا بالنسبة الى القابليات.

وكذلك بالنسبة الى الاضافات: عندما يقال: عدم الضحك وعدم البكاء اي فرق بينهما؟ كلاهما عدم، اي فرق بينهما؟ يقول: هذا فرق انتزاعي وليس فرق خارجي والا في الخارج كلاهما عدم، إنما الذهن بالإضافة، قال: عدم اضفته الى الضحك، عدم اضفته الى البكاء، والا هما في الواقع شيء واحد، اختلافهما اختلاف انتزاعي. وكذلك اعدام الملكات، العمى والجهل يقال فلان اعمى، يقال العمى ليس موجود في الخارج وانما العمى امر خارجي، فاذا لاحظ الذهن الانسان بالمقارنة مع عدم البصر ورأى انه قابل له انتزع من ذلك عنوان العمى.

وبناء على ذلك يقول: فكون الموضوع «القيام والقعود ضدان مثلا لا يعرضان على موضوع واحد وعلى جسم واحد، فمتى يكون الجسم قابلا للقيام ومتى يكون الجسم قابلاً للقعود؟» يقول هذه كلها مسائل انتزاعية، فكون الجسم بحيث لا قيام له هو بحيث يكون قابلا لعروض القعود، _كون الجسم بهذا الحيث لا قيام له هو حيث عروض القعود له يعني هو المتمم لقابليته للقعود_ فمتمم القابلية كنفس القابلية، حيثية انتزاعية، كما ان القابلية امر انتزاعي متممها ايضا امر انتزاعي، كما ان قابلية الجسم للقيام امر انتزاعي متمم هذه القابلية وهو عدم القعود ايضا امر انتزاعي.

نحن نعلم أن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له لكن فرع ثبوت المثبت له في اي ظرف؟ في ظرف الثابت لا في ظرف الخارج، فاذا كان الثابت من الامور الخارجية كان المثبت له خارجياً، وأما اذا كان الثابت من الامور الاعتبارية كان المثبت له ايضا اعتبارياً، واذا كان الثابت من الامور الانتزاعية كان المثبت من الامور الانتزاعية، فلا يشترط في ثبوت شيء لشيء ان يكونا لمثبت له في الخارج بل يكفي ان يكون ثابتاً في ظرف الما ثبت له. إذن عندما نقول: بان عدم المانع «مع انه عدم» متصف بالشرطية والشرطية هل هي امر خارجي ام انتزاعي؟ يقول: انتزاعي، لان معنى الشرطية تتميم القابلية وتتميم القابلة امر انتزاعي، لانه اذا كانت القابلية امرا انتزاعيا فمن الطبيعي ان يكون تتميهما امرا انتزاعياً، فتتميم القابلة امرا انتزاعي إذن الشرطية بمعنى تتميم القابلة امر انتزاعي، وبما ان الشرطية امر انتزاعي فيكفي ان يكون الشرط في عالم الانتزاع وان لم يكن له ثبوت في الخارج. فنقول: عدم المانع له ثبوت في عالم الانتزاع ولذلك صح اتصافه بالشرطية وان لم يكن له ثبوت في الخارج.

‘ذن بالنتيجة: يقول المحقق الاصفهاني: بما ان عدم المانع مرجعه الى الشرط فلا يوجد طولية بين عدم الشرط وعدم المانع، حتى يقال، اما ان يستند الى وجود الشرط فلا يستند الى عدم المانع، او يستند الى عدم المانع اذن الشرط مفروغ عنه. يقول: لا، قد يستند اليهما في رتبة واحدة.

المقدمة الثانية يأتي الكلام عنها «عرضها في حاشيته، في 189».

والحمد لله رب العالمين.

الدرس 78
الدرس 80