نص الشريط
تفسير سورة الفاتحة 2
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 3/9/1424 هـ
مرات العرض: 2705
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1280)
تشغيل:

أعوذ بالله من الشّيطان الغويّ الرّجيم

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [1] 

وصل بنا الكلام حول سورة الفاتحة إلى الحديث حول الاسم، ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تحدّثنا أمس عن باء البسملة، ونتحدّث اليوم عن الاسم، والحديث عن الاسم يتضمّن عدّة نقاطٍ:

النقطة الأولى: في الفرق بين الاسم والصّفة.

الله تبارك وتعالى له أسماءٌ وله صفاتٌ، فما هو الفرق بين أسمائه وصفاته؟ يقال: «العالم، القادر، الحكيم، العليم» هذه أسماؤه، ويقال: «العلم والقدرة والحياة والسّمع والبصر» هذه صفاته، فما هو الفرق بين أسمائه وصفاته؟

الفرق بينهما فرقٌ اصطلاحيٌ فقط، الصّفة هي اللفظ الذي يشير إلى الكمال، كالعلم فإنّه يشير إلى حقيقةٍ كماليّةٍ، والقدرة فإنّ هذا اللفظ يشير إلى صفةٍ كماليّةٍ فيه تبارك وتعالى، إذن الصّفة هي اللفظ الذي يشير إلى أمر كمالي، إلى حقيقةٍ كماليّةٍ، أمّا الاسم فهو اللفظ الذي يشير إلى الذات المقدّسة متّسمة بهذه الصّفة، مثلاً: كلمة العالم، كملة العالم تشير إلى ذاته تبارك وتعالى بما هي متّصفة بالعلم، وكلمة القادر تشير إلى ذاته تبارك وتعالى بما هي متّصفة بالقدرة، فالفرق بين القادر والقدرة أنّ القدرة تشير إلى الصّفة فقط، وأمّا القادر فهي تشير إلى الذات المتّصفة بصفة القدرة، هذا هو الفرق بين الاسم وبين الصّفة.

النقطة الثانية ممّا يتعلق ببحث الأسماء:

نحن نجد مجموعة من الآيات القرآنيّة تركّز أنّ لله تبارك وتعالى الأسماءَ الحسنى، مثلاً قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ [2] ، أو قوله تعالى مثلاً: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ [3] ، وقوله تعالى في آيةٍ أخرى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [4] ، لله الأسماء الحسنى، ما هو المقصود بالأسماء الحسنى؟ هل أنّ لله أسماءً حسنى وأسماءً غير حسنى؟! ما هو المقصود بالأسماء الحسنى؟

الأسماء الحسنى، الحسنى جمع أحسن، الأحسن إذا جمعته يقال: حسنى، أحسن وأحسن وأحسن جمعها حسنى، الأسماء الحسنى يعني: كلّ اسم منها فهو أحسن الأسماء، لا يوجد حسنٌ فوقه، ولا يوجد اسمٌ أحسن منه، الأسماء الحسنى يعني: الأسماء التي لا يوجد أحسن منها ولا يوجد وصفٌ أجمل منه، يقال لها الأسماء الحسنى، من أجل توضيح ذلك هناك الأسماء الجميلة، الأسماء الجميلة على قسمين:

1 - اسمٌ يوحي بشائبة النقص.

2 - واسمٌ ليس فيه أيّ شائبةٍ للنقص.

مثلاً: الآن عندما يقال: عفيف، إنسانٌ عفيفٌ، عفيف اسمٌ جميل لكن مع ذلك يوحي بنوع من النقص، لِمَ؟ لأنّ كلمة العفيف هي عبارة عمّن يغالِب شهوته، يقال له عفيف، العفيف هو الشّخص المغالِب والمواجِه لشهوته، إذن كلمة العفيف تعني أنّ هناك شهوة وهناك مغالبة ومواجَهة لها، فكلمة العفيف تستطبن شيئًا من النقص، وهو أنّها تدلّ على وجود شهوةٍ وعلى وجود مواجهةٍ لهذه الشّهوة ومغالبة ومدافعةٍ لهذه الشّهوة، لذلك يقال: عفيف، العفيف مَنْ كان مغالِبًا ومواجِهًا لشهوته.

نفس الكلمة عندما نأتي لكلمة شجاع، كلمة شجاع أيضًا كلمة جميلة، ولكن مع ذلك تدلّ على أنّ الشّخص يقاوِم روحَ الجبن، يقاوِم نَفَسَ الجبن، الشّخص الشّجاع هو الذي يقاوم أيّ قلق، يقاوم أيّ خوفٍ، الشّجاع من يغالِب الخوف والقلق، إذن عنده خوفٌ ولكنّه يغالِب خوفه، يغالِب قلقه.

فكلمة شجاع وكلمة عفيف أسماء جميلة لكنها تدلّ على شيءٍ من النقص، لذلك لا يصحّ إطلاقها على الله تبارك وتعالى، هي أسماءٌ حسنة لكن ليست أسماءً حسنى، فرقٌ بين الحسنة والحسنى، أسماء حسنة تدلّ على صفةٍ جميلةٍ لكن ليست حسنى، لِمَ؟ لأنّها تدلّ على نوع من النقص، تدلّ على وجود شهوةٍ، تدلّ على وجود خوفٍ، تدلّ على وجود قلق، الأسماء الحسنى هي الأسماء التي لا تدلّ على شائبة نقص أصلاً، ككلمة عالم، كلمة عليم، العليم والعالم والحكيم والقادر لا تدلّ على شائبة نقص، لا تدلّ على نوع من الدّنو أو نوع من النقص، لذلك نقول بأنّ كلمة عليم وقادر وحي وحكيم أسماء ليست حسنة، بل أسماء حسنى، لذلك تختصّ به تبارك وتعالى بمعناها التام ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا.

النقطة الثالثة ممّا يتعلق بالاسم هو: الاسم الأعظم.

عندنا روايات متعدّدة تدلّ على الاسم الأعظم، مثلاً:

1] في الحديث عن معاوية بن عمّار عن الإمام الباقر سلام الله عليه: ”إنّ الاسم الأعظم في ثلاثة وسبعين حرفًا، أعطى اللهُ منها أنبياءه وأولياءه اثنين وسبعين حرفًا، واستأثر بحرفٍ واحدٍ لم يُطْلِعْ عليه نبيًا ولا رسولاً“.

2] في بعض الرّوايات عن الأئمة عليهم السّلام كما في الرّواية عن الإمام الصّادق عليه السّلام: ”نحن الأسماء الحسنى التي لا يقبل اللهُ من العبادِ إلا بمعرفتنا“.

3] في بعض الرّوايات مثلاً: ”﴿بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها“.

هناك كثيرٌ من الباحثين عندما يقفون على هذه الرّوايات يظنون أنّ الاسم الأعظم هو مجرّد لفظٍ ليس إلا، هذا اللفظ مكوّن من حروفٍ صوتيّةٍ معيّنةٍ، مَنْ ملك هذا اللفظ وتوصّل إليه استطاع أنْ يتصرّف في الوجود وأنْ يتصرّف في الكون بما يريد، حيث أنّ - مثلاً في بعض الرّوايات - عاصف بن برخيا ملك بعضَ حروف الاسم الأعظم فاستطاع من خلالها أنْ يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين «إلى بيت المقدس».

الاسم الأعظم ليس مجرّد حروفٍ وأصواتٍ يقولها الشّخصُ فيصل إلى هدفه ويصل إلى مقصوده، ليس الأمر كذلك، لِمَ؟ لأنّ عندنا قاعدة فلسفيّة وهي اعتبار «السّنخيّة بين العلة والمعلول» ما معنى هذه القاعدة؟

يعني الآن مثلاً: النار علة للحرارة المحرِقة، هل يمكن لنا أنْ نأخذ هذه الحرارة المحرِقة من النبات؟! لا، النبات، البذرة علة للثمرة وليست علة للحرارة المحرِقة، النار علة للحرارة المحرِقة وليست علة للثمرة، كلّ شيءٍ يؤثر في شيءٍ مسانخ له، يُعْتَبَرُ سنخيّة بين السّبب والمسبَّب وبين العلة والمعلول، ليس كلّ سببٍ يؤثر في كلّ مسبَّب وليس كلّ مسبَّب ينتج عن كلّ سببٍ، لابدّ من مسانخةٍ بين السّبب والمسبَّب وإلا لأثر كلّ شيءٍ في كلّ شيءٍ.

لأجل ذلك بناءً على هذه القاعدة - قاعدة السّنخيّة بين السّبب والمسبَّب - لا يُعْقَل أنّ ألفاظًا يقولها الإنسانُ على لسانه تقسم القمرَ إلى نصفين مثلاً كما حدث للنبي المصطفى محمّدٍ ، أو تردّ الشّمس بعد مغيبها، لا توجد سنخيّة بين السبب والمسبَّب، اللفظ شيءٌ من مقولة الكيف المسموع، الصّورة الذهنيّة التي يتصوّرها الإنسانُ عندما يقول: «بسم الله الرّحمن الرّحيم» مثلاً هذه الصّورة الذهنيّة نوعٌ من الكيف النفساني، أيّ ربطٍ بين الكيف المسموع وبين القمر وبين الشّمس حتى يكون مؤثرًا فيها؟! لا توجد سنخية بينهما حتى تكون هذه الألفاظ سببًا مؤثرًا في هذه الوجودات الكونيّة.

إذن ليس الاسم الأعظم مجرّد ألفاظٍ يقولها الإنسانُ على لسانه، الاسم الأعظم حقيقة غيبيّة تعلقيّة تنكشف للإنسان فينال من خلالها الولاية التكوينيّة التي بها يتصرّف في الموجودات وفي هذا الكون، ما معنى الحقيقة الغيبيّة التعقليّة؟

الإنسان بطبيعته - كلّ إنسان - الإنسان بطبيعته يتعلق بربّه تعلقًا محدودًا، بما أنّ الإنسان محدودٌ في تصوّراته، محدودٌ في قدراته، محدودٌ في طاقاته، فلا محالة تعلقه بربّه يكون تعلقًا محدودًا، هذا الإنسان التاجر يتعلق بربّه من خلال طلب الرّزق، دائمًا يركّز على طلب الرّزق، هذا الإنسان العالِم يتعلق بربّه من خلال كلمة العلم، دائمًا يتوجّه لربّه بطلب العلم، هذا الإنسان مثلاً المريض دائمًا يتعلق بربّه من خلال الشّافي، إذن طبيعة محدوديّة الإنسان تقتضي أنْ يتجه إلى ربّه وأنْ يتعلق بربّه تعلقًا محدودًا من خلال حاجته، من خلال النقص الذي هو فيه، النقص الذي يشعر به ويريد أنْ يُكْمِلَه يتّجه لربّه ويتعلق به من خلال هذا النقص، ومن خلال هذه الحاجة، وحينئذٍ فيكون تعلق الإنسان بربّه تعلقًا باسم من أسمائه، من خلال اسم الشّافي، من خلال اسم الرّازق، من خلال اسم العالِم، من خلال اسم المحي.. تعلقٌ بالله من خلال صفةٍ ومن خلال اسم من الأسماء، فهو تعلقٌ محدودٌ.

وأمّا إذا تجاوز الإنسانُ الحدودَ كمحمّدٍ وآل محمّدٍ، إذا تحرّر من الحدود وتجاوزها فأصبح تعلقه بالله عزّ وجلّ تعلقًا مطلقًا، هو لا يتعلق بالله من خلال صفةٍ واحدةٍ ولا من خلال اسم واحدٍ ولا من خلال عنوان واحدٍ ولا من خلال حاجةٍ واحدةٍ، يتعلق بربّه من تمام الجهات، ومن تمام الصّفات، ومن تمام المنطلقات، ومن تمام الارتباطات، عندما يتعلق بربّه تعلقًا مطلقًا ومن تمام الجهات فهذا التعلق المطلق هو الاسم الأعظم، الاسم الأعظم ليس لفظًا يقال أو صورة ذهنيّة تُسْتَحْضَرُ لدى الإنسان، الاسم الأعظم هو عبارة عن التعلق المطلق الذي لا يعرف حدًا ولا يعرف صفة خاصّة ولا يعرف اسمًا خاصًا، تعلقٌ غيبيٌ بالباري تبارك وتعالى من خلال تمام الأسماء وتمام الصّفات، وهذا التعلق هو الذي يرزقه ويهبه اللهُ تبارك وتعالى لخاصّة أوليائه، وهم محمّدٌ وآل محمّدٍ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ولذلك قرأنا في الرّواية عن معاوية بن عمّار عن الإمام الصّادق عليه السّلام: ”نحن الأسماء الحسنى التي لا يقبل اللهُ من العبادِ إلا بمعرفتنا“ باعتبار أنّ تمام الأسماء الحسنى تحت إحاطتهم المعرفيّة، تمام الأسماء الحسنى تحت توجّههم وتعلقهم بالله تبارك وتعالى، فهم المتضمّنون للاسم الأعظم، أي: التعلق الغيبي المطلق بالله عزّ وجلّ.

النقطة الرّابعة:

بعد أنْ اتضح لنا ما معنى الأسماء الحسنى وما معنى الاسم الأعظم نلاحِظ أنّ الآية المباركة جعلت واسطة بين الإنسان وبين الله، وهي الاسم، قالت: ﴿بِسْمِ اللَّهِ، ولم تقل: بالله، ما قالت الآية: بالله الرّحمن الرّحيم، قالت: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ، جعلت بينك وبين الذات المقدّسة واسطة وهي الاسم، وهذا تكرّر في عدّة آيات، مثلاً قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [5] ، ما قال: اقرأ بربّك الذي خلق، قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ جعل واسطة بينك وبين الله تبارك وتعالى وهي الاسم، مثلاً قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [6] ، ولم يقل: سبّح ربك الأعلى، قال: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، مثلاً قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [7] ، الآيات تتضمّن بينك وبين الله واسطة، لماذا؟

لأنّ الإنسان إنّما يصل إلى الله من خلال أسمائه، ولا يمكن أنْ يصل إلى الله من دون واسطة أسمائه، أسماؤه مظهره، أسماؤه تجلياته، الله تبارك وتعالى تجلى لنا من خلال قدرته، تجلى لنا من خلال حكمته، تجلى لنا من خلال رزقه، تجلى لنا من خلال خلقه، لم يتجلَ بذاته؛ فإنّ تجليّ الذات للإنسان المحدود مستحيلٌ، لا يمكن للإنسان المحدود أنْ تنكشف له الذات كما هي، تجلي الله لمخلوقاته من خلال أسمائه ومن خلال صفاته ومن خلال مظاهره تبارك وتعالى، إذن فبينك وبين الله - شئتَ أمْ أبيتَ - بينك وبين الذات المقدّسة واسطة وهي أسماؤه تبارك وتعالى، لذلك تسبيحك له وتهليلك له ودعاؤك له وقراءتك للدّعاء وللقرآن إنّما هي من خلال هذه الواسطة، واسطة أسمائه، ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

ولا يمكن لإنسان أنْ تنكشف له مجالي الذات المقدّسة إلا إذا أحاط بتمام أسمائه تبارك وتعالى وكانت إحاطته بتمام أسمائه تبارك وتعالى موجبة لتجلي الذات إليه بما لها من أسماءٍ وصفاتٍ إلا القائل: ”بك عرفتك وأنت دللتني عليك“ وهو الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، وإلا فالإنسان تجلي الذات له إنّما هو من خلال الاسم، وارتباطه به إنّما هو من خلال الاسم، ولذلك يتفاوت البشرُ، منهم من يصل إلى الله عبر بعض أسمائه، ومنهم من يصل إلى الله عبر أغلب أسمائه، ولذلك الدّعاء يترقى، لاحظ الأدعية تترقى: ”اللهم إنّي أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعزّ الأجلّ الأكرم“ يوجد ترقٍ، هذا التعبير في الدّعاء يشير إلى المراتب التي يترقى فيها البشرُ، يشير إلى المنازل السّلوكيّة الرّوحيّة التي يخطوها البشرُ حتى يصل إلى مجلى الذات تبارك وتعالى، في البداية البشر يتعلق بالاسم «عالم، قادر..» ثم يترقى فيصل إلى الاسم العظيم ثم يترقى فيصل إلى الاسم الأعظم، وأمّا الاسم الأعظم الأعظم فهو ممّا خصّ به تبارك وتعالى ذاته لم يُطْلِع عليه نبيًا ولا رسولاً، وهذا ما قرأناه في بعض الرّوايات: ”إنّ الاسم الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفًا، أطلع اللهُ بعضَ أنبيائه ورسله وأوليائه على اثنين وسبعين واستأثر بحرفٍ - وهو الأعظم الأعظم - لم يُطْلِعْ عليه نبيًا ولا رسولاً“.

من هنا نعرف أنّ كلمة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إذا أراد الإنسانُ أنْ يصل بهذه الكلمة إلى تلك المراتب العالية فإنّما يصل إذا انكشفت له حقائقها ومعانيها ومضامينها وأحاط بتمام الكمالات التي تستبطنها هذه الكلمة، وبتمام الكلمات التي تختزنها هذه الحروف، إذا أحاط بها وصل إلى الاسم الأعظم، وهذا ما في الرّوايات ممّا ورد من أنّ ”﴿بسم الله الرّحمن الرّحيم أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها“، هذا تمام الكلام في البحث حول الفاتحة، والحمد لله ربّ العالمين، ربّنا اغفر لنا ولولدينا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات، واقضِ حوائجنا، واشفِ مرضانا، وفكّ أسرانا، وفرّج اللهم عن جميع المؤمنين والمؤمنات، واحفظ علماءنا ومراجعنا، خصوصًا مراجعنا في النجف الأشرف، احفظهم بحفظك، واحرسهم بعينك التي لا تنام، وارحم أمواتنا الماضين، وإلى أرواح الجميع بلغ ثواب الفاتحة تسبقها الصّلوات.

اللهم صلِّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ

[1]  سورة الفاتحة: 1 - 7.
[2]  الإسراء: 110.
[3]  طه: 8.
[4]  الأعراف: 180.
[5]  العلق: 1.
[6]  الأعلى: 1.
[7]  الحاقة: 52.

تفسير سورة الفاتحة 12
مقدمة في تفسير سورة الفاتحة