نقد القرآن الكريم
شيعي - 06/05/2015م
أوجه إعجاز القرآن الكريم

يدعي المسلمون أنه يوجد وجهان لإعجاز القرآن الكريم الأول بلاغته وفصاحته وأن يأتي الناس بمثل القرآن الكريم، والثاني الإعجاز العلمي الذي في القرآن الكريم.

أما الأول:

فإن الفصاحة والبلاغة لا يمكن أن تصح لكي تكون إعجازاً، وإن من يقول غير ذلك في زماننا هذا إنما هو يضحك على عقول العوام فإننا نرى أن في المسابقات اللغوية والشعرية والبلاغية يوجد عدة حكام ويختلف الحكام في تقدير هذا أفضل في البلاغة أو هذا أفضل فلكل منهم وجهة نظره وكذا الحال مع القرآن الكريم فإن البلاغة ليست مثل أن يتحول الماء إلى دم عندما يشرب منه الكافر ويتحول إلى ماء عندما يشرب منه المؤمن فهذا المثال الخاص والعام يعلم أنه إعجاز فإن البلاغة ليست شيئاً يمكن الاتكال عليه بأنه خارق للعادة لما ذكرنا سابقا من عدم القدرة على الاتفاق على أنه الأفضل.

وإن قلتم فليأتوا بمثل هذا القرآن ونضعه في طاولة النقد والمقارنة مع القرآن رجعنا للنقطة السابقة أن هنالك من سيرى القرآن أكثر بلاغة وهنالك العكس وقد ذكرنا مثالا حيا لهذا.

ثم إنه لا يصح أن يكون حجة على العوام فالعوام لا يعرفون ما هي البلاغة وما أساسياتها فيكون القرآن حجة على الخاصة دون العامة.

وإن قلتم أنه يجب على كل إنسان أن يتعلم اللغة العربية ويتعلم بلاغتها فإن ذلك يستغرق من الرجل العربي عشرات السنين حتى يحصل على درجة الدكتوراة أو البروسفور حتى يستطيع ينقد ويرجح رأياً على رأي فكيف بالياباني أو غر العربي فلا يكون القرآن حجة على ذلك الياباني او غير العربي وقد ذكرنا بأن البلاغة لا تنفع فهي ليست معجزة مادية مثل ما ذكرنا عن تحول الماء إلى الدم والعكس يستطيع العام والخاص معرفة المعجزة.

أما الثاني:

فإنه يجب إذا أردنا أن نقول بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم أن تجمع الآية بين شرطين:

أما الأول أن نتأكد بأن المعلومة التي ذكرها القرآن غير موجودة في زمانه «مثلا أن القمر والشمس يَسْبَحون ويتحركون في الفضاء فإن هذا يرى بالعين وكل إنسان بدائي يقول ذلك فلا يكون ذلك إعجازاً للقرآن»

والشرط الثاني أن لا تحمل الآية معنى أو وجه آخر غير ذلك الوجه الذي فيه الإعجاز العلمي لكي لا يكون الاعتقاد به ظنيا بأن قلنا ظنا رجحان هذا الوجه على ذلك الوجه، وإذا رجعنا للواقع وللتفسيرات التي قبل 50 سنة وتوفر هذين الشرطين لا نجد أي إعجاز علمي في القرآن قطعي غير ظني وإذا وجد فعلمونا علما أنه ينبغي توفر على الأقل عشر آيات فيها هذين الشرطين كي يكون الإيمان قطعيا لا يتخلله شك.

المشكلات العلمية التي اضطر المسلمون إلى ترقيعها والمحايد يرى بوضوح بطلان الرقعة التي استخدمها المسلمون.

1 - القرآن يعتقد أن الشمس هي التي تدور حول الأرض لا العكس وأن الشمس تتحرك إلى أن تصل إلى مكان تستقر فيه إلى أن يأتي الصباح فتخرج من مستقرها وتتحرك إلى أن ترجع لذلك المستقر ويدل على ذلك الآية {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ولو أرادت الآية أن الشمس تتحرك في مدار معين لقالت الآية في مستقر لها ولكن الآية قالت لمستقر لها أي إلى مستقر لها فإذا قلت أنا أتحرك لبيتي أي أتحرك إلى بيتي وإذا قلت أنا أتحرك في بيتي أي أنا أتحرك داخل بيتي ويؤكد ذلك الآية {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا} أي أن ذا القرنين وصل إلى المكان التي تغرب وتستقر فيها الشمس {بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} وعند هذا المكان التي تستقر فيه وجد يأجوج ومأجوج عند الشمس في مكان استقرار الشمس {وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا} لو أن الآية قالت ووجد عنده لقلنا المقصود جهة الغرب ولكن الآية قالت عندها أي عند الشمس أي في مكان الذي غربت فيه الشمس واستقرت والخطأ العلمي واضح هنا.

2 - {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} القرآن يعتقد أن الأرض مسطحة وليست كروية وأن الأرض المسطحة تنقص مساحتها من الأطراف أما تفسير الآية بنقصان أراضي المشركين أو العلماء فإنه من الترقيع الواضح البطلان الذي يفتقر الى قرينة قطعية ومخالف لظاهر الآية.
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الأول:

أولاً: هناك فرق بين البلاغة والفصاحة:

فالفصاحة هي خلو الكلام عن الركاكة والتعقيد.

وأما البلاغة فهي مطابقة الكلام لمقتضى الحال.

وكلاهما ليسا من الأمور التي يختلف فيها الناس؛ لأن تمييز الكلام الفصيح من غيره من شؤون أهل الأدب وعلماء اللغة، وليس من شأن عامة الناس كي يختلف الناس في كون الكلام فصيحاً أو ليس بفصيح. نعم هناك اختلاف في درجات الفصاحة فهناك فصيح وهناك أفصح، فربما لا تتميز درجات الفصاحة لكثير من الناس، وأما تمييز الفصيح من غيره فهو من اختصاصات علماء الأدب واللغة، وهو أمر يتضح لمن راجع كتب البلاغة ككتاب مختصر المعاني للتفتازاني.

وأما البلاغة فهي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، بمعنى الكلام الصادر من أهله المناسب لظرفه من زمان ومكان المحقق لهدفه يعتبر كلاماً بليغاً، لأنه تطابق مع جميع الملابسات المحيطة به، وهذا أيضاً أمر لا يختلف فيه الناس، بل أن كل كلام يصدر فإن أهل العقول الراجحة من الناس قادرة على تمييز أن هذا الكلام هل صدر من أهله؟ وهل وقع في ظرفه المناسب؟ وهل حقق غرضه وهدفه أم لا؟ وهذه الأمور يمكن تمييزها وليست أمراً صعباً أو أمراً مُختلَفاً فيه.

ثانياً: ليس إعجاز القرآن منحصراً بالجانب البلاغيِّ؛ فإنَّ الإعجاز البلاغيَّ للقرآن إنَّما هو بملاحظة زمن صدوره، حيث كان العرب آنذاك نتيجة تفاعلهم مع الشعر والأدب ومستوى البلاغة في أسواقهم الأدبية، جاء القرآن بأسلوب كان إعجازيا بالنسبة إلى مستوى الأدب والبلاغة في زمان صدور القرآن.

وأما الإعجاز العام الثابت للقرآن فهو عبارة عن ملاحظة مجموعة من الأمور:

  • منها إخبار القرآن عن المغيبات التي وقعت بعد أن أخبر القرآن بها.
  • ومنها حديث القرآن عن حقائق في عالم الطبيعة والفلك لم يكتشفها الإنسان إلا بعد قرون عديدة.
  • ومنها حكاية القرآن لقصة التاريخ البشري من يوم آدم إلى يوم النبي ، بما ينسجم مع هدفية نزول القرآن وهو هداية الإنسان.
  • ومنها وضع قوانين في باب العبادات والمعاملات والمواريث وعالم الإدارة والقضاء.
  • ومنها تعرض القرآن لمجموعة من القوانين والتعاليم في مجال علم التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع.

فملاحظة مجموعة هذه الأمور كلها وعبر دليل حساب الاحتمالات توصلنا إلى حقيقة إعجاز القرآن الكريم، وليس إعجاز القرآن الكريم متقوقعاً في الجانب البلاغيّ.

الثاني:

أولاً: بأن ما دل على حركة الشمس والقمر فليس أمرا حسياً يعرفه كل أحد بحيث يقال بأن القرآن لم يأت بشيء جديد، فما يعرفه كل أحد بالرؤية أن هناك حركة للشمس والقمر، وأما أن الحركة فلكية بمعنى أن الشمس والقمر تدور في مدار معين فهذا لا يعرفه الناس، وهذا ما ذكره القرآن الكريم عندما قال ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ فإن القرآن لو كان يريد مجرد الحركة لقال «وكل يتحرك» ولكنه قال ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، والسباحة في الفلك بمعنى الحركة في مدار معين وليس مطلق الحركة، فما يراه الناس هو مطلق الحركة، وما ذكره القرآن الكريم هو الحركة المدارية وفرق بين الأمرين.

وثانياً: بأن ما ذكر في الآية ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ من دعوى أن القرآن يصرح بدوران الشمس حول الأرض وليس العكس فمن الواضح أن الآية لا دلالة لها عرفاً ولا عقلاً على أن الشمس تدور حول الأرض، حيث لم يرد ذكر الأرض في الآية أصلاً، وإنَّما قالت الآية ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ولم تقل بأنَّ الشمس تدور حول الأرض، مضافاً إلى أن قول القرآن ﴿لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا، هل المراد من اللام في الآية لام الغاية أم لام التعليل؟ فإن اللام في القرآن الكريم تارة تستخدم بمعنى لام الغاية وتارة تستخدم بمعنى لام التعليل، كما في قوله تعالى ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، أي: فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش؛ بناء على أن السورتين سورة واحدة كما في مصحف أُبي، وكقوله تعالى ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ حيث إن معناها أن الإنسان لأجل حبه للخير  وهو المال  يكون شديداً أي بخيلاً به، وكقوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ.

وبما أن التعبير بالشمس ليس إشارة إلى الشمس التي يراها الإنسان وهو في الأرض، وإنما هو إشارة لسائر المجموعات الشمسية، فلا بُدَّ أن يكون المراد أنّ هذا الجريان وهذه الحركة للمجموعات الشمسيَّة في هذا الكون كلِّه من أجل تحقيق مستقر لها أي من أجل تحقيق انتظام الكون واستقراره بسيرها، فقوله ﴿لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا تعليل للجريان، أي أن السر في الجريان أن يتحقق استقرار للنظام الكوني بواسطة هذا الجريان.

وثالثا: إن ما ذكر في قصة ذي القرنين لا علاقة له بهذه الآية؛ فإن كل آية ناظرة لمعنى يختلف عن المعنى الذي تنظر إليه الآية الأخرى، فقوله ﴿وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ أي أنَّ ذا القرنين عندما واصل حركته نحو الغرب إلى أن وصل إلى أقصى نقطة تغرب فيها الشمس كان المنظر الحسيُّ أمامه أنَّ الشمس قد غرقت في البحر، وحيث إنَّ غروب الشمس يخلق حمرةً في الأفق فالمنظر الحسي آنذاك كأن الشمس غربت في عين حمئة، فهذا تعبيرٌ بلاغيٌّ مجازيٌّ من القرآن، يحكي المنظر الحسي حكايةً أدبيَّةً جذابةً، فليس المقصود في هذه الآية أن يتحدث القرآن عن حقيقة علميَّة وإنَّما المقصود في هذه الآية أن يتحدث القرآن عن حقيقة أدبية وبلاغيَّة يربط الإنسان من خلالها بهذا المشهد الحسيِّ الرائع وهو مشهد غروب الشمس في البحر.

﴿وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا أي وجد عند هذه النقطة التي هي أقصى الغرب قوماً وهم قوم يأجوج ومأجوج، فلا علاقة لمفاد هذه الآية التي تتحدث عن حقيقةٍ بلاغيَّةٍ بتلك الآية التي تتحدث عن حقيقة علمية.

ورابعاً: أنَّ هذه الآية ﴿أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ليس فيها أي دلالة فيها على أن الأرض مسطحة، بل غاية ما تفيد الآية أن سطح الأرض أي القشرة الترابية المغطية للأرض قابلة للزيادة والنقصان، وهذا هو مقتضى الحقائق العلمية؛ حيث أنَّ الأرض أثناء حركتها معرض الرياح والعوامل الطبيعية التي تحقق هذه المعرضية لنقصان في القشرة أو الطبقة المغلفة للأرض من جهة وزيادتها من جهة أخرى، فهذه الآية تتحدث عن حقيقة علميّة مرتبطة بحركة الأرض في إطار العوامل الطبيعية التي تؤثر على الغلاف المحيط بالأرض والقشرة السطحية التي تعلو الأرض، ولا علاقة لهذه الآية بكون الأرض مسطحة كما لا علاقة لها بالتفاسير الأخرى التي ذكرتموها.

وخامساً: هناك آياتٌ عديدة تشير إلى حقائق علميّة منها قوله: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ وقوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا وقوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وقوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، وغيرها من الآيات الكثيرة التي تشير إلى حقائق علمية اكتشفها الإنسان بعد عدة قرون.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك