باب فاطمة رمز الصمود وَالشهادة

بسم الله وَالصلاة وَالسلام على الصديقة المظلومة الشهيدة فاطمة وَأبيها وَبعلها وَبنيها

تمر علينا ذكرى شهادة الصديقة الطاهرة جوهرة العصمة وَحلقة الوصل بين نوري النبوة وَالإمامة فاطمة - أرواحنا لها الفداء - فنستعيد قصة باب بيت فاطمة ، لقد شاءت الحكمة الإلهية أن يكون باب البتول رمزاً للمناقب وَالمصائب، وَمحراباً للعبادة وَالشهادة، وَمنارةً لرسالة السماء في كمالاتها وَقيمها، وَلهذا فإن لقصة باب الزهراء أبعاداً خطيرة:

البعد الأول: أن حدث الباب ليس قصة تاريخية محضة كقصة موت النبي سليمان لا يهمنا ثبوتها أوعدمه، بل هو حدث ذو أبعاد عقائدية وَدينية مهمة، منها أن رزية الباب تعني أن فاطمة نالت وسام الشهادة بل صارت بذلك قلادة الشهادة في جيد الإسلام، وَمن الواضح أن الشهادة من المقامات العقائدية التي يتصف بها المعصوم كالعصمة وَالعلم اللدني، وَمنها أن البتول الزكية سنّت بصمودها عند الباب وَإصرارها على أن تكون هي في خط المواجهة للقوم دون الإمام علي وَبسقوطها جريحة على عتبة الباب ضرورة من ضرورات المذهب وَهي لزوم الدفاع عن منصب الإمامة حتى بالنفس، وَمنها أن مذهب التشيع قام على أركان ثلاثة، العقيدة التي قامت عليها الأدلة العقلية وَالنقلية، وَالتراث الفقهي الوارد عن المعصومين ، وَاالمظلومية المضمخة بالتضحية وَالفداء، وَأول دم صبغ التشيع بصبغة المظلومية وَالفداء وَأسس الركن الشعائري الثالث للمذهب هو دم فاطمة .

البعد الثاني: أن الهجوم على الباب أول سبب من أسباب مذبحة كربلاء، فقد ذكر علماء الإجتماع أن الحدث التاريخي كالحدث الكوني لا يحدث منفصلاً عما قبله من الأحداث، فكما أن الزلزال إذا حدث فإن حدوثه ليس فجأة بل هناك سلسلة من الأسباب الطبيعية تراكمت لسنين إلى أن نتج عنها الزلزال، كذلك الحدث التاريخي كفتح مكة لم يحصل فجأة وَإنما استند لسلسلة من الأسباب التي تجمعت سنين حتى تحقق الحدث، وَهكذا مذبحة كربلاء التي أبادت عترة النبي على يد بعض أمته وَلم يصدر من الأمة ردة فعل عنيفة فإن ذلك لم يقع فجأة لولا تراكم المظالم على أهل بيت النبي صلوات الله وسلامه عليهم وَتسلسل أسباب الأذى وَالإقصاء لهم على مدى سنين طويلة إلى أن اعتادت الأمة على ظلمهم وَبخسهم حقهم، وَأول سلسلة تلك الأسباب حصار بضعة المصطفى وَسلم.

البعد الثالث: أن الباب الذي تعطر بأريج النبوة حيث كان النبي وَسلم يقف عليه كل فجر ليقول «الصلاة أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» أصبح رمزاً ليوم لايقل أهمية عن يوم كربلاء فثورة الحسين من أجل الدفاع عن منصب الإمامة وَالمطالبة بحق الأمة في القيادة المعصومة هي من أصداء ثورة الصديقة فاطمة، وَفاجعة الطف صورة من صور مأساة البتول ، بل مظلومية كل شيعي إمامي بأي لون من الأذى وَالظلم وَالاضطهاد في أي بقعة من بقاع الارض هو امتداد لمظلومية الزهراء ، فحقيق بالإمامية في كل مكان أن يحتفلوا بهذه المناسبة الحزينة احتفالاً لا يقل عن مراسم عاشوراء من تعطيل الأسواق وَتشييد مواكب العزاء فإن قضية الزهراء هي قضية التشيع على مر العصور.

ثبتنا الله على ولاية البتول وَالبراءة من أعدائها وَحشرنا في زمرتها.