قاعدة الفراغ والتجاوز 1

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ

صدق الله العلي العظيم

من جملة القواعد الفقهية التي يحتاج إليها المكلف: قاعدة الفراغ، وقاعدة التجاوز. هناك قاعدتان فقهيتان: إحداهما تسمى قاعدة الفراغ، والأخرى تسمى قاعدة التجاوز. إذا شك الإنسان في صحة العمل بعد أن فرغ منه، يبني على صحته، وهذا ما يسمّى بقاعدة الفراغ. مثلًا: شك الإنسان في صحة القراءة بعدما فرغ منها، بعد أن قال: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ شك في أنه قرأ الفاتحة قراءة صحيحة أم أخطأ فيها، يبني على الصحة، وإذا شك في الركوع بعدما فرغ منه فإنه يبني على صحته، وإذا شك في صحة الصلاة بعد أن سلّم وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإنه يبني على صحة الصلاة. كل عمل شك في صحته وفساده بعد الفراغ منه يبني على صحته، وهذا ما يسمّى بقاعدة الفراغ. قاعدة الفراغ وردت فيها عدة روايات، منها: معتبرة محمد بن مسلم عن الباقر : ”كل شيء شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو“ أي: اعتبره صحيحًا، اعتبره قد صدر صحيحًا.

أما قاعدة التجاوز فهي الشك في الوجود لا الشك في الصحة، شك في أصل الوجود، الشك في أصل الوجود بعد الدخول في الغير هو موضوع قاعدة التجاوز. مثلًا: لو شك في أثناء قراءة الفاتحة أنه كبّر تكبيرة الإحرام أم لا، هذا ليس شكًا في الصحة، بل شك في أصل الوجود، حينئذ يبني على أنه كبّر، ولو شك في أنه قرأ الفاتحة أو لم يقرأ بعد أن ركع، فحينئذ يبني على أنه قرأ، هذا يسمى شكًا في الوجود، ولو شك بعد أن سجد في أنه ركع أو لم يركع، فإنه يبني على أنه ركع، ولو قام إلى الركعة الثانية، وبعد أن وقف شك أنه سجد أم لم يسجد، فإنه يبني على أنه سجد، وهكذا... إذا شك في وجود جزء بعد أن دخل في غيره فيبني على وجوده، أنه أتى به، ولا حاجة إلى أن يرجع مرة أخرى، هذا ما يسمى بقاعدة التجاوز، الشك في الوجود بعد الدخول في الجزء الذي يليه مجرى لقاعدة التجاوز.

هذا أيضًا عليه روايات، منها: صحيحة زرارة عن الصادق : ”إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء“، إذا خرجت من الركوع ودخلت في السجود وبعد ذلك شككت في أنك أتيت بالركوع أم لا فشكك ليس بشيء. وورد في صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله : ”رجل شك في الركوع بعدما سجد؟ قال: يمضي، قال: رجل شك في السجود بعدما قام؟ قال: يمضي، كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمضِ ولا شيء عليه“. إذن، قاعدة التجاوز هي عبارة عن الشك في الوجود بعد الدخول في الجزء اللاحق.

عرفنا أن هناك قاعدتين: قاعدة فراغ وقاعدة تجاوز، قاعدة الفراغ هي الشك في الصحة بعد الفراغ، وقاعدة التجاوز هي الشك في الوجود بعد أن دخل في الجزء اللاحق. نأتي الآن إلى عدة أمور ترتبط بقاعدتَين الفراغ والتجاوز:

الأمر الأول: هل تجري هاتان القاعدتان في سائر أبواب الفقه؟

هل هاتان القاعدتان خاصتان بالصلاة وبالوضوء أم هما عامتان حتى لغير باب الصلاة والوضوء؟ يقولون: هذه قواعد عامة، فمثلًا: لو شك في الطواف بعدما دخل في ركعتي الطواف، هو في العمرة بعد أن ركع ركعتي الطواف، بعد أن دخل في ركعتي الطواف، شك في الطواف، لا يدري هل كان الطواف كاملًا أم ناقصًا، يبني على كماله وأنه أتى به تمامًا، أو بعد أن فرغ من الطواف، بعد لم يدخل في الركعتين، بعد أن فرغ من الطواف شك في أنه أثناء الطواف هل أمال كتفه عن الكعبة أم لا، هل أتى بطواف صحيح أو أتى بطواف فاسد، يبني على أنه أتى بطواف صحيح. شك في أنه مثلًا أحدث أثناء الطواف أو لم يحدث، يبني على أنه لم يحدث، وأنه أتى بطواف صحيح، إذا شك في صحة الطواف بعد الفراغ منه يبني على صحته، وكذا إذا شك في وجود جزء بعد أن دخل في غيره، بعد أن دخل في ركعتي الطواف شك في أنه أتى بالشوط السادس أو لم يأت، أتى بالشوط السابع أو لم يأت، يبني على أنه أتى، يجري قاعدة التجاوز، أو شك في السعي بعدما دخل في طواف النساء، يبني على أن سعيه صحيح وكامل.

حتى في المعاملات والعقود، هذا لا يختص بالعبادات، فمثلًا: أجري عقد الزواج، رجل وامرأة أجريا بينهما عقد الزواج، وبعدما وقع العقد شكا في أن العقد وقع صحيحًا أو فاسدًا، يبنيان على أن العقد وقع صحيحًا، ويمضيان في ذلك، كما لو شكا في اللحن مثلًا، لا ندري هل قال وكيل المرأة: زوجتكَ، أم قال: جوزتكَ، أم قال: زوجتكِ، لا ندري كيف نطقها، فحينئذ يبني على صحة العقد ويمضي، إذا شك في صحة العقد بعد الفراغ منه يبني على صحة العقد.

حتى في المعاملات الخاصة، فمثلًا: لو ذبح إنسان ذبيحة، يعتبر في الذبيحة شروط، أن يكون مستقبل القبلة، أن يسمي بالله عز وجل، الأحوط وجوبًا في ذبح الدجاج والطير ألا يقطع رأسه، وغيرها من الشروط الموجودة في الذبح، لو أتم الذبح، وبعد أن أتم الذبح شك في أن الذبح وقع صحيحًا أو وقع فاسدًا، في أن الذبح وقع جامعًا للشرائط أم لم يقع جامعًا للشرائط، يجري قاعدة الفراغ ويبني على أنه وقع صحيحًا. إذن، قاعدة الفراغ والتجاوز لا تختص بالعبادات أو بالطهارة والصلاة، بل تشمل حتى المعاملات، بل تشمل حتى ما لو شك الإنسان في ذبحه، وأن الذبح وقع جامعًا للشرائط أو لم يقع جامعًا للشرائط بعد الفراغ منه.

الأمر الثاني: هل تجري قاعدة التجاوز أثناء الوضوء أم لا؟

مثلًا: لو شك الإنسان أثناء غسله يدَه اليمنى في أنه غسل الوجه أم لم يغسله، أو شك أثناء مسحه يده اليمنى في أنه مسح الرأس أو لم يمسحه، هنا يقولون: لا تجري القاعدة، قاعدة التجاوز: إذا شك في جزء وقد دخل في جزء آخر أثناء الوضوء، الشك كان أثناء الوضوء، إذا شك في جزء من الوضوء وقد دخل في جزء آخر من الوضوء وهو ما زال في الوضوء - لم يفرغ منه بعد - فهنا لا تجري قاعدة التجاوز، مستثناة في هذا الفرض؛ لوجود رواية خاصة، وهي صحيحة زرارة عن الصادق : ”إذا قمت من الوضوء وقد فرغت منه وقد صرت في حال أخرى من الصلاة أو غيرها فشككت في بعض مما تم الله ومما أوجب الله عليك فيه وضوءه فامضِ ولا شيء عليك“، الإمام قيّدها بأنه دخل في حالة أخرى، هذه الرواية قيّدت عدم الاعتناء بالشك بما إذا دخل في حال أخرى من صلاة أو غيرها. قاعدة التجاوز عندهم لا تجري في الوضوء إذا كان الشك أثناء الوضوء.

أما قاعدة الفراغ فتجري، فمثلًا: بعد أن غسل وجهه شك في أنه غسل وجهه بشكل صحيح أم لا، هو يعلم أنه غسل وجهه، لكن لا يدري هل غسله غسلًا صحيحًا، بحيث استوعب جميع أجزاء وجهه، ولا يدري هل غسله منكوسًا من الأسفل إلى الأعلى أم من الأعلى إلى الأسفل، شك في صحة غسل الوجه، بعدما فرغ منه شك في صحة الغسل، يبني على صحته. إذا شك في الصحة، حتى لو كان الشك أثناء الوضوء، شك في صحة غسل الوجه قبل أن يدخل في غسل اليد، يبني على صحة الغسل، لا بأس بذلك، شك في صحة الوضوء بعدما فرغ منه، بعدما فرغ من الوضوء ومسح القدمين شك في أنه توضأ وضوءًا صحيحًا أم لا فإنه يبني على صحته، فقاعدة الفراغ تجري في الوضوء، وإنما قاعدة التجاوز لا تجري، فلو شك في جزء من أجزاء الوضوء وقد دخل في غيره أثناء الوضوء فإن قاعدة التجاوز لا تجري.

لو شك في الجزء الأخير من الوضوء - وهو مسح القدم اليسرى - فلم يدر هل مسح قدمه السيرى أم لم يمسحها، هنا إذا شك وقد دخل في الصلاة - أي أنه شك بعدما كبّر - فإنه يبني على أنه مسحها ويكمل صلاته، وأما إذا شك قبل الدخول في الصلاة في أنه مسح يده اليسرى أم لا، إذا فاتت الموالاة، أي: إذا مضت ثلاث دقائق مثلًا بين الوضوء وشكه، بعد ثلاث دقائق من الوضوء شك في أنه مسح قدمه اليسرى أو لم يمسح، الآن إذا أراد أن يمسحها لا بد من أن يعيد الوضوء؛ لأن الماء جف من يده، خصوصًا في وقت شدة الحر أو البرد، إذا شك في مسح القدم اليسرى بعد فوات الموالاة يبني على أنه مسحها، فلا يحتاج إلى إعادة الوضوء، حتى لو لم يدخل في الصلاة، ما دام الشك قد وقع بعد فوات الموالاة فإنه يبني على أنه مسح القدم اليسرى، وأما إذا شك في مسح القدم اليسرى والموالاة لم تفت بعد، لا زالت يده رطبة، وهو لا زال واقفًا أمام المغسل، وشك في أنه مسح قدمه اليسرى أم لم يمسحها، فحينئذ يرجع ويمسح القدم اليسرى.

هنا السيد الخوئي والسيد السيستاني يختلفان في الترتيب وعدمه، السيد الخوئي يقول: لا بد من أن يمسح القدم اليمنى قبل القدم اليسرى، بينما السيد السيستاني لا يستشكل في مسحمهما معًا في آن واحد، لا حاجة إلى أن يقدم اليمنى على اليسرى، ولكن لا يقدّم اليسرى على اليمنى. إذن فبالنتيجة: إذا شك في صحة جزء من أجزاء الوضوء، كغسل الوجه، أو غسل اليدين، شك أنه غسله غسلًا صحيحًا يبني على صحته، سواء كان الشك أثناء الوضوء أو بعد الوضوء، إذا شك في صحة الوضوء يبني على صحته، أما إذا شك في الوجود، إذا شك في وجود جزء أثناء الوضوء فلا بد من أن يرجع ويأتي به، أو شك في الجزء الأخير بعد أن فرغ منه، فإن لم يدخل في الصلاة، ولم تفت الموالاة، يجب عليه أن يرجع إليه، وأما إذا شك في الجزء الأخير بعدما دخل في الصلاة أو بعدما فاتت الموالاة فلا يعتني بشكه.

الأمر الثالث: هل التفصيل الذي ذكرناه في الوضوء يشمل الغسل؟

مثلًا: لو كان المكلف على عجلة من أمره، فاغتسل بعجلة حتى لا يفوته وقت الصلاة مثلًا، أو حتى لا يتأخر عن دوامه مثلًا، فبعد أن دخل في غسل الجانب الأيمن أثناء الغسل شك في أنه غسل الجانب الرأس والرقبة أم لا، فماذا يفعل؟ على رأي السيد السيستاني: الأحوط وجوبًا أن يرجع، كما قلنا في الوضوء، إذا شك في غسل الرأس والرقبة بعد أن دخل في غسل الجانب الأيمن فإنه يرجع من جديد ويغسل الرأس والرقبة على الأحوط وجوبًا، وأما على رأي السيد الخوئي فيمضي ولا إشكال في ذلك، أي أن السيد الخوئي يفرّق بين الوضوء والغسل، في الوضوء لا يستطيع أن يمضي، بل لا بد من أن يرجع إلى الجزء الذي شك فيه، وأما في الغسل إذا شك في غسل الرأس والرقبة بعد أن غسل الجانب الأيمن، أو بعد أن دخل في غسل الجانب الأيمن، فلا يرجع على رأي سيدنا «قدس سره».

أما إذا شك بين الأيمن والأيسر، بعد أن دخل في الجانب الأيسر شك في أنه غسل الجانب الأيمن أم لا، بين الأيمن والأيسر لا حاجة للترتيب على رأي السيد الخوئي والسيد السيستاني، يستطيع الإنسان أن يغسل الأيمن والأيسر في وقت واحد، أو يستطيع أن يبدأ بالأيسر قبل الأيمن، لا يوجد مانع من ذلك، ويستطيع أن يغسلهما في وقت واحد، وإنما المهم أن يقدّم الرأس والرقبة، وأما الجانب الأيمن والجانب الأيسر فليس بينهما ترتيب عند السيد الخوئي ولا عند السيد السيستاني، فهنا لو شك بعد أن دخل في غسل الجانب الأيسر في أنه غسل الجانب الأيمن أم لم يغسل فعليه أن يغسله؛ لأنه لا ترتيب بينهما، فلا بد أن يغسل الجانب الأيمن.

ولو شك في أنه غسل رجله، عادة الإنسان آخر ما يغسله في الغسل هو الرجل، حيث يجعلها تحت الماء حتى يتأكد من وصول الماء إلى رجله أثناء الغسل، فلو شك بعد الغسل، كما لو خرج وركب سيارته ليذهب إلى عمله، فشك في أنه غسل رجله أم لا، هل وصل الماء إلى الرجل أم لا، فهنا لا بد من أن يغسلها، عندما يصل إلى العمل يغسل رجله هناك، وكذلك لو شك في أي جزء من أجزاء البدن، حيث يوجد أشخاص هوسيون، فلو شك في أن الماء وصل إلى الكوع أم لم يصل، أو لا يدري هل وصل الماء إلى هذا الإصبع أم لم يصل، هو الآن انتهى من الغسل ولكنه شك، إذا شك في الصحة - أن الغسل وقع صحيحًا أو فاسدًا - بنى على صحته، وأما إذا شك في الوجود - في وجود جزء من أجزاء الغسل - فعليه أن يضعها تحت الماء ويكون غسله صحيحًا، وأما إذا كان وسواسيًا أو كثير الشك - مثلي أنا، أنا كثير الشك في الغسل والوضوء! - فإنه يبني على صحة غسله دائمًا، أن غسله صحيح، وأن وضوءه صحيح، ويمضي، ولا يعتني بشكه.

الأمر الرابع: هل ما ذكرناه في الغسل يجري في التيمم؟

ما ذكرناه في الغسل يجري في التيمم، الكلام هو الكلام، ما ذكرناه في الغسل يجري في التيمم على الخلاف بين السيدين. التيمم ضربتان: ضربة يمسح بها من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى، بحيث يستوعب جبهته وحاجبيه، ثم يمسح بيده اليسرى ظهر كفه اليمنى، ويمسح بباطن كفه اليمنى ظهر كفه اليسرى، والضربة الثانية ضربة مستحبة وليست ضربة واجبة، أن يضرب على الأرض فيمسح كفيه من جديد. على أية حال، في التيمم لو شك في جزء وقد دخل في جزء آخر، كما لو شك في أنه مسح الجبهة بعدما دخل في مسح الكف اليمنى، فهنا على رأي السيد الخوئي يمضي ولا إشكال، وعلى رأي السيد السيستاني الأحوط وجوبًا أن يعيد، أي: يرجع ويمسح، وأما إذا شك في الصحة والفساد فيبني على الصحة.

هنا أريد أن أنبه على قضية التيمم: بعض الناس رأيتهم معنا في الأسفار، يرى هذا الفرش، يقول: هذا الفرش فيه غبار، يضرب على الفرش ويتمم به! هذا لا يصح، لا بد أن يتيمم بالأرض أو بما هو من أجزاء الأرض، الفراش والزولية لا يصح التيمم بها وإن كان هناك غبار. سيدنا الخوئي «قدس سره» يقول: أي شيء من الأرض، حتى لو لم يكن فيه تراب، كما لو أخذ رخامة.. مثلًا: لو كان الإنسان مرقدًا في المستشفى بعد أن أجرى عملية، بحيث لا يستطيع أن يتوضأ ولا أن يلمس الماء أبدًا، فكيف يتيمم؟ على رأي السيد الخوئي: لا داعي إلى الإتيان بتراب أصلًا، وإنما يؤتى له برخامة، المهم شيء من الأرض، رخامة طبيعية من الأرض، يضرب يده عليه فيكفيه ذلك، حتى لو لم يكن فيها تراب ولا غبار.

الآية تقول: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، الصعيد هو الأرض، مطلق وجه الأرض، سواء كان هناك تراب أو لم يكن هناك تراب، المهم أنه من الأرض، وبعبارة أخرى: ما يُسْجَد عليه يُتَيَمَّم به، السيد الخوئي عنده هكذا: مسجدك هو طهورك، ”جُعِلَت لي الأرض مسجدًا وطهورًا“، ما تتطهر به - أي: ما تتيمم به - هو الذي تسجد عليه، فكما تستطيع السجود على الرخامة لأنها من الأرض، كذلك تستطيع التيمم بها، هكذا يقول السيد الخوئي.

السيد السيستاني عنده احتياط في أن يكون عليه جزء من التراب؛ لأن الأحوط وجوبًا عنده نفض اليدين، لا يكفي أن يضرب، بل يضرب بيديه على التراب ثم ينفض يديه، الأحوط وجوبًا نفض اليدين قبل القيام بعملية التيمم، فلا بد من أن يكون هناك تراب، الأحوط وجوبًا أن يكون هناك تراب.

[جواب على سؤال أحد الحضور]: البلاطة إذا كانت من الأرض صح التيمم بها، أما إذا كانت مصنوعة وممزوجة بمواد كيميائية فلا يصح التيمم بها، لا بد أن تكون من الأرض لا أن تكون مصنّعة.

السجود على الأوراق والمناديل:

بالنسبة للورق: أرى الكثير من الناس يأخذون النشافة ويسجدون عليها! لا بد أن تلتفوا إلى هذه المسألة: السيد الخوئي عنده: كل قرطاس يُسْجَد عليه، ما يسمى قرطاسًا تستطيع السجود عليه، ورقة، نشافة... إلخ، بينما السيد السيستاني يقول: لا بد من أن تحرز أنه من الأرض، ليس كل ما يسمى قرطاسًا يُسْجَد عليه، فالنشاف مثلًا لا أدري هل هو صناعي أم طبيعي، لا أدري هل هو مأخوذ من ورق الشجر، من القطن، أم لا، إذا لم أدر فلا يجوز أن أسجد عليه، لا بد أن أحرز أن هذا النشاف من الأرض، هذا عند السيد السيستاني، أما السيد الخوئي فيقول: إذا كان يسمى قرطاسًا فاسجد عليه، النشاف هل يسمى قرطاسًا أم لا؟ إذا قيل لشخص: أحضر لي قرطاسة، فهل تحضر له نشافة؟! إذا كان النشاف يسمى قرطاسًا فيجوز السجود عليه عند السيد الخوئي، يجوز السجود على ما يسمى قرطاسًا عرفًا، وأما السيد السيستاني فيرى أن القرطاس لا موضوعية له، وإنما المهم أن تحرز أنه من الأرض، فإذا لم تدر أن هذا النشاف مأخوذ من القطن أم هو مصنوع من مواد كيميائية فلا يصح السجود عليه. إذا كان في سفر وليس عنده إلا هذا النشاف مثلًا، فيمكنه أن يقص حافة علبة النشاف ويسجد عليها على فتوى السيد الخوئي؛ لأن هذه الحافة تسمى قرطاسًا قطعًا، وأما عند السيد السيستاني فإذا لم تحرز أنها من الأرض فلا يصح السجود عليها.