مأتم الشمس

سماحة السيد منير الخباز مجلة الموسم، العدد 17، 1994م - 1414هـ

في غفلة الليل، وإغفاءة السحر، من اليوم الثامن من شهر صفر، سنة ثلاث عشرة وأربعمائة وألف للهجرة النبوية الشريفة، دبَّ الموتُ إلى صومعةِ المرجع الأعلى الإمام السيد أبوالقاسم الخوئي، فأنشب أظفاره وأشرق منه الحياة، بعد أن كان إلى دقائق معدودات ينبضُ قلبه بخلجات الحياة، وفي مطلع الشمس؛ حمل الأثيرُ إلى العالم أجمع نعي شمسٍ كانت إلى ساعات قلائل تسطع بشعاع العلم والفضل والمروءة والذكاء.. وفي ناحية من نواحي الوادي الأفيح رقد الجثمان الطاهر رقدته الأخيرة إلى يوم يبعثون، واستراح من جهاده الموصول الحلقات، الجسيم التبعات، بعد أن وفى قسطه للإسلام العظيم، فسلامٌ عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.

مرثية سماحة السيد منير الخباز - حفظه الله - في أستاذ الفقهاء والمجتهدين مرجع الطائفة الأعلى الإمام السيد أبوالقاسم الخوئي - طيَّبَ الله ثراه -

لَمْلِمِي   الجُرْحَ   وَارْفَعِيهِ  iiلِوَاءَ

وَاسْتَثِيرِي   الطُّفُوفَ  جَذْوَةَ  iiنَارٍ

وَاسْكُبِي  مِنْ  دَمِ الحُسَيْنِ iiبِحَاراً

وَاحْمِلِي الشُّهْبَ يَا بَيَارِقَ صِفِّيْن

وَكَفَى  يَا  عِرَاقُ أَنْ يَطْعَنَ iiاللَّيْلُ

وَكَفَاهَا  أنْ  تَعْتَلِي هَامَةُ iiالبَغْيِ

وَسُجُونُ  الظَّلامِ تَخْتَرِمُ iiالشَّمْسَ

المَعَالي في مَأْتَمِ الشَّمْسِ iiثَكْلَى

خَشِيَتْ  أَنْ  تَقُولَ  مَاتَ iiفَيَهْوَي

أيُّ  حُزْنٍ  قَدْ  غَالَبَتْهُ  iiالقَوَافِي

هَوَ  حُزْنُ التَّوْحِيدِ يَفْقِدُ في iiموج

هُوَ  حُزْنُ  القُرْآنِ  يَنْضِبُ  iiنَبْعٌ

يَا   سَخِيَّ  العَطَاءِ  في  iiخَاطِرِ

وَثِمَارٌ    نَمَتْ   لأَزْكَى   أُصُولٍ

سَوْفَ   تَبْقَى   فَالمَوْتُ  لايَقْهَرُ

إنَّ   أُفْقَاً  سَقَيْتَهُ  مِنْ  iiمَعَانِيكَ

لَيْسَ    تَخْبُو   أَنْوَارُهُ   iiوَشُعَاعُ

إنَّ    رُوحَاً    عَوَّدْتَهَا    iiتَرْكَبُ

عِزَّةٌ    تُرْهِبُ    الطُّغَاةَ   iiوَصَبْرٌ

وَاسْتَغَاثَ   الفُرَاتُ   يَبْحَثُ  iiعَن

مُنْهَكُ   الخَطْوِ   مَزَّقَتْهُ   iiحِرَابُ

فَتَلَقَّيْتَهُ        بِكَفَيْ       حَنَانٍ

فَانْتَشَى   مِنْ   جِرَاحِهِ  iiيَسْحَقُ

وَأَبُوهُ  "  الخُوْئِيُّ  "  في  رَعْشَةِ

وَتَوَضَّأْتَ      لِلصَّلاةِ     iiوَلَكِنْ

عَشَقَتْ   عَالَمَ   الطَّهَارَةِ   iiدَهْراً

وَتَلاقَتْ  في  الخُلْدِ كَوْكَبَةُ iiالخُلْدِ

وَالشَّهِيدُ  "  الخُوئِيُّ  " تَاجٌ iiمِنَ





















































 
يَنْحَنِي  الدَّهْرُ وَهْوَ يَأْبـَى iiانْحِنَاءَ

تَتَلَظَّى       شَهَامَةً      iiوَفِدَاءَ

إنَّ    في   كُلِّ   قَطْرةٍ   كَرْبلاءَ

وَرُدِّي      لِمَجْدِكَ      iiالعَلْياءَ

سَرَايَاكِ        طَعْنَةً       نَكْرَاءَ

وَتَبْقَى     يَدُ    الهُدَى    iiجَذّاءَ

وَتَطْوِي      الكَوَاكِبَ     الزَّهْرَاءَ

وَقِبَابُ    الفُرَاتِ   تَأْبَى   iiالرِّثَاءَ

شَامِخٌ   زَاحَمَتْ   بِهِ   iiالجَوْزَاءَ

وَتَمَنَّتْ    لَو    يَسْتَحِيلُ   iiهُرَاءَ

التَّحَدّيْ     حُروفَهُ     iiالبَيْضَاءَ

مِنْ    يَنَابِيعِهِ   الغِزَارِ   iiسَخَاءَ

الدَّهْرِ  سِنِيْنٌ  غَمَرَتْهُنَّ  iiعَطَاءَ

عَانَقَتْ   في   جُذُورِهَا  الأَنْبِيَاءَ

الفِكْرَ  وَلا يَصْرَعُ الظَّلامُ iiالضِّيَاءَ

فَذَابَتْ       ظِلالُهُ       أَضْوَاءَ

الصَّدْرِ   يَكْسُوهُ   رَوْعَةً  وَبَهَاءَ

الصَّعْبَ   تَسَامَتْ  مَنَارَةً  شَمَّاءَ

يَتَحَدّى    العَوَاصِفَ    iiالهَوْجَاءَ

فَجْرٍ    جَدِيدٍ    يُبَدِّدُ   iiالظَّلْمَاءَ

البَعْثِ   في  كُلِّ  خُطْوَةٍ  iiأَشْلاءَ

وَمَسَحْتَ     الآهَاتِ    وَالأقْذَاءَ

الضَّيْمَ  وَيَبْنِي  الحُرِّيـَّةَ  iiالحَمْرَاءَ

التِّسْعِينِ  يُثْرِيْهِ  عَزْمَةً iiوَمْضَاءَ

سَبَقَتْ  رُوْحُكَ  الصَّلاةَ  iiاعْتِلاءَ

فَتَعَالَتْ      طَهَارَةً      iiوَصَفَاءَ

تَعُبَّ      الطُّيُوبَ      وَالأشْذَاءَ

النُّوْرِ  يَزِيْنُ  الأَمْلاكَ iiوَالشُّهَدَاءَ
المقدمة مقتبسة من مقدمة العدد الخاص الصادر بمناسبة فاجعة الرحيل المؤلم للإمام الخوئي «رحمه الله»، مع شيءٍ من التصرف، لمجلة الموسم، العدد 17، 1994م - 1414هـ، والتي نشرت بها قصيدة سماحة العلامة السيد منير الخباز - حفظه الله - في نفس العدد في الصفحة 309.