الإمام الحكيم وَطهارة القلب

بسم الله وَالصلاة على المصطفى وَآله الطاهرين

بمناسبة مرور ثلاث وَأربعين سنة على رحيل السيد محسن الحكيم قدس سره، أردنا أن نستلهم درساً من معالم شخصيته:

إن العرفان ينقسم لقسمين:

عرفان نظري: وَهوعبارة عن حفظ مصطلحات، كالعروج وَالفناء وَالمحو وَالطمس وَالمحق.

وَعرفان عملي: وَهو أنواع:

عرفان عبادي وَيعني الإستغراق في حالة الذكر وَالخشوع طوال الوقت، كما هو المعروف عن الشيخ الملكي التبريزي صاحب كتاب أسرار الصلاة.

وَعرفان عزلي وَيعني البعد عن الدنيا بجميع مظاهرها، كما هوالمعروف عن السيد علي القاضي أستاذ صاحب الميزان.

وَعرفان خلقي وَيعني سلامة النفس وَطهارة الباطن تجاه الغير بأن يكون القلب صافياً خالياً من أي حقد أو حسد أو تحامل أو سوء ظن في الآخرين.

وَهناك ظاهرة مؤسفة أن الكثير ممن يقحمون أنفسهم في صفوف المتدينين رغم مواظبتهم على الواجبات إلا أن قلوبهم مملوؤة بالحقد وَالتحامل وَسوء الظن بالآخرين خصوصاً من يختلف معهم بالرأي، بينما ترى كثيراً ممن هو غير متدين سليم النفس طاهر القلب يتعامل مع الناس ببراءة وَعفوية وَمحبة من دون تصنيف للناس وَلا تفريق، فهو يمثل الدين الحقيقي أكثر من غيره حيث أن النبي صلى الله عليه وَآله قال: «الدين المعاملة».

وَمن أبرز من لمع في العرفان الخلقي الإمام الحكيم الذي كان دائم البسمة شديد التواضع لمن يلقاه غزير الحنان وَالعطف وَالعناية بمناوئيه فضلاً عن محبيه، وَلقد خلق له منصب المرجعية وَالزعامة العظمى للتشيع كثيراً من الاعداء وَممن يحسبون من أهل الدين، لكنه كان يقابلهم بالإحسان وَالإحترام وَالمحبة مجسداً بذلك خلق جده المصطفى صلى الله عليه وَآله وَسلم، الذي مدحه القرآن بقوله ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ.

وَقد كتب بعض علماء طهران رسالة لأحد مراجع النجف يتهجم فيها على السيد الحكيم، وَيهتك حتى في حرمته وَيطلب العون ممن أرسل إليه وَجعلها في ظرف بدون عنوان فأخطأ الرسول وَسلم الرسالة للحكيم ففتح الظرف وَقرأها وَكلها شتم له، ثم أغلقها وَبعثها لمن أرسلت له وَاعتذر منه على فتح الظرف، ثم بعث رسالة للعالم الطهراني يشكره فيها على النصيحة وَيبدي له المعزة وَالصدق، وَأرسل إليه معونة سخية وَجذب قلبه مقتدياً بسيرة أجداده الطاهرين.

رحم الله الحكيم المحسن الزكي وَما احوجنا في هذه الظروف العصيبة إلى أن نستقي آدب الإختلاف وَتبادل الإحترام وَنقاء التعامل مع من نختلف معهم

وَالحمد لله رب العالمين