ملخص: التاريخ النبوي تحت مجهر البحث النقدي التاريخي

شبكة المنير جعفر العباد

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [يوسف: 111]

المحور الأول: في مجال التاريخ توجد عدة علوم.

علم التاريخ

عندما نرجع إلى كتاب منهجية ابن خلدون التاريخي للدكتور محمد الطالبي، يذكر أن أول من عرف علم ابن خلدون حيث قال إنه فن تدون فيه أحوال الماضيين في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم حتى تتم فائدة الاقتداء من ذلك لمن يروقه في الدين والدنيا. فهو علم يقوم بسرد وربط الأحداث بشكل متسلسل وتفسيرها وفلسفتها.

منهج البحث التاريخي

وهو يتكفل بربط الماضي بالحاضر ويعبر عنه الدكتور حسن عثمان في كتابه منهج البحث التاريخي هو استرداد الماضي بكل صوره من حيث زمانه، ظروفه، مكانه ورجاله من أجل فهم الأحداث التي لها أثر في الحاضر. ولذلك اعتبر بأنه جزء من علم الإجتماع.

المنهج النقدي التاريخي

أول من أبدع فيه الدكتور طه حسين الذي رسخ ذلك في كتبه. وهو منهج يعنى بمضمون الحدث.

ويدرس المضمون من خلال عدة عوامل.

  • الزمني
  • الجغرافي
  • النقلي
  • السياقي

علم الحديث

ينصب على الأحاديث الواردة عن النبي ص والأئمة ع فيما تتضمنه من أحكام شرعية أو قضايا خلقية وتربوية.

فمن شروط قبول الحديث:

  • أن يكون الرواة ثقاة.
  • أن لا يكون الحديث مخالف للواقع.
  • أن لا يكون الحديث منافيا لحقيقة علمية.
  • أن لا يكون منافيا لروح القرآن.
  • أن لا يكون منافيا لدليل قطعي.
المحور الثاني: ماهي قيمة علم التاريخ ومنهج البحث التاريخي؟

علماء الاجتماع تعرضوا لنظرية الذاكرة التاريخية

«جاك لوغوف» في كتابه الذاكرة والتاريخ يذكر أن لكل أمة ثقافة، وجزء من ثقافة المجتمع ذاكرته التاريخية.

  • كيف ينعكس التاريخ على حاضرنا؟

هنا يذكر علماء الاجتماع بأن الذاكرة تارة تكون عاطفية وتارة تكون عقلية ويذكرون بأن معالم الذاكرة العاطفية هي التغني بالامجاد، الاستفزاز الطائفي والصرف من دون تخطيط وتقنين.

فعلينا الاستفادة من التاريخ من خلال ذاكرتنا العقلية.

المحور الثالث: ماهو التطبيق للمنهج النقدي التاريخي؟

وهنا تم التعرض لمثالين:

من سيرة النبي ، إلى الآن المستشرقون الغرب يشوهون صورة النبي ص بحادثة بني قريضة.

فعلما الإمامية يقفون موقف لهذه الرواية لعدة نقاط:

- رواها قليل فقط ممن نجوا حسب الرواية من بني قريضة، والحال انه حدث كبير وعظيم كان اللازم أن يقوم بروايته عدد كبير.

- كيف تم نقل عدد كبير من الأسرى من ديارهم إلى داخل المدينة.

- كيف أمكنهم أن يضعوا الأسرى بأكملهم في دار واحدة بالمدينة.

- كيف للنبي أن يأمر بكشف عوراتهم وهذا مالايتناسب مع تعاليم الإسلام ومع أخلاق وعطف النبي .

- مع كون الرواة قلة فقد اختلفوا في عدد من قام بقتلهم النبي وهذا يدعوا للتأمل ورفض الحادثة.

 من سيرة الحسين

السيد المرتضى في كتابه تنزيه الأنبياء الصفحة 177، يقول وروي أن الحسين بن علي لما نزل كربلاء ورأى المدد الكبير لجيش عمر ابن سعد طلب لقائه. فالتقيا وتناجيا ليلاً طويلاً وقال الحسين اني اخيركم بين ثلاثاً، اما ان تدعوني أعود من حيث جئت وإما أن تسيروني إلى ثغر من ثغور المسلمين فأكون منهم لي مالهم وعلي ماعليهم وإما تذهبوا بي إلى ابن عمي يزيد ابن معاوية واضع يدي في يده ويرى فيني رأيه.

ويذكر هذا المعنى أيضا الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد بالجزء الثاني صفحة 87.

فهذه الحادثة تخضع للمنهج النقدي التاريخي لعدة أمور:

- روى ابن الجوزي في المنتظر وابن الأثير في الكامل وابن كثير في البداية والنهاية والذهبي في تاريخ الإسلام عن عقبة بن سمعان انه قال خرجت مع الحسين ع من مكة ولازمته إلى أن حان مقتله وماقال من مقالة إلا وسمعتها. ولم اسمع مايتناقله الناس أنه قال اذهب الى يزيد واضع يدي في بيده، وإنما قال دعوني اذهب الى ارض الله العريضة وأرى مايصير إليه أمر الناس.

- نفس كتب هؤلاء المؤرخين تنقل رفض بيعة الحسين ع ليزيد حتى آخر لحظة من حياته.

- هذا الكلام لاينسجم مع سيرة وموقع الحسين . فهو الذي خرج رافضاً للظلم ويرى أن المشكلة في بيعة يزيد، هل يعقل أن يتراجع فجأة عن رأيه ويضع يده بيد يزيد كونه رأى ذلك الجيش.

فأين موقف العزة التي كان ينادي بها؟

إذا هذا المضمون لايلتقي مع شخصية ومنهج الحسين الذي كان يقول «والله لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل».