ملخص: الروح الوحدوية في الشخصية المحمدية

شبكة المنير

﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ

5 محرم 1441

ذكرنا أن من مظاهر الحكمة «الرشد» وهو عبارة عن حسن الإدارة. لأجل هذا نتعرض للرشد الإجتماعي فعلماء الإجتماع يذكرون بأنه كما للإنسان حياة وموت للمجتمع أيضا حياة وموت. ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ

فالمجتمع الرشيد يتميز بمزايا ثلاث:

▪استثمار ثرواته المادية والبشرية في النهوض الاقتصادي والحضاري. أما المجتمع الذي لايبالي بثرواته وطاقات أبناءه فهو مجتمع غير رشيد. ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ

▪اهتمامه بالدين وبالمبادىء والقيم. فالدين هوية والمبادىء والقيم هوية ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

▪اعتناءه بالوحدة والوئام والانسجام بين أفراده. ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ

أما المجتمع الذي ينشغل في الأمور الهامشية والجانبية من خلافات وصراعات وهدر للفكر والوقت والجهد فليس ذلك من مظاهر وعلامات الرشد.

فالمجتمع الرشيد هو الذي ينشغل بالاولويات عن الثانويات.

ولذلك نجد المرجعية العليا بالنجف الأشرف دام ظلها الشريف تؤكد على أن يعتني المؤمنين بأهدافهم العليا وبمبادئهم وقيمهم وتربية أبنائهم بدلا من الانشغال في الأمور الدينية الهامشية من اختلاف في التقليد وبعض الشعائر وتفاصيل في الرجعة ومانحو ذلك.. فالانشغال في هذه الأمور هدر للفكر والطاقات ومنشأ للخلافات والصراعات.

الحديث عبر ثلاثة محاور:

♦ حديث القرآن عن الفتنة

ذكر القرآن الفتنة في أكثر من ثمان آيات. والفتنة عبارة عن اضطراب وقد تكون بصور متعددة فكرية،. مادية، روحية واجتماعية.

الأمثلة من القرآن الكريم:

▫فتنة فكرية ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ

▫فتنة مادية ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

▫فتنة روحية ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

▫فتنة إجتماعية ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ

ومن هنا نعود إلى الآية التي ابتدأنا بها الحديث لنجد بأن مافعلته قريش من إخراج أهل المسجد الحرام إثم أشد وأعظم من القتل والذي هو ازهاق للروح البشرية. ثم أن الفتنة بحسب الآية أشد واعظم من القتل. والمراد هما بالفتنة هو الإختلاف في الدين المؤدي للتناحر واعتداء البعض على البعض الآخر.

فعلى المجتمع الرشيد ان يلتفت إلى الفتنة بجميع أمثلتها ومصاديقها ليتصدى لتطويقها وعدم انشغال المجتمع بها.

♦ اتهام النبي بالقتل

بعض الباحثين من المستشرقين ومن العرب المجاورين للمسلمين ألصقوا تهمة القتل للنبي وكان ذلك من خلال خمسة حوادث لخمسة قد قتلوا في المدينة بعصر النبي

▪قتل أبي عفك. الذي بدا بسب النبي وتحريض الناس ضده وإثارة الفتنة. فنذر سالم ابن عميره قتله فذهب إليه وقتله.

▪قتل العصماء بنت مروان. التي بدأت بشتم النبي بعد مقتل أبي عفك وبدأت بإثارة الناس ضده وبمهاجمة الأنصار. فقتلها عمير ابن عوف.

▪قتل كعب ابن الاشرف الذي بدأ بهجاء النبي والتشبب بنساء المسلمين وتحريض الناس على الكراهية وذلك بعد انتصار المسلمين في معركة بدر.. فقتله محمد ابن مسلمه بعد اتفاقه مع ابو نائلة على المكيدة بكعب ابن الاشرف وقتله.

▪قتل ابو رافع. الذي كان ظهيرا لكعب ابن الاشرف وشريكا له

▪قتل ابن سنينه

فيقول هؤلاء الباحثين لو كان محمداً قائدا انسانيا لما قام بارتكاب هذه الاغتيالات. بل هو قائدا دمويا يقتل كل من ينقده ويشتمه ويعارضه.

♦ المنطلقات التي انطلق منها النبي للأذن أو الأمر بقتلهم.

▪الإخلال بالسلم الأهلي

فالمجتمعات العقلائية اتفقت على تجريم الخطاب المحرض على الكراهية الدينية والعرقية والقومية

▫ سبتمبر لعام 2006 استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب تنص على تجريم الإرهاب بكل أشكاله وألوانه وتنص أيضا على تعزيز الحوار والتسامح بين الحضارات والثقافات والشعوب والأديان وتعزيز الإحترام المتبادل.

▫الوثيقة بين دول آسيا والمحيط الهادي التي نصت على تجريم كل خطاب يحرض على الكراهية أو العنف الديني أو القومي أو القيام بنشاط يؤدي إلى ذلك.

▫الولايات المتحدة تعتبر الخطاب المحرض على الفتنة مساو لجريمة الإرهاب وقد تكون عقوبته السجن إلى عشرين عاما.

فإذا كان الخطاب جريمة فكيف بالنشاط والعمل كما فعل هؤلاء الذين تم قتلهم.

▪ تشتيت وحدة المجتمع

مقتضى القيادة الحكيمة أن يتعامل مع مجتمعه بروح الأبوة والاحتضان والتقريب والاحتواء. فالنبي ص جعل سهم من الزكاة للمؤلفة قلوبهم حفاظاً على وحدة الكلمة واجتماع جسم الأمة الإسلامية آنذاك. وقد قام بهدم مسجد ضرار الذي تم بناءه من أجل الفتنة وشق الصفوف.

▪نقض العهود

▪الإساءة إلى المقدسات

فمن الجرائم التي تؤكد عليها لائحة الحقوق في الأمم المتحدة عن الإساءة إلى المقدسات وهم قد قاموا بالاساءة إلى أكبر رمز مقدس لدى المسلمين وهو محمد

فبلحاظ المنطلقات الأربعة، كانت سبباً كافيا عقلائيا لتجريم هؤلاء وعقوبتهم من خلال أمر أو إذن النبي بقتلهم.