حكم الأوقاف والنذور المخصّصة لإحياء شهادة أمير المؤمنين (ع)

شبكة المنير

س: كما تعلمون مع ما يمر به العالم هذه الأيام - فقد تعطلت الحسينيات وأوقفت المآتم - هناك كثير من الأوقاف والنذورات مخصص لإقامة مآتم وللإطعام في ليلة شهادة الأمير ، فكيف يتم التصرف في هذه الأوقاف والنذورات؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هنا صورتان:

الصورة الأولى: المال المخصّص لقراءة تعزية شهادة الإمام أمير المؤمنين .

وفيه عدة فروض:

الأول: أن يكون الوقف أو النذر لإحياء مصيبة أمير المؤمنين من دون تقييده بشهر رمضان، أو مع تقييده بالشهر لكن من دون تقييده بهذه السنة، فهنا يجوز تأجيل إقامة العزاء إلى وقت آخر أو عام آخر.

الثاني: أن يكون النذر أو الوقف متعلقًا بإقامة التعزية في أيام الشهادة من هذه السنة، من دون تقييد بمكان خاصّ، ولا وقت خاصّ، ولا كيفية معيّنة، فإن أمكن الوفاء بالنذر أو تطبيق الوقف بالقراءة - ولو في البيت مع الأهل، أو مع صديق من الأصدقاء - لزم ذلك.

الثالث: أن يكون النذر أو الوقف خاصًا بإقامة التعزية ليلًا وبكيفيّة خاصّة، كحضور المؤمنين مثلًا، من دون تقييد بكونه في البلد، فإن أمكن توكيل من يقوم بذلك بتمام كيفيته في بلد آخر - كالعراق مثلًا - لزم ذلك.

الرابع: أن يكون النذر أو الوقف خاصًّا بإقامة التعزية في البلد في الحسينية، ولكن لم يكن متقيّدًا بخصوص الليل، ولا بكيفية معيّنة، فإن أمكن إقامته بالجلوس في الحسينية نهارًا مع صديق من الأصدقاء وإقامة التعزية - مع إغلاق الباب لمنع التجمّع المضرّ - لزم ذلك.

الخامس: أن يكون الوقف أو النذر متعلّقًا بالتعزية في خصوص الليل، وفي حسينية البلد، وبالكيفية الخاصّة، ولكن على نحو تعدّد المطلوب، بمعنى أنّ المستفاد من القرائن في صيغة الوقف أو أن مقصود الناذر أو المتبرّع أنه إن لم يمكن تحقيق المطلوب الأول - وهو مراعاة سائر الخصوصيّات - يُنْتَقَل للمطلوب الآخر، وهو الإتيان بالتعزية بالنحو الممكن، فحينئذٍ يلزم ذلك.

السادس: أن يكون الوقف أو النذر أو الوصية متعلّقًا بإقامة التعزية بالنحو الخاصّ - الجامع لسائر القيود السابقة على نحو وحدة المطلوب - ولم يمكن تحقيقه لأيّ سببٍ من الأسباب، ولو كان السبب هو الوقوع في الحرج الشديد، فحينئذٍ يسقط الوجوب لتعذر صرف المال فيما هو المخصّص له.

1- فإن كان المال وقفًا أو مالًا موصى به على نحو الاستمرار - لا خصوص هذه السنة - وقد تعذّر صرفه هذا العام، فحينئذ يؤجَّل الصرف لحين انفراج الأزمة، وفي أيامه المحدّدة بالنحو المحدّد. وإن كان المال الموصى به خاصًّا بهذه السنة - وقد تعذّر صرفه في جهته - سقط وجوب العمل به.

2- وإن كان من النذر، فإن كان المنذور الصرف في خصوص هذه الليلة في هذه السنة فيسقط وجوب الوفاء به، وإن لم يكن متعلّقًا بهذه السنة فيؤجَّل الصرف لحين انفراج الأزمة في عام آخر.

3- وإن كان المال تبرّعًا يراجَع صاحبه ليُعْرَف وجه صرفه بعد التعذّر، فإن لم يمكن ذلك يراجَع الحاكم الشرعي أو وكيله فيه. وكذا الحكم في المال الموصى به لخصوص التعزية في هذه السنة بالكيفية الخاصّة المتعذّرة.

السابع: أن يقع الشكّ من قِبَل من بيده المال في تقيد الوقف أو الوصية بالقيود السابقة وعدمه، فإن كان هناك انصرافٌ عرفيٌّ فيهما لأحد النحوين عمل على طبقه - ولا يبعد أن يكون المنصرف هو ما جمع القيود، فليس عليه شيءٌ - وإن لم يكن في البين انصرافٌ فيُقْتَصَر على القدر المتيقّن، وهو ما جمع القيود، وبالتالي فيسقط وجوب الصرف عنه.

الصورة الثانية: المال المخصّص للإطعام في أيام الشهادة.

وهنا عدّة فروض:

الأول: أن يكون المال مخصّصًا لتقديم الطعام المطبوخ في ليالي هذه المناسبات في خصوص البلد، فإن أمكن تحقيق ذلك -ولو بالاتفاق مع بعض المطاعم في طبخه وتوزيعه من قبلهم- لزم ذلك، وإن لم يمكن -ولو للحرج الشديد- يسقط وجوب العمل به.

الثاني: أن يكون المال خاصًّا بتقديم الطعام ليلًا من دون تقييد بالبلد، فإن أمكن توكيل من يقوم بذلك في بلد آخر - كالعراق مثلًا - تعيّن، وإلا يسقط وجوب العمل به.

الثالث: ألا يكون مخصّصًا بالليل، ولكنّه متقيّدٌ بتقديمه في البلد، فإن أمكن تطبيق ذلك بتوزيعه نهارًا على المؤمنين لزم ذلك.

الرابع: ألا يكون مخصّصًا بالبلد، ولكن لم يمكن القيام به، فإن أمكن توكيل من يقوم بالعمل في بلد آخر - كالعراق مثلًا - لزم ذلك.

الخامس: أن يكون المنذور أو الموقوف هو بذل طعام للمؤمنين في أيام هذه المناسبة، من دون تقييده بكونه مطبوخًا ولا بكيفيّة خاصّة - وإن كان المتعارف هو تقديم الطعام المطبوخ - فإن أمكن تسليم المبلغ للجمعيّة الخيريّة لتقوم بتحويله إلى طعام وتوزيعه على فقراء المؤمنين في أيام المناسبة باسم صاحبها لزم ذلك.

السادس: أن يكون مخصّصًا بتقديم الطعام المطبوخ بقيود خاصّة، ولكن على نحو تعدّد المطلوب، بحيث فُهِمَ من القرائن أو كان مقصود الناذر أنه إذا تعذّر النحو الجامع للقيود فيؤتى بالنحو الميسور، فحينئذٍ يتعيّن ذلك.

السابع: أن يقع الشكّ في بعض القيود أو جميعها، وليس هناك انصرافٌ لنحوٍ معيّنٍ، فيُقْتَصَر حينئذٍ على القدر المتيقّن - وهو الجامع للقيود - فيسقط وجوب الصرف على من بيده المال.

وأما الفرق بين الوقف والوصية والنذر والتبرّع عند التعذّر فقد سبق حكمه، والله العالم بالصواب.

سماحة العلامة السيد منير الخباز