نص الشريط
القرار الحاسم في اللحظات العصيبة
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 10/1/1430 هـ
مرات العرض: 4050
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (5692)
تشغيل:

﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

وورد عن الإمام الصادق : ”أن النفس المطمئنة هي الحسين بن علي“ فمن معالم هذه النفس المطمئنة أنها ذات قرار حاسم في اللحظات العصيبة وهو قوله : ”ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر“

حديثنا في هذه الليلة ليلة الحسين عن الحسين وامتداد الوجود كيف حضي الحسين بصفة امتداد الوجود هناك أمران لابد من الالتفات إليهما:

الأمر الأول: الوجود ينقسم إلى قسمين: وجود حقيقي، و وجود اعتباري.

الوجود حقيقي:

هو الوجود الذي لا يختلف باختلاف الأفكار ولا باختلاف الأنظار، وجود الشمس لا يختلف فيه أحد، وجود الإنسان لا يختلف فيه أحد وجود الشمس وجود حقيقي لا يختلف باختلاف الأنظار.

الوجود الاعتباري:

أما الطهارة والنجاسة فهي وجود اعتباري لأنه يختلف باختلاف الأنظار والأفكار، الخمر نجس عند علماء الإمامية لكنه طاهر في بعض المذاهب الإسلامية الأخرى، المني نجس عند علماء الإمامية لكنه طاهر عند بعض المذاهب الإسلامية الأخرى، الكافر نجس عند أغلب علماء الإمامية الكافر الغير كتابي غير اليهودي والنصراني يعني الكافر الملحد وطاهر عند بعض المذاهب الإسلامية الأخرى، إذن الطهارة والنجاسة تختلف باختلاف الآراء وتختلف باختلاف الأفكار فوجود الطهارة والنجاسة وجود اعتباري وليس وجود حقيقي.

الإنسان لتعلقه بالحياة يركز على امتداد الوجود كل إنسان يريد أن يمتد وجوده أكثر من حجمه يريد أن يمتد وجوده وتتسع مساحته قد يكون هناك امتداد في الوجود الاعتباري وقد يكون هناك امتداد في الوجود الحقيقي.

مثلاً: الإنسان عندما يحصل على منصب ويقال هذا رئيس شركة هذه مدير مؤسسة هنا امتد وجوده توسع أصبح له أسم في المؤسسة أصبح له أسم في الشركة هذا الوجود الذي امتد هو الوجود الاعتباري وإلا الوجود الحقيقي لم يتغير، الإنسان إذا حصل على ثروة وأصبح أسمه يكتب على الشركات والمحلات امتد وجوده اتسعت رقعت وجوده لكن هذا امتداد في الوجود الاعتباري الوجود الزائل الوجود الذي يزول بأدنى سبب هذا وجود اعتباري.

أما الامتداد في الوجود الحقيقي له طريق أخر وهو ما ورد عن النبي : ”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية،، وسنة يهتدي بها، وولد صالح يدعوا له“ هذا امتداد في الوجود الحقيقي وجوده بقي حقيقة من خلاله سنته من خلال صدقته من خلال ولده الصالح، ”من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة“ هذا امتداد في الوجود الحقيقي.

الأمر الثاني:

الحسين مثلاً رائع لامتداد الوجود الحسين أيضاً وسع وجوده وسع رقعت وجوده لكن الحسين امتد وجوده في الامتداد الحقيقي وجوده الحقيقي أمتد لا مجرد الوجود الاعتباري، كيف؟!

الوجود الحقيقي نوعان: عالم الخلق، وعالم الأمر.

القرآن الكريم يقول: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ هناك عالم خلق: وهو عالم المادة والأجسام وهناك عالم: الأمر وهو عالم الأرواح عالم النفوس الحسين امتد في كلا العالمين عالم الخلق يعني عالم المادة وعالم الأمر يعني عالم الأرواح والنفوس، عالم الخلق أيضاً قسمان: 1/العالم الدنيوي. 2/العالم الأخروي، الحسين امتد في كلا القسمين له امتداد في عالم المادة الدنيوية له امتداد في عالم الآخرة إذن عندنا عوامل ثلاث عوالم: 1/عالم الدنيا، 2/عالم الآخرة، 3/عالم الأمر وهو عالم الأرواح وللحسين امتداد في العوالم كلها.

القسم الأول: عالم المادة «عالم الدنيا».

الحسين له امتداد في هذا العالم كيف؟! هناك مفهوم يطرحه علمائنا وهو أن أهل البيت شرط في وجود الكون لولا وجودهم ما وجد الكون، ما معنى هذا الكلام؟! كل مؤثر يتكون من عنصرين: 1/مقتضى، 2/شرط، المقتضي: ما منه الوجود، الشرط: ما به فعليه الوجود مثلاً: النار مؤثر تؤثر في احتراق الأجسام هذا المؤثر يتوقف على عنصرين مقتضي: وهو النار لأن النار منها الوجود يعني منها تصدر طاقة حرارية حارقة للجسم النار تسمى مقتضي، وهناك شرط: وهو الاقتراب لولا لم يقترب الجسم من النار لم يحترق هذا شرط الاقتراب شرط الاقتراب لا يحرق التي تحرق هي النار المقتضي هي النار الاقتراب شرط به فعلية الوجود يعني لا يكون الاحتراق فعلي إلا بالاقتراب.

الشرط على قسمين: شرط مصحح لفاعلية الفاعل، وشرط متمم لقابلية القابل أضرب لك لكل واحد مثال:

شرط مصحح لفاعلية الفاعل: مثل القلم هل يستطيع الإنسان أن يكتب بدون قلم؟! لا يستطيع الإنسان يحتاج على القلم ليكتب به، من هو الكاتب؟! الإنسان إذن ما دور القلم؟! القلم شرط المقتضي للكتابة الكاتب هو الإنسان لكن القلم شرط هذا الشرط مصحح لفاعلية الفاعل يعني لا يمكن للإنسان أن يكتب إلا بالقلم فهو دخيل في فاعليه الإنسان في الكتابة.

شرط متمم لقابلية القابل: عندنا نار وعندنا جسم هذا الجسم قربناه من النار لم نجده يحترق تبين لنا أن الجسم رطب مبلل بالماء فلم يحترق هنا حتى يحترق الجسم نحتاج إلى شرط وهو جفاف الجسم الجفاف متمم لقابلية القابل يعني النار لا تحتاج إلى شيء لكن الجسم نفسه هو المحتاج الجسم لا يحترق حتى يجف فالجفاف متمم لقابلية القابل.

بعد أن عرفنا هذه النظرية وأمثلتها نرجع إلى علاقة الله بالكون، الله ما هو نسبته إلى الكون؟! خالق فاعل هو مصدر الخلق هو مصدر الرزق هو مصدر الحياة هو مصدر الموت هو المتصرف، هل من خالق غير الله؟! إذن الله هو المقتضي لوجود هذا الكون كله الله تبارك وتعالى هو الخالق وهو قادر على أن يخلق الكون بدون شرط قادر على أن يخلق الكون بدون واسطة قادر على أن يدبر الكون كله بدون واسطة بدون شرط هو قادر على ذلك لكن شاءت حكمته أن يجعل واسطة في تدبير الكون وهم الملائكة القرآن الكريم يقول: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًاالملائكة وسائط في التدبير هو يستطيع أن يدبر الكون بدون ملائكة لكن شاءت حكمته أن يجعل الملائكة وسائط في التدبير كما شاءت حكته أن يجعل الملائكة وسائط في التدبير شاءت حكته أن يجعل أهل البيت شرط في وجود الكون.

ليس مصحح لشرط فاعلية الفاعل الله لا يحتاج إلى شرط فاعلية تامة خالقيته تامة لكن هذا شرط متمم لقابلية القابل كيف؟! الكون لا يستحق النور ولا يستحق الوجود لولا وجود أهل البيت فهم شرط متمم لقابلية القابل يعني لقابلية هذه الوجود لهذا الكون لأن يتحقق ولأن يوجد وهذا ما نستفيده من الروايات حديث الكساء: ”إني ما خلقت سماء مبنية، ولا أرضاً مدحية، ولا قمراً منيراً، ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فلكاً يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة، الذين هم تحت الكساء“ وأنت تقرأ في زيارة الجامعة: ”بكم فتح الله وبكم يختم الله، وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، أسماؤكم في الأسماء وأجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار“، ما معنى هذا الكلام؟! يعني ليس في الكون ذرة ولا مجرة ليس في هذا الكون كله موجود إلا وانتم شرط في وجوده.

الله تبارك وتعالى أولاً خلق أرواحهم النورية محيطة بعرشه ثم خلق الكون من فيض نورهم في زيارة الإمام الحسين : ”أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة“ الزيارة الجامعة تقول: ”خلقكم الله أنواراً وجعلكم بعرشه محدقين“ في حديث النبي محمد : ”أن الله خلق نوري ونور علي قبل أن يخلق الكون“ هذا معنى أنهم شرط في الوجود، ماذا يترتب على هذه المقالة؟!

يترتب على هذه الفكرة وهو أن أهل البيت شرط في الوجود وأن عندهم علاقة وجوديه تكوينيه مع الكون كله يترتب عليها أثار ثلاث:

الأثر الأول:

أن لهم الولاية التكونية، لأنهم شرط في الوجود فلهم ولاية التصرف في الوجود ذكرنا من قبل أن آصف بن برخيا وزير سليمان لم يكن نبي ولم يكن إمام ومع ذلك أستطاع أن يتصرف في الوجود قال تعالى: ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَفكيف بمن هم شرط الوجود ومن بيدهم علم الكتاب كله.

الأثر الثاني:

يستحب التوسل بهم، لماذا نتوسل بأهل البيت؟! لولا أن أرواحهم مؤثره في الوجود لأنه شرط في الوجود لمَ استحب التوسل بهم القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِالله يغني والرسول كذلك يغني كيف يغني؟! المغني هو الله لكن الرسول شرط في الغنى ولذلك نتوسل به ولذلك الآية جاءت مطلقة في حق النبي قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًامن استغفر بوسيلة النبي غفر له في حياة النبي أو بعد وفاته آية مطلقة.

ولذلك يروي الطبراني في «المعجم الكبير»: ”أن النبي لما حفر قبر فاطمة بنت أسد أضج في القبر وتوسل بالأنبياء قال“ اللهم بحق سألين عليك وبحق الأنبياء من قبلي إلا غفرت لأمي فاطمة بنت أسد ووسعت عليها مدخلها".

الأثر الثالث:

أن الوجود يهتز ويقشعر إذا أريق دمهم على الأرض، كيف؟!

الراوية الأول: في الراوية المعتبرة وهي رواية أبن شبيب عن الإمام الرضا: ”يا بن شبيب أن كنت باكياً فبكي الحسين“ في ذيل هذه الراوية قال الإمام الرضا ”وبكت عليه السموات السبع والأرضون“ قد يستغرب الإنسان كيف تبكي السموات السبع، أبن عساكر ليس من علماء الشيعة في «تاريخ دمشق» وأبن حجر ليس من علماء الشيعة في «الصواعق المحرقة» كلاهما روياه: ”لما قتل الحسين ما رفع حجر ولا مدر إلا وجد تحته دم عبيط“، قد يستغرب الإنسان كيف الحجر يبكي؟!

أنا ادلل لك على هذا الكلام من القرآن:

أولاً: قال تعالى في قوم صالح: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَما معني هذه الآية؟! العلماء يقولون ظاهر القضية السالبة أنها سالبة بانتفاء المحمول لا بانتفاء الموضوع: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُيعني بكت على غيرهم يعني السماء تبكي إذا لم تكن السماء تكبي لا يحتاج أن يقول وما بكت عليهم السماء، والسماء لا تبكي على أحدما الداعي أن تقول: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُمثلما السماء لا تأكل يعني يأتي القرآن ويقول وما أكلت السماء ولا نامت السماء ولا مشت السماء معلوم السماء لا تأكل ولا تنام ولا تمشي لا يحتاج إلى أن ينفي القرآن هذا، إذن نفي القرآن بكاء السماء على قوم صالح معناه أن السماء بكت على غيرهم﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ إذن يمكن للسماء أن تبكي.

ثانياً: اقرأ آية أخرىقال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِكيف يخشى الحجر الله؟! الحجر لا يوجد عنده وعي ولا يوجد عنده أدراك كيف يقول القرآن بأنه يخشى الله؟ ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِيعني حتى الحجر عنده أدراك يدرك عظمة الله فيخشاه.

ثالثاً: اقرأ قوله تعالى: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِحتى الجبل والحجر عنده أدراك قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إذا كان الحجر يخشى الله إذا أدرك عظمة الله والجبل يخشى الله إذا أدرك عظمة الله، إذن الجبل والحجر يبكي الحسين حينما يدرك فاجعة مصيبة الحسين، بكاء السموات والأرض ليس أمراً غير معقول في حيز المعقول والمنقول، المعري الشاعر المعروف يقول:

وعلى الأفق من دم الشهيدين

فهما  في أواخر الليل iiفجران

 
علي       ونجله      iiشاهدانِ

وهما   في   أولياته   iiشفقانِ

إذن هذه الراوية الأولى حللناها وعرفنا كيف أن الحسين له تأثير في عالم المادة كيف أن الحسين امتد وجوده في السماء في الأرض في الجبال ”ما رفع حجر ولا مدر إلا وجد تحته دم عبيط“ هذا امتداد للوجود امتداد في الوجود الحقيقي حتى لعالم المادة حتى لعالم الحجر والجبل.

الراوية الثانية: في الزيارة الواردة: ”أشهد لقد اقشعرّت لدمائكم أظلة العرش مع أظلة الخلائق“ ما معنى هذا الكلام؟! العرش مركز الكون كل دولة لها عرش، ما هو عرش الدولة؟ عرش الدولة مركز الاستخبارات لأن الدولة لا تقوم إلا على مركز الاستخبارات كل مؤسسة لها عرش يعني مركز معلومات كل معلومات المؤسسة موجودة فيه هذا الكون له عرش هناك مركز معنوي مركز معلومات يسمى العرش هذا العرش جميع الأوامر تصدر منه لآن فيه جميع المعلومات.

إذا تقرأ الآيات القرآنية كلها تأكد على أن مركز تدبير الكون هو العرش قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ وقال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًاوقال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَوقال تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِهو المركز الملائكة ينتظرون الأوامر حول هذا المركز.

إذن هذا العرش مركز المعلومات بما أن العرش مركز المعلومات ومصدر الأوامر لكل إنسان ولكل وجود مثال في العرش مثل مثلاً: الآن أنت إذا عندك مدرسة لكل طالب في المدرسة ملف محفوظ في إدارة المدرسة، لكل موجود لكل مخلوق مثال في العرش هذا المثال يسمى ظل عالم الأمثلة تسمى بالعالم الأظلة جميع الموجودات لها أمثلة يعني جميع الموجودات لها أظله في العرش، العرش يحتوي على عالم الأمثلة وعالم الأظلة، ”أشهد لقد اقشعرّت لدمائكم أظلة العرش هي الملائكة المحيطة به مع أظلة الخلائق“ يعني أمثلة جميع الخلائق الموجودة في العرش ”اقشعرّت لدمائكم أظلة“ هذا هو امتداد الحسين في عالم الدنيا.

القسم الثاني: امتداد الحسين في عالم الآخرة.

الحسين امتد وجوده حتى إلى عالم الآخرة من أين نعرف هذا؟ ّمن خلال هذه الزيارة: ”أشهد أنّ دمك سكن في الخلد“ كيف دمه سكن في الخلد ودمه جرى على التراب؟! وسرى في تراب كربلاء؟! نحن نؤمن بمسألة تجسم الأعمال يعني أعمالنا تتجسم يوم القيامة صلاتنا تتحول إلى شجرة صومنا يتحول إلى نهر حضورنا المأتم يتحول إلى طعام إلى شراب في الآخرة هذا ما دلت عليه الآية المباركة: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَيعني عملكم هو جزائكم، أعمالنا تتجسم دم الحسين أيضاً يتجسم أشرف عمل على الأرض أن الحسين أراق دمه في سبيل الله فدم الحسين تجسم في الآخرة وتحول إلى زينة يتزين بها أهل الجنة من الحور والولدان والصديقين والشهداء والصالحين سيد شباب أهل الجنة زين الجنة بدمه.

الحسين أخد بضع من دم الطفل الرضيع ورمى به إلى السماء فما رجعت منه قطرة الملائكة التقطت تلك الدماء الزكية وزينت بها الجنان، إذن الحسين امتد وجودة إلى عالم الدنيا وامتد وجودة لعالم الآخرة هذا هو امتداد وجود الحسين في عالم الخلق.

القسم الثالث: عالم الأمر وهو عالم الأرواح عالم النفوس.

كيف أمتد الحسين في عالم الأرواح والنفوس؟! هناك مظاهر ثلاثة لامتداد الحسين لامتداد وجود الحسين في عالم الأرواح:

المظهر الأول: الهداية الأمرية

هناك هداية خلقية وهناك هداية أمرية، الهداية الخلقية: مثلاً: الآن أنا صاعد على المنبر وأذكر لك بعض المواعظ والإرشادات هذه هداية لك هداية خلقية أخاطبك سمعك يمكن قلبك معي ويمكن نايم المهم أنا أخاطب سمعك هذه تسمى هداية خلقية.

وهناك هداية أمرية: وهي الخطاب بين الأرواح وليس بين الأسماع، كيف يكون الخطاب بين الأرواح؟! مثلاً: أنت عندما تدخل على أحد مراجع الشيعة وتجلس أمامه بدون أن تتكلم من ندون أن تتحدث معه إذا جلست أمامه تشعر بنوع من خشية الله هذه تسمى هداية أمرية هو لم يتكلم معك لكن روحه المتعلقة بالله غرست في روحك نصيب من خشية الله هذه الهداية الأمراية الخطاب التخاطب بين الأرواح وليس بين الفم والمسمع هذه الهداية الأمرية جعلها الله لمن؟! للأنبياء قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُواأيضاً هذه الهداية الأمرية جعلها الله للأوصياء ومنهم الحسين وهي دليل امتداد وجوده لعالم الأرواح.

أما سمعت قصة زهير بن القين من أجل أنصار الحسين زهير بن القين كان عثماني الهوا يعني لم يكن يميل إلى الإمام الحسين زهير بن القين خرج من مكة إلى العراق والحسين أيضاً خرج من مكة إلى العراق كلما رأى الحسين جالس في مكان جلس هو في مكان ثاني لا يحب أن يلتقي مع الحسين كان كارهاً للقاء الحسين بالصدفة أطنب في مكان خيامه قام الحسين طنب أمامه جلس زهير يأكل الطعام مع أصحابة وإذا برجل وقف عليه قال يا زهير يبلغك السلام الحسين ويقول اجب دعوته سقط الطعام من يد زهير لم يستطيع أن يتصرف وجماعته جلسوا جالفين لأنهم كانوا يكرهون أن يتفاعلوا مع الحسين.

زوجته وقفت وقالت يا زهير أيدعوك أبن بنت رسول الله ولا تستجيب دعوته إلا تذهب وتسمع كلامه قام وذهب إلى الحسين ما هي إلا دقائق رجع وجهه يتهلل سروراً قال: طلقت الدنيا بأسرها وأنا عازم على القتال بين يدي أبا عبدالله، كيف تغيرت شخصية خلال دقائق تحولت من خط إلى خط من منهج إلى منهج خلال دقائق؟! الحسين هداه هداية أمرية زرع في قلبه نور الحسين زرع في قلبه نور الولاء فنجذب للحسين قال تذكرت حديث: ”غزونا بلنجر وحصلنا على غنائم وفرحنا بها وكان معنا سلمان الفارسي قال: أفرحتم بالغنائم قلنا: بلى، قال: فليكن فرحكم أشد إذا لقيتم أبن بنت رسول الله وقاتلتم بين يديه“ هذه هداية أمرية.

المظهر الثاني: تأثيره على أصحابة.

الحسين كان له جاذبية خاصة مع أصحابة هل رأيت أصحاب انصهروا مع قائدهم إلى هذا الحد؟! حتى قال عابس بن أبي شبيب الشاكري ”حب الحسين أجنني“ هذا الانصهار يكشف عن جاذبية كارزمية للحسين وضعت تأثيرها السحري على النفوس والقلوب التي حوله، ما الذي أعجبهم في الحسين؟ ّما الذي أدهشهم في شخصية الحسين؟! صفات كثير الإباء العزة الفداء التضحية الصبر... من أهم الصفات التي جذبتهم «القرار الحاسم في اللحظات المصيرية».

عندنا شخصية مطمئنة وشخصية متزلزله، الشخصية المتزلزله: ليس لها قرار حاسم يبتلي بمرض ليس له قرار حاسم في العلاج، يدخل في التجارة ليس له قرار حاسم في العمل، تعرض عليه عدة تخصصات دراسية لا يوجد عنده قرار حاسم في اختيار التخصص هذه شخصيه متزلزله.

وهناك شخصية مطمئنة: قرارها دائما حاسم بعدما تدرس الموضوع تتخذ القرار الحاسم خصوصاً في القضايا المصيرية خصوصاً في اللحظات العصيبة صاحب القرار الحاسم في اللحظات العصيبة شخصية قيادية شخصية مستقرة لذلك القائد لا يصبح قائد وهو ليس عنده قدرة على القرار الحاسم، من علامات الشخصية القيادية المستقرة أنها ذات قرار حاسم في اللحظات المصيرية في اللحظات الرهيبة.

والحسن أخد قراره الحاسم أمام أصحابة ”ألا وإني زاحف بهذه الأسرة“ هذه معركتي وهذا وجودي وهذه أهدافي: ”ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر أما والله لاتلبثون بعدها ألا كريث ما يركب الفرس، ثم تدور بكم دور الرحى، وتغلق بكم قلق المحور عهدن معهود عهد هوا لي أبي عن جدي رسول الله فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكون أمركم عليكم غمه ثم أقضوا أليه ولا تنظرون“ أصحاب الحسين أفضل الأصحاب أفضل من أصحاب رسول الله أفضل من أصحاب الإمام علي، أفضل أصحاب الأئمة أصحاب الحسين لماذا؟!

أولاً: لأنهم وقفوا موقف الدفاع عن الدين الناطق الدين صامت وناطق، الدين الصامت: هو الكتاب الكريم والسنة النبوية هذا دين صامت، الدين الناطق: هم ثقل رسول الله عترة أهل البيت ”أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي“ أصحاب رسول الله يوم بدر وأحد وحنين دافعوا عن الدين الصامت عن الكتاب عن السنة أما أصحاب الحسين وقفوا موقف الدفاع عن الدين الناطق عن عترة أهل البيت لأن ثقل رسول الله عترة أهل البيت تعرضت لإبادة جماعية فوقف هؤلاء دفعاً مستميت عنها.

ثانياً: أصحاب الحسين انكشفت لهم حقائق غيبية لم تنكشف لأحد لا قبلهم ولا بعدهم لماذا نقول: ”يا ليتنا كنا معهم» بعض الناس لا يقبل بهذه الكلمة يقول لماذا تقولوا في البداية «يا ليتنا كنا معهم» قالوا قولوا: «يا ليتنا نسير على خطهم» «يا لتنا نقتدي بهداهم» الإمام الصادق نفسه في رواية معتبرة يقول:“ يا ليتني كنت معهم «يقصد أنصار الإمام الحسين» فأفور فوزاً عظيما".

الإنسان الذي يخالق المعصوم خصوصا في المعارك خصوصاً في اللحظات العصيبة يرى من المعصوم حقائق لا يراها غيره هؤلاء حظوا بنعمة أنهم عاشروا المعصوم في اللحظات الأخيرة في المواقف المصيرية فرأوا منهم حقائق لم يراها أحداً لا قبلهم ولا بعدهم لذلك قال الحسين: ”أني لا أعلم أصحاباً أبر وأوفى وخيراً من أصحابي“

المظهر الثالث:

المظهر الثالث لامتداد الوجود للحسين في عالم الأرواح ما ركزت عليه النصوص الشريفة عن الإمام الصادق : ”أن لجدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا“ هذا هو امتدا الوجود امتداد في النفوس ”لا تبرد أبدا“ كيف ما هو المثال لهذه الحرارة؟! اذكر لك مثالين لهذه الحرارة:

المثال الأول: مثال البكاء، الباكون على الحسين ثلاثة:

القسم الأول: منهم من يبكي بدوافع إنسانية هذا إنسان تعرض إلى مصيبة أنا أثر إليه أبكي بدوافع إنسانية كما أبكي لشهداء غزة كما أبكي لشهداء فلسطين وأتأثر لأطفال فلسطين مضاف إلى أنهم مسلمون هم أيضاً بشر.

القسم الثاني: يبكي على الحسين لأجل المثوبة في معتبرة الفضيل بن يسار الإمام الصادق يقول يا فضيل أتجلسون وتتحدثون قال: بلى يا سيدي، قال: ”أني أحب تلك المجالس فأحيوا فيها أمرنا من جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“ ثم قال: ”ومن ذكرنا عنده فذرفت عيناه عفر الله له ذنوبه“.

القسم الثالث: هو يبكي لأن حرارة الحسين تغلي في قلبه هذا القسم أعظم الأقسام اشرف الأقسام يبكي لا لأجل مثوبة لا لأجل دوافع إنسانية.

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة   لكنَّما  عيني  لأجلك  باكية

لأتني أعيش حرارتك حرارة الحسين حرارة شخصية الحسين حرارة قيم الحسين حرارة مبادئ الحسين.

المثال الثاني: زيارة الحسين ما زال الشيعة مقصرين في زيارة الحسين زيارته عند قبره زيارته عند ضريحه أنت واقعاً عندما تلقي نظره من حسنات هذا العصر القنوات الفضائية الشيعية التي تظهر لك الملايين تشمي على الأقدام زحفاً نحو الحسين نحو زيارة الحسين، استغرب ما الذي جذبهم للحسين هل يعطونا اموال! هل هناك حكومة تدفعهم! هل تنظيم يدفعهم! أبداً جذبتهم حرارة الحسين لأن الحسين يمتد وجوده في قلوبهم ونفوسهم، أذكر لك بعض الروايات المتعلقة بالزيارة:

رواية معتبرة أفتي بها بعض فقهائنا: ”أن زيارة جدي الحسين فرضاً على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة“. ربما يقول قائل أنا أخاف أن ازور الحسين اذكر لك الآن رواية أبن بكير يقول للإمام: ”سيدي ربما نزلت الأرجاء فينازعني قلبي لزيارة قبر أبيك الحسين فانزل وأزوره وأنا خاف وجل مشفق، تخاف من ماذا؟! من السلطان والساعد وأصحاب المصالح، قال الإمام الصادق : يا بن بكير إلا تحب أن يراك الله فينا خائفاً من خاف لخوفنا أضله الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله وآمنه من الفزع الأكبر وكان محدثه الحسين تحت عرشه“

اقرأ لك رواية عجيبة تدل على عظمة السيدة زينب ”لما مروا بالنساء على الأجساد قام علي بن الحسين يبكي ويجود بنفسه التفت إليه زينب البطلة العظيمة قامت مقام الحسين قالت يا بن أخي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وأخوتي أما أنه عهداً من الله إلى جدك وأبيك وأن الله أخد ميثاق أناس لا يعرفهم فراعنة الأرض وهم عند أهل السماء معروفون أنهم يجمعون هذه الأعضاء المقطعة والأجساد المضرجة فيوارونها وينصبون في الطف علماً لقبرك أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام وليجهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطمسه فلا يزداد أثره إلا ظهورا وأمره إلا علوا“

الرشيد هدم قبر الحسين، المنصور هدم قبر الحسين، المتوكل وحده هدم قبر الحسين ثلاث مرات

تا   الله  إن  كانت  أمية  قد  iiأتت

فلقد    أتته    بني    أمية   بمثله

أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا



 
قتل    ابن   بنت   نبيها   مظلوما

فغدا     لعمرك    قبره    مهدوما

في     قتله،     فتتبعوه     رميما

القوم أبناء القوم مع ذلك بقي الحسين لأنه له امتداد في الوجود له امتداد في عالم الأرواح والنفوس بقي قبر الحسين بقي اثر الحسين والأمام الصادق في صحيحة معاوية بن وهب معاوية دخل على الإمام الصادق يوم عاشوراء ورآه ساجد ويدعوا لزوار الحسين وهو ساجد يقول ”اللهم أنهم خالفوا من خالفنا وذابوا على الشخوص عند قبره اللهم فأرحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وأرحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر أبي عبد الله وأرحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وأرحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم أني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى يرويهم من الحوض يوم العطش الأكبر“.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

أهمية القربان إلى الله
روح المبادرة من معالم عاشوراء