نص الشريط
الدرس 2
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 6/11/1435 هـ
تعريف: حقيقة العلم الإجمالي
مرات العرض: 2721
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (561)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذ?رنا أن صاحب الكفاية ذكر أن الفرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي في المتعلق حيث إن متعلق التفصيلي الفرد المعين بينما متعلق العلم الإجمالي الفرد المردد..

وقد أُشكل على كلام صاحب الكفاية بوجوه:

الوجه الأول: ما ذكره المحقق الاصفهاني، وبيان هذا الوجه بصياغتين:

الصياغة الأولى: ما تعرض له المحقق في نهاية الدراية ومحصله مقدمتان:

المقدمة الأولى: انه العلم من الصفات الحقيقية ذات الإضافة فلا يعقل تحقق العلم في أفق النفس من دون طرف يضاف إليه العلم إذ لو تحقق العلم في أفق النفس من دون طرف لكان ذلك خلف حقيقته وهو انه صفة ذات إضافة فلا علم بلا معلوم، كما لا إرادة بلا مراد.

المقدمة الثانية: في تنقيح طرف العلم.. وقد أفاد انه لو كان طرف العلم هو الفرد المردد لم يوجد العلم إذ الفرد المردد مما لا هوية ولا ماهية له.

أما انه لا هوية له فلان الوجود مساوق للتشخص فلا يعقل وجود مردد من دون تعين وتشخص.

وأما انه لا ماهية له فلأن كل ماهية متقومة بمائز تمتاز به عن الماهيات المعبر عنه بالفصل، وحيث إن هذا المائز منتزع من الوجود من حاق الوجود فإذا كان الوجود مرددا لم ينتزع منه مائز معين يفصل الماهية عن غيرها من الماهيات.

والنتيجة: إن الفرد المردد لا هوية له ولا ماهية وعليه فلا واقعية له، وما لم يكن له واقعية فلا يعقل ان يكون طرفا للعلم.

الصياغة الثانية: ما ذكره السيد الشهيد في بحوثه تقريرا وشرحا لكلام المحقق الاصفهاني.. ومحصل ما ذكر انه لو كان هناك فرد مردد فمقتضى عدم تعينه أن يحمل عليه كلا العنوانين المتقابلين، مثلاً اذا قلنا ”احد الرجلين“ واحد الرجلين فرد مردد لا معين، فيقال هل يصح أن يحمل على هذا الأحد كلا العنوانين المتقابلين فيقال احد الرجلين مؤمن وهو كافر، أو احد الرجلين عالم وهو جاهل، فان قلنا لا يصح أن يحمل عليه كلا العنوانين المتقابلين بل يتعين احدهما فهذه أمارة على انه فرد معين وليس مردد ولأجل تعينه لم يصح أن يحمل عليه إلا عنوان واحد.

وإن قلتم يصح أن يحمل عليه كلا العنوانين المتقابلين، فيقال احد الرجلين مؤمن وأحد الرجلين كافر، فنسأل هل يصح سلبه عنه أم لا؟ هل يصح أن يقال حد الرجلين مؤمن وليس بمؤمن أم لا يصح السلب؟ فان قلتم يصح الحمل ولكن لا يصح السلب فيقال مؤمن ولا يقال ليس بمؤمن فهذه أمارة عن كونه معين ولأجل تعينه عرفنا حدّه ولأجل معرفة حده صح الحمل ولم يصح السلب.

وأما إذا قلتم أنه كما يصح الحمل يصح السلب فيقال هو مؤمن وليس كافر وكافر وليس بمؤمن فهذه عبارة أخرى عن اجتماع النقيضين ولا يعقل اجتماعهما في موضوع واحد.

والنتيجة: إن هذه أمارة عن أن الفرد المردد لا واقعية له. وإذا لم يكن للفرد المردد واقعية لم يكن طرفا للعلم.

أجيب عن الإشكال بأجوبة:

الأول: ما ذكره سيد المنتقى من أن في الكلمات خلطا بين مقام الثبوت ومقام الإثبات فالذين تلقوا كلام المحقق الخراساني تلقوه على انه يدعي التردد في مقام الثبوت أي أن متعلق العلم الإجمالي في واقعه مردد مع غمض النظر عن تعلق العلم الإجمالي به أي انه هناك في الواقع مع غمض النظر عن وجود العلم الإجمالي فردا معين وفردا مردد فلأجل ذلك أشكل المحقق الاصفهاني انه لا يوجد فرد مردد في الواقع كي يكون طرفا للعلم وهذا نتيجة انه شرح التردد في مقام الثبوت، والحال أن صاحب الكفاية ليس نظره لمقام الثبوت وإنما نظره لمتعلق العلم الإجمالي ”من حيث هو معلوم“، لا ”من حيث هو واقع“ فمثلا قد تعلم بشخص انه زيد العالم وقد تعلم بهذا الشخص انه ابن بكر الجاهل، فالمعنون هو زيد العالم وابن بكر الجاهل إلا أن العلم عندما يتعلق به يتعلق به من زاوية دون أخرى وبنظر دون آخر وعليه صلح أن تقول أنا اعلم أن هذا ابن بكر الجاهل ولا اعلم عنه شيء آخر ففي مقام الإثبات أي مقام تعلق العلم أو مقام اتصاف المتعلق بكونه معلوما هنا يقع التردد، وهذا هو مقصود صاحب الكفاية فهو يقول إن متعلق العلم الإجمالي من حيث كونه معلوما مردد أي أن متعلق العلم الإجمالي من حيث كونه معلوما قابل للصدق على هذا الطرف وعلى هذا الطرف وان كان في الواقع هو معين في احدهما.

فإذا قلت علمت بإناء نجس من بين الانائين فالإناء النجس قد يكون متعين واقعا ولكن من حيث تعلق العلم الإجمالي به فهو الأحد لا بعينه القابل للصدق على هذا وعلى هذا.

ولكن يظهر من كلمات صاحب الكفاية في حاشيته على المكاسب ج 1 ص 128 أو في كتاب الوقف ص 10 في مسالة ”هل يصح الوقف على المردد أو لا“ ظاهر كلماته انه يدعي أنّ متعلق العلم الإجمالي في واقعه متردد أي أن متعلق العلم الإجمالي في واقعه احدهما لا بعينه، ولذلك قال في هذين الكتابين قد يكون متعلق العلم الإجمالي مما لا تعين له حتّى في علم الله كما لو علم المكلف احد الانائين نجس وكان في الواقع كلاهما نجس فإذا كان في الواقع كلاهما نجسا فهذه المقالة احدهما نجس مما لا تعين لها حتّى في علم الله لأنّه في علمه نجاسة الأحد لا كليهما.

والجواب الثاني: عما أشكل به المحقق الاصفهاني، دعوى أن متعلق العلم الإجمالي احد الطرفين لا بعينه بحيث لا تعين له حتّى في علم الله حتّى لو لم يكن كلا الانائين بل كان النجس احدهما بدعوى أن مدعى صاحب الكفاية أن الفرق بين العلم الإجمالي أو تفصيلي ليس في العلم، بان يقال العلم الإجمالي قاصر بالنسبة للعلم التفصيلي إذ تارة ندعي ان الفرق بين العلمين يرجع إلى الفرق في ذات العلم فالنسبة بين العلم الإجمالي والتفصيلي نسبة الأقل والأكثر فلا فرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي في المتعلق بل متعلقهما واحد وهو فرد متعين واقعا إنما العلم التفصيلي انكشاف تام لذلك الفرد المعين بينما العلم الإجمالي انكشاف ناقص فالفرق بينهما في ذات العلم أي في درجة الانكشاف لا في المعلوم وهو المتعلق وإلا فالمتعلق واحد، بينما الاتجاه الآخر هو ما سلكه الآخوند من أنّ الفرق بين العلم الإجمالي التفصيلي في المتعلق وإلا ذات العلم واحد فكلاهما انكشاف تام لمتعلقه إلا أنّ المتعلق للعلم التفصيلي احدهما بعينه والمتعلق للعلم الإجمالي احدهما لا بعينه فالفرق في المتعلق لا في ذات العلم.

والفرق بين المسلكين انه إذا علمت إجمالا بنجاسة احد الانائين ثم فحصت ودققت فعرفت أن الإناء الأبيض نجس فهل يصح وجدانا أن أقول هذا الذي علمت بنجاسته قبل ساعة أم تقول ما علمت به قبل ساعة نجاسة احدهما وما علمت به الآن هو علم آخر وهو نجاسة الإناء الأبيض فالذي يصر عليه المحقق العراقي هو الأول الفرق في درجة الانكشاف، وبينما ما يراه الآخوند هو الثاني، هو أن هناك علمان علم بنجاسة الأحد وعلم بنجاسة الإناء الأبيض فهناك متعلقان.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 1
الدرس 3