الاختيار وقاعدة الوجوب
علي مغنية - 13/03/2015م
بسم الله الرحمن الرحيم

إلى سماحة العلامة السيد منير الخباز دامت بركاته،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد تتبع لمسألة الاختيار وكيفية التوفيق بينها وبين قاعدة الوجوب، أحببت أن أستفيد منكم بعد كوني لم أجد الجواب الشافي في ما اطلعت عليه من الكتب.

ٍسلمت بأن الفعل الجوانحي، فضلًا عن الجوارحي، يكون اختياريًّا لمكان نسبته إلى الفاعل المتصف بالاختيار الذاتي. «كما يذهب إليه الإمام الخميني قده والإمام الخوئي قده»

وسلمت كذلك بأن هذا الفاعل المختار يوجِب - بالكسر - تلك الأفعال فتكون الأفعال صادرة عن وجوب. «كما يذهب الإمام الخميني قده ويبينه العلامة السبحاني دامت بركاته»

ولكن ما هو تفسير الخلاقية الذاتية، في كل مورد مورد، التي هي وراء إيجاب الأفعال؟ هل تنخرم قاعدة الوجوب في تلك الخلاقية الذاتية؟ أم لا بد من تفسير الاختيار بمعنى آخر غير الفهم الساذج العرفي؟

لقد حاول بعض الأعلام كالشهيد السيد الصدر قده تقريب أن النسب ليست منحصرة بالوجوب والإمكان بل هناك نسبة أخرى هي نسبة السلطنة، وهي كفيلة بالتفسير. ولكن الإشكال في ذلك واضح، إذ لم تنسد أبواب العدم.

هل هناك تقريب لتفسير الخلاقية الذاتية بما لا يخرج عن قاعدة الوجوب؟

أسألكم الدعاء.
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الشهيد الصدر قدس سره لا يرى أن هذه المقولة  وهي أن الشيء ما لم يجب لم يوجد  قاعدة عامة تشمل الأفعال الاختيارية، بل يرى بأن هذه القاعدة خاصة بالعلل الموجبة التي يكون المعلول فيها مرتبة من وراتب وجود العلة بحيث إن للعلة وجودا تشكيكياً ذا مراتب متفاوتة، ومن مراتبه أنه إذا تمت الشرائط وفُقدت الموانع كانت العلة فياضة بالمعلول، فخلاقية العلة للمعلول مرتبة من مراتب وجود العلة، وهذا إنما يُتصور في العلل الموجبة، وأما العلل الاختيارية فهي ما كانت متقومة بالاختيار، والاختيار هو عبارة عن السلطنة، ولا يُتصور معنى للسلطنة بنظر السيد الشهيد مع لزوم صدور الفعل حتى لو تمت شرائطه وفقدت موانعه؛ فإنه لا يجب وجوده، نعم قد يجب وجوده بالغير لا من ناحية تمامية علته بمعنى استجماعها لشرائطها، كما لو فرضنا أنه لو دخل في الفعل لم يمكنه الرجوع؛ فإن وجوب وجود الفعل حينئذٍ لا من جهة تمامية العلة، بل هو مستند لعامل آخر، فلأجل ذلك ليس ما ذكره السيد الشهيد توفيقاً بين هذه المقولة  وهي إن الشيء ما لم يجب لم يوجد  وبين كون الأفعال الاختيارية متقومة بالسلطنة، كما حاول الإمام الخميني أن يوفق بين الأمرين بأن يقول إن الفعل الاختياري مما يجب بالاختيار، ولكن السيد الصدر يرى أن الأفعال الاختيارية خارجة موضوعاً وتخصصاً عن هذه المقولة، فراجع تقريراته «بحوث في علم الأصول، ج2، ص36».

ويظهر أن لكلام السيد الشهيد قدس سره بذرة وجذورا في كلمات سيدنا الخوئي قدس سره في أصوله في المحاضرات في بحث الطلب والإرادة.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك