جدتنا فاطمة حجة علينا
الحوراء - 14/04/2014م
قال الإمام الحسن العسكري : نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة علينا.

ماهي دلالات هذه الرواية الشريفه؟
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

تحدثت عن هذه الرواية في بعض المحاضرات، وأذكر لها هنا في المقام بعض المعاني:

المعنى الأول: إن المراد بحجية الزهراء على الأئمة هو حجيتها في بعض العلوم التي لم تصل إلى الأئمة إلا عن طريق فاطمة الزهراء ؛ حيث ورد في الروايات الصحيحة أن الزهراء بعد وفاة النبي أصابها غم وهم شديدان فنزل ملك يُسليها، وبعض هذه الروايات تذكر أن المعلومات التي كان يحدث الملك بها فاطمة الزهراء هي معلومات تاريخية، بمعنى أنه كان يخبرها عمّا سيكون لأبنائها وذريّتها إلى يوم القيامة، وبعض الروايات ظاهرها أن هذه المعلومات كانت علم تأويل القران، فكما أن تنزيل القران وقع في قلب النبي ، فقلبه معدن التنزيل، فكذلك تأويل القران وقع في قلب الزهراء ، فقلبها معدن التأويل، ثم انتقل علم التأويل إلى الإمام علي عن فاطمة ومنه إلى بقية الأئمة الطاهرين عليهم الصلاة والسلام، فأصبحت الزهراء حجة على الأئمة؛ لأنها المصدر لهذا العلم الضروري لمقام الإمامة ألا وهو علم تأويل القران.

المعنى الثاني: إن هذه الرواية تتعلق بعالم الأنوار، بمعنى أنه عندما خلق الله نوري النبي والإمام علي وهما أول نورين خلقهما الله عز وجل أودع في هذين النورين جميع مظاهر أسمائه وصفاته جل وعلا، فأصبح النوران مظهراً لأسمائه وصفاته، ثم جمع النورين في البتول صلوات الله وسلامه عليها فكانت مجمعاً لنور النبوة ونور الإمامة، ثم خلق الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم فأطلعهم على نور فاطمة، فكان نور فاطمة مظهراً لأسماء الله تعالى وصفاته بالنسبة للأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلذلك عندما يقول الإمام الحسن العسكري «وفاطمة حجة علينا» فإن معناه أن نورها كان حجة علينا بلحاظ مظهريته لأسماء الله وصفاته منذ عالم الأنوار، وتدرج إلى عالم الملكوت، ثم تدرج إلى عالم المادة.

المعنى الثالث: إن معنى حجية الزهراء على الأئمة هو أن الله تبارك وتعالى احتج بها على الأئمة قبل أن يحتج بها على الخلق.

وبيان ذلك: إن حجية الحجة على قسمين:

قسم تكون حجيته بين الله وبين خلقه، كما في سائر الأنبياء، حيث احتج الله بآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى على الخلق.

وقسم آخر من الحجية أوسع من ذلك وأعمق، وهو حجية النبي والأئمة المعصومين ؛ حيث إن الله احتج بهم على الرسل والأنبياء قبل أن يحتج بهم على الخلق، وهذا شاهد على عظمة حجيتهم وأنها حجية احتُجّ بها على الأنبياء والرسل قبل أن يُحتج بها على الخلق.

فهنا أراد الإمام الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليه أن يقول: إن لفاطمة درجة من الحجية بحيث احتج الله بها على الأئمة المعصومين قبل أن يحتج بها على الخلق.

فهذه الدرجة من الحجية نالتها السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ولم ينلها أحد من الأئمة الطاهرين صلوا تالله وسلامه عليهم أجمعين إلا النبي المصطفى محمد .

ولا يستلزم ذلك أن تكون الزهراء أفضل مطلقاً ومن سائر الجهات من الأئمة المعصومين، بل هي أفضل منهم في هذه الجهة، بينما الإمام علي الذي عبر عنه القران الكريم بأنه نفس النبي حيث قال ﴿وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ، وقال النبي «علي مع الحق والحق مع علي» يُظهر أن علياً أفضل الخلق بعد النبي قاطبة، فالأفضلية المطلقة غير الأفضلية من جهة من الجهات.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك