أسئلة حول بشرية القرآن الكريم
شبكة المنير - 24/09/2018م
1 ما هو المعنى الصحيح لوصف النبي بالأميّة؟


2 ذكرتم أنّ العتاب المذكور في القرآن للنبي عند الإمامية مجازي ومن باب المراد الاستعمالي لا الجدي، وهذا يستلزم رجوع الإشكال، وهو أنّ من المحتمل أن يكون ذلك من صنع الرسول لإبراز أنه يحاسب نفسه، وكذلك الآيات التي تنص على بشريته .


3 ذكرتم أنّ القرآن لم يسبغ صفة القداسة على الرسول ، أليس قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} صفة قداسة؟ وكذلك قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.


4 ذكرتم من الردود على فكرة اكتساب النبي من كتاب العهدين أنه لم يكن يعرف اللغة العبرية والسريانية واليونانية، وهذا لا ينسجم مع علمه بما كان وما يكون وعلمه بسائر الملابسات.
الجواب

1 للأمي عدة معانٍ، منها: من هو على فطرته في أفكاره، ومنها: المنتسب لأم القرى، ومنها: من لم يقدر على القراءة والكتابة، ومنها: من لم يمارس القراءة والكتابة، والظاهر هو الأخير؛ استفادةً من قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ.

2 إنّ ظاهر هذه النصوص القرآنية هو العتاب الحقيقي، وإنما حملناها على الشفقة والرأفة الإلهية لثبوت العصمة المطلقة بالأدلة التامة، فلذلك من يرفع يده عن الظهور الأولي لها لا يكون له مبرر إلا إذا آمن بالنبوة والعصمة المطلقة، ومن لم يؤمن بهما فالظهور الأولي دليل بالنسبة له يثبت عدم بشرية القرآن واستناده لصنع النبي ، والنتيجة أن الإشكال غير وارد لا عند المؤمن بالعصمة المطلقة، لأن النبوة ثابتة لديه، فمقتضى ذلك كون القرآن وحيًا من الله، ولا عند المنكر لأن العتاب الحقيقي الجدي لا يصدر من قبل الشخص الحكيم لنفسه.

3 هنا أمور:

أوّلًا: إنّ الغرض من هذا البيان هو إلزام غير المسلمين بكون القرآن إلهيًا لا بشريًا مستندًا لصنع الرسول ، وإلا فما ورد في حق الرسول في الكتاب وافٍ بكونه هو المظهر الأتم الأكمل للباري تعالى في صفاته الكمالية.

ثانيًا: إنّ القرآن الكريم ذكر بعض الأنبياء بوصف قد يوهم الذم، كما في التعبير عن آدم بالمعصية، وعن موسى بالخطأ، وكل ذلك من باب مخالفة الأولى، أو تدريب عملي على أكمل الدرجات بحسب القرينة الارتكازية.

ثالثًا: إنّ القرآن وصف بعض الأنبياء بأوصاف عظيمة قدسية لا ترتبط بالنبوة، كالتعبير عن عيسى بأنه روح الله وكلمته، وأن موسى هو المصطنع من قبله تعالى، لذلك فالمقصود بوصف القداسة في تعبيري أن القرآن الذي وصف النبي بأنه على خلق عظيم لم يصف النبي بالأوصاف التي ذكرها لغيره من الأنبياء، وهي كل وصف قدسي خارج إطار الرسالة وما يتفرع عليها من لوازمها الجعلية أو العقلية أو العرفية، لأنه لا شك في أن النبوة الخاتمة التي أثبتها القرآن للرسول من لوازمها كون رسالته رحمة للعالمين العقلاء، وأن ولايته ثابتة على الأنفس فضلًا عن غيرها، وأنه البشير النذير السراج المنير، وأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه صاحب الفضل على الأمة، حيث قال في حقه: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ، فكل هذه المقامات الشريفة متفرعة على نبوته وولايته ، وليست وصفًا خارجًا عن إطار الرسالة.

4 إنّ ما نعتقده نحن الإمامية أنّ الرسول محمّدًا هو قطب الحقيقة المحمدية التي هي مرآة الجلال والجمال الإلهيين، وهي أم الكتاب التي من تجلياتها القرآن الحكيم بمحكمه وتفصيله بنحو الشهود اللدني لا الاكتساب الحسي، وهذا ما أشار إليه الذكر في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ، لكننا في مقام الاستدلال على إلهية القرآن وعدم استناده لإنشاء الرسول مقابل من يفترض ذلك ننظر إلى أمرين:

الأول: إنّ المخاطَب - سواءً كان ربوبيًا لا يعترف بدين، أو غير مسلم، أو مسلمًا متأثرًا بالفكر القائل بأنّ النبوة كالشعر والمهارة الأدبية - لا يعترف للرسول إلا بالإنسانية، التي تعني عدم القدرة على القراءة والكتابة، وعدم القدرة على إتقان مهارات اللغات بنفسه، ما لم يكتسب ذلك عن طريق التعلم الحسي المادي.

الثاني: بما أننا متفقون مع الطرف المقابل على أنّ الرسول لم يكتسب اللغات ولا مهارة القراءة والكتابة بطريق حسي مادي بحسب معطيات التاريخ، فلنا إلزامه بعدم استناد القرآن لإنشاء الرسول ، لأن إنشاءه يقتضي اطّلاعه المادي الاكتسابي على كتب العهدين، وهو مما ينفيه التاريخ، إما لعدم ترجمتهما للعربية في زمانه، أو لعدم اكتسابه الحسي للغات الأخرى.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك