هل يوجد روايه من الأمام المعصوم عليه السلام تنص على الخمس
ألسيد انور هاشم الشريف - المدينه المنوره - 27/06/2014م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

سيدنا، في وصية الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف إلى السفير الرابع علي بن محمد السمري رضوان الله عليه لم يتطرق الامام إلى أن يقوم المؤمنين بتسليم الخمس إلى العلماء. لأنه ظهر علينا في الأونه الأخيره مشائخ يخبرو بأنه لاتوجد روايات تتعلق بأن يستلم المرجع أو الوكيل للخمس.

نود منكم سيدنا توضيح هذا الأشكال الحاصل.

ورحم الله والديكم سيدنا...
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الجواب:

أولاً: إن الأئمة الطاهرين ومنهم الإمام الجواد والإمام الهادي قد نصبوا الوكلاء من قبلهم لقبض الخمس، كعلي بن مهزيار وأبي علي بن راشد، وغيرهما من وكلاء الأئمة، فيستفاد من هذا العمل أن الحاكم الشرعي من شأنه أن ينصب الوكلاء لقبض الأخماس ليقوم بصرفها في مصارفها كما كان الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين يقومون بذلك باعتبار أنهم مصداق الحاكم الشرعي في أزمنتهم.

وثانياً: لم يدّعِ أحد من علمائنا أن هناك روايات تدل على تسليم الخمس للعلماء، وإنما الذي ذكره علماؤنا وفقهاؤنا أن التصرف في الحق الشرعي من الأمور الحسبية والمقصود بالأمور الحسبية أن كل عمل نقطع بأن الشارع يريده ويطلبه، ولكن هذا العمل من جهة أخرى يحتاج إلى ولاية لأنه تصرف في شأن من شؤون الغير، فهذا ما يسمى بالأمر الحسبي، فمثلاً التصرف في أموال الأوقاف، أو التصرف في أموال القُصّر من الصغار والمجانين أمر يطلبه الشارع؛ لأن تجميد الأموال وحبسها من دون التصرف فيها بصرفها في مواردها مما لا يرضاه الشارع قطعاً، فالتصرف في أموال الأوقاف بصرفها في مواردها أو التصرف في أموال القصر من الصغار والمجانين بصرف هذه الأموال عليهم أمر مطلوب شرعاً، ولكن في نفس الوقت إن هذا التصرف ليس تصرفاً في مال الإنسان نفسه كي لا يحتاج إلى اذن من أحد ولا ولاية من أحد بل هو تصرف في مال الآخرين، سواء كان الآخرون جهات عامة كالأوقاف على الفقراء أو العلماء، أو كان الآخرون أشخاصاً كالقُصّر مثلا، فالتصرف في أموالهم وإن كان مطلوباً شرعاً إلا أنه يحتاج إلى ولاية لأنه تصرف في أموال الغير، فبما أنه يحتاج إلى ولاية، إذن فالشرع المقدّس نصب ولياً تؤخذ اذنه في التصرف في هذه الأمور، فإذا تأملنا وتسائلنا: من هو ذلك الولي الذي تؤخذ إذنه في التصرف في أموال الآخرين إذا كان التصرف مطلوباً شرعاً؟ فسوف نجد أن المصداق المتيقن للولي هو الفقيه الجامع للشرائط؛ والسر في ذلك أن الفقيه الجامع للشرائط هو الأعرف بمصارف هذا المال.

وهذه القاعدة هي التي نطبقها على الحق الشرعي بأن نقول: الحق الشرعي ملك للإمام ، وملك للسادة الفقراء، فبما أن الحق الشرعي سهمان: سهم للإمام ، وسهم للسادة الفقراء، فلا يجوز للإنسان الذي تعلق الخمس بأمواله أن يتصرف ابتداء بما هو ملك للإمام أو هو ملك للسادة الفقراء، فإن هذا تصرف في أموال الآخرين، وهذا التصرف وإن كان مطلوباً شرعاً بأن يأخذ الإنسان سهم الإمام ويصرفه فيما يرضي الله، أو يأخذ سهم السادة ويسلمه للسادة الفقراء، إلا أن أخذه من المال وصرفه في مورده تصرف، وبما أن هذا التصرف تصرف في مال الغير فيحتاج إلى إذن وولاية، وبما انه يحتاج إلى إذن وولاية فالمصداق المتيقن للولي في هذه الموارد هو الفقيه الجامع للشرائط.

فما ذكره فقهاؤنا من استئذان الفقيه الجامع للشرائط في التصرف في الخمس هو مبني على هذه القاعدة العقلية التي ذكرناها، لا أنه مبني على روايات كي يقال بأنه لا توجد روايات عندنا فلم يدعِ أحد من الفقهاء بأن هناك روايات تصرح بهذا الأمر، أو أن الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ذكر لسفرائه هذا الأمر كي يشكل على العلماء بأن هذا ليس أمراً موجوداً في الروايات.

مضافاً إلى أن بعض فقهائنا لا يفتي بذلك، فليس كل الفقهاء يفتون بلزوم استئذان الفقيه الجامع للشرائط، وإنما بعض فقهائنا كالسيد الخوئي والسيد السيستاني يقولون: الأحوط وجوباً مراجعة الفقيه الأعلم أي الأعرف بمصارف الحق الشرعي المطّلع على الجهات العامة، فما يطرحه السيدان العلمان هو استئذان الحاكم الشرعي لا على سبيل الفتوى بل على سبيل الاحتياط الوجوبي.

مضافاً إلى أن المُستأذن هو الفقيه الأعلم بشرط أن يكون خبيراً بالجهات العامة أي خبيراً بالمصالح العامة للمجتمع الإسلامي بحيث يكون مقتضى خبرته أن يضع هذه الحقوق الشرعية في مواضعها.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك