شبهة في الله
loaay - K.S.A - 26/02/2014م
سماحه السيد تحيه طيبه
هناك من يشكل ان الله محتاج لنا من الحديث : كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف، هذا يعني ان الله جلا وعلى قد احتاج لنا لكي يعرف فخلق الخلق فكيف نرد على من اشكل علينا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
لابد هنا من ذكر أمور ثلاثة:
الأمر الأول: إن الفاعل الكامل لا يحتاج في فعله إلى الغاية، بل غايته مقتضى كماله، فمثلاً الكريم بطبعه عندما يصدر منه الكرم فإنه لا يصدر منه لغاية؛ حيث إن كرمه ذاتي له فلا يحتاج في إبراز كرمه إلى غاية، بل غايته هي مقتضى كرمه، أي أن مقتضى كرمه أن يُكرم، لا أن له غاية وراء إكرامه، وكذلك الأم التي تحن على طفلها فإن إبراز الحنان على الطفل لا لغاية أو حاجة عندها في إبرازه، بل ظهور حنانها هو مقتضى أمومتها، ولذلك يقال «الفاعل الكامل لا يستكمل بغايته» ومعنى ذلك أنه لا يحتاج إلى الغاية وإنما غاية فعله هي مقتضى كماله، وهذا ما ينطلق على الباري سبحانه وتعالى، فالله تبارك وتعالى لمّا كان جواداً فيّاضاً كان مقتضى كماله ظهورُ جوده وفيضه، لا أن له غاية وراء فيضه وجوده، بل ذلك هو مقتضى كمال ذاته فإن من الكمال ظهور الكمال؛ حيث إن ظهور الكمال صورة من صور الكمال، ولذلك مقتضى كماله تبارك وتعالى ظهور جوده وفيضه وعطائه لا لحاجة منه وراء ذلك.
الأمر الثاني: إن التعبير بـ«أحببت» غير التعبير بـ «احتجت»، والحديث لم يقل «كنت كنزاً مخفياً فاحتجت أن أعرف»، بل قال «كنتُ كنزاً مخفياً فأحببتُ أن أعرف»، ومن الواضح أن الحب نوع من التفضل، ونوع من الامتنان، وليس لوناً من ألوان الحاجة، كما يقول الأب أحببتُ ولدي فأعطيته كذا، وتقول الأم أحببتُ ولدي فوهبته كذا، فإن الحب نوع من الإحسان والامتنان وليس نوعاً من الحاجة.
الأمر الثالث: إن مفاد هذا الحديث الشريف هو أن الله تبارك وتعالى حيث اقتضت إرادته ومشيئته أن يتفضل على هذا الوجود كله بأن يسوقه إلى الكمال؛ لذلك تجلّى الله إلى خلقه بأسمائه وصفاته وكان تجليه تبارك وتعالى بأسمائه وصفاته لخلقه طريقاً يقود به الخلق إلى الوصول إلى الكمال؛ حيث قال عز وجل ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.
السيد منير الخباز
أرسل استفسارك