كيفية قراءة المعصوم لكتاب الله
حسين الموسى - 25/11/2014م
السلام عليكم سيدنا المنير

أسعد الله مساؤكم وزادكم علما ونورا وأدبا

سيدنا ورد عن الإمام السجاد «لو مات من بين المشرق والمغرب مااستوحشت بعد أن يكون القرآن معي»

استفسار: كيفية قراءة المعصوم لكتاب الله، هل هي قراءة تعبدية أم قراءة لزيادة علمه، أم لذكرى كما المؤمن العامي مع ملاحظة أن الإمام عدل القرآن أقصد هل يحتاج لزيادة علمه من القرآن وهو عدله وهل يحتاج لذكرى مع أن الله حاضره لا يغيب عنه «علاقة فنائية مع الإله» أم ماذا؟

وشكرا
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

إن ما يحتمل من معنى الحديث ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أن يكون منظور الإمام بيان دور القران بالنسبة إلى المؤمن، فهو لا يتحدث عن نفسه، وإنما يتحدث عن شأن المؤمن؛ فإن شأن المؤمن أن يكون أنسه بذكر الله عز وجل، كما ورد عن الإمام علي ”إنه لا يزيدني اجتماع الناس حولي أنساً، ولا تفرقهم عني وحشاً“ فبما أن شأن المؤمن أن يكون أنسه بذكر الله لا بالروابط الدنيوية، والقران الكريم هو مصدر ذكر الله عز وجل، فمقتضى ذلك أن من كان معه القران كان أنيساً لا يشعر بوحشة، فلأن الإمام في مقام بيان ما يناسب شأن المؤمن فلذلك ذكر هذا المعنى لا أنه يتحدث عن نفسه بما هو إمام معصوم.

الوجه الثاني: إن الإمام وإن كان هو القران الناطق وهو العالم بكنوز القران وأسراره، وجميع دقائقه كما هو في الكتاب المكنون، لا كما هو المكتوب والمقروء، كما في قوله عز وجل ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، حيث إن ظاهر الآية أن الإمام المعصوم  وهو المطهر من الخطأ الفكري والسلوكي مطلع ومكتشف للقران وهو فيا لكتاب المكنون، ولكن كما أن الإمام المعصوم نور  كما صرحت بذلك الزيارة الجامعة الكبيرة وغيرها «خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين»  كذلك القران نور أيضاً كما نطق به القران نفسه، فبما أن القران نور فالإمام يقول: إنني لا يمكن أن تعرض علي وحشة ما دام نوري ممتزجاً بنور القران، وما دام نوري مقترناً بنور القران، فالقران وإن كان هو الكتاب الصامت إلا أنه في حد ذاته نور مشعشع في عالم الملكوت، ومقتضى انضمامه لنور الإمام أن الإمام يصرح بأنه لا يمكن أن تعرض عليه وحشة لاجتماع النورين.

الوجه الثالث: أن يقال بأن منظور الإمام هو بيان جامعية القران لكل ما في الدنيا؛ حيث ذكر القران الكريم نفسه ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ومقتضى هذه الآية المباركة أن هذه الدنيا بما فيها من أطوار ونعم وفنون من مظاهر قدرة الله وإبداعه جل وعلا، فهي كلها مختصرة فيا لقران الكريم، ففيه إشارات ورموز تضم هذه الدنيا بأسرها، فلذلك لو فنيت الدنيا بأسرها لم يكن هناك مجال لأن يجزع الإنسان أو يستوحش من أنه لا يرى الدنيا أمامه ما دام القران حاضرا معهن وفي القران تبيانٌ للدنيا بجميع إسرارها ومظاهر القدرة الإلهية فيها.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك