إشكال علمي على رواية المناظرة بين الصادق عليه السلام و الطبيب الهندي
مقداد - 31/01/2015م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعلم أن الآية المباركة في سورة الطارق {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} يقصد بها المني، وهو أنه عند الوصول إلى الرعشة المني يغادر الخصية ويذهب إلى داخل الجسم ويخلط بمواد أخرى ثم يخرج من المستقيم في مدة قصيرة، والآية تطابق قول العلم الحديث 100% بلا إشكال.

ولكن، عند اطلاعي على مناظرة الإمام الصادق بالطبيب الهندي أُصبت بالدهشة بل حتى الشك والعياذ بالله في عصمته. هذا هو الجزء الذي فيه إشكال: ”وجعلت الكلية كحب اللوبياء لأن عليها مصب المنى نقطة بعد نقطة فلو كانت مربعة أو مدورة لاحتسبت النقطة الأولى إلى الثانية فلا يلتذ بخروجها إذا المني ينزل من فقار الظهر إلى الكلية وهي تنقبض وتنبسط وترميه أولاً فأولاً إلى المثانة كالبندقة من القوس“

الأسئلة:

س1/ المني حسب العلم الحديث المشاهد من الأجهزة الحديثة لا علاقة له بالظهر، بل حتى الآية الكريمة تقول {مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} وليس من الصلب، فكيف يعقل أن يقول الإمام هذا؟

س2/ الكلية تؤثر على جودة المني حسب العلم الحديث، ولكن هي متصلةٌ بالبندقة «bladder» لتنقية الدم من البول، إنتاج المني لا يدخل في هذين العضوين، فكيف يعقل ان يقول الامام هذا؟

س3/ هل الرواية قطعية الصدور؟ هذا مستحيل لأنها مخالفة تماماً للعلم الحديث المشاهد وما هو سندها؟
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الجواب عن ذلك

أولاً: إن المشار إليه في الآية ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ، ليس هو المادة المنوية بل المشار إليه في المادة هو الجنين حيث قال تبارك وتعالى ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ «5» خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ «6» يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ، فالفاعل للفعل «يخرج» هو «الإنسان»، أي أن الإنسان بعد تكونه من المادة المنوية يتشكل جسمه في الرحم، والرحم بين الصلب والترائب، فالفاعل لكلمة «يخرج» هو الإنسان المتكون من الماء لا الماء نفسه؛ حيث قال تعالى ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ فأشار أولاً إلى منشأ خلقه، ثم أشار إلى وعاء خلقه، فأرادت الآية المباركة أن تدل على نعمتين من نعم الله - عز وجل تعالى -، فالنعمة الأولى هي المادة المنوية، والنعمة الثانية هي وعاء الخلق حيث إن الإنسان يتشكل جنيناً في الرحم، والرحم بين الصلب والترائب.

ولو فرضنا أنَّ الآية ناظرة للماء فإن مفادها أن مصدر الماء هو موضع بين الصلب والترائب، لا أن الماء نفسه يخرج من بين الصلب والترائب، وإنما مصدر خروج هذا الماء ومنبع خروجه موضع بين الصلب والترائب.

وثانياً: إن الرواية لا طريق لتصحيح سندها حتى يُبنى عليها.

ولو صحَّت فإنَّ الإمام المعصوم أحياناً قد يستخدم بعض العلوم الشائعة في زمانه - وإن لم تكن صحيحة -؛ من أجل إلزام الطرف الآخر، وهو ما نعبر عنه بقاعدة الإفحام والإلزام، فمثلاً ما رود عن الإمام علي أنَّه احتجَّ على معاوية بالشُّورى حيث قال لمعاوية: ”وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى“ [1] ، مع أن الإمام علي لا يعتقد بمبدأ الشورى، وإنما الخلافة هي بالنص الإلهي، ولكن لأن معاوية يعتقد بذلك فأراد أن يفحمه ويلزمه بما يعتقد به، والإمام هنا أراد أن يفحم الطبيب الهندي بما يعتقد به حيث إن الطبيب الهندي يعتقد بصحة المعلومات الطبية الشائعة في زمانه، فأراد الإمام أن يقربه إلى الله عز وجل بالمعلومات التي يعتقد بصحتها وإن كان الإمام لا يراها معتقدات صحيحة.

السيد منير الخباز
[1]  بحار الأنوار، ج33، ص77.
أرسل استفسارك