نص الشريط
الدرس 26
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 13/12/1435 هـ
تعريف: حقيقة العلم الإجمالي
مرات العرض: 2809
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (577)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

كان الكلام في ما افاده المحقق العراقي قدس سره في نهاية الافكار ج3 ص 280.

والاشكال الثاني والثالث اشكالان اثباتيان وهو ما يستفاد من عبائر سيد المنتقى في ج5 ص48، ومحصل الاشكالين انه بناءً على مبنى صاحب الكفاية فالعلم الاجمالي ليس منجزا اما لنكتة عدم احراز الموضوع او لنكتة شمول دليل الاصل العملي، فالاولى عبارة عن ان منجزية العلم الاجمالي فرع وصول الحكم الفعلي، فمع الشك في فعلية الحكم لم يحرز ان العلم الاجمالي وصول للحكم الفعلي وحيث لم يحرز ذلك فلا منجزية له.

والنكتة الثانية: ان مقتضى اطلاق ادلة الاصول الترخيصية وعدم المانع من شمولها لمورد العلم الاجمالي حيث ان موضوع شمولها هو الشك المعبر عنه بمرتبة الحكم الظاهري، وحيث ان الشكّ موجود في طرفي العلم الاجمالي كانت ادلة الاصول شاملة لمورد العلم الاجمالي، ومقتضى شمولها رفع الحكم الفعلي، اذ العلم الاجمالي انما يكون منجزا لو كان المعلوم بالاجمال حكما فعليا، ولكن مقتضى اطلاق دليل الاصل العملي عدم كون الحكم فعليا لان مفاد دليل الاصل العملي الترخيص في كل طرف ولا يعقل الترخيص مع كون الحكم فعليا، اذ لايعقل ان يرخص الشارع فيما تعلقت بهارادته على نحو اللزوم اذن بما ان الدليل قام على الترخيص في اطراف العلم الاجمالي لوجود المقتضي وتمامية الشرط فمقتضى قيام الدليل على الترخيص ان الحكم الواقعي ليس فعليا اذ لايجتمع الترخيص مع فعلية الحكم فيستفاد من دليل الاصل العملي كدليل البراءة ان لافعلية للحكم المعلوم فاذا لم يكن فعليا لم يكن منجزا.

فبما ان هذين الاشكالين يرجعان الى اشكال اثباتي، فلابد من البحث في مقام الاثبات فهنا ملاحظتان على كلام سيد المنتقى:

الأولى: ان كل ما اراده سيد المنتقى هو ان يلزم صاحب الكفاية بان يقول بعدم منجزية العلم الاجمالي ولا بأس بذلك فمن الممكن لصاحب الكفاية ان يلتزم بعدم منجزية العلم الإجمالي، فان احرز ان الحكم الواقعي فعلي من دليل آخر كان هو المنجز والا فنفس العلم الإجمالي ليس منجزا.

وهذا الجواب عن كلام سيد المنتقى يجتمع مع عبارة الكفاية في باب الاشتغال، لامع عبارته في باب حجية القطع فانه في باب الاشتغال افاد ان المدار على الحكم الواقعي فان كان فعليا كان منجزا والا فالعلم الاجمالي به لااثر له حتّى بنحو الاقتضاء فضلا عن العلية التامة.

فعلى ضوء عبارته في باب الاشتغال يمكن ان يقال لايرد عليه اشكال سيد المنتقى لأنّه يمكن ان يقول انا التزم بذلك أي عدم منجزية العلم الاجمالي.

ولكن اذا نظرنا الى عبارته في باب حجية القطع فان ظاهرها ان العلم الاجمالي مقتض للتنجيز من حيث حرمة المخالفة القطعية وهذا يتنافى مع الغاء اقتضائه للتنجيز مطلقاً اذا لم يكن الحكم فعليا.

وقد حاول سيد المنتقى نفسه ان يجمع بين العبارتين لكي لايرد اشكال التهافت على عبائر الكفاية، فقال عندما يقال مقتضي، ان عنوان المقتضي يحتمل معنيين المعنى الاول ما يكون مؤثرا لو لم يمنع مانع، كان نقول ان النار مقتض للإحراق ما لم يمنع مانع.

والمحتمل الثاني ان المراد من المقتضي ما له قابلية التأثير لو ارتفعت الموانع، مثلاً ان نقول بانّ الهواء الحار مقتض للمرض احيانا بمعنى ان فيه قابلية التأثير لا انه مؤثر بالفعل لو ارتفع المانع.

فلعل مقصود صاحب الكفاية عندما قال في باب القطع ان العلم الاجمالي مقتض للتنجيز من حيث حرمة المخالفة القطعية ان يقصد بذلك المعنى الثاني يعني ان العلم الاجمالي فيه قابلية لان يكون منجزا وليس مثل الشك الذي لاقابلية له لاانه يريد ان العلم الاجمالي تام التأثير ما لم يمنع منه المانع، فاذا جاء هذا المعنى التقى مع عبارته في بحث الاشتغال حيث قال ان كان الحكم الواقعي فعلياً من تمام الجهات كان العلم الاجمالي منجزا على نحو العلية التامة لوجوب الموافقة القطعية فضلا عن حرمة المخالفة القطعية لالأجل العلم نفسه بل لان الحكم الواقعي فعلي، واما اذا لم يكن فعلياً فهو لااثر له، فلا اثر له وكونه مقتضيا يجتمعان بتفسير الاقتضاء بمعنى القابلية.

ولكن يرد عليه ان مصطلحهم في المقتضي في باب البحث عن المنجزية في القطع التفصيلي والاجمالي هو المعنى الاول.

الملاحظة الثانية على كلام سيد المنتقى: ان يقال بما ان البحث اثباتي فلنرجع الى مقام الاثبات فنسال هل لدينا دليل اثباتي يدل على ان الحكم الواقعي فعلي في فرض العلم الإجمالي ام لا؟ لان البحث اثباتي فهل هناك دليل يدل على ذلك ام لا؟

والسؤال الثاني على فرض وجود دليل يدل هل ان دليل الاصل العملي حاكم عليه معارض له محكوم به فلدينا مطلبان اثباتيان:

المطلب الأول: هل يوجد دليل لفظي يدل على ان الحكم الواقعي فعلي في فرض العلم الاجمالي، وهذا ما ادعاه المحقق العراقي من ان ظاهر ادلة الاحكام كما اذا قال تجب الجمعة ويجب القصر على المسافر انّ مفادها ان الحكم فعلي في فرض وصوله ولو اجمالاً فهذه القضية مستفادة من نفس الادلة اللفظية ان الحكم فعلي في فرض وصوله ولو اجمالاً، فما هو الشاهد على هذه الاستفادة؟ حيث ان السيد الخوئي منع ذلك،

فليس مفاد تجب الجمعة الا بيان الحكم الواقعي اما ان هذا الحكم فعلي في فرض الوصول ولو اجمالا فلا شاهد على ذلك الا ان من ذهب هذا المذهب قال بقياس الخطابات الشرعية على الخطابات المولوية العرفية واذا رجعنا للخطابات المولوية العرفية حيث ان اغلب هذه الخطابات ناشئة عن ملاك يراد حفظه في فرض الوصول ولو اجمالا أي ان الملاك بحد من الاهمية يراد حفظه في فرض الوصول ولو اجمالا فبما ان هذه الخطابات العرفية غالبا ما تنشأ عن ملاك يراد حفظه في فرض الوصول الاجمالي اوجبت ظهورا في الخطابات العرفية في فعلية الحكم عند وصوله ولو اجمالا.

وبعد تنقح هذا الظهور في الخطابات العرفية فان المتركز العرفي يقيس ما يصدر من الشارع من خطاب على ما هو المعهود لديه من الخطابات العرفية ما لم ينص الشارع على خلافه.

وهذا ما ذكره الاعلام في بحث النواهي حيث قيل في بحث النواهي اذا تعلق النهي بالطبيعة كما اذا قال لاتكذب ولاتغتب هل المستفاد منه النهي عن صرف الوجود ام المستفاد منه النهي على نحو الاستغراق بمعنى ان كل كذب منهي عنه، فقالوا المستفاد هو النهي على نحو الاستغراق مع ان النهي متعلق بالطبيعي لابالطبيعي المسور بأدوات العموم فما هو وجه استفادة العموم الاستغراقي؟

فقالوا هناك بما ان الغالب نشؤ النهي عن ملاك في كل فرد فرد لانشؤه عن ملاك في صرف الوجود فلأجل غلبة كون النهي عند الموالي العرفيين ناشئة عن مفسدة انحلالية اوجب ذلك ظهور النهي في الحرمة على نحو العموم الاستغراقي مع انه يحتمل ان يكون النهي ناشئا عن ملاك في صرف الوجود فيقتضي حرمة صرف وجود الكذب فلو كذب اولا يحرم ولكن بعد ذلك يصير حلالا.

ولكن نشؤ النهي عن مفسدة انحلالية كان ظاهرا في العموم الاستغراقي، وحيث ان النهي العرفي ظاهر في ذلك قيس عليه النهي الشرعي، لان العرف يتلقى الخطابات الشرعية بما يتلقى به الخطابات العرفية.

كذلك في المقام وان كان نفس اللفظ لايدل على اكثر من بيان الحكم الواقعي الا ان غلبة كون الامر ناشئا عن ملاك بحد من الاهمية يراد حفظه حتّى في فرض الوصول الاجمالي اوجبت هذه الغلب ظهور الخطابات العرفي في ذلك وقيس عليها الخطابات الشرعية.

فبناءً على ذلك نقول لايرد الاشكال الثاني على كلام الكفاية والذي كان محصله اذا كان الحكم الواقعي مشكوك الفعلية اذا فلا منجزية للعلم الاجمالي فيقال هذا لو لم يقم دليل اثباتي على الفعلية اما وقد قام حيث ان ظاهر الخطابات هو ان الحكم فعلي في فرض الوصول الاجمالي قياسا على ما يفهمه العرف من الخطابات العرفية فلا مورد لهذا الاشكال.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 25
الدرس 27