نص الشريط
الدرس 29
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 18/12/1435 هـ
تعريف: حقيقة العلم الإجمالي
مرات العرض: 2514
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (788)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

ذكرنا فيما سبق الدليل على ان العلم الاجمالي منجز للجامع دون الاطراف. وانه مكون من مقدمتين:

الاولى: ان متعلق العلم الاجمالي هو الجامع. الثانية: ان المنجزية بمقدار العلم الاجمالي وذكرنا تعليقا على المقدمة الثانية مع المناقشة وتعليقا للسيد الشهيد «ق» على المقدمة الاولى، حيث أفاد أن لا فرق بين المسالك في حقيقة العلم الاجمالي من هذه الجهة. فعلى جميع السالك لم ينكشف الا الجامع وربما يورد على كلامه بان هذا انكار للمسالك الاخرى وليس تفريعا عليها. بيان ذلك:

ان السيد الشهيد عندما يقول: بناء على مسلك تعلق العلم الاجمالي بالواقع فان الصورة المعلومة بالإجمال تتضمن جزئين: جزءا مضيئا بحسب تعبير المقرر وهو الجامع وجزءا مظلما بمهما هو خصوصية الفرد، فلاجل ذلك لم ينكشف الا الجامع وبناء عليه فتجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان لمن يراها في بعض اطراف العلم الاجمالي بلا مانع. فيقال: أن هذا الكلام هو انكار لتعلق العلم الاجمالي بالواقع. وإرجاع له الى القول بتعلق العلم الاجمالي بالجامع وليس تفريعا فان السيد الشهيد بصدد التفريع.. اي ان مدعاه حتى على القول بتعلق العلم الاجمالي بالواقع وبالفرد فلم ينكشف الا الجامع، بينما بحسب تحليله يكون من هذا التحليل انكار تعلق الاجمالي بالواقع. وإرجاع له الى القول بتعلقه بالجامع. مضافاً الى ان هذا ما ذكر الاصفهاني «ق» من أن العلم الاجمالي مرجعه الى علم تفصيلي بالجامع وشك تفصيلي في الاطراف. وقد سبق مناقشة المحقق في مدعاه. ولكن هذا التعليق لا يرد على كلام السيد الشهيد «ق» والوجه في ذلك: ان السيد الصدر يقول: بناء على تعلق العلم الإجمالي بالواقع او بالفرد فصحيح ان الصورة المرتسمة في الذهن صورة جزئية لاقتران هذه الصورة باشارة الى الوجود الخارجي وهو وجود الاناء النجس من بين الإنائين مثلا. الا ان هذه الصورة الجزئية المقترنة بالاشارة الى موجود خارجي عندما ننظر اليها بما هي بسيطة وحدانية نرى انها مجرد علم بإناء نجس ضمن وجود خارجي لا نستطيع تمييزه. ولكن عندما نقوم بتحليل هذه الصورة ونعلن العقل في تجزئها وتبعيضها نرى انها تنحل الى صفحتين: صفحة واضحة وهي: وجود اناء نجس. المعبر عنه بالجامع. وصفحة خفية غامضة وهي: خصوصية ذلك الإناء. فليس المدعى ان ما هو المعلوم بدوا هو الجامع. وانما المدعى انه عند التحليل والتجزئة العقلية تنحل هذه الصورة من حيث الوضوح والخفاء الى عنصرين: عنصر واضح، وهو وجود اناء نجس. وعنصر خفي: وهو خصوصية ذلك الاناء النجس. وهذا اذا كان هو مدعى المحقق الاصفهاني كما سبق تحليله وهو صحيح ولا اشكال فيه، ولكن لاجل ان الخصوصية لم تنكشف انكشافا واضحا اصبحت موضوعا لكبرى قبح العقاب بلا بيان. بناء على التسليم في الكبرى. فهذا هو مدعاه «ق».

والنتيجة: ان ما افاده ق من التعليق على المقدمة الاولى بتوسعتها حتى للمسالك الاخرى في حقيقة العلم الاجمالي صحيح. إنما الكلام فعلا في أن هذا الاستدلال على عدم منجزية العلم الاجمالي للاطراف واقتصار منجزيته على الجامع. هل ان هذا الاستدلال تام ام لا؟ وهنا بيانان لجواب الاستدلال: بيان سيد المنتقى «ق» الجزء الخامس صفحة واحد وثمانون. ثم نعطبه ببيان اخر اكثر تدقيقا في الموضوع. فنقول: البيان الاول: ما ذكره سيد المنتقى من انه سبق ان قلنا ان المعلوم بالاجمال على قسمين: اذ تارة يكون المعلوم بالاجمال جامعا يسري الى الخارج بحسب تعبير المنتقى كما اذا علمنا بوجود أناء نجس تفصيلا ثم اختلط الاناء النجس بغيره من الانية، فالمعلوم بالاجمال هنا وهو اناء نجس يسر الى الخارج اذ ما علمنا اناء نجس معين وليس غيره. وتارة يكون المعلوم جامعا لا يسرى الخارج بل يقف على الجامعية. ولذلك يحتمل انطباقه على اكثر من فرد. مثلا: لو فتحنا بابا في الوسائل مثلا باب الاغسال فنحن نقول: نتيجة كثرة الروايات الواردة في باب الاغسال وتعدد طرقها نقطع ان واحدا من الاخبار صد عن المعصوم، اذا فنحن نقطع ان غسلا مطلوبا في الجملة. فهذا المعلوم بالإجمال جامع لا يسر الى الخارج لانه لا يشير لغسل معين او خبر معين ولأجل ذلك نحتمل صدقه على كثيرين بان يكون الواجب واقعا عدة اغسال. ففي الصورة الاولى اي كون المعلوم بالاجمال معينا. تجب الموافقة القطعية. اي ان العلم الاجمالي كما ينجز الجامع ينجز الاطراف فتجب الموافقة القطعية. واما في الصورة الثانية: حيث ان المعلوم جامع واقف على الجامعية فليس العلم الاجمالي منجزا لاكثر من الجامع. حيث أن نسبته لكل طرف على حد سواء، وتطبيقه على واحد دون آخر ترجيح بلا مرجح. فلم يقم منجز في اكثر من الجامع. هذا هو البيان العام الذي افاده سيد المنتقى. البيان الآخر: ويعتمد على مقدمتين: الاولى: ذكرنا فيما سبق انه حتى على القول بان العلم الاجمالي متعلق بالجامع، فإنه لا يدعيه طويلب فضلا عن طالب ان المتعلق هو الجامع الصرف. بل لا محالة الجامع المشير لواقع ولذلك فرقنا بين الواجب الخيري والمعلوم بالاجمال. ففي الواجب التخييري اذا قال: يجب عليك احد الفرضين اما القصر او التمام. فليس متعلق الامر سوى الجامع الصرف، من دون ان يكون مشيرا لواقع وراءه. بل المراد ايجاد هذا الجامع. لا انه جامع فرغ عنه في رتبة سابقة، بينما في العلم الاجمالي اذا علم المكلف انه في هذا السفر اما يجب عليه القصر او التمام. فما علم به جامع وهو احد الفرضين لكن مشير الى واقع في رتبة سابقه فلا معنى لان يدعى ان العلم الاجمالي مجرد انكشاف للجامع فقط وفقط فان هذا كدعوى ان المعلوم بالاجمال هو نفس متعلق الوجوب التخيري. وهذه مصادرة للوجدان الذي يفرق بينما. هذا هو المعلوم بالاجمال وله قسمان: اذ تارة ينضم للعلم الاجمالي سبب يقتضي ان يكون المعلوم فردا معينا. وتارة لا ينضم اليه ما يوجب الفردية المعينة. والا فالجميع مشير الى واقع. كما ذكر هذين القسمين سيد المنتقى «ق». هذه هي المقدمة الاولى. المقدمة الثانية: بعد المفروغية عن ان متعلق العلم الاجمالي الجامع المشير لواقع فلا محالة ذلك الواقع المشار اليه اشارة خفية غامضة ليس مجرى لقبح العقاب بلا بيان. كما ذكر السيد الشهيد بل هو مجرى لقاعدة الاشتغال. والوجه في ذلك: ان مدرك قبح العقاب بلا بيان الوجدان الفطري كما عبر العراقي ق، واذا رجعنا الى الوجدان الفطري فالوجدان يقول: التكليف الذي ليس في معرض الوصول الى المكلف لا تفصيلا ولا اجمالا هو الذي يقبح العقاب عليه. فقط. لان العقاب عليه مع عدم معرضيته للوصول ظلم. وهذا هو معنى قبح العقاب بلا بيان، لان مرجعها ان العقاب من دون معرضية التكليف للوصول ظلم والظلم قبيح. فما هو موضوع قبح العقاب اللا بيان. واللا بيان القدر المتيقن منه عدم معرضية التكليف للوصول لا تفصيلا ولاا اجمالا. واما بمجرد ان يكون التكليف في معرض الوصول اما اجمالا او تفصيلا فهذا ان لم يكن بيانا فلا اقل من ان العقل لا يحرز عدم بيانيته كي يكون مووضوعا لقبح العقاب وبالتالي فلا يحرز ان عقابه ظلم. ولاجل ذلك بمجرد كون التكليف في معرض الوصول ولو اجمالا فكما في محل كلامنا حيث ان الواقع المشا راليه اشارة غامشة في معرض الوصول الاجمالي فلاجل ذلك يحتمل التكليف احتمالا لا مؤمن منه ومع احتماله من دون مؤمن يكون موضوعا لقاعدة الاشتغال. فكما انه مجرد تنظير وليس اشتراك، فكما نه في فرض العلم التفصيلي ب التلكيلف والشك في الاتمثتال كما اذا علمنا بوجوب الظهر الى القبلة وصلينا ثم شككنا هل اننا صلينا لهذا الجهة التي هي قبلة ام صلينا للجهة الاخرى التي ليست بقبلة ولم تجر قاعدة الفراغ ولو لاجل اقطع بالغفلة. فان المورد مورد قاعدة الاشتغال. فكذلك اذا علمنا بوجوب احد افرضين القصر الو التمام، فالوقع المشار اليه مما لا مؤمن منه وحيث لا مؤمن منه فلا محال مقتضى قاعدة الاشتغال احراز الامن منه. فالنتيجة: ان العلم الاجمالي كما هو منجز للجامع على نحو العلية التامة حيث لا يجوز اهدار هذا الجامع لترك سائر الاطراف كذلك هو مقتض للمنجزية في الاطراف. وليست الاطراف مجرى لقبح العقاب بلا بيان وسيأتي مزيد كلام لكلام السيد الشهيد.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 28
الدرس 30