نص الشريط
في رحاب مناجاة التائبين جـ7
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 7/9/1429 هـ
مرات العرض: 2600
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4864)
تشغيل:

«إلهي ضلل على ذنوبي غمام رحمتك وأرسل على عيوبي سحاب رأفتك، إلهي هل يرجع العبد الأبقُ إلا إلى مولاه أما هل يجيره من سخطه أحداً سواه، إلهي إن كان الندم على الذنب توبه فأني وعزتك من النادميّن وأن كان الأستغفار من الخطيئة حطه فأني لك من المستغفرين، لك العتبه حتى ترضى»

في كلماته عدة فقرات ومضامين تدلنا على حاجتنا لمعرفه عيوبنا وأخطائنا، إنه يتحدث عن علاج الذنب وعلاج الذنب بمرحلتين:

المرحلة الأولى:

قوله: «إلهي ضلل على ذنوبي غمام رحمتك» ذنوبنا تتجسم وتتجسد، كل ذنب نصنعه يتجسم بصورة آخرى وبشكل آخر قال تعالى: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ جزأنا هي نفس أعمالنا، عملي يتحول إلى جزاء بنفسه وذنبي يتحول إلى عقاب بنفسه، هذه الذنوب التي نصنعها ونستصغرها وهذه الذنوب التي نحتقرها تتحول إلى جمر يتلضى ويغلي.

هل يستطيع أحدنا أن ينام على الجمر؟

لايمكن لي أنا المخلوق الضعيف الخاوي القوى أن أمسك بأصبعي جمرة أو أضع إصبعي على نار فأنا لا أستطيع ذلك، فكيف أن أستطيع أن أنام على الجمر؟ كيف أستطيع أن أنام على بساط من الجمر اللذي يتلضى ويغلي؟ هذه الذنوب التي أصنعها تتحول إلى بساط من الجمر ويراد مني أنا أنام وأفترش هذا البساط، هل أقدر على ذلك؟ لا يمكن ليّ، جسمي لايتحمل جمرة واحده، فكيف يتحمل أن يفترش الجمر كله؟

إذاً «إلهي أنت أرحم الراحمين وأنت مصدر الرحمة الواسعة، إلهي ضلل على ذنوبي غمام رحمتك» ذنوبي جمر والجمر لايخف إلا بالظل والضلال، ذنوبي جمر يتلضى يحفنيّ يميناً وشمالاً، كيف أخفف على روحي وجسمي من هذا الجمر اللذي يتلضى، أنا أحتاج إلى غمائم باردة هذه الغمائم الباردة عندما ترسل نفحات على جسمي تخفف عني لضى ذالك الجمر وشدة ذالك الجمر، «إلهي ضلل على ذنوبي غمام رحمتك» ابعث لي نفحات من رحمتك ونفحات باردة تضللني من هذا الجمر المتلضي.

المرحلة الثانية:

مرحلة إزالة الأثر، الذنب يحدث ويحدث معه آثر، وآثره قذارة الروح، كما أن الأعيان النجسة تتسبب في قذارة البدن، الدم والبول يوجب قذارة البدن، فأن الذنوب توجب قذارة الروح، الروح تكون روح متلوثة وروح قذرة نتيجة ممارسة الذنوب «إذا أذنب أبن آدم خرج في قلبة نقطة سوداء فأن تاب إنمحت وإن عاد عادت حتى تغلب على قلبة فلا يفلح بعدها أبدا»، روحي ملوثة من الذنوب وروحي قذرة بالذنوب، الذنب قد يغفر ولكن كيف تزول القذارة؟! والذنب قد يعفى ولكن كيف تزول القذارة المتجدرة في روحي نتيجة الذنوب؟ إذاً أنا أحتاج إلى غمام رحمتك وأحتاج في مرحلة ثانية أن تزيل القذارة من روحي، وكيف تزيل القذارة من روحي؟

«وأرسل على عيوبي سحاب رأفتك» هناك قذارة حصلت وتلوث حصل وهذة القذارة والتلوث لايزول إلا بالتطهير، كما أن قذارة البدن تحتاج إلى تطهير قذارة الروح تحتاج أيضاً إلى التطهير.

«فأرسل سحاب رأفتك» أرسل هذا السحاب الماطر كي يطهر روحي من القذارات التي لحقتها نتيجة الذنوب، أرسل على عيوبي وقذاراتي وأوساخي هذا السحاب المعطر بالرحمة والرئفة كي يطهرها وينقيها ويصفيها.

ثم يقول : «إلهي هل يرجع العبد الآبق إلا إلى مولاه أم هل يجيره من سخطه أحداً سواه».

هنا يشير إلى حاكمية قدرته وحاكمية رحمته:

حاكميه قدرته: أنت يا ربي خالق هذا الوجود ومقتضى خالقيتك لهذا الوجود مالكيتك لهذا الوجود أنت الخالق فأنت المالك، ومقتضى مالكيتك نفوذ قدرتك في هذا الوجود، لايوجد شيءً من أصغر ذرة إلى أعظم من مجرة إلا وقدرتك نافذة فيه قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌقدرتك نافذة في جميع الأشياء فأذا كانت قدرتك نافذة في جميع الأشياء فلا مهرب منك إلا إليك، هل أستطيع الفكاك من قدرتك؟ هل أستطيع الهروب من قدرتك وهي نافذة في كل شيء؟ أين أذهب؟ وأين أمضي؟ وكيف أتحرر؟ ولوصنعت ماصنعت هل هناك أمامي ملجأ ومهرب أن أهرب منه أو أهرب به منك!!، أبداً مقتضى نفوذ قدرتك وسلطنتك أن لا مهرب منك إلا إليك ولا ملجأ منك إلا إليك «هل لا يرجع العبد الآبق إلا إليك».

حاكميه الرحمة: أنت من سميت نفسك بالغفور الرحيم يامن يسمى بالغفور الرحيم، رحمتك هي أجلى صفة تعاملت بها مع خلقك هي رحمتك، تحي برحمتك وتميت برحمتك وترزق برحمتك وتخلق برحمتك وتعطي برحمتك كل عمل لك فهو مظهراً لرحمتك، كل فعل لك يا إلهي فهو مظهر لرحمتك وأجلى صفة تعاملت بها مع عبدك المسكين المستكين هي رحمتك فرحمتك حاكمة على صفاتك كلها وحاكمة على أفعالك كلها.

«يا من سبقت رحمته غضبه» أنت لاتتعامل معنا بغضبك وأنت لاتتعامل معنا بعدلك وأنت لاتتعامل معنا بقوانينك، أنت تتعامل معنا برحمتك، لأنك عين الرحمة ومصدر الرحمة ومحض الرحمة، هذا عبدك الضعيف والذليل والحقير والمسكين المستكين، لايمكن أن تتعامل معه إلا بالرحمة، هذا العبد الذي لا يقوى على شيء لايمكن أن تتعامل معه إلا بالرحمة، وأنت تعلم ضعفي عن قليلاً من بلاء الدنيا وعقوباتها ومايجري فيها من المكاره على أهلها على أن ذلك بلاءً.

أنا لا أستطيع في هذه الدنيا أنا أعيش في زنزانة وأنا لا أستطيع في هذه الدنيا أن أعيش في أغلال وقيود وأنا لا أستطيع في هذة الدنيا أن أعيش تحت ماءً يغلي، أنا لا أستطيع ذلك كله عن قليلاً من بلاء الدنيا وعقوباتها ومايجري فيها من المكاره على أهلها على أن ذلك بلاءً ومكروهٌ قليل مكثة وقصيراً مدته، فكيف إحتمالي لبلاء الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها وهو بلاءً تطول مدته ولا يخفف عن أهله قال تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ» قال تعالى: ﴿«قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ.

هل جربت يوماً أن أضع يدي على الحجر الحار؟ هل أستطيع؟

تصور أمامك حجر وضع على النار وكتسب هذا الحجر الحراة الاهبة من النار، هل يمكنك أن تضع يدك دقيقة واحدة على هذا الحجر الحار؟، وهو يسلخ الجلد ويأكل اللحم هل يمكن؟ لا أستطيع، كيف أستطيع ناراً قال تعالى: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَاد.

إذا إلهي أنا الضعيف فعاملني بالرحمة، يامن رحمته سبقت غضبة لايجيرني من سخطك أحداً سواك لأنك تتعامل معي بالرحمة، ولايجريني من سخطك إلا رضاك ولا يرفع عني عقابك إلا رحمتك ولايخرجني من قانون عدلك إلا رحمتك ورأفتك، فأنا أركز على حاكمية رحمتك وعلى صفاتك كلها «اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من عذاب جهنم، اللهم أجرنا من اللضى نزاعة للشوى».

في رحاب مناجاة التائبين جـ8
في رحاب مناجاة التائبين جـ6