نص الشريط
بحث في مسائل القدر جـ7
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 8/9/1429 هـ
مرات العرض: 2598
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1649)
تشغيل:

﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ «2» لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ «3» تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِرَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ «4» سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

ما زال كلامنا في مسألة القضاء والقدر وما يتعلق بها، ونتعرض في هذا اليوم لعدة أمور ترتبط بهذه المسألة:

الأمر الأول:

أن هناك فرق بين علم الخالق وعلم المخلوق، فعلم المخلوق حصولي، وعلم الخالق حضوري معنى ذلك أنا كبشر كمخلوق لا يمكنني أن أعلم بالأشياء الأخرى إلا عن طريق صورة، لا استطيع أن أعلم بالأشياء الأخرى مباشرة، أعلم بنفسي مباشرة صح، نفسي حاضرة عندي فإن أعلم بنفسي علماً مباشريً «علماً حضوري» لأنه نفسي حاضرة عندي، نفسي وأفكاري، ووجداني، وميولي حاضرة عندي فإن أعلم بها علماً حضوري، أما علمي بما سوى نفسي فهو «علم حصولي» يعني عن طريق صورة.

مثال: حتى أنت الآن جالس أمامي أنا لا أعلم بك مباشرة عيني تتعلق بك، ثم ينعكس على عدسة العين صورتك، ثم هذه الصورة تنقلها الأعصاب الخاصة إلى الدماغ فأعلم بك، أنا لا أعلم بك بطريق مباشر حتى وأنت جالس أمامي لا أعلم بك بطريق مباشر أعلم بك عن طريق صورة، أنا لا أراك بطريقاً مباشر أرى صورتك، صورتك تنعكس في ذهني فأعلم بك.

مثال: حتى الحرارة عندما أضع يدي على موضع الحار نتيجة الإحساس، الإحساس ينقل صورة وهي صورة الحرارة إلى الدماغ فأعلم بالحرارة.

مثال: سمعني ينال صوت معين أنا لا أعلم بهذا الصوت لكن الأعصاب تنقل صوت، صورة الصوت إلى ذهني فأعلم به.

علم المخلوق بما سوى نفسه «علماً حصولي» يعني علماً عن طريق الصور التي ترتسم في دماغه، لا يعلم علماً حضوري إلا بنفسه فقط وما يدور داخل نفسه لا أكثر، إما علم الله بمخلوقاته فهو «علماً حضورياً» لا يوجد صورة تنتقل إلى الله لا، علمه بناء هو حضورنا عنده لا يوجد شيء ثاني، كما أننا نعلم بأنفسنا علماً حضوريً، الله يعلم بتمام مخلوقاته، بتمام تفاصيلها «علماً حضورياً» لا يوجد صور، الله لا ترتسم عنده صور وإلا كانت الذات المقدسة منفعلة مثل ما أنا انفعل أراك وانفعل عندي صورة إلك، أو اسمع الصوت فأنفعل فتصبح صورة لصوت لا، لو كان الله يعلم بالمخلوقات عبر صور لكانت ذاته منفعلة بالمخلوقات، بينما ذاته ذات فاعله لا منفعلة، فعلمه بالمخلوقات: هو عبارة عن حضور المخلوقات لديه جميع المخلوقات حاضرة عنده نفس هذا الحضور هو علمه بها ليس شيئاً أخرى، ولأجل أن علمه بالمخلوقات عبارة عن حضورها عنده وهو تبارك وتعالى جميع المخلوقات معلولة لذاته، وهو يعلم بذاته «علماً حضورياً» فيعلم بمعلولات ذاته أيضاً «علماً حضورياً».

نحن شبهنا من باب تشبيه فقط أنا اعلم بنفسي، واعلم بالأفكار التي تدور في نفسي لماذا؟!

لأنه الأفكار التي تدور في نفسي مسببه عن نفسي، نفسي هي التي صنعت الأفكار وخلقتها، فإن أعلم بنفسي «علماً حضوريا وًجداني» وأعلم بهذه الأفكار التي تدور في نفسي «علما حضورياً» لأنه هذه الأفكار من صنع نفسي، كذلك الله يعلم بذاته ويعلم بجميع مصنوعات ذاته «علماً حضورياً» جميع المخلوقات والمصنوعات حاضرة لديه بأعيانها في مملكة هذه هو الأمر الأول الذي أردنا توضيحه.

الأمر الثاني:

علم الله على قسمين:

1 - علم ذاتي.

2 - علم فعلي.

ليس كل علمه علم ذاتي، وليس كل علمه علم فعلي، يعني هناك علم له وهو عين ذاته وهناك علم له يرجع إلى فعله وليس عين ذاته كيف؟! الله تبارك وتعالى كما قلنا يعلم بالموجودات، الموجودات كما ذكرنا في الأبحاث السابقة لها مرحلتان من الوجود: 1 - مرحله أجمالية، 2 - ومرحله تفصيلية، وذكرنا في الأبحاث السابقة كيف المخلوقات تمر بمرحلة الإجمالية وكيف تنتقل منها إلى المرحلة التفصيلة قال تعال: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ «كل واحد كان موجود في الخزانة وجود أجمالي» وَمَا نُنَزِّلُهُ «ولا نحوله إلى عالم المادة» إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ، كان في الخزانة موجود وجوداً أجمالياً أصبح في عالم المادة موجود وجوداً تفصيلياً، فالمخلوق يمر بمرحلتين مرحلة أجماليه ومرحلة تفصيلية.

كما أن الموجود يمر بمرحلتين العلم الإلهي كذلك يعني الله علم بي وأنا في الوجود الإجمالي، وعلم بي وأنا في الوجود التفصيلي، علمه بي وأنا في الوجود الإجمالي هو عين ذاته، الله يعلم بذاته، ويعلم بجميع مخلوقاته لكن علماً أجمالياً لأنه المخلوقات موجودة بوجود ذاته وجوداً أجمالياً، فهو يعلم بهذه المخلوقات على نحو وجودها، جميع هذه المخلوقات كانت موجودة وجود أجمالي هو يعلم بها على طبق ما هي موجودة عليه، أيضاً يعلم بها علماً أجمالياً «هذه هو علمه عين ذاته، هذا هو علمه الأزلي».

ولكن عندما وجدت المخلوقات وفصلت هذا ولد فلان من فلانة في المكان الفلاني في الزمن الفلاني في الموقع الفلاني وهكذا أصبح تفصيل، علمه بالمخلوق بعد وجوده التفصيلي هذا ليس عين ذاته «هذا العلم فعله» لأنه كما قلنا علمه بالمخلوق حضور المخلوق نفس حضور المخلوق هو علمه به، فإذا حضر المخلوق مفصل إلى تفصيلات طول وعرض وعمق ونسب ومكان وزمان علمه بع هو عين هذا التفصيل، عين هذا الحضور هذا العلم فعله وليس عين ذاته، ولذلك هذا العلم يتغير واحد مثلاً يقول كيف علم الله يتغير؟!!

نعم الذي لا يتغير علمه الأزلي وهو ما كان عين ذاته، إما علمه الفعلي وهو الذي عبارة عن وجود المخلوق حضور المخلوق هذا العلم يتغير، هذا المخلوقان طفل أصبح شاب الشباب أصبح شيخ وهكذا كان حياً أصبح ميتاً كان مريضاً أصبح سليماً المخلوق يتغير وعلمه الفعلي هو وجود المخلوق حضور المخلوق إذا علمه الفعلي يتغير هذا الأمر الثاني لأنه يرتبط بالبداء ارتباط وثيق هذا المطلب الثاني أن علمه الذاتي الأزلي لا يتغير ووعلمه الفعلي وهو عبارة عن حضور المخلوق ووجودة يتغير بتغير الأقضية الواردة على هذا المخلوق.

الأمر الثالث:

ذكرنا أمس أن ما علم به الله هو مجموع المسبب والسبب سواء في القضايا الطبيعية أو في القضايا الاختيارية لا لأنه علم بالمسبب وحده وإلا أصبح حتمي جبري مثلاً: علم الله أنه كلما بلغت درجة حرارة الماء مئة فإنه يغلي علم بهذا المجموع من سبب ومسبب لا لأنه علم بالغليان، لو علم بالغليان لحدث الغليان سواء بلغت درجة حرارة الماء مئة أو ما بلغت لا هو لم يعلم بالغليان فقط، علم بالغليان بعد بلوغ درجة حرارة الماء مئة، علم بجموع من سبب ومسبب لم يعلم بالمسبب وحده وإلا وقع المسبب بدون سببه وهذا إبطال ونقض لقانون «السببية».

هذا في الأفعال الطبيعية والأفعال الاختيارية نفس الشيء يعني أنا أفعالي أنا الإنسان أفعالي الإرادية الاختيارية، الله علم بصلاتي؟ لا، أنا أصلي علم بصلاتي؟ لا، علم بصلاتي عن اختياري، علم بجموع السبب والمسبب هناك مسبب وهو الصلاة هناك سبب وهو الإرادة هو علم بالمجموع علم بصلاةً عن اختيارً إلا أنه علم بالصلاة فقط لو علم بالصلاة لوجدت الصلاة حتماً وجبراً، علم بالصلاة عن اختيارً لا أنه علم بالصلاة، ذكرنا أمس أن وجود الصلاة مثل وجود المعصية لا يوجد فرق بين الطاعة والمعصية اثنينهما سوء، وجود الصلاة وجود شرب الخمر مثلاً كلاهما وجود، والوجود يحتاج إلى عنصرين:

1/ مقتضي يعني يفيض الوجود.

2/ شرط.

العنصر الأول مقتضي:

الصلاة لا يمكن وجودها إلا بعنصرين المقتضي الذي يفيض الوجود يفيض الطاقة المقتضي هو الله تبارك وتعالى قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ «78» وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ «79» وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ «80» وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِكل آن وكل آن أنا احتاج إليه مثل النور الكهربائي كل آن كل آن يحتاج إلى الطاقة الكهربائية لا يستغني عن الطاقة الكهربائية في كل لحظة متى ما انقطعت الطاقة أنطفئ النور أن أيضاً أحتاج في كل آن كل آن إلى أفاضة منه تبارك وتعالى.

فالمقتضي للوجود المفيض للوجود العنصر الأول للسبب هو الله سواء وجود صلاة أو وجود خمر هو الذي يفيض الوجود كما يفيض وجود الصلاة يفيض شرب الخمر كما يفيض وجود الطاعة يفيض المعصية كلاهما يفيض وجوده تبارك وتعالى، حتى المعصية هو الذي يفيض وجودها قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُإذا هو يرد الدنيا نعطيه يريد الدنيا يريد المعصية نعطيه طاقة﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا «18» وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا «19» كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا، فيض لا حد له، مدد لا نهاية له﴿وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا، إذا المقتضي هو تبارك وتعالى.

العنصر الثاني:

إرادة الإنسان يسمى الشرط أن أفيض عليك الصلاة إذا أنت أردت الصلاة، أفيض عليك المعصية إذا أنت أردت أنت المعصية فالمقتضي هو والشرط هو إرادة الإنسان واختيار الإنسان.

ربما يتصور الإنسان بهذا شرك؟! إذا تعجل مع الله ند يقول لا توجد الصلاة إلا بعنصرين: الله وهو المقتضي، وإرادة الإنسان يعني جعل إرادة الإنسان ند لله هذا سبب وهذا سبب، هذا شرك، لا يوجد في الكون غيره، إذا ما هو معنى أن نجعل عنصرين المقتضي وهو الله والشرط وهو إرادة الإنسان؟!

الجواب:

من الذي جعل إرادة الإنسان شرط؟ هي، هي أصبحت شرطً بذاتها لا، الذي جعلها شرطً هو الله نفسه رجعنا لله، كما هو ربط بين غليان الماء وبلغوا درجة حرارة الماء مئة هو الذي ربط بينهما لولا هو لمَ كانت الحرارة سبباً ولولا هو لما كان الغليان مسبباً هو الذي أعطي لكل سبباً سببيته هو الذي أفاض السببية على الأشياء وإلا لا تكون أسباب كذلك هو الذي أعطى الإرادة سببية لحدوث الصلاة، أعطى الاختيار سببية لحدوث الصلاة، إذاً سببية الإرادة ليست في عرض سببيته تعالى، بل سببيته الإرادة في طول سببيته مستمدة منه، راجعة إليه هو الذي جعل الإرادة عنصراً أخرى، وجعل للإرادة سببية، وجعل للإرادة تأثير فسببية الإرادة وتأثيرها راجع إليه تبارك وتعالى وما كان راجع إليه فكيف يكون شريك له؟!

إذن بالنتيجة لا ترد هذه الشبه إلا وهي شبهة الشرك أو الشراكة بين الله وبين مؤثراً أخرى.

الأمر الرابع:

ذكرنا أن الله تبارك وتعالى يعلم بأفعالنا التفصيلية وما يصدر منا من طاعة ومعصية عن إرادة واختيار منا علماً تفصيلياً حضورياً لكن هذا لا يعيني أننا مجبرون وملجؤن لمَ؟! لان العلم ليس سلسلة من علل المعلوم قاعدة فلسفية العلم ليس سلسلة علل المعلوم.

مثال: أفترض أنا عندي ولد يدرس في الخارج أمريكا أو أوروبا أو أي مكان، أنا هذا الولد أوفر له أموال حتى يهيأ سكنه وأكله وشربه، أنا دوري دور توفير المادة لكن أنا أعلم أن هذا الولد شقي، أنا أعلم أن هذا الولد يصرف بعض هذه الموال في المعاصي، يصرف بعض هذه الأموال في الرذائل أعلم بذلك، ولكن أنا ما جبرته ولا بعثته ولا أصبحت علة أو سبب لوقعه في المعصية دوري دور العلم أعلم بذلك أم وقوع المعلوم وهو المعصية فليس بسببية مني وقوع المعصية منه مستند إلى إرادته واختياره أنا أعلم أما وقع المعصية منه مستند إلى اختياره وإرادته، الله تبارك وتعالى خلقنا وأعطانا الطاقة، وأعطانا النشاط والحيوية، ويعلم بأن المعصية تقع منا، ولكن علمه بوقوع المعصية ليس سبباً لوقوعها باعتبار أنه علم بوقوع المعصية منا عن اختياراً وإرادة منا، فلو وقعت جبراً علينا لكان ذلك خُلفه علمه، لأن ما علمه وقوع المعصية عن إرادة منا واختياراً منا فتقع المعصية كما علم بها عن وإرادة واختيار منا، إذاً علمه ليست علة لوقوع المعصية وليس سبباً لوقوع المعصية.

ودخل على الإمام الكاظم «سلام الله عليه»: سؤل أبو حنيفة أحد الأئمة الأربعة سؤل عن موسى بن جعفر هل لقيته؟! قال: نعم، قال: كيف لقيته؟! قال: ذهبت إلى أبيه جعفر أبن محمد «سلام الله عليه» فاستأذنت عليه بالدخول فقيل: لي أنتظر، فخرج صبياً أسمر اللون فقلتك من أنت؟ فقال: أنا موسى أبن جعفر. فقلت له: فإرادة الله المعصية «يعني يرد أن يطرح عليه شبه المعصية التي نحن نعصيها الله أرادها؟ أو لم يردها؟ أذا أردها كيف يعذبنا عليها؟! وهو قد أرادها» ا فأراد الله المعصية، فأجابني: افيعصى الله قهراً هو يرد أن يقول أنه أذا أنت تتوهم أن المعصية قهرية ما أصبحت معصية، أصلاً تسميتها معصية خطاء، إذا أنا مجبور عليها يسمى ماذا؟ تسمى معصية؟! لا تسمى معصية، يعني سؤالك خطاء، شرب الخمر إذا صدر مني قهراً لا يسمى معصية، لأنه المعصية منوطه بالالتفات والاختيار إذا هو صادر مني قهراً لا يسمى معصية.

مثال: أذا جاء مثلا إنسان وجبرك على شرب الخمر، ظالم أجبرك على شرب الخمر هذا ليس معصية فأنت تقول أرد الله المعصية كيف تسمى معصية وهي جبريه؟! سؤال خطاء

فيقول: ففهمت أنه من أهل بيت زقوا العلم زقه.

الأمر الخامس:

نتعرض إلى ما ذكره الفلاسفة من مراتب علمه تعالى وما ذكرته الروايات الشريفة من مراتب علمه وأما ما ذكره الفلاسفة، الملا هادي السبزواري صاحب المنظومة المعروفة في الفلسفة ملا هادي السبزواري، كتاب المنظومة في الفلسفة كتاب يدرس في الحوزة العلمية من قبل مئات السنين يعني ليس جديد «فبعد العبد الأثيم الهادي لازال مهدي إلى الرشادي يقول هائم أقروا كتابيه منظومتي بسقم جهلاً شافيه نظمتها بالحكمة التي سمت في ذكر الخير الكثير سميت منظومة» كلها في الفلسفة من جملة أبيات هذه المنظومة يتحدث عن علمه تبارك وتعالى «عناية وقلماً ولوحاً قضى وقدراً سجل كون يرتضى» هذه مراتب علمه تبارك وتعالى.

ما هي مراتب علمه بحسب تصنيف الفلاسفة؟!

المرتبة الأولى العناية:

والمقصود بالعناية ماذا؟! أن هذا الوجود التفصيلي من شمس، وقمر، وإنسان، وحيوان ونبات، وهذا الإنسان بتفاصيل حياته سعادته وشقائه ونسبه... الوجود التفصيلي كله كان منطوياً، كلها طي وفتح قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ أرايت؟! كان مطوي ثم نشر، ثم يطوى مرة أخرى، هذا الوجود كله يطوى مرة أخرى كله قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِسبع سموات، سبع طبقات في الفضاء، سبع طبقات لا نهاية لها ترجع فتصبح كتله وحده كما كانت.

أنت أيضاً تقرأ الآية القرآنية قال تعالى: ﴿يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِما معنى يوم الجمع؟! يعني جمع الناس؟! لا، الجمع يعني هذا الوجود المفصل كله يجتمع في وجود أجمالي مرة أخرى﴿يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ.

إذن فالنتيجة: أنه هذا الوجود المادي التفصيلي كان منطوي يعني كان موجود وجوداً أجمالياً في علمه بتارك وتعالى، فهذا الوجود الإجمالي، والعلم الإجمالي يسمى بالعناية.

المرتبة الثانية القلم:

قال تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَما معنى القلم؟! القلم هو المخلوق الأول والصادر الأول، المخلوق الأشرف الأعلى أول ما صدره منه تبارك وتعالى أعلى المخلوقات وأشرفها على الإطلاق الحقيقة المحمدية «نور محمد» هذا يسمى بالصادر الأول المخلوق الأول، هذا المخلوق الأول واسطة في الفيض يعني الله تبارك وتعالى يستطيع أن يفيض الفيض بدون واسطة مثل ما قلنا يستطيع إن يترك الماء يغلي بدون سبب ولكنه جعل سببه حرارة الماء، يستطيع أن يوجد الصلاة قهراً ولكنه جعل سببها الإرادة، كما ورده في الحديث الشريف: «أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها» ربط مسببات وأسباب، أيضاً في أصل الخلقة، أصل الوجود جعل واسطة في الفيض.

هناك واسطة في الفيض القلم الصادر الأول جعله واسطة في فيضه أفاضته تبارك وتعالى لجميع ألوان الوجود بهذه الواسطة بواسطة الصادر الأول بكم فتح بكم يعني ماذا؟! يعني أنت وسائط هذا الفيض «بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه وبكم يُنفّس الهم ويكشف الضر<وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته... بكم وبكم» بكم يعني ماذا؟ يعني أنتم وسائط الفيض.

فال تعالى: ﴿نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِنعلم بأن الله يغني ولكن كيف الرسول يغني؟! يعني واسطة في الغنى هم وسائط الفيض وبما أن الصادر الأول واسطة في الفيض فهذا الصادر الأول أيضاً يجمل جميع معلومات الوجود لأنه واسطة في فيض الوجود، فهو يحمل جميع معلومات الكون مفاتيح الكون يعلم بها لأنه واسطة في أفاضة هذا الكون، لأنه يحمل جميع معلومات الكون سمي «قلم».

المرتبة الثالثة علم المثل النوريه:

ما معنى المثل النوريه؟! كل نوع من المخلوقات له مثال يعني مثلاً نحنا نوع، الإنسان نوع هذا النوع له مثال نوري خلق قبل وجود عالم المادة، هناك مثال نوري لعالم الإنسان، هناك مثال نوري لعالم الملائكة، هناك مثال نوري لعالم الجن، هناك مثال نوري وهكذا كل نوع من العوالم له مثال نوري هذا العالم يسمى «بعالم المثل»، نقرأ في زيارة الحسين «أشهد لقد اقشعرّت لدمائكم أظلة العرش مع أظلة الخلائق» ما معنى أظلة؟! أظله المثل النوريه، عالم المثل النوريه هو عالم الأظلة، لكل عالم مثال نوري يسمى «بعالم الأظلة».

مثال: أنت الآن مثلاً إذا أردت أن تكتسب معلومات من أين تأتي بالمعلومات؟ أنا الآن عندما أفكر وأكتسب معلومات نتيجة التفكير أحياناً أكتسب معلومات خاطئة، أحياناً أكتسب معلومات صحيحة، هذه المعلومات الصحيحة من أين تأتي؟!! النفس البشرية ترقى تتصل بعالم الأظلة، تتصل بعالم المثال، بعالم الأمثلة النوريه، عالم الأظلة فتقتنص منها هذه المعلومات بالاتصال بعالم المثال.

مثال: الآن في عالم الرؤيا أوضح أذا أنت تنام وترى رؤية؟ وبعد ذلك الرؤية حدثت كيف؟!! أحياناً الإنسان يرى في المنام رؤية بعد مدة تحدث كيف؟! أن الروح اتصلت بعالم المثال، اتصلت بعالم الأظلة فاقتنصت الصورة من عالم المثال ومن عالم الأظلة فراها الإنسان بعد ذلك الصورة متجسدة حيه هذا نتيجة الاتصال بعالم المثال.

والآيات القرآنية ترشد إلى ذلك كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَاالأنفس عندما يأتي موتها لم تموت نائمة ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا «الإنسان عندما ينام قسمين: قسم يتوكل على الله انتقل إلى العالم الثاني، وقسم بقي»، فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا «يعني يبقيها عنده»، وَيُرْسِلُ «معني أن النفس تسافر معني أن النفس ترقى، معنى أن النفس تصل إلى عالم المثال، إذا وصلت إلى عالم المثال أن كان قد قضى عليها الموت أجلسوا النفس، وإذا ما قضي عليها الموت»، وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّىبعد مدة يقضى عليها إذاً هذا عالم المثال، عالم المثال يسمى عندهم «بعالم القضاء» لأنه القضاء فيه حتمي، مثل ما قلنا في البحوث السابقةأن عالم المجردات القضاء فيه حتمي، عالم المثال هو عالم المجردات القضاء فيه حتمي.

المرتبة الرابعة النفوس الكلية:

في نفوس جزئية ونفوس كلية لماذا؟! لأنه نفسي موجودة وجود مادي ليّ أب، وليّ أما، وليّ مكان، وليَ زمان نفسي جزئية، وهناك نفس كلية لا يحدها زمن، ولا مكان، ولا أب، ولا أم متحررة من القيود هذه النفس الكلية «نفوس الملائكة» نفوس كليه، النفوس الكلية تنتقش فيها صور المعلومات التي ستحدث في الأرض، كل شيْ يحدث في الأرض ينتقش في النفوس الكلية، جميع ما يحدث في الأرض يرسم في النفوس الكلية، صوره تأني في النفوس الكلية «نفوس الملائكة» فتعلم به ثم هو يحدث في الأرض، هذه النفوس الكلية يعبر عنها «باللوح المحفوظ» وهي نفوس الملائكة ويعبر عنها «بالكتاب المبين» ويعبر عنها «بأم الكتاب» هذه النفوس الكلية مثل «نفس جبرائيل »، هذا عالم اللوح المحفوظ، عالم أم الكتاب.

«عناية وقلماً ولوحاً قضى وقدراً سجل كون يرتضى» ثم تأتي المرتبة الأخير عالم التقدير

المرتبة الخامسة عالم التقدير:

قال تعالى: ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ، قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍإذا نزل على عالم المادة المقدر بأقدار وأحجام وألوان وأشكال، فهذا العالم عالم المادة «عالم التقدير» يعني وضع الأقدار والأحجام والألوان والأشكال وهو «عالم البذاء» لأنه الأقدر والأقضيه تتزاحم كما ذكرنا في البحوث السابقة، ذكرنا مثال واضح في البحوث السابقة قلنا يوجد الإنسان بعض يعني جسمه صلب يعني أمه عند الحمل ما كانت تعتني تأكل أشياء ضعيفة هذا الطفل إذا خرج من بطن أمه يصبح نحيل عليل ربما توجد عمده أمرض نتيجة الضعف «بزر شوكليت» وهناك طفل تعتني به أمه منذ انعقاد النطفة حليب ودهن وفيتامينات... يخرج من بطن أمه أربعة كيلو يسمى «بزر دهن» هذا أذا خرج من بطن أمه فهنا قضائان متصارعان:

القضاء الأول: أن جسمه صالح للبقاء مئة سنة أو مئة وخمسين سنة جسمه قوي.

القضاء الثاني: أنه يعيش في بيئة ملوثة، البيئة الملوثة مصدر للأمراض البيئة الملوثة تقضي أن هذه عمره خمسين، ستين هذان قضائان متزاحمان، قضائان متصارعان، عالم المادة عالم التزاحم بين الأقضية، عالم التزاحم بين الأقدار لذلك يحصل البذاء في هذا العالم يعني النفوس الكلية وهي «الملائكة» عندما أطلعت ورسم فيها أن هذا يملك جسم يعيش مئة وخمسين سنة أصبح القضاء عند الملائكة أنه يعيش مئة وخمسين سنة هذا القضاء الذي عندهم، صدفة عاش في بيئة ملوثه يشتغل في أبار البترول، الأدخنة، الأبخرة أصبح يعيش في بيئة ملوثة تغير ذلك القضاء اللي كان يريد أن يعيش مئة وخمسين سنة تغير أصبح خمسين، ستين سنه وانتهى حصل بذاء، أين حصل البذاء؟

ليس في علم الله، حصل البذاء في علم الملائكة في النفوس الكلية في اللوح المحفوظ في الكتاب المبين حصل بذاء قضاء طغى على قضاء، قدراً غلب على قدر فحصل البذاء قال تعالى: ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ «محا القضاء الأول واثبت القضاء الثاني»، ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ وراء هذا كله مصدر العلم عنده ﴿أُمُّ الْكِتَابِ هو العرش التي تأخذ منه الملائكة وتستقي منه الملائكة العرش مصدر المعلومات﴿وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ هذا لا يعني أن أم الكتاب لا يحدث فيه تغير لا حتى أم الكتاب، لأنه أم الكتب مركز للمعلومات.

ولذلك أنت تقرأ في الدعاء: «أن كنت عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً «يعني أنت قدرت أن أكون شقي لبعض الأسباب، أو قدرات أن أكون محروم لبعض الأسباب» فمحوا من أم الكتاب شقائي وحرماني وتقتير رزقي واكتبني عندك سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات» إذاً أم الكتابهو العرش الذي وراء النفوس الكلية، وراء اللوح المحفوظ والكتاب المبين، أم الكتاب أيضاً مجمع أقضية وأقدار مختلفة قد يطغى بعضها على بعض ﴿وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ.

زيارة النبي (صلى الله عليه وآله)
عصمة الإمام