نص الشريط
الدرس 5
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 4/11/1434 هـ
مرات العرض: 2483
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (512)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وصل الكلام إلى المقام الثاني في البحث حول الجزء المستحب، وهو الكلام في تصوير الجزء المستحب فهو في عين كونه مستحباً هو جزءاً من الواجب، فقد ذُكر في كلمات الأعلام «قدهم» عدّة محاولات لتصوير جزئية الأمر المستحب من الواجب.

المحاولة الأولى: أن يقال: إن هناك أمرين أمرً وجوبيا بالطبيعي الصادق على واجد الخصوصية المستحبة وفاقدها، مثلاً: أن يصدر أمرٌ وجوبي بطبيعي الصلاة وطبيعي الصلاة صادق على الصلاة مع الجماعة أو بدونها، فالصلاة جماعةً مما ينطبق عليها طبيعي الصلاة المتعلّق بالأمر الوجوبي، وهنا أمر آخر استحبابي، وهو استحباب هذه الحصّة من الصلاة، أي الصلاة المتضمنة للجماعة، فالصلاة المتكيفة بهذه الكيفية وهي الصلاة جماعةً متعلّقٌ لأمر استحبابي، ونتيجة ذلك: أنّ الخصوصية المستحبة وهي خصوصية الجماعة مستحبة لكونها متعلّقة لأمر استحبابي، وجزءٌ من المركب الذي تعلّق به الأمر، فهذا هو التصوّير للجمع بين الجزئية والاستحباب، وثمرة ذلك - كما أفاد صاحب هذا الوجه -: هو جريان قاعدة التجاوز، مثلاً إذا شك في القراءة بعد أن تلبس بالقنوت، فهو يستطيع أن يُجري قاعدة التجاوز في السورة ويبني على الإتيان بها بعد أن دخل في القنوت؛ بلحاظ انه تجاوز محل السورة بالدخول في جزء مترتب على السورة ألا وهو القنوت، بناءً على جزئيته مع كونه أمراً مستحباً، بخلاف ما لو قلنا أنّه ليس جزءاً وإنما هو مستحب في الواجب، أي أنّ القنوت مستحبٌ نفي ظرفه الصلاة، فإنّه بناءً على هذا المبنى لا يكون القنوت ذا محلٍ شرعي مترتب على محل السورة، كي يصدق أنّ المصلي تجاوز المحل الشرعي للسورة ودخل فيما يترتب عليه؛ لأن القنوت ليس من الصلاة أصلا، بل ظرفه الصلاة، فليس له محلٌ شرعيٌ مترتب على محل السورة المشكوكة.

ويُلاحظ على هذا التصوير: أنّ المقصود منه هل هو كون المستحب كالقنوت مثلاً جزءاً من المركب الوجوبي أو المقصود منه بيان أنّ القنوت جزء من المركب الاستحبابي، حيث إنّ لدينا مركبين، مركبٌ تعلق به الأمر الوجوبي وهو طبيعي الصلاة، ومركب تعلّق به الأمر الندبي وهو الصلاة مع القنوت، فالقنوت جزءٌ من الأول او جزءٌ من الثاني؟ فإذا كان المراد من هذا التصوير إثبات جزئية القنوت للمركب الأوّل، فالمفروض أنّ الصلاة لوحظ بالنسبة للقنوت على نحو اللابشرط؛ لأنّ الصلاة مركبٌ اعتباري والمركب الاعتباري ليس كالمركبات الحقيقية التي تصدق على ما تشتمل عليه ممّا يُسمى جزء الفرد، مثلاً: نقول: طبيعي القيام يصدق على القيام متكئا والقيام مستقلاً؛ لأن عنوان القيام عنوان حقيقي وليس من العناوين الاعتبارية، فبما أنّ عنوان القيام جامعٌ حقيقي، مقتضى كونه جامعاً حقيقياً أن يصدق على بعض أفراده التي تشتمل على خصوصيات مقومة للفرد نفسه، كالقيام متكئاً كالقيام مستقلاً، ونحو ذلك، فإن الاتكاء من كيفيات القيام فيصدق طبيعي القيام على كل فرد بكيفيته التي وُجد بها وتحقق بها، أماّ المركبات الاعتبارية فصدقها دائر مدار الاعتبار نفسه، كعنوان الصلاة مثلاً، فإنه مركب اعتباري وبالتالي لابد من الرجوع إلى مقام الاعتبار، فنقول: عندما أمر المولى بالصلاة امرا وجوبياً لا محالة إما لاحظ الصلاة بالنسبة إلى القنوت على البشرط شيء فالقنوت أصلا جزءٌ من الماهية المأمور بها، وإما لاحظ الصلاة بالنسبة إلى القنوت على نحو اللابشرط، فلا محالة لا تصدق الصلاة المأمور بها على الصلاة مع القنوت؛ لأنه أمر أجنبي عمّا هو المأمور به بالأمر الوجوبي، فالعناوين الاعتبارية لا تصدق قهراً على أي فرد يتلبس باي كيفية، فنقول: بأنّ هذه الصلاة التي هي مع القنوت هي المأمور بها بما هي مع القنوت؛ إذ بعد اخذ القنوت على نحو اللابشرط لا محالة يكون القنوت أجنبيا عن الصلاة المأمور بها بالأمر الوجوبي.

وإن كان المدعى أنها جزءٌ من المأمور به الثاني، حيث إن هناك أمرا استحبابيا بالصلاة مع القنوت، فالقنوت جزءٌ من هذا المركب، فهذا لا يُسمن ولا يغني من جوع؛ لأن جزئية المستحب من المركب الاستحبابي مما ليس محلاً للنزع في شيء، وإنما محل النزع في أنّ المستحب بما هو مستحب يكون جزءاً من المركب الواجب، وأمّا أنه جز من المركب الاستحبابي، وهو مستحب فهذا لا ضير فيه.

والثمرة التي أُفيدت غير تامة، والوجه في ذلك:

أنّه إذا خرج من محل القراءة وتلبس بالقنوت وشك أنه أتى بالسورة أو لم يأتي، فمقتضى قاعدة التجاوز انه أتى بالسورة، هذا صحيح ولكن مفاد قاعدة التجاوز أنّه أتى بالسورة بما هي جزء من المركب الاستحبابي، لا انه اتى بالسورة بلحاظ الأمر الوجوبي، فبقي الأمر الوجوبي لم يسقط؛ لأن مفاد قاعدة التجاوز ليس هو التعبد بوجود المشكوك في نفسه، وإنما التعبد بوجود المشكوك بلحاظ التجاوز، وإنما التعبد بوجود المشكوك بلحاظ التجاوز.

بيان ذلك: أنّه سيأتي - لاننا سنبحث في ضمن مسائل الخلل فروع قاعدة التجاوز - في قاعدة التجاوز وإن كان هناك روايتان، رواية «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء»، حيث عبّرت بالدخول في الغير، ورواية عبرت ب «التجاوز»، «إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه»، وسيأتي في محله أنّ مقتضى الجمع بين الروايات أن يكون المناط في جريان القاعدة صدق عنوان التجاوز، والتجاوز لا يمكن تفسيره بتجاوز نفس الشيء؛ إذ لا يجتمع تجاوزه مع الشك فيه، فهو شاك في القراءة، فكيف يقال له إذا تجاوزت القراءة وشككت فيها، إذاً لا محالة ليس المراد بالتجاوز تجاوز الشيء نفسه بل المراد به تجاوز محله الشرعي في ذلك المركب، فبما أنّ المراد ب «التجاوز» تجاوز المحل الشرعي للمشكوك إذاً فقاعدة التجاوز تتبعد بوجود الجزء المشكوك من حيث محله الشرعي، فإذا كان لهذا الجزء المشكوك محلٌ شرعي بالنسبة للقنوت في المركب الثاني فليس له محلٌ شرعي بالنسبة للقنوت بالمركب الأوّل. فقاعدة التجاوز إنما تُفيد التعبد به بلحاظ امتثال الأمر الاستحبابي بالصلاة مع القنوت؛ لا بلحاظ امتثال الأمر الوجوب بالصلاة، حيث إنه بلحاظ ذلك الأمر ليس للسورة محل شرعي بالنسبة إلى القنوت؛ إذ القنوت خصوصية أجنبية بلحاظ الأمر الأول.

ودعوى: أنه - كما قيل في بعض الكلمات - إذا جرت قاعدة التجاوز وأثبتت لنا أنّ المشكوك قد حصل، فيترتب عليه سائر آثاره، أي آثار حصوله، ومنها سقوط الأمر الآخر ألا وهو الأمر الوجوبي؛ إذ المفروض أنّ الأمرين ناشئان عن ملاك واحد، فلهذه الصلاة ملاك واحد نشأ عنه امر وجوبي بالصلاة ونشأ عنه أمر ندبي بالصلاة مع القنوت، فبلحاظ أنّ الأمرين ناشئان عن ملاك واحد فمتى ما تعبدنا الشارع بوجود الجزء المشكوك ترتبت عليه آثاره، وهي سقوط الأمرين معاً، الندبي والوجوبي.

ولكنّ هذه الدعوى ممنوعة بلحاظ إذ المفروض أن الأمرين متغايران، فهذا وجوبي موضوع الصلاة لا بشرط من حيث القنوت، وهذا استحبابي موضوعه الصلاة بشرط القنوت، وهما وإن نشأ عن سنخ واحد من الملاك إلاّ أنها ناشئان عن مرتبتين من ذلك الملاك لا أنهما ناشئان عن مرتبة واحدة، واتحاد هذين المرتبتين في سنخ الملاك لا يوجب تلازم الأمرين سقوطاً وثبوتاً، بحيث إذا سقط الأمر الثاني سقط الأمر الأول أيضاً.

إذاً بالنتيجة: ما لم نُثبت أن القنوت جزءٌ من الواجب، يعني جزء من الفرد المحقق لامتثال الأمر الوجوبي - لا مجال لترتيب هذه الثمرة.

هذا تمام الكلام في هذا التصوير للجزء المستحب.

التصوير الثاني: ما ذُكر في بحث الصحيح والأعم في عدة كلمات، ومحصله: أنّ هناك امرين - كما في التصوير الأوّل -، إلّا أن متعلّق الأمر الأول وهو الأمر الوجوبي «العنوان الانتزاعي» حيث إنّ العنوان الانتزاعي يُنتزع من صميم الفرد القصير ومن صميم الفرد الطويل بلا مائز بينهما، فمثلاً - كما ذكرنا قبل يومين -: عنوان الكلمة ما تألف من حرف فازيد، هذا العنوان «ما تألف من حرف فأزيد» عنوان انتزاعي، وهذا العنوان الانتزاعي يصدق على الكلمة المكونة من حرف، ويصدق على الكلمة المكونة من سبعة حروف، فإنّ الكلمة المكونة من سبعة حروف يكون الحرف السابع منها جزء من مصداق الكلمة، مع أنّ الكلمة قد تصدق على حرف واحد، مع أنّ الكلمة قد تصدق على حرف واحد لو وُجدت بسبعة حروف لكان كل حرف جزءاً أيضا، والسر في ذلك: أنّ هذا العنوان هو بحد ذاته عنوان انتزاعي، والعنوان الانتزاعي كما مُنشأ من هذا الفرد القصير وهو الحرف الواحد، هو مُنشأ ايضا من الفرد الطويل، أي كما يُنتزع عنوان الكلمة عند العرب من الحرف الواحد يُنتزع من السبعة حروف على حدّ سواء، ونتيجة ذلك أنّ كل حرف جزء من الفرد وإن لم يكن جزءاً من الماهية، فما سوى الحرف الواحد جزءٌ من الفرد، يعني من مصاديق الكلمة وإن لم يكن جزءاً من ماهية الكلمة؛ لصدق الكلمة بدونه.

فلأجل التفريق في العناوين الانتزاعية بين جزء الفرد وجزء الماهية، نقول: بأن الأمر الوجوبي تعلّق بالعنوان الانتزاعي، فقال مثلاً المولى: «قم بصلاة مع سورة فأزيد»، فلو اتى بسورة واحدة صلاةٌ، لو أتى بسورتين او ثلاث صلاةٌ، وتكون كل سورة جزءاً من الصلاة المأمور بها، لا جزء من الماهية لصدقها على ما فقد السورة الثانية، ولكن جزءٌ من الفرد، باعتبار أنّ هذا الفرد منشأ لانتزاع العنوان وهو سورة فأزيد، او توضأ بوضوء مشتمل على غسلة فأزيد.

نعم قد يختصّ هذا الوجه بالعنوانين الانتزاعية، ويختصّ في العنوانين الانتزاعية بالمتناسخات، كأن يقول سورة فأزيد، غسلة فأزيد، فقد لا يشمل مثل القنوت الذي ليس له مثلاً مسانخٌ في الصلاة نفسها؛ إلّا أنّ المقصود الوصول إلى تصوير ثبوتي ولو في بعض الموارد، وهناك امر استحبابي بافضل الفردين، حيث لمّا كان المأمور العنوان الانتزاعي وهو عنوان الصلاة مع سورة أو سورتين صار لهذا العنوان الانتزاعي منشئان للانتزاع، فرد قصير وهو الصلاة مع سورة، فرد طويل وهو الصلاة مع سورتين، ثم جاءنا امر استحبابي وهو أنّ الفرد الثاني أفضل من الأوّل، فبلحاظ ورود وأمر ببيان أفضل الفردين كانت السورة الثانية أمراً مستحباً، كأن يقول مثلاً: «الصلاة المأمور بها هي العنوان الانتزاعي من الصلاة فرادى او الصلاة جماعة لكن الفرد الثاني أفضل» وحينئذ فهذه الخصوصية، وهي خصوصية السورة الثانية الغسلة الثانية مثلاً، هذه الخصوصية مستحبة بلحاظ الأمر الثاني، وهذه الخصوصية جزءٌ من الفرد المحقق للواجب باعتبار أنّ المأمور به عنوان انتزاعي كما يُنتزع من الفرد القصير يُنتزع من الفرد الطويل.

ولن أُعلق على هذا الوجه لأنه في بيان الثمرات، لأننا عندنا مقام ثالث وهو بيان الثمرات سيأتي التعليق عليه إن شاء الله.

التصوير الثالث: ما ذكره سيّد المنتقى «قده» في بحث الصحيح والأعم، حيث أفاد بأنهّ يمكن تصوير الجزء المستحب من خلال أمر وجوبي مؤكد، وبيان ذلك في مطالب ثلاثة:

الأوّل: تارة تكون الخصوصية ذات مصلحة مستقلة، وتارة تكون الخصوصية ذات مصلحة ضمنية، فإن كانت الخصوصية ذات مصلحة مستقلة كما لو نذكر أن يتصدق في صلاته، فإن خصوصية التصدق حال الصلاة لها مصلحة مستقلة وهي مصلحة الوفاء بالنذر وهي غير مصلحة نفس الصلاة، فبما أنّ الخصوصية ذات مصلحة مستقلة، فمقتضى استقلال المصلحة الاستقلال في الأمر، فللتصدق أثناء الصلاة أمرٌ مستقل، غاية ما في الباب ظرفه الصلاة وإلا هو أمر مستقل، وأمّا إذا كانت الخصوصية ذات مصلحة ضمنية، مثل: خصوصية كون الصلاة جماعة، خصوصية كون الصلاة مع القنوت مثلاً، فهنا لا يمكن أن توجد مصلحة الجماعة مستقلة عن مصلحة الصلاة، بل لا محالة لا تتحقق مصلحة الجماعة إلا في ضمن مصلحة الصلاة فهي مصلحة ضمنية لا استقلالية، وتُعد من اطوار مصلحة الصلاة، هذا المطلب الأوّل.

المطلب الثاني: إنّ الخصوصية ذات المصلحة الضمنية يتصور لها أربعة أنحاء:

الأول: إمّا أن يؤمر بها بأمر استحبابي مستقل، هذا النحو الأوّل، وهذا يتنافى مع الملاك، فإنّه إذا كان الملاك ضمنياً فالأمر بالمحصل لهذا الملاك أمرا استقلاليا، يعني عدم التطابق بين الأمر وملاكه، فلا معنى لأن يقول الشارع: صلِّ ويُستحب لك الجماعة ضمن الصلاة، هذا غير متطابق مع الملاك فإن الملاك ضمني.

النحو الثاني: أن يكون الأمر الثاني بتطبيق الصلاة على هذا الفرد، بأن يقول الشارع أقم الصلاة، وهذه الصلاة المأمور بها طبقها على الصلاة جماعة، فالأمر الثاني متعلّقه التطبيق.

فهذا يُلاحظ عليه: أنّ المصلحة ليست في التطبيق وإنما المصلحة في الصلاة المتكيفة بالجماعة لا في تطبيق الصلاة المأمور بها على الجماعة؛ كي يكون الأمر بالتطبيق منسجماً مع الملاك، هذا ايضا ليس منسجم مع الملاك.

النحو الثالث: أن يصدر أمران، أمر وجوبي بطبيعي الصلاة، أمر استحبابي بالصلاة جماعةً، وهناك أمران، أمر وجوبي بطبيعي الصلاة أمر استحبابي بالصلاة جماعة.

قال: هذا لازمه اجتماع الضدين؛ لأن الامر الوجوبي مضادٌ للأمر الاستحبابي فلا يُعقل أن يكون متعلّقهما طبيعة واحدة، إذاً ماذا تريد أن تقول؟

النحو الرابع: هو المتعين، أن يندّك الأمر الاستحبابي في الأمر الوجوبي، فنقول: هناك أمرٌ وجوبي مؤكّد وهو الامر بالصلاة جماعةً، أو الأمر بالصلاة مع القنوت، فنستريح من كل ما مضى، حيث إنّ عندنا أمرا وجوبيا مؤكداً بالصلاة مع القنوت القنوت جزءٌ من متعلّق هذا الأمر الوجوبي المؤكد، وهذا هو الموافق لعالم التكوين، يعني في الإرادة في عالم التكوين، فلو أراد الإنسان أن يتغدى والغداء موجود لكن بعد ساعة ونصف، ولكن كانت له مصلحة في أن يكون الغذاء ب «الرز» فحينئذ ليس لهذا الإنسان إرادتان، إرادة للغداء وإرادة للرز بل له ارادة مؤكدة، إرادة الغداء بالرز، فكما أنّ الإرادة في التكوينيات إرادة واحدة مؤكدة فكذلك في التشريعات؛ إذ عالم التشريع على وزان عالم التكوين، والنتيجة أن عندنا أمرا وجوبياً مؤكداً.

المطلب الثالث: فإن قلت: إذاً أين ذهب الاستحباب؟ إذ المفروض أننا نتكلم عن أمر مستحب يكون جزءاً من الواجب وعلى تصويركم أصبح واجباً.

قلت: وحي قام الدليل الخاصّ على أنّه يجوز ترك الجماعة أو يجوز ترك القنوت فقد كشف لنا هذا الدليل الخاصّ عن أنّ هذه الخصوصية ليست لها مصلحة مُلزمة، وأمّا هذه الخصوصية هي أفضل الخصوصيات، فمقتضى الجمع بين الأمر الوجوبي المؤكد بالصلاة مع القنوت وبين الدليل الخاص الذي دل على جواز ترك القنوت، أن نقول: بأن القنوت بلحاظ الأمر الأول جزءٌ من الواجب وبلحاظ الأمر الثاني مستحب، ويأتي الكلام فيه إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 4
الدرس 6