نص الشريط
الدرس 85
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 1/5/1435 هـ
مرات العرض: 2479
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (480)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

.....

توسعة ما دل على شرطية الطهارة لما يشمل الطهارة الظاهرية لأن هذا بيان لمفاديين طوليين بانشاء واحد وهو غير معقول أو خلاف الظاهر اما يحتاج إلى قرينة واضحة، وذكرنا أنه دفع إشكال الميرزا النائيني «قدّس سرّه» بوجوه:

من تلك الوجوه أنه يمكن أن يقال لدليل أصالة الطهارة مدلولين مطابقيا والتزاميا فهي بالنسبة لمدلولها المطابقي تفيد جعل الطهارة الظاهرية وبالنسبة لمدلولها الالتزامي تفيد توسعة ما دل على الشرطية لما يشمل الطهارة الظاهرية فكل من المفادين ذو انشاء يختلف عن انشاء الآخر فهما مختلفان انشاء ودالا فلا يرد هذا الإشكال.

وهذا الجواب إنما يتم بناء على استظهار هذه الملازمة فإذا استظهر من دليل أصالة الطهارة هذه الملازمة أي بين جعل الطهارة الظاهرية وبين التوسعة فحينئذ يتم هذا الجواب.

وإلا فمن شان المحقق النائيني أن يتنصل منه بعدم وجود هذا المدلول الالتزامي لدليل أصالة الطهارة.

والوجه الاخر ما ذكره السيد الشهيد «قدّس سرّه» من أن مفاد أصالة الطهارة بناء على الحكومة هو أن المشكوك في طهارته محكوم باحكام الطاهر واقعا وحينئذ فليس لدليل أصالة الطهارة إلا مفاد واحد وهو أن المشكوك محكوم باحكام الطاهر وانه ينتزع من هذا الجعل أي ترتيب آثار الطاهر الواقعي على المشكوك ينتزع منه الطهارة الظاهرية.

وربما يورد على كلام السيد «قدّس سرّه» بأن يقال هل أن المدعى هو انتفاء النجاسة واقعا كثبوت الطهارة واقعا بمعنى أن قوله كل شيء لنظيف حتى تعلم أنه قذر بناء على أن مفاده هو التوسعة وترتيب آثار الطاهر الواقعي على المشكوك فهل المدعى أن النجاسة تنتفي واقعا عن المشكوك أو أن المدعى انتفاء أثر النجاسة دون نفس النجاسة، أو أن المدعى مجرد انتفاء آثار النجاسة ظاهرا فهنا محتملات ثلاثة لكلام السيد الصدر «قدّس سرّه»:

فإن كان المدعى هو الأول أي أن المشكوك طاهر واقعا وإذا كان طاهرا واقعا فكما ثبتت له الطهارة فقد انتفت عنه النجاسة لأنه إذا كان طاهرا واقعا فليس بنجس واقعا فإذا كان هذا هو مدعى السيد «قدّس سرّه» إذن فالطهارة ليست طهارة ظاهرية إذ لا معنى لأن يقال بأنها طهارة ظاهرية والحال بأن المدعى أن مفاد دليل أصالة الطهارة أن المشكوك طاهر واقعا بل هي طهارة واقعية وليست ظاهرية إذ الطهارة الظاهرية هي التي تتضمن التحفظ على الحكم الواقعي واما إذا لم تتحفظ على الحكم الواقعي بل ادعينا بأن المشكوك طاهر واقعا فلم يبق حينئذ معنى للطهارة الظاهرية.

وإن كان المدعى أن المشكوك يبقى نجسا واقعا إلا أنه لا تترتب عليه آثار النجاسة الواقعية وإن كان نجسا فهذا يعني لغوية جعل النجاسة لأن هذا النجس مما لا تترتب عليه آثار النجاسة واقعا فبقاء نجاسته مع عدم ترتب أي أثر من آثار النجاسة واقعا لغو.

وإن كان المدعى أن دليل أصالة الطهارة يثبت الآثار الواقعية للطهارة وينفي الآثار الظاهرية للنجاسة فهو بلحاظ الطهارة يثبت اثارها واقعا وبلحاظ النجاسة ينفي اثارها ظاهرا لا واقعا - إن كان هذا هو المدعى وهو الظاهر من كلامه - فلازم ذلك أن يكون الدليل الواحد مفيدا للحكم الواقعي والحكم الظاهري فهو بلحاظ آثار الطهارة مفاده الحكم الواقعي وبلحاظ نفي آثار النجاسة مفاده الحكم الظاهري وتكفل دليل واحد لبيان كلا هذين الحكمين مما لا يصار إليه إلا بقرينة واضحة.

ولكن يمكن الدفاع عن السيد طاب في الغري مثواه أنه يمكن اختيار الشق الثاني أو الشق الثالث.

فيمكن اختيار الشق الثاني بأن نقول أن مفاد دليل أصالة الطهارة انتفاء آثار النجاسة واقعا مع بقاء النجاسة ولا يلزم من ذلك محذور اللغوية لما ذكرنا غير مرة من أنه إطلاق النجاسة لما يشمل فرض جريان أصالة الطهارة هل يلزم منه اللغوية أم لا؟ قلنا غير مرة إن كان الإطلاق عبارة عن عدم اللحاظ كما هو مبنى السيد الصدر نفسه فليس فعلا من افعال المولى كي يتصف باللغوية وعدمها وهو عبارة عن عدم لحاظ وان قلنا بأن الإطلاق عبارة عن لحاظ عدم الدخل أي أن المولى لاحظ النجاسة على نحو اللابشرط من حيث جريان أصالة الطهارة وعدمها، فهذا الإطلاق لا يتضمن مؤونة زائدة كي يكون متصفا بمحذور اللغوية وإن كان لحاظا إلا أنه ما لم يتضمن مؤونة زائدة عرفا فإنه لا يرد عليه إشكال اللغوية.

هذا بالنسبة إلى الشق الثاني.

واما بالنسبة إلى الشق الثالث: ويمكن أن نختار الشق الثالث بأن السيد «قدّس سرّه» يدعي أن دليل أصالة الطهارة بالنسبة لاثار الطهارة يثبتها واقعا وبالنسبة لاثار النجاسة ينفيها ظاهرا ولا يرد عليه إشكال استعمال اللفظ في اكثر من معنى والسر في ذلك؛ أن اختلاف النوع بحيث يكون في بعض الموارد حكما واقعيا وفي موارد أخرى حكما ظاهريا لأجل اختلاف المصداق لا لأجل اختلاف المدلول نفسه فليس مدلول أصالة الطهارة في قوله كل شيء لك نظيف حتى تعلم أنه قذر إلا جعل طهارة ولازم جعل هذه الطهارة في موارد آثار الطهارة هو الحكم الواقعي ولازم جعلها في موارد آثار النجاسة هو انتفاءها ظاهريا فالثبوت الواقعي في هذا النوع وانتفاء الظاهري للنوع الاخر من لوازم عالم التطبيق والصدق لا أنه من شؤون المدلول نفسه كي يرد استعمال مفاد أصالة الطهارة في اكثر من معنى.

هذا تمام الكلام فيما اورده المحقق الميرزا النائيني «قدّس سرّه» على صاحب الكفاية ودفعه.

هذا هو تمام الكلام في الوجه الأول الذي افيد لبيان الإجزاء.

الوجه الثاني ما افاده صاحب الحدائق «قدّس سرّه» من أن مفاد دليل أصالة الطهارة الطهارة الواقعية لا الطهارة الظاهرية وفي طول ذلك تتحقق حكومة أو ورود على أدلة الشرطية بل من الأول مفاد دليل أصالة الطهارة الطهارة الواقعية وذلك ببيان امرين:

الأمر الأول: أن ظاهر قوله كل شيء لك نظيف هو جعل نظافة واقعية وقوله حتى تعلم أنه قذر لا يدل على أن المجعول ظاهري والسر في ذلك أن الحكم الظاهري ما اخذ في موضوعه الشك في الحكم الواقعي وهنا لم يؤخذ الشك في الحكم الواقعي وإنما اخذ عدم العلم وعدم العلم اعم من الشك فغاية مفاد هذه الرواية أنه في حال عدم العلم بالقذارة فالمجعول في حقك شرعا وواقعا هو الطهارة وعدم العلم يشمل حال النسيان والغفلة والجهل المركب فلم يؤخذ الشك في موضوع هذا المجعول كي يكون قرينة على أن الطهارة المجعولة الطهارة طهارة ظاهرية.

هذا هو الأمر الأول.

والامر الثاني: أن قوله في الذيل فإذا علمت فقد قذر ظاهر أن العلم سبب لحصول القذارة وليس كاشفا عنها فإذا علمت فقد قذر يعني بعلمك تحققت القذارة لا أن العلم كاشف عن القذارة ومقتضى ذلك أنه ما لم يعلم فالمشكوك طاهر واقعا فإذا علم فقد تبدل الموضوع لا أنه انكشف الخلاف واصبح نجسا ودعوى أن هذا يلزم منه اخذ العلم في موضوعه لأن لازم ذلك أن تكون النجاسة هي مشروطة بالعلم بها أجيب عنها في كلمات الاصوليين بأنه لا مانع من اخذ العلم بالجعل شرطا في فعلية المجعول فكأن مفاد دليل أصالة الطهارة أن العلم بجعل النجاسة للدم أو البول أو الكلب أو الخنزير أو ما اشبه ذلك شرط في فعلية النجاسة.

والملاحظة على مبنى صاحب الكفاية ومبنى صاحب الحدائق واحدة وهي أنه وإن كان مقتضى أصالة الاحتراز أن للعلم موضوعية لكن حيث إن العلم من العناوين الطريقية والالية كعنوان النظر والتبين وما اشبه ذلك فظهور العلم في الطريقية والكاشفية قرينة على لحاظ العلم في الرواية على نحو الكشف لا على نحو السببية في حدوث حكم من الاحكام أو لفعليته ومقتضى ظهوره في كونه كاشفا لا سببا هو أن الطهارة المجعولة طهارة ظاهرية وبما أن المجعول طهارة ظاهرية فحكومتها على دليل الشرطية وهي قوله صل بساتر طاهر حكومة ظاهرية، لم؟ لأن المفروض أنه اخذ في هذه التوسعة المستفادة من دليل أصالة الطهارة ولو بالمدلول الالتزامي إن صح ذلك اخذ فيها الشك في الواقع وترتب اثاره ومن اثاره الشرطية كما سبق بيانه فمقتضى ذلك أن تكون الحكومة حكومة ظاهرية أيضاً.

هذا تمام الكلام في الوجه الثاني.

الوجه الثالث: ما افاده السيد البروجردي «قدّس سرّه» في نهاية الأصول وبيانه أن أدلة الحجج مقتضاها الاجزاء سواء كانت امارة أو أصلا عمليا فلا فرق عنده بين الامارة والاصل في ترتب الإجزاء على العمل بها وبيان ذلك: أنه ظاهر أدلة الحجج أن ما قامت عليه الحجة من امارة أو أصل فهو مصداق لما هو المأمور به ومقتضى كونه مصداق لما هو المأمور به هو الإجزاء نذكر أمثلة:

فمثلا في رواية قاعدة التجاوز بلا قد ركعت إذا شككت في الركوع قال بلى قد ركعت فإن ظاهر هذا اللسان أن الصلاة المشكوك في ركوعها بمقتضى قاعدة التجاوز مصداق لما هو المأمور به ومقتضى دلالتها بالالتزام على أن الركوع المشكوك ركوع هو الإجزاء أو قوله في معتبرة حفص بن غياث عن جعفر عن ابائه عن علي لا ابالي اصبني أبول أو ماء إذا لم اعلم، فإن ظاهره أن اجراء الأصول أو الامارات التي تثبت الطهارة حال الشك كافية في الإجزاء ووجدان المشكوك لما هو المأمور به وإلا لو لم نحفل مفاد هذه الرواية على الصحة الواقعية وان الثوب المشكوك اصابه بول أو ماء واجد للطهارة الواقعية لو لم نحمله على ذلك للزم أن يكون الامام لا يبالي بصحة صلاته، فمتى لم تحملوا مفاد الرواية على الصحة الواقعية سوف يكون مفادها أن الامام إذا شك فلا يبالي باحراز الصحة الواقعية، ونظير ذلك من الموارد مثلا في دليل أصالة الحل كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام فإنه قد تمسك بها جمع بهذه الرواية لاثبات صحة الصلاة في الثوب في الساتر في الجلد المشكوك أنه جلد ما يحل اكله كالانعام الثلاثة أو ما لا يحل اكله كالسباع والوحوش ما هو وجه التمسك؟ ووجه التمسك بدليل أصالة الحل أنه يتوقف الاستدلال باصالة الحل لاثبات حلية الجلد المشكوك على امرين:

الأمر الأول: أن يقال أن ما دل على اشتراط الحلية في الساتر كما في موثقة أبي بكير فالصلاة في وبر كل شيء حرام اكله فإن الصلاة في وبره وجلده وشعره وروثه وبوله والبانه وكل شيء فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى يصل في غيره مما احل الله اكله أن يستفاد منها أن الحلية اخذت على نحو الموضوعية لا على نحو المشيرية حيث ذهب جمع من فقهائنا إلى أن الحلية ماخوذة على نحو المشيرية؟ لماذا؟ يعني يريد أن يقول الصلاة في جلد الثعلب لا تصح الصلاة في جلد الاسد لا تصح الصلاة في... لا أن الموضوعية لما يحل اكله فعنوان ما يحل وما يحرم مجرد مشير إلى ما هو موضوع المانعية لا أن لهاذ العنوان دخلا فبناء على المشيرية لا تفيدنا اجراء أصالة الحل إنما يفيدنا اجراء أصالة الحل لاثبات حلية الجلد المشكوك إذا كان للحلية موضوعية.

هذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني أن نستفيد من موثقة ابن بكير أن الشرط في صحة الصلاة حلية الجلد لا أن الحرمة مانع وإلا فالسيد الخوئي يقول: لا، بل الحرمة مانع، أن الصلاة في وبر كل شيء حرام اكله فالصلاة في وبره وكذا فاسد غاية ما تدل على مانعية الحرمة لا شرطية الحلية فبناء على أن المستفاد منها مانعية الحرمة لا وجه لجريان أصالة الحل لاثبات صحة الصلاة فالاستدلال باصالة الحل لاثبات صحة الصلاة يتوقف على استفادة هذين الامرين من موثقة ابن بكير.

هذا ما افاده السيد البروجردي وهناك كلام للسيد الامام ونعلق على كلامهما قدس سرهما لاحقا إن شاء الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 84
الدرس 86