نص الشريط
الدرس 42
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 8/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 11
مرات العرض: 2591
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (420)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

تقدم في اول بحث دوران الامر بين المحذورين ان هناك صورتين الاولى ما اذا كانا توصليين، والاخرى اذا كان احددهما تعبدياً او كلاهما، وذكرنا ان الصورة الاولى ايضا لها فرضان الاول ان يتساويا احتمالا ومحتملا، وهذا ما سبق البحث فيه، والثاني ان يكون المحذوران التوصليان متفاوتين احتمالا او محتملا، فلأجل ذلك يقع الكلام فعلا في الفرض الثاني من هذه الصورة وهي ما اذا كان احد الطرفين اقوى من الآخر احتمالا او محتملا، فيقع البحث هل ان لهذه الاقوائية تأثيرا في احكام دوران الامر بين المحذورين ام لا، فهنا جهات 3 للبحث، الجهة الاولى: هل ان لاقوائية الاحتمال او اهمية المحتمل تأثير في جريان الاصل العملي الشرعي ام لا، فاذا افترضنا انه لو دار امر النفقة على الولد المرتد بين الوجوب والحرمة وذكرنا ان اصالة البراءة الشرعية عن كل من المحتملين وهما الوجوب والحرمة لا تجري للمحاذير السابقة، فهل ان اقوائية احد الاحتمالين او المحتملين مرجح لجريان الاصل العملي ام لا، فهنا افاد السيد الشهيد بأنه لا مرجح فان مجرد كون أحد الطرفين أي الوجوب والحرمة اقوى احتمالا او اهم محتملا لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق فاطلاق دليل الاصل كقوله رفع عن امتي ما لا يعلمون متساوي النسبة لكلا الطرفين فتفاوتهما احتمالا او محتملا لا اثر له في صحة التمسك بالإطلاق او عدمه.

ولكن قد يقال بناءً على مسلكه من ان المنساق من ادلة الاصول العملية أنها في مقام حفظ احد الملاكين المتزاحمين تزاحما حفظيا، فبما ان سياق ادلة الاصول العملية كدليل البراءة او اصالة الحل انه من اجل حفظ احد الملاكين المشتبهين فبناءً على ذلك يقال انه لو دار امر الحفظ لدى المرتكز العقلائي بين ملاك اضعف احتمالا وبين ملاك اقوى احتمالا او محتملا فان المرتكز العقلائي قائم على حفظ الاقوى فيرى ان التحفظ على الاقوى حفظ لأنّه لا يدرى أي الملاكين هو المطلوب شرعا فحينئذٍ الاخذ بالاقوى احتمالا او محتملا حفظ عقلائي له، فحيث ان المنساق من ادلة الاصول العملية هو الحفظ فاحتفافها بهذا المرتكز العقلائي الذي يرى ان الاقوى هو المتعين للحفظ يوجب انصراف دليل الاصل العملي لما عداه، فاذا دعوى انه لا تأثير لاقوائية الاحتمال او المحتمل في تحديد مجرى الاصل العملي محل تأمل.

الجهة ال 2 بناءً على وجود منجز في البين اما منجزية الاحتمال او منجزية العلم الاجمالي فهل لاقوائية احد الطرفين احتمالا او محتملا تأثير على المنجزية ام لا، والمنجز المحتمل اما الاحتمال او العلم الاجمالي فنتكلم على كل منهما.

اما الاول وهو منجزية الاحتمال بناءً على مسلك السيد الشهيد وغيره الذي لا يرى البراءة العقلية فيرى ان المنجز هو الاحتمال حتّى لو فرض عدم وجود علم اجمالي، وبناءا على هذا المسلك فهنا افاد السيد الصدر انه متى ما كان احد الطرفين اقوى احتمالا او محتملا كان هو المتنجز دون الآخر والسر في ذلك انه بناءً على منجزية الاحتمال كل منهما مقتض للمنجزية انما الذي منع من المنجزية تزاحمهما في التاثير لورودهما في واقعة 1 وهي هل ان النفقة على الولد واجب ام حرام فتأثير احتمال الحرمة مزاحم بتاثير احتمال وحيث ان منجزيتهما معا محال ومنجزية احدهما المعين ترجيح بلا مرجح فلذا قلنا لا منجزية لاحدهما والا فالمقتضي موجود فاذا كان المقتضي للمنجزية قائما وانما منع منه مانع وهو الترجيح بلا مرجح والمفروض ان هذا المانع قد ارتفع لان اقوائية احدهما احتمالا او محتملا مرجح فحينئذٍ المقتضي للمنجزية وهو الاحتمال موجود والمانع في ذي المزية قد ارتفع فاذا تتم منجزيته.

بل نقول انه حتّى لو بنينا على مختارنا فيما مضى وهو ان انبساط المنجزية على المتناقضين غير معقول فان منشأ عدم المعقولية عدم تصديق الذهن بالادانة على احدهما مع احتمال نقيضه فاذا كان احدهما اقوى احتمالا او محتملا لم يكن الذهن آبيا عن تعينه او تقديمه في مقام المنجزية بالنسبة لما عداه، هذا بالنسبة الى الاول وهو منجزية الاحتمال

اما بالنسبة للثاني وهو منجزية العلم الاجمالي فهنا افاد السيد الشهيد انه لا بد من التفصيل وهو انه هل العلم الاجمالي منجز للجامع كما هو مبنى النائيني ام منجز للواقع كما هو مبنى العراقي وعلى كل من المسلكين تختلف النتيجة فان قلنا ان العلم الاجمالي منجز للجامع فان الجامع معلوم تفصيلا لذلك تنجز بالعلم الاجمالي فحينئذٍ احد الطرفين اقوى احتمالا او محتملا من الآخر فهنا ذكر السيد الشهيد انه لا قيمة للاقوائية اذ بناءً على هذا المسلك وهو ان العلم الاجمالي ليس الا منجز للجامع وان البراءة العقلية جارية لأنّه ما دام المتنجز هو الجامع فلك أي المكلف ان تطبق هذا الجامع على احد الطرفين، وتجري البراءة عن الآخر، لان الرافع لقبح العقاب بلا بيان هو البيان وما تم عليه البيان هو الجامع من حيث هو جامع فيقوم المكلف بتطبيق هذا الجامع على احدهما ويجري البراءة عن الآخر، فبالنسبة لهذا المسلك كان احدهما اقوى احتمال ام لا فان دليل البراءة متساوي النسبة لكل منهما، اذ لم يخرج عنه الا الجامع.

اذا فعلى هذا المبنى لا اثر لاقوائية احد الطرفين احتمالا او محتملا في التنجز.

ولكن قد يقال كما سبق بحثه في اول مباحث القطع هل ان الرافع لقبح العقاب بلا بيان العبر عنه بالبيان المنجز الوجداني او المنجز العقلائي، وهذا البحث ايضا بحثه جمع من الاعلام منهم السيد السيستاني حيث ذهب في احدى دوراته الاصولية الى ان المنجزية للعلم الاجمالي ليست منجزية عقلية وجدانية بل منجزية عقلائية.

فاذا قلنا ان الرافع هو المنجز الوجداني فالمنجز الوجداني قام على الجامع لأنّه هو الذي علم وجدانا، واما اذا قلنا ان الرافع لقبح العقاب بلا بيان المنجز العقلائي وهو ما كان محركا لدى العقلاء نحو متعلقه فالمنجز العقلائي الاحتمال الأقوى المقترن مع اهمية المحتمل فان العقلاء في موارد ان يكون التكليف اقوى احتمالا واهم محتملا يرونه محركا ومنجزا ولا يعذرون الاقتحام فيه بناءً على البراءة.

فاذا قلنا ان الرافع هو المنجز العقلائي اذا متى ما كان احدهما اقوى احتمالا واهم محتملا انصرف دليل البراءة للثاني فصار للاقوائية تأثير هنا للمنجزية العمل الاجمالي حتّى بناءً على انها منجزة للجامع.

المسلك الثاني وهو مسلك العراقي وهو انه منجز للواقع وعليه تجب الموافقة القطعية، لأنّه لا يحرز امتثال الواقع الا باجتناب الطرفين.

فهل على مبنى العراقي يكون هناك اثر لاقوائية احد الطرفين احتمالا او محتملا

افاد السيد الصدر انه ان كان احد الطرفين اقوى احتمالا فهو الذي يتنجز في هذا المقام واما اذا كان احدهما اهم محتملا فلا اثر لذلك.

اما اذا كان احدهما اقوى احتمالا فلان المفروض في المقام هو ان العلم الاجمالي حيث انه منجز للواقع فهو مقتضي لوجوب الموافقة القطعية وحيث ان الموافقة القطعية في المقام مستحيلة لدوران الامر بين المحذورين فتصل النوبة للموافقة الاحتمالية فاذا كانت هذه الموافقة متفاوتة لان احد الطرفين اقوى احتمالا كانت الموافقة الاحتمالية في ذي المزية متعينة بالنسبة للاخر لأنّه يدور الامر بين تعين هذا الطرف او التخيير بينهما فالعقل يعين ذا المزية

بخلاف ما اذا كانا متساويين احتمالا ولكن احدهما اهم محتملا.

الدرس 41
الدرس 43