نص الشريط
الدرس 43
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 9/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 12
مرات العرض: 2769
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (379)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وصل البحث الى انه اذا قلنا بان العلم الاجمالي منجز للواقع وكان الطرفان متفاوتين فهل يكون عنصر الاقوائية من حيث الاحتمال او المحتمل موجبا لتعين ذي المزية ام لا، وذكرنا ان هنا فرضين الاول: ان يكون احدهما اقوى احتمالا فاذا دار الامر مثلاً بين وجوب النفقة وحرمة النفقة ولكن كان وجوب النفقة اقوى احتمالا من حرمتها فهل يتعين في المنجزية ام لا، فهنا افاد السيد الشهيد انه اذا كان العلم الاجمالي منجزا للواقع لكن الموافقة القطعية لهذا المعلوم بالاجمال غير ممكنة لدوران الامر بين المحذورين فتصل النوبة الى الموافقة الاحتمالية وبما ان أحد الطرفين اقرب الى الواقع لكونه اقوى احتمالا فحينئذٍ يتعين في مقام المنجزية مقابل الطرف الآخر.

ولكن يلاحظ على هذا الكلام المذكور في تقرير البحوث ان مجرد اقوائية احدهما احتمالا لا تلغي احتمال منجزية الآخر، ما لم يصل الامر الى زوال كاشفية الثاني عن الواقع، فاذا افترضنا ان اقوائية أحدهما من حيث الاحتمال وصلت الى حد يكون احتمال الآخر موهوما فحينئذٍ يقال حيث ان الوهم لا كاشفية له عن الواقع فيتعين الاول في المنجزية، واما اذا لم تصل الاقوائية الى هذا الحد فطرف الوجوب اقوى احتمالا الا ان طرف الحرمة ايضا محتمل فمجرد اقوائية احدهما احتمالا لا تلغي كاشفية الآخر وما لم تلغ كاشفية الآخر فاحتمال المنجزية للاخر قائمة وبالتالي فالاقوائية لا توجب تعين الاقوى في مقام المنجزية.

الفرض الثاني ان لا يكون احدهما اقوى احتمالا ولكنه اهم محتملا، كما لو فرضنا ان جانب الحرمة اهم محتملا من جانب الوجوب فهل مجرد اهمية احدهما من حيث المحتمل موجب لتعينه في مقام المنجزية ام لا، فهنا وجهان قد يذكران للتعين، الوجه الاول ان يقال انما سقطت منجزية كل من طرف الوجوب وطرف الحرمة لأجل محذور الترجيح بلا مرجح فاذا زال هذا المحذور تعينت المنجزية

بيانه انه في فرض ان يتساوى الطرفان احتمالا ومحتملا يقال حينئذٍ ان منجزية العلم الإجمالي للواقع بحيث تجب الموافقة القطعية غير معقول لان المكلف غير قادر عليها لدوران الامر بين المحذورين، ومنجزية العلم الاجمالي للجامع امر غير معقول لان المكلف مضطر لارتكاب الجامع حيث لا يخلو امره من الفعل او الترك، ومنجزية العلم الإجمالي لاحد الطرفين دون الآخر ترجيح بلا مرجح، فاذا عالجنا هذا الامر ال 3 وقلنا بان احد الطرفين اهم محتملا الآخر، لم يكن تنجزه دون الآخر بلا مرجح، بل تنجزه مع المرجح، وهو كونه محتمل الاهمية فبهذا اللحاظ يكون محتمل الاهمية متنجزا دون ال 2،

ولكن يلاحظ على هذا ان هذا ليس مرجحا في مقام المنجزية اذ مجرد كون احدهما اهم محتملا لا انه محرز الاهمية فلو كان احدهما محرز الاهمية مقابل الآخر تعين ولكن المفروض انه محتمل الاهمية، فمجرد كون احدهما محتمل الاهمية لا يوجب كونه راجحا في مقام المنجزية، لان مقام المنجزية يدور مدار الكاشفية عن الواقع، فما لم يكن احدهما اقوى كاشفية بحيث لا تبقى كاشفية للآخر والا فما هو المعين والمرجح له في مقام المنجزية على الآخر فمجرد كون احدهما محتمل انه اهم والا من حيث الكاشفية هما على حد سواء فان احتمال الاهمية ليس مرجحا في المنجزية أي في اطار المنجزية هذا ليس مرجحا، وان كان احتمال الاهمية مرجح في باب التزاحم اما في مقام المنجزية هذا مما لا موجب له ما دام لا يوجب اقوائية في الكاشفية عن الواقع.

هذا هو الوجه الاول للتعين ونقاشه.

الوجه الثاني ان يقال ان المقام من دوران الامر بين التعيين والتخيير، واذا دار الامر بين التعيين والتخيير فطرف التعيين مقدم، ولكن هذا الكلام ليس صناعيا،

دوران الامر بين التعيين والتخيير له 3 موارد،

المورد الاول ما اذا دار الامر بين التعيين والتخيير من حيث الحجية.

والمورد الثاني ما اذا دار الامر بين التعيين والتخيير من حيث التزاحم.

والمورد ال 3 ما اذا دار الامر بين التعيين والتخيير من حيث التكليف،

اما الأول اذا دار الامر بين التعيين والتخيير من حيث الحجية كما اذا اختلف الفقهيان ويحتمل تساويهما ويحتمل اعلمية الف بعينه، فهما اما متساويان او ان الف مقدم لأنّه يحتمل اعمليته فهنا يقال دار الامر بين التعيين والتخيير من حيث الحجية.

والسر في ذلك انه اما ان المكلف مخير في العلم باي الفتويين لتساويهما او العمل بفتوى من يحتمل اعلميته، فهنا يقال ان محتمل الاعلمية معلوم الحجية على كل حال لأنّه اما مساوي او اعلم بينما الطرف الآخر وهو اما مساوي او اقل علما مشكوك الحجية، والشك في الحجية الانشائية مساوق للقطع بعدم الحجية الفعلية فحينئذٍ يكون العمل بفتوى محتمل الاعلمية متعينا،

ولكن مقامنا وهو ما اذا دار العلم الاجمالي بين وجوب النفقة وعدمهما لا يرتبط بدوران الامر بين التعيين والتخيير من ناحية الحجية.

والمورد ال 2 ما اذا دار الامر بين التعيين والتخيير من حيث التزاحم، وهذا المورد الذي اجملته عبارة التقريرات له 3 فروض.

الفرض الأول ان يكون احدهما اهم والفرض ال 2 ان يكون احدهما محتمل الاهمية والفرض ال 3 ان يكون احدهما اقوى احتمالا في الاهمية من الآخر، وهنا فروض 3.

الفرض الأول ما اذا كان احد المتزاحمين اهم كما لو فرضنا انه وقع التزاحم بين انقاذ الغريق المسلم او الصلاة في ضيق الوقت، لا اشكال ان انقاذ النفس اهم، في مثل هذا الفرض لا اشكال في تعين الاهم، والسر في ذلك ان اطلاق الامر بالاهم باق بخلاف اطلاق الامر بالمهم، فان الامر بالمهم لا اطلاق له لفرض الاشتغال بالاهم، لان اطلاق الامر بالمهم حتّى لفرض الاشتغال بالاهم قبيح اذ ما هو الغرض لاطلاق الامر بالمهم حتّى مع اشتغال بالاهم؟ هل هو صرفك عن الاهم هذا قبيح او التحريك نحو المهم فهذا طلب للجمع بين الضدين

اذا اطلاق الامر بالمهم حتّى لفرض الاشتغال بالاهم ساقط، فيبقى اطلاق الاهم حتّى لفرض الاشتغال بالمهم بلا معارض فيتعين هنا الاخذ بالهام.

الفرض ال 2 الذي يلتقي مع بحثنا ما اذا كان احدهما محتمل الاهمية فاذا دار الامر بين انقاذ ذمي او انقاذ امامي فحينئذٍ يقال بان احدهما محتمل الاهمية فبما انقاذ الامامي محتمل الاهمية فهل يتقدم محتمل الاهمية على غيره ام لا.

فهنا 3 مسالك في باب التزاحم:

المسلك الأول مسلك المحقق العراقي من ان الخطابات أي خطابات التكاليف ناظرة لفروض التزاحم، فمثلا المولى لما يقول اقم الصلاة فهو ناظر لفرض المزاحمة بين الصلاة وبين غيرها مما يقل عنها او يساويها او يكون اهم منها فاذا كانت الخطابات الاولية الواردة على نحو القضية الحقيقية ناظرة لفروض التزاحم فاذا اطلق المولى الخطاب ولم يقيده فقال اقم الصلاة استفيد من اطلاق خطابه ان الصلاة اهم من غيرها اذ لو لم تكن اهم من غيرها في حالات المزاحمة لما اطلق الامر بها من دون تقييد، فعلى هذا المسلك عندا اطلاقان اطلاق للامر لانقاذ نفس الامامي واطلاق لانقاذ نفس الذمي، فاي الاطلاقين متعين في المقام؟ أي مقام التزاحم مع كون الاول محتمل الاهمية، فهنا يقال على هذا المسلك ان اطلاق الامر بانقاذ نفس الذمي ساقط على كل حال، اما لأنّه مساوي او لأنّه مرجوح فان كان مساويا سقط لأجل المعارضة بين الاطلاقين، وان كان مرجوحا سقط لان الشارع يريد غيره فعلى أي حال اطلاق الامر لانقاذ نفس الذمي ساقط على كل حال

بينما اطلاق الامر بإنقاذ نفس الامامي لا يعلم سقوطه اذ لعله هو الاهم فهو المتعين ولعله المساوي فيكون ساقطا، فحينئذٍ حيث يشك في سقوطه عند تزاحمه مع انقاذ نفس الذمي فمقتضى اصالة الاطلاق الاخذ به، اذا يعين انقاذ نفس الامامي عملا باطلاق الامر في مقام المزاحمة مع اطلاق الامر بالاخر.

المسلك الثاني ما ذهب اليه الشيخ التبريزي من ان الخطابات لا نظر لها الى مقام التزاحم، فالمولى لما يقول اقم الصلاة فهو في مقام تشريع اصل الوجوب ولا نظر لها لمقام التزاحم فلا يستفاد من اطلاق أي خطاب انه اهم من غيره عند المزاحمة، انما هناك مقيد لُبي في كل واجب وهو ان لا تشتغل بما لا يقل عنه اهمية، اقم الصلاة أي ان لم تشتغل بما لا يقل اهمية وكذا في انقذ الغريق، فجميع الواجبات مقيدة تقيدا لبيا بمقتضى المرتكز العقلائي بان لا تشتغل بما لا يقل اهمية.

فعلى هذا المسلك الذي تبناه السيد الصدر قد يرد اشكال انه اذا كان عندنا امران، امر بمحتمل الاهمية وهو انقاذ نفس الامامي وامر بغيره وهو انقاذذالذمي، نقول تقولون الامر ال 2 ساقط اطلاقه نأتي الى الامر ال 1 وهو الامر بانقاذ الامامي مقيد لبا بان لا تشتغل بما لا يقل اهمية، ونحن نشك لو اشتغلنا بانقاذ نفس الذمي هل اشتغلنا بما لا يقل اهمية اذ لعله مساوي له فيكون اشتغال بما لا يقل اهمية فاذا شككنا فالتمسك بالاطلاق الامر بانقاذ نفس الامامي تمسك بالدليل في الشبهة المصداقية لانه يقول انقذ نفس الامامي ان لم تشتغل بما لا يقل أهمية ونحن نحتمل لو اشتغلنا بانقاذ نفس الذمي اننا اشتغلنا بما لا يقل أهمية فلا يصح هنا اتسمك باطلاق الامر لإنقاذ نفس الامامي لانه تمسك بالدليل بالشبهة المصداقية

ولو اخذنا بالاستصحاب، نجري استصحاب عدم الاشتغال بما لا يقل اهمية، لأننا لا ندري لو اشتغلنا بانقاذ نفس الذمي هل اشتغلنا بما لا يقل اهمية او لا فنجري استصحاب عدم الاشتغال بما لا يقل أهمية.

نقول انما هذا يتم لو كان هذا القيد ماخوذا على نحو الحصة اما لو كان ماخوذا على نحو التركيب فلا يتم فيه الاستصحاب.

بيان ذلك انه لو كان القيد هو ان لا تشتغل بشيء وكون ذلك الشيء لا يقل اهمية، أي القيد مركب من 2:

ان لا تشتغل بشيء

ان لا يكون ذلك الشيء مما لا يقل أهمية.

الاشتغال بشيء امر وجداني لأننا اشتغلنا بالثاني، ولا ندري ان ال 2 لا يقل اهمية ام لا هذا لا يمكن اجراء الاستصحاب فيه لأنّه ليس له حالة سابقة.

لان هذا ال 2 منذ الازل أي انقاذ نفس الذمي مما لا ندر هل هو مساوي او لا يقل اهمية، فكيف يجري الاستصحاب؟

اذا يبقى المشكلة وهو انه كيف يمكننا التمسك بالطلاق الامر بإنقاذ نفس الامامي مع ان المقيد اللبي..

الدرس 42
الدرس 44