نص الشريط
الدرس 2
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 6/11/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2579
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (385)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وصل الكلام إلى أنه إذا شك في أن الصلاة وقعت في الوقت أم لا فهل يمكن إجراء قاعدة الفراغ لإثبات صحة الصلاة من هذه الجهة أم لا؟ وقد أفاد سيد العروة قدس سره وتبعه سيدنا قدس سره أن جريان قاعدة الفراغ عند الشك في الوقت منوط بشرطين:

الشرط الأول: أن لا يحرز الغفلة أثناء الصلاة والشرط الثاني أن يكون حين الشك عالماً بدخول الوقت.

أما بالنسبة للشرط الأول، بل «يحتمل أنه عند شروعه في الصلاة التفتَ إلى قيودها، ومن قيودها الوقت وانه راعا تحقق هذه القيود» فإذا احتمل ذلك ولو لم يحرزه لكنه يحتمل أنه التفت وراعا أجرى قاعدة الفراغ في صلاته.

وأما إذا أحرز أنه أثناء الصلاة كان غافلاً بالمرة عن مسألة الوقت فلو وقعت الصلاة في الوقت فهي لم تقع عن إحراز وتصدي منه وإنما وقعت في الوقت صدفة وتوفيقاً من الله وإلا فهو لم يتصد لإحراز ذلك، فهنا لا تجري قاعدة الفراغ.

والوجه في ذلك أن ما يستفاد من موثقة بكير ابن أعين «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» بدعوى أن ظاهرها جريان القاعدة احتمال الأذكرية حين العمل، أو إذا لم نسلم بهذا الوجه فإن ظاهر روايات قاعدة «الفراغ إذا شككت كل شيء شككت فيه من ما قد مضى فأمضه.» ظاهر سياقها أن موضوع القاعدة أن يشك في فعله فما يرجع إلى فعله فهو مجرى للقاعدة، فإن معنى قوله «فأمضه» أي ما شككت في أنك أمضيته أم لم تمضه فأمضه، وأما إذا أحرز حين العمل أنه كان غافلاً بالمرة بحيث لو وقعت الصلاة في الوقت فليس هذا من فعله وإنما هو من باب الصدفة والاتفاق فحينئذ لا تجري القاعدة إذ ليس الشك شكاً في فعله.

وهذا نظير أن يحرز المكلفُ أنه صلى إلى هذه الجهة قطعاً لكن لا يدري هذه الجهة هي قبلة أم لا، فلو وقعت هذه الجهة قبلة فليس هذا من فعله إنما هو من باب الصدفة والاتفاق، فبناء على هذين الوجهين لا تجري قاعدة الفراغ عند الشك في الوقت مع إحراز الغفلة.

وأما لو بنينا على أن موضوع قاعدة الفراغ الشك في الانطباق أي أن هناك مأموراً به وهناك مأتيٌ به فمتى شك المكلف في انطباق المأمور به على المأتي به على نحو الشبهة الموضوعية فهو مجرى القاعدة سواءً كان مرجع الشك للشك في فعله أم لا، أحرز الغفلة حين العمل أم لم يحرز؟ وهو ما بنى عليه السيد الأستاذ دام ظله تمسكاً ببعض المطلقات وقد سبق بحث هذه النقطة في البحوث التي قبل العطلة.

الشرط الثاني: وهو المهم وهو أن يكون حين الشك عالماً بدخول الوقت، فعندما شك في أن صلاته كانت في وقت أم لا يعلم الوقت قد دخل، إنما لا يدري هل دخل من حين شروعه في الصلاة أم لا.

والسر في اخذ هذا الشرط هو ما تعرض له الميرزا النائيني وسيدنا قدس سرهما من أنه يشترط في جريان قاعدة الفراغ إحراز الأمر، وهذا يقتضي ذكر أمور:

الأمر الأول: ما هي النكتة في اخذ هذا الشرط في جريان قاعدة الفراغ؟ بأن يقول يشترط في جريانها إحراز الأمر، إنّ النكتة في ذلك أن المستفاد من سياق روايات قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز أنّ الذي تتكفل به القاعدة «إحراز الانطباق» أي انطباق المأمور به على المأتي به، وأما أن هناك أمر أم لا فإن القاعدة لا تتكفل إحراز ذلك، فبما أن لسان القاعدتين ظاهرة في أن موردهما الشك في الانطباق فلابد من إحراز الأمر في رتبة السابقة لأنّه بمثابة الموضوع للانطباق وعدمه.

إذن فما لم يحرز الأمر فالشك شك في الأمر وليس شكاً في انطباق المأمور به على المأتي به كي يكون مجرى للقاعدة.

الأمر الثاني: أن المراد بالأمر عندما نقول أنه يشترط في جريان القاعدة إحراز الأمر أن المراد بالأمر يعني المشروعية، لا أن المراد بالأمر وجود وجوب فعلي كي يقال بأن هذا يبتني على أن الواجب من قبيل الواجب المشروط أو الواجب المعلّق، فإن قلنا أن الوقت شرط في الواجب وليس شرطاً في الوجوب فمقتضى ذلك أن تكون صلاة الظهر من قبيل الواجب المعلّق أي أن وجوب صلاة الظهر قد أصبح فعلياً منذ الفجر، إلا أن الواجب لا يقع صحيحاً إلا إذا حل الزوال، وهذا ما هو ظاهر مبنى الشيخ الأعظم قدس سره من رجوع القيود إلى المادة لا إلى الهيئة، أي إلى الواجب لا إلى الوجوب، فيقال على مبنى الشيخ الأعظم إنّ الأمر محرز فإذا شك في أن الصلاة كانت في الوقت أم لا فليس الشك في الأمر بل هو في الواجب، بخلاف ما إذا قلنا إن الزوال قيد في الوجوب وفي الهيئة ومقتضى ذلك أن تكون صلاة الظهر من قبيل الواجب المشروط لا من قبيل الواجب المعلّق، فبناءً على ذلك يكون الشك في الوقت شكاً في أصل الوجوب.

ففي مقابل هذا البيان نقول إنما يقصده العلمان النائيني والخوئي قدس سرهما وهو ظاهر كلام العروة من اشتراط إحراز الأمر لا يقصد به إحراز الوجوب والبعث بل المقصود به إحراز المشروعية، فمن الواضح أنه حتّى على مبنى الشيخ الأعظم - القائل بتقدم الوجوب زماناً على الواجب - يكون إيقاع الصلاة قبل الزوال غير مشروع، بل هو من التشريع، فما دام إيقاع الصلاة قبل الزوال غير مشروع إذن فالشكُ في دخول الوقت وعدمه شك في المشروعية وهو أن الصلاة أصلا مشروعة أم لا؟ فإذا كان الشك شكاً في المشروعية لم تجر القاعدة، فإن مجرى القاعدة أن يكون الشك متمحضاً في الامتثال والامتثال متفرع على المشروعية وهو أن العمل مشروعٌ في حد نفسه، فليس المقصود من إحراز وجود الأمر إحراز فعلية الوجوب والبعث بل إحراز المشروعية.

وبناء على ذلك فلا فرق في عدم جريان قاعدة الفراغ عند الشك في الوقت بين مبنى الشيخ الأعظم أو غيره.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 1
الدرس 3