نص الشريط
الدرس 22
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 5/12/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2537
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (280)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين

لازال الكلام في البحث في ثمرات البحث في الوقت الاختصاصي وفي الوقت المشترك،

قلنا بان هذه المسالة لها صور وصل الكلام الى صورة ما لو بقي الوقت عن نصف الليل مقدار ثلاث ركعات، فإن صرف الوقت في صلاة المغرب اصبحت العشاء خارج الوقت وان صرف الوقت في العشاء إذن صلى ركعتين لكون العشاء المأمور بها قصرا لا تماما لأنّه لايدرك من المغرب على القول بالوقت المشترك إلا ركعة وعلى القول بالوقت الاختصاصي لا يدرك شيئا لأن هذه الركعة خارجة عن وقت المغرب.

فافاد سيد العروة وسيدنا الخوئي قدس سرهما بأن الوظيفة تقديم العشاء وذكرنا أن لذلك أدلة:

1 - ما استدل به السيد الإمام قدس سره وسبق البحث فيه.

2 - ما استدل به السيد الخوئي بناء على القول بالاختصاص أي بناء على أن آخر الوقت بمقدار ركعتين خاص بالعشاء، فافاد هنا أنه قد يقال أن تقديم العشاء على المغرب بلا مرجح فكما أنه لو صلى المغرب اصبحت العشاء خارج الوقت كذلك لو صلى ركعتين العشاء فعلى القول باختصاص آخر الوقت بالعشاء اصبحت المغرب خارج الوقت فلا مرجح لاحداهما على الأخرى

فاجاب: بل الصحيح أن التقديم بمرجح والسر فيه اننا إذا قدمنا العشاء فقد احرزنا فريضة في وقتها الأولي قطعا لأن هذا هو وقت العشاء بينما إذا قدمنا المغرب فليس له من وقت المغرب إلا مقدار ركعة وإلا فمقدار ركعتين هو للعشاء فإذا قدمنا المغرب فقد ضيعنا الوقت الأولي لصلاة العشاء وتحفظنا على الوقت التنزيلي لصلاة المغرب لأن وقتها الأولي لم ندرك منه إلا ركعة

إذن نتيجة ذلك أنه دار الأمر بين وقت اولي للفريضة وهو ما لو قدمنا العشاء ووقت تنزيلي لفريضة أخرى وهو ما لو قدمنا المغرب، ومن الواضح أنه لو خوطب الانسان بفريضتين وكان يستطيع أن يأتي باحداهما في وقتها الأولي فلا محالة مقتضى المرتكزات الفقهية أن التي تقدم هي الفريضة التي يمكن التحفظ على وقتها الأولي وهو العشاء.

ولعل مقصود سيدنا ان الملاك في تقديم احد المتزاحمين على الآخر هو الاهمية، اما علما او احتمالاً، لذلك يكفي في تقدم احد المتزاحمين انه مما يحتمل اهميته وان لم نحرز اهميته، فاذا دار الامر مثلاً بين انقاذ نفس ذمي او انقاذ نفس مؤمن فهما اما متساويان او ان نفس المؤمن اهم فحيث ان نفس المؤمن مما يحتمل اهميته فهو كاف في مقام ترجيحه عند التزاحم، كذلك في المقام فان هناك تزاحما بين تقديم المغرب او تقديم العشاء وهما اما متساويان في الاهمية او ان العشاء لأننا سندركها في وقتها الأولي اهم، فحيث يحتمل اهمية العشاء في البين، كانت متعينة في مقام التزاحم، وهذا هو الوجه الذي طرحه بناءً على القول بالاختصاص.

3 - الوجه الثالث لإثبات تقديم العشاء على المغرب ما ذكره سيدنا بناءً على القول بالاشتراك وهو ان اخر الوقت بمقدار ثلاث ركعات مشترك بين المغرب والعشاء وانما الشارع قدم العشاء تعبدا عند التزاحم والا فلو صلى المغرب نسيانا وقعت صحيحة.

فبناءً على القول بالاشتراك فما هو الوجه في تقديم العشاء؟

قال في ص 215 ”فلا شبهة أن المغرب في مفروض المسألة أداء، غاية الأمر أنّ الأمر يدور بين تقديمها وإيقاع العشاء بتمامها خارج الوقت رعاية للترتيب، وبين تقديم العشاء ودرك ركعة من المغرب حقيقة والباقي تنزيلًا بقاعدة من أدرك «فالمسالة دائرة بين الترتيب والوقت»، ولا ينبغي التأمل في ترجيح الثاني «اي الوقت لنكات ثلاث الأولى»، لوضوح حكومة دليل الوقت على أدلة بقية الأجزاء والشرائط التي منها الترتيب“.

اقول:

ان هنا دليلان الاول يقول صل العشاء بعد المغرب وصل العصر بعد الظهر، فهذا الدليل متعلق بالصلاة بما لها من اجزاء وشرائط ومنها الترتيب، وعندنا دليل آخر يقول وليكن ذلك في الوقت لا خارج الوقت، فالدليل الثاني مضيق للاول وهو ان المأمور به الصلاة الجامعة للشرائط في الوقت، لا مطلقا، فلست مامورا بالصلاة المرتبة مطلقا بل الصلاة المرتبة في الوقت.

قال سيدنا: فحيث إن التحفظ عليه يستلزم‌ تجويز ترك العشاء في الوقت المساوق لسقوطها وهي لا تسقط بحال فلا جرم يتعين تقديمها".

اقول: وذلك لحكومة دليل الوقت على دليل شرطية الترتيب.

ولكن قد يقال انهما في عرض واحد، فكما ان الترتيب من شرائط صحة الصلاة فكذلك الوقت فأي موجب لحكومة احدهما على الآخر وبينهما عموم من وجه فقد تقع الصلاة المرتبة خارجة الوقت وقد تقع الصلاة الموقتة بلا ترتيب وكلاهما شرط لصحة الصلاة فلا وجه لحكومة احدهما على الآخر.

قال سيدنا:

”أضف إلى ذلك: أن الوقت ركن تعاد من أجله الصلاة، فلا يقاومه مثل الترتيب“.

اقول:

فسيدنا في هذه النكتة الثانية اعتبر المقام من باب التزاحم حصل تزاحم بين تقديم المغرب والعشاء، وحيث ان الوقت ركن فيقدم على شرطية الترتيب من باب تقديم الاهم.

لكنه في ص 213 عندما تعرض ما اذا مضى مقدار اربع ركعات من اول الوقت ثم جن المكلف فهل يجب عليه قضاء الظهر ام العصر ام انه مخير؟ قال قد يقال بالتخيير نتيجة المزاحمة يعني ان المكلف في اول الوقت بمقدار أربع ركعات وقع تزاحم بين الظهر والعصر وحيث لا مرجح لاحدهما على الآخر فهو مخير فرد عليه بقوله ”وأمّا حديث المزاحمة المبني عليه التخيير فمرفوض، بأنّ مورد التزاحم ما إذا كان هناك عملان صحيحان كل منهما مقدور للمكلف في نفسه غير أنه عاجز عن الجمع «كما في ضيق الوقت لو دار الامر بين صلاة الآيات وصلاة العصر»، وليس المقام كذلك، بداهة أنّ صلاة العصر مقيدة بالوقوع عقيب الظهر رعاية للترتيب ولا عكس، إذ لا يشترط في صحة الظهر التعقيب بالعصر، فإحداهما مطلقة والأُخرى مقيدة، والمكلف عاجز عن الثانية قادر على الاولى، فلا جرم يتعين صرف الوقت في صلاة الظهر“.

اقول:

وفي المقام لو بقي للمكلف عن نصف الليل مقدار ثلاث ركعات فهل هناك تزاحم بين عملين صحيحين في انفسهما كي يقال نرجح احدهما على الآخر بالترتيب، ام الامر دائر بين عملين لا يصح احدهما منه، لأنّه لا يمكن ان يأتي بالعشاء مسبوقة بالمغرب فالدوران بين صلاتين احدهما مطلقة وهي المغرب واخرى مقيدة وهو العشاء اي بسبق المغرب، فلا جرم يتعين تقديم المغرب، فما هو الجمع بين كلاميه في ص 213 و216؟

فالظاهر حصول التهافت في المقام.

النكتة الثالثة:

قال سيدنا: ”بل يمكن أن يقال: إن دليل اعتبار الترتيب قاصر الشمول لمثل المقام، فان قوله : «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعاً إلا أن هذه قبل هذه» ناظر إلى اعتبار الترتيب في الوقت، فلا يشمل ما لو استلزم رعايته فوات الوقت“.

اقول: أي ان المنساق من هذا الدليل اعتبار الترتيب في الوقت المشترك بحيث يمكن التحفظ على كلتا الصلاتين، فمجرد ما لا يسعهما تسقط شرطية الترتيب. واذا كان دليل شرطية الترتيب قاصرا فالوقت مشترك فيبقى السؤال ما هو وجه تقديم العشاء على المغرب؟

ان قدمنا المغرب فوتنا وقت العشاء وان قدمنا العشاء فوتنا ركعتين من المغرب جعلناها خارج الوقت وحديث من ادرك لا يشمل الفرض لأنه لا يشمل موارد التعجيز الاختياري. وقد قلنا ان صحيح الحلبي لا يُحرز شموله للعشاء لاحتمال اختصاصه بالظهر والعصر.

ويناقش ما ذكره اخيرا ان لازمه التخيير بين الفريضتين حيث لا مرجح احدهما على الآخر.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 21
الدرس 23