نص الشريط
الدرس 21
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 4/12/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2645
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (614)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين

لازال الكلام في البحث في ثمرات البحث في الوقت الاختصاصي وفي الوقت المشترك، وذكرنا ان من الثمرات المسألة الرابعة من المسائل التي فرعها سيد العروة على هذا البحث، وقلنا بان هذه المسالة لها صور وصل الكلام الى الصورة الرابعة منها، وهي اذا بقي من وقت العشائين مقدار أربع ركعات، فهذا الوقت ان صرفه في العشاء استوعب الوقت، وان صرفه في المغرب بقي مقدار ركعة يمكن تتميمها عشاء بقاعدة من ادرك ولكن سيد العروة واغلب من علق على العروة الا الشيخ الجواهري ذهب الى ان المتعين صرفها في العشاء فاذا بقي مقدار أربع ركعات تعيّن في حقه صلاة العشاء وليس له ان يصلي المغرب ثم تبقى مقدار ركعة يدخل بها في العشاء ويتممها بحديث من ادرك ركعة من الوقت، وذكرنا ان ظاهر كلام سيدنا توجيها لرأي صاحب العروة مورد اشكال. ولكن بالتأمل في اطراف كلامه الظاهر ان كلامه تام ومبنى صاحب العروة تام.

وبيان ذلك: انه في الفرع السابق وهو ما اذا ادرك المكلف مقدار خمس ركعات من وقت الظهرين فقد افاد الجميع بانه يقدم الظهر ثم يصلي العصر بالركعة الباقية وتتم بحديث من ادرك بينما اذا ادرك مقدار أربع ركعات من وقت العشاءين يتعين صرفها في العشاء.

والسر في ذلك انه اذا ادرك مقدار خمس ركعات من وقت الظهرين فد ادرك الوقت المشترك لا محالة مع غمض النظر عن حديث من ادرك فانه قد ادرك مقدار ركعة من الوقت المشترك لان المفروض ان ما ادركه مقدار خمس ركعات اذا مقدار ركعة من الوقت المشترك لا محالة، فهو في الفرع السابق قد ادرك الوقت المشترك مع غمض النظر عن حديث من ادرك وحيث انه قد ادرك الوقت المشترك أي ادرك ركعة من احدى الفريضتين في الوقت المشترك، فقاعدة من ادرك تنضم اليه لأنّه لا مانع من انضمامها ما ادام قد ادرك ركعة من احدى الفريضتين فتتنقح قاعدة من ادرك فقد ادرك الوقت المشترك بتمامه، فتجري احكام الوقت المشترك بتمامها وهو مقتضى مراعاة الترتيب بين الفريضتين تقديم الظهر.

بينما في محل كلامنا لو بقي مقدار أربع ركعات فانه لم يدرك ركعة من الوقت المشترك وانما ادرك الوقت المختص بصلاة العشاء.

انما يكون قد ادرك ركعة من الوقت المشترك اذا اقحمنا حديث من ادرك فلابد ان نبحث هل ان حديث من ادرك يشمل المقام ام لا؟.

فنقول: لا يشمل حديث من ادرك المقام والسر فيه ان حديث من ادرك لا يشمل التعجيز الاختياري، أي لو دار الامر بين ان تصلي تمام الصلاة في الوقت وان تصلي ركعة منها في الوقت والباقي خارجها فهل يتكفل حديث من ادرك لهذا الفرض فأما ان يصلي العشاء بتمامها في الوقت او ان يصلي ركعة منها في الوقت فحديث من ادرك لا يتكفل تعين الفرض الثاني.

فحيث انه قاصر الشمول لمثل هذا الوقت فلا محالة اما ان يصلي المغرب وتكون الركعة من العشاء قضاءً لأنّه لا يعقل التبعيض في الصلاة الواحدة فهي اما قضاءً اداء وقلنا ان الحديث من ادرك لا يشملها فتكون قضاء، واما ان يصلي العشاء في وقتها.

فبما ان هذا الوقت وقت العشاء لأنّه اما للاختصاص كما عليه المشهور أو لأجل المزاحمة كما عند السيد الخوئي فلأجل ذلك يتعين الاتيان بالعشاء.

الصورة الخامسة

اذا كان في السفر فبقي مقدار اربع ركعات فهنا يصلي المغرب لأنّه ادرك الوقت المشترك لان صلاة العشاء تكون ركعتان.

ولذلك الفرق بين هذه الصورة جميعاً هو في كونه قد ادرك ركعة من الوقت المشترك ام لا.

الصورة الاخيرة

اذا بقي للمسافر مقدار ثلاث ركعات فأما ان يصرفها في المغرب فتكون العشاء قضاء او يأتي بركعتين للعشاء وتبقى ركعة للمغرب،

فهنا ثلاثة اتجاهات:

الاول: تقديم المغرب، وقد اشار السيد الإمام الى مستند هذا الوجه في كتاب الخلل قال ص 114 ”بدعوى ان ما دل على الاشتراك بضميمة ما دل على ترتب العشاء على المغرب دليل على لزوم الإتيان بالمغرب وما دل على مزاحمة المتأخر وانه لو اتى بالمتقدم يفوته كلتا الصلاتين مثل صحيحة الحلبي «حيث قال ولا يؤخرها فتكون قد فاتتاه جميعا» مخصوص بالظهرين «فلا يؤخرها اي العصر» ولا يمكن إلغاء الخصوصية «لأننا نحتمل الخصوصية بالظهرين لعدم وجود وقت اضطراري فيهما بخلافه في العشاء» لأن الوقت الاضطراري للعشاء باق ولا يفوت العشاء بمضي نصف الليل“.

الاتجاه الثاني القائل بتقديم العشاء واستند الى وجوه:

الاول: قال السيد الإمام " بدعوى ان قوله تعالى أَقِمِ الصَّلٰاةَ الى آخره يدل على ان أول الزوال لأولى الصلوات الأربع وغسق الليل وهو نصفها لأخيرتها وهي العشاء الآخرة بالضرورة وان لم تدل على ان آخر الوقت مختص بالعشاء ولا على أن لزوم الإتيان بالأخيرة في آخر الوقت لأجل المزاحمة، لكن لا إشكال في استفادة لزوم الإتيان بها لا بشريكتها فالإتيان بالمغرب مخالف للاية ولو بضميمة ما هو الضروري من ان العشاء الآخرة اخيرة الصلوات الأربع، فيجب عليه الإتيان بالعشاء ثم المغرب فورا بدليل من أدرك الدال على ادراك الوقت الاختياري بإدراك ركعة.

وهذا هو الأقوى مع ان المتسالم بين الأصحاب لزوم الإتيان بالعشاء وعدم مزاحمة المغرب لها وان اختلفوا في أن ذلك للاختصاص أو المزاحمة".

«أقول» ولعل مقصوده ”ولو بضميمة ما هو الضروري من ان العشاء الآخرة اخيرة الصلوات الأربع،“ مثل هذه الرواية ”رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ لِإِبْرَاهِيمَ ع - فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَهَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ وآخِرُ ذَلِكَ غَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ فَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ذَهَابُ الْحُمْرَةِ وآخِرُ وَقْتِهَا إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ يَعْنِي نِصْفَ اللَّيْلِ“.

وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَتَى جَبْرَئِيلُ ع رَسُولَ اللَّهِ ص بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَأَتَاهُ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ زَادَ الظِّلُّ قَامَةً فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ سَقَطَ الشَّفَقُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ أَتَاهُ مِنَ الْغَدِ حِينَ زَادَ فِي الظِّلِّ قَامَةٌ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ زَادَ فِي الظِّلِّ قَامَتَانِ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ نَوَّرَ الصُّبْحُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ قَالَ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتٌ.

السيد الخوئي يقول ان هذا صريح في ان ”من الثلث الى النصف“ هو وقت العشاء.

فنستفيد بضميمة هذه الروايات انه في وقت التزاحم في مقدار ثلاث ركعات عن نصف الليل هو خصوص صلاة العشاء.

ولكن يشكل عليه:

ان هذه الروايات في مقام بيان التشريع الاولي وان الله شرع في اليوم خمس صلوات وهذه اوقاتها فهو في مقام بيان الوظيفة الاولية واما على فرض التزاحم ولا يسع الوقت الا ثلاث ركعات ويدور الامر بين الاتيان بالمغرب او تقديم العشاء كما هو محل الكلام فليست هذه الروايات في مقام البيان من هذه الجهة.

الوجه الثاني لتقديم العشاء: ما ذكره سيدنا في المقام بناءً على القول بالوقت المختص وهو ان اخر الوقت بمقدار أربع ركعات خاص بالعشاء او بمقدار ركعتين للمسافر خاص بالعشاء قال: لأن تقديم المغرب فيما بقي من الوقت مقدار ثلاث ركعات مثلا مفوّت للعشاء من غير مسوّغ، بخلاف العكس لصرف الركعة الباقية حينئذ في صلاة المغرب وتتميمها في خارج الوقت بحديث من أدرك.

فإن قلت: تقديم العشاء أيضاً مفوّت للمغرب، لوقوع الركعة المدركة في وقت الاختصاص للعشاء، فمشكلة التفويت مشتركة بين الصورتين، فما هو الوجه في تقديم العشاء؟.

قلت:..... ولكن الأصح أنه مع المرجح، إذ مع تقديم العشاء تقع الصلاة بتمامها في وقتها الاختياري الأولي، وأما لو قدّمنا المغرب فلا تقع منها في الوقت إلا ركعة واحدة فيحتاج التتميم الى التنزيل المستفاد من حديث من أدرك.

ولا ينبغي التأمل في أنه كلما دار الأمر بين مراعاة الوقت الاختياري لصلاةٍ أو الاضطراري للأُخرى، كان الأول أحرى وأولى كما لا يخفى.

وبالجملة: فما في المتن من تقديم العشاء هو المتعين ".

والحمد لله رب العالمين

الدرس 20
الدرس 22