نص الشريط
الدرس 24
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 7/12/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2662
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (331)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

استدل على عدم جواز اقحام صلاة في صلاة بوجوه وصل الكلام الى الوجه الثالث وهو عبارة عن محو صورة الصلاة فان من يصلي العصر اثناء الظهر مثلاً لا يصدق عليه انه مشتغل بصلاة المغرب، او بصلاة الظهر.

واجيب عن هذا الاشكال:

اولا: بان اعتبار عدم انمحاء الصورة الصلاتية مبني على ان عنوان الصلاة له موضوعية، حيث ان هنالك بحث في ان قوله تعالى ”اقم الصلاة“ هل ان لعنوان الصلاة موضوعية ام انه مجرد مشير الى الاجزاء والشرائط؟

فاذا قلنا ان عنوان الصلاة أيضاً مأمور به فان المكلف مأمور بالاجزاء والشرائط فهو مأمور أيضاً بعنوان الصلاة فان لعنوان الصلاة موضوعية وعليه لو فصل بين الاجزاء بما لا يصدق عليه انه صلاة كما لو فرضنا انه فصل بين الركوع والسجود بالخياطة مثلاً فبناءً على ان عنوان الصلاة أيضاً مطلوب فلازم ذلك بطلان الصلاة بالفصل بين اجزائها بما ليس من الصلاة بانمحاء عنوان الصلاة وعنوانها مطلوب في حد ذاته. واما اذا قلنا ان عنوان الصلاة مجرد مشير فقوله اقم الصلاة أي عليك باتيان الاجزاء والشرائط بلا دخل للعنوان في المأمور به فمتى ما اتى بالاجزاء مشروطة بالشرائط فقد امتثل الامر، وان اشتغل في الاثناء بما ليس بصلاة نظير ما التزموا به في الغسل حيث قالوا ان المأمور به هو نفس الاجزاء بان يغسل راسه وبدنه، وان فصل بينهما فان عنوان الغسل ليس له موضوعية في المأمور به،

اذا هذا المبنى باعتبار انحفاظ صورة الصلاة مبني على ان للعنوان موضوعية وثانيا على فرض التسليم بهذا المبنى وان لعنوان الصلاة موضوعية فإنما يزول العنوان عرفا اذا اشتغل بفاصل أجنبي كما لو فصل بين الركوع والسجود بخياطة او كتابة او ما شكل ذلك، واما لو فصل بين اجزاء الصلاة ب ”صلاة اخرى“ او ما هو ذكر من الاذكار فحينئذٍ لم تنمح صورة الصلاة بناءً على اعتبارها.

فالاستدلال بهذا الوجه على بطلان اقحام فريضة في فريضة محل تأمل كبرى وصغرى.

الوجه الرابع:

هو ما ذكره السيد الخوئي وركز عليه وهو مسالة ”السلام“ فانه لو اقحم فريضة في اخرى فانه سوف يأتي بسلام لفريضة ضمن فريضة اخرى والسلام مخرج عن الصلاة، فيصبح ما بعدها اجنبي كما ورد في الصحيحة ”كلما ذكرت الله والنبي صلى الله عليه واله فهو من الصلاة فاذا قلت السلام عليكم ورحمة الله فقد انصرفت“، فمقتضى ذلك انه متى ما وقع السلام خرج من الصلاة.

ولكن السيد الإمام ناقش في هذا الوجه اولا بان السلام مخرج للصلاة التي قُصد السلام لها لا انه مخرج من الصلاة بالكلية بحيث يعد هذا الكلام اجنبيا لأنّه به يخرج من الصلاة.

وعلى فرض ان السلام مخرج على كل حال فليس بعد السلام صلاة فقد افاد انه ان قلنا بان التداخل على طبق القاعدة، فيمكن ان يأتي بسلام واحد لكلا الفريضتين، فيأتي بسائر الاجزاء للفريضة الثانية ضمن الاولى الا السلام ثم يأتي في الصلاة الاوى بسلام واحد بقصد الخروج من كلتا الفريضتين.

نعم لو قلنا ان التداخل على خلاف القاعدة فان الظاهر ان تعدد الامر تعد المأمور به فلكل صلاة سلام فلا يمكن التخلص من هذا المحذور بهذا الوجه

الوجه الخامس

وهو ان المستفاد من نفس الاخبار الواردة في اخر الوقت بالأمر بصلاة العصر وترك الظهر هو عدم جواز الاقحام بيان ذلك مثلاً اذا نظرنا الى صيحة الحلبي سالته عن رجل نسي الاولى والعصر جميعاً ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس فقال ان كان في وقت لا يخاف فوت احداهما أي ان الوقت عنده واسع يسع الظهر والعصر فليصل الظهر ثم ليصل العصر وان هو خاف ان تفوته «أي احداهما» فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته، فيكون قد فاتتاه جميعاً، ولكن يصلي العصر..

فقد استفاد السيد الإمام من مثل هذه الرواية انه لو كان الإقحام جائزا لكان الوقت واسعا لهما، اذ بإمكانك ان تبدأ بالظهر ثم تدخل العصر اذ لو كان الإقحام جائزا لكان مقتضى ذلك ان يكون مأمورا بكلتا الفريضتين فتعيين انك مأمور بالعصر وانك لو لم تأت بها فتفوتك الفريضتان يتنافى مع جواز الاقحام.

قال السيد الامام ”مع انه لو كان ذلك جائزا لكان اللازم التنبيه عليه في الاخبار الواردة في آخر الوقت، بل الأمر بصلاة العصر وترك الظهر وانه لو اتى بها فاتتاه دليل على عدم صحة الإقحام، إذ على فرض صحة الإقحام تجب الصلاتان لإدراكهما في وقتهما ولم يفت شي‌ء منهما“. وكلامه غير بعيد.

الوجه الخامس والاخير

ان يقال ان جواز الاقحام مخالف للمرتكز المتشرعي.

فالنتيجة ان جواز اقحام فريضة في فريضة ممنوع اما لما يستفاد من الروايات الواردة في اخر الوقت او من المرتكز المتشرعي.

الشرط الثاني لو جوزنا الاقحام فكيف نحافظ على الترتيب؟

سبق البحث في هذه النقطة هل ان الترتيب المستفاد من قوله الا ان هذه قبل هذه وقوله فليصل الظهر ثم ليصل العصر هل ان الترتيب معتبر بين الماهيتين ام بين الوجودين؟

فان قلنا بان الترتيب بين الماهيتين أي ما يسمى بظهر وما يسمى بعصر فمقتضى ذلك اعتبار الترتيب في ركوعات لان المميز للمسمى بالظهر في مقابل المسمى بالعصر ان يركع أربع ركوعات فمتى ما ركع أربع ركوعات للظهر انتهى موضوع الترتيب لان المسمى تحقق وان بقيت بعض الاجزاء واما قلنا ان الترتيب معتبر بين الوجودين كما هو الظاهر في قوله فليصل الظهر ثم ليصل العصر فهل هو معتبر بينهما على نحو صرف الوجود أي يكفي في الترتيب ان يدخل في صلاة الظهر فمتى ما دخل فيها صدق ان الظهر سبقت فمقتضى هذا المبنى جواز الاقحام.

ام انه معتبر بين الوجودين على نحو ”الجميع“ بمعنى يعتبر وقوع كل جزء من العصر بعد لك جزء من الظهر، فيصل ركعة من الظهر ثم يصل ركعة من العصر، فحينئذٍ بناءً على هذا سوف يجوز الاقحام بل يتعين في بعض الفروض.

واما اذا قلنا بان الترتيب المعتبر بين الوجودين معتبر في المجموع كما هو المسلك المشهور فاذا ماحلة يكون هذا مانعا من جواز الاقحام لأنّه لا يمكن ان يدرك به الترتيب المعتبر، اذ هو معتبر بين الوجودين على نحو المجموع، وهذا م اكرز عليه سيدنا في ج 11 ص 217 "على أن الترتيب المعتبر ملحوظ بين تمام أجزاء المترتبتين على ما هو ظاهر الدليل، والاقحام المزبور لا يستوجب إلا رعايته في بعضها كما لا يخفى.

فهذا الاحتمال ساقط، والمتعين ما عرفت من لزوم تقديم العشاء كما ذكره في المتن".

المسالة الخامسة: لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة «اي كما لو دخل الظهر واراد ان يشرع بالعصر»

علله سيدنا بقوله: ”فان الصلوات بأسرها حقائق متباينة وطبائع متغايرة وإن اشتركت صورة، بل في تمام الجهات أحياناً كالظهرين فإنهما تمتازان بالعنوان المقوّم لهما من الظهرية والعصرية، كما يكشف عنه بوضوح قوله : «إلا أنّ هذه قبل هذه» «اي القبلية عنوان قصدي اي يقصد هذه قبل هذه» إذ لولا التغاير المزبور لم يكن لذاك معنى معقول. إذن فلا بد في تحقّق الامتثال من تعلق القصد بكل منها على سبيل الاستقلال لتمتاز عن غيرها“.

المسألة 6: إذا كان مسافراً وقد بقي من الوقت أربع ركعات فدخل في الظهر بنيّة القصر ثم بدا له الإقامة فنوى الإقامة بطلت صلاته ولا يجوز له العدول إلى العصر فيقطعها ويصلي العصر. "

والوجه في ذلك يبتني على امور:

الاول ان وظيفته بمجرد العزم على الاقامة ان يصلي أربع ركعات، والامر الثاني بمجرد ان تكون وظيفته ان يصلي أربع والوقت لا يسع الا لأربع ركعات ان يكون مأمورا بالعصر لا بالظهر وهو قد دخل في الظهر، فبما انه عزم على الإقامة صارت وظيفته هي الظهر، وبما ان الوقت لا يسع الا لأربع ركعات فوظيفته العصر، وحيث لا يجوز العدول من السابقة الى اللاحقة فلا جرم تبطل الظهر ويرفع اليد عنها ويصلي العصر.

العروة: ”و إذا كان في الفرض «و اذا كان الفرض بالعكس اي بقي مقدار أربع ركعات ناويا للإقامة» ناوياً للإقامة فشرع بنية العصر لوجوب تقديمها حينئذ ثم بدا له فعزم على عدم الإقامة «عشرة ايام» فالظاهر أنه يعدل بها «اي بالصلاة التي شرع فيها بنية العصر» إلى الظهر قصراً“.

لكن السيد الخوئي في تعليقته على العروة قال ”بل الظاهر أنه يقطعها ويأتي بالصلاتين قصراً إذا أدرك صلاة العصر أيضاً ولو بركعة، وإلا أتمّ ما بيده قصرا، وليس هذا من موارد العدول كما يظهر وجهه بالتأمل“.

وقال في الموسوعة" فإنّ مورد العدول ما إذا كان المصلي مأموراً بالسابقة واقعاً غير أنه لأجل النسيان أو اعتقاد الإتيان شرع في اللاحقة بحيث لو كان ملتفتاً لم يشرع، وليس المقام كذلك، ضرورة أنه حينما أتى باللاحقة كان مأموراً بها حتى واقعاً، بحيث لو أتى وقتئذ بالسابقة كان باطلًا، وإنما تغير الحكم لأجل تبدل الموضوع الموجب لانقلاب الوظيفة، ومثله غير مشمول لأدلة العدول.

وعليه فلا مناص من الحكم ببطلان ما بيده، فيرفع اليد ويأتي بالظهر ثم بالعصر إن وسع الوقت لهما كما هو المفروض ولو ببركة حديث من أدرك".

فالملخص من كلامه انه بما ان مورد العدول من كان مأمورا بالسابقة حين شروعه في اللاحقة فهذا لا ينطبق على محل كلانا لأنّه حينما شرع هنا لم يكن مأمورا بالظهر وانما امر بعد العدول.

الدرس 23
الدرس 25