نص الشريط
الدرس 35
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 19/1/1436 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 3007
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (560)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

وصل الكلام الى أن الزمان إذا كان قيداً في الواجب كما لو قال انما يصح الصوم إذا كان الزمان نهاراً، وانما يصحّ غسل الجمعة إذا كان الزمان نهاراً، فشككنا في بقاء النهار وعدمه، فهل يجري استصحاب النهار الى حين الغسل لإثبات صحة الغسل ام لا؟ وذكرنا ان السيد الشهيد أفادَ بان النهارية تارة تؤخذ على نحو التركيب واخرى على نحو التقييد، أي ان الواجب هو صوم زمان مع وجود نهار في ذلك الزمن فهنا وان امكن اثبات الواجب بالاستصحاب - حيث ان الجزء الأول وهو صوم زمان محرز بالوجدان والجزء الثاني وهو وجود نهار في زمن الصوم باستصحاب بقاء النهار الى حين الصوم - الا ان التركيب غير معقول في القيود غير الاختيارية، فان القيد المأخوذ في الواجب تارة يكون اختيارياً كالطهارة وتارة يكون غير اختياري كدخول الفجر وبقاء النهار، وامثال ذلك فان كان اختيارياً صحّ التركيب بان يقال الواجب على المكلف صلاة وطهارة فلو شكّ المكلف حين الصلاة انه على طهارة ام لا وكانت الحالة السابقة المحرزة هي الطهارة استصحب الطهارة الى حين الصلاة ثم المركب واما إذا كان القيد غير اختياري نحو النهار، بان يقول المولى له يطلب منك صوم زمان مع نهار، فان الجزء الثاني يمكن تحصيله.

واما الجزء الثاني وهو وجود النهار حين الصوم فليس اختيارياً كي يتعلق الامر به، فالامر بالمركب امر بكل جزء منه، ومقتضى ذلك ان يكون الجزء اختيارياً، فلا يتصور تركيبٌ مع غير الاختياري.

وان كان مأخوذا على نحو التقييد، بان قال الواجب هو الصوم في النهار بحيث يتحقق ظرفية ويكون النهار ظرفا للصوم لا مجرد اقترانهما كما في فرض التركيب، فمن الواضح حينئذٍ ان استصحاب بقاء النهار الى حين الصوم لا يثبت ظرفية النهار للصوم الا بالأصل المثبت. فبناءً على ذلك يستحكم الاشكال، في استصحاب الزمان مع كون الزمان قيدا للواجب، بخلاف ما لو كان قيداً للوجوب فانه يتصور ان يكون على نحو التركيب لان قيود الوجوب لا يجب تحصيلها ولا يتعلق بها الامر فلا مانع من تصور التركيب في موضوع الوجوب وانما الاشكال في التركيب في الواجب.

وقد يتخلص من هذا الاشكال بوجوه:

الوجه الأول: ما يظهر من كلام شيخنا الاستاذ من انّ التركيب معقول وان كان القيد غير اختياريٍّ، فان مرجع التركيب الى مفاد واو الجمع، فإذا قال المولى يجب عليك الصلاة مع الطهارة فان مرجع المعية الى مفاد واو الجمع أي ان الواجب عليك ان يحصل اقتران بينهما في الوجود، لا كل منهما في نفسه مع غمض النظر عن حيثية الاقتران والا لتحقق هذا المركب بان تكون الطهارة في يوم الجمعة والصوم في الاربعاء وانما مرجع التركيب الى مفاد واو الجمع، أي ان المطلوب صلاة وطهارة لا صلاة طهارة، ومقتضى ذلك القدرة على ايجاد هذا المركب، وهذا كاف في تعلق الامر به، فحينئذٍ يقال المطلوب من المكلف صلاة مع نهار او صيام مع نهار، أي بمعنى مفاد واو الجمع فكما يتحقق هذا المركب بتحصيل الصوم حين النهار يتحقق هذا المركب بان يكون في النهار فيصوم.

إذاً فبالنتيجة لا مانع من دعوى التركيب في القيود المأخوذة في الواجبات وان كان القيد غير اختياري اذ ليس المطلوب ايجاد النهار كي يقال ان تحصيله غير اختياري، وانما المطلوب اجتماع النهار بالصوم، وهذا امر ممكن، فإذا شكّ في بقاء النهار الى حين الصوم استصحب بقاء النهار الى حين الصوم، وبهذا الاستصحاب يتمّ الواجب المطلوب. فتأمل!

الوجه الثاني: ما افاده المحقق الاصفهاني بان الصحيح هو التقييد لا التركيب أي المطلوب الصوم في النهار، وهذا هو ظاهر الادلة، ولا يرد عليه اشكال المثبتية، والوجه في ذلك ان استصحاب بقاء النهار الى حين الصوم كما يثبت بقاء النهار تعبداً؛ لأننا لا ندري ان النهار باق ام لا فالاستصحاب يثبت بقاء النهار تعبداً فكذلك يثبت بالاستصحاب وجود النهار التعبدي وجداناً لأنّه إذا ثبت ان هذا الاَن نهار تعبداً فالنهار التعبدي حاصل وجداناً لان التعبد قطعي فالتعبد ببقاء النهار قطعي إذا فالنهار التعبدي محرز بالقطع، وإذا ثبت ذلك ثبتت ظرفية النهار التعبدي للصوم بالوجدان وليس بالتعبد، نعم ظرفية النهار الواقعي للصوم امر مشكوك ولكن ظرفية النهار الذي حكم الشارع ببقائه للصوم امر وجداني ومقطوع به، فلا يرد اشكال الاصل المثبت بعد ان كان امرا وجدانيا، فإذا قطعنا بالنهار الاستصحابي فالظرفية أي ظرفية النهار للصوم وجدانية.

فان قلت: انما يجري الاستصحاب لإثبات اثر المستصحب ومقتضى كلامكم ان لا اثر للمستصحب وانما الاثر للاستصحاب نفسه أي ان النهار التعبدي لا اثر له وانما الاثر للتعبد بالنهار، لا لنفس النهار، مثلاً لو شككنا في ان الطهارة حاصلة اثناء الصلاة ام لا انما يجري الاستصحاب في الطهارة لتنقيح اثر الطهارة نفسها وهو صحة الصلاة لان صحة الصلاة منوطة بالطهارة، فيجري الاستصحاب في الطهارة لتنقيح اثرها اما لو كنّا نريد اثراً لنفس التعبد بالطهارة لا للطهارة لم يجر الاستصحاب فان شرط جريان الاستصحاب في شيء ان يكون لهذا الشيء اثر في نفسه يراد للاستصحاب تنقيحه، لا ان المقصود ترتيب اثر لنفس الاستصحاب مع غض النظر عن المستصحب.

وهنا المفروض ان النهار ليس له اثر فاستصحاب النهار لم ينقح لنا اثرا للنهار حتّى يجري فيه الاستصحاب وانما بعد الاستصحاب حصل أثر لنفس الاستصحاب وهو وجود نهار استصحابي.

قلت: جريان الاستصحاب في أي شيء فرع اثر علمي والا لكان الاستصحاب لغوا وكما تندفع اللغوية بأثر للمستصحب تندفع اللغوية باثر للاستصحاب فكيفي في جريان الاستصحاب في أي شيء وجود اثر ولو كان ذلك الاثر في طول الاستصحاب كما في المقام. ولكن السيد الصدر اشكل على المحقق الاصفهاني بان قال اما ان يستفاد من الدليل ان الشرط في صحة الصوم الاعم من النهار الواقعي والتعبدي، او يستفاد من الدليل ان شرط الصحة النهار الواقي لا النهار الاعم، فان استفيد من الدليل ان الشرط هو الاعم إذا فالصوم صحيح واقعا عند الشك في بقاء النهار، لان شرط صحته واقعا النهار الاعم، وبالاستصحاب ثبت نهار تعبدي فتحقق الشرط الواقعي لصحة الصوم، ومقتضى ذلك انه لو تبين بعد ذلك ان النهار قد انقضى لا يجب عليه القضاء لان الصوم صح واقعا، اذ شرطه النهار الاعم، وهذا مما لا يقول به احد.

وان كان المستفاد من الادلة ان الشرط النهار الواقعي لا الاعم، فبناءً على ذلك لا يفيد استصحاب النهار فانّ استصحاب النهار الى حين الصوم لا ثبت ظرفية النهار التعبدي للصوم.

والسر في ذلك: انه لا معنى للنهار التعبدي الا حكم الشارع بان يقول الشارع انا حاكم بالنهار وان لم يكن هناك نهار ومن الواضح ان الحكم الشرعي لا يكون ظرفا للافعال فليس هناك شيء حتّى يكون ظرفا بالوجدان الى الصوم، بل ليس الا حكم الشارع ببقاء النهار والحكم الشرعي ليس ظرفا للفعل فكيف يدعى انه يترتب على استصحاب بقاء النهار الى حين الصوم ظرفية النهار التعبدي وجداناً للصوم.

ولكن يرد على المحقق الاصفهاني إذا كان مراده من الظرفية الاحتواء والاشتمال والاحاطة واما إذا كان مراده من الظرفية الاجتماع فالامر حاصل، اذ متى ثبت حكم الشارع ببقاء النهار كان اجتماع الصوم معه امراً محرزا بالوجدان ولا حاجة الى التعبد في ذلك فإذا كان منظور السيد الشهيد الى الظرفية بمعنى الاحاطة فالامر صحيح اذ لا معنى لان يقال ان حكم الشارع محيط ومشتمل للصوم، واما إذا كان المراد من الظرفية في كلام الاصفهاني الاجتماع والاقتران فان هذا الاقتران حاصل وجدانا.

نعم بناءً على ذلك يرد الاشكال على الوجه السابق وهو ما ذكره الشيخ الاستاذ فانه ارجع التركيب الى مفاد واو الجمع، ومفادها اما نفس حصول الجزئين او حيثية زائدة وهي اجتماعهما فان كان نفس حصول الجزئين عاد اشكال السيد الصدر لعدم معقولية التركيب في القيود غير الاختيارية وان كان حيثية زائدة وهي حيثية الاجتماع التي يقصد بها الاصفهاني الظرفية فان استصحاب بقاء النهار الى حين الصوم لا يثبت الاقتران الا بالأصل المثبت.

الحمد لله رب العالمين

الدرس 34
الدرس 36