نص الشريط
الدرس 45
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 3/2/1436 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2615
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (314)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

ويلاحظ ثانيا: انه افاد «قده» ان شمول دليل التيمم لمحل الكلام وهو من لم يدرك ركعة بوضوء مبني على شمول دليل «من ادرك» لهذه الركعة، بلحاظ ان دليل مشروعية التيمم أُخِذَ في موضوعه ان تكون الصلاة التي يتيمم لها جامعة للشرائط الاخرى ما سوى الطهارة، ومن الشرائط الاخرى هو الوقت، فلابد ان نحرز في رتبة سابقة ان هذه الركعة التي يراد التيمم لها واجدة للوقت، ولا يمكن احراز ذلك الا بدليل «من ادرك»، والا لولا دليل «من ادرك» لكانت هذه الركعة خارج الوقت، إذا احتاج دليل مشروعية التيمم إلى دليل «من ادرك» لكي يشمل الركعة الباقية، وعندما نأتي لدليل «من ادرك» فنفس الاشكال يأتي، بأنّ دليل «من ادرك» انما يشمل الركعة الباقية إذا كانت شاملة للشرائط الاخرى ما سوى الوقت فيقال دليل «من ادرك» انها ادركت الوقت ومن الشرائط الاخرى كونها واجدة للطهارة فلابد من إثبات واجدية الركعة للطهارة في رتبة سابقة على دليل «من ادرك» فعاد محذور الدور.

ولكن دليل «من ادرك» لا يشملها الا إذا كانت شاملة للشرائط الاخرى ومنها الطهارة فتوقف دليل مشروعية التيمم على نفسه.

فقال سيدنا: ان هذا المحذور انما يأتي لو لم نقل بأنّ مفاد دليل «من ادرك» التنزيل من حيث الوقت، فاننا ان استظهرنا من دليل «من ادرك» التنزيل من حيث الصلاة فقط، يصح اشكال الدور بأن يقال دليل «من ادرك» ركعة فقد ادرك الصلاة إذا كانت الركعة جامعة للشرائط اما إذا استظهرنا من دليل «من ادرك» التنزيل من حيث الوقت لا من حيث الصلاة فهو لا نظر له للصلاة كي يقال جامعة للشرائط او غير جامعة، وانما نظره منصب على أن من ادرك مقدار ركعة فالوقت بالنسبة اليه تام، وهذا المفاد مطلق سواء كانت الركعة جامعة للشرائط ام لا، فدليل مشروعية التيمم يشمل هذه الركعة إذا شملها دليل «من ادرك».

وشمول دليل «من ادرك» لا يتوقف على شيء لان مفاده التنزيل من حيث الوقت ولا نظر له الى كون الصلاة جامعة للشرائط ام لا.

ولكن يلاحظ على ذلك: ان التنزيل ان كان تنزيلا للوقت نفسه مع غمض النظر عن الركعة فربما يقال كلامه تام، ويترتب على هذا التنزيل انه لو ادرك مقدار ركعة من غسل الجمعة فقد ادرك يوم الجمعة او مقدار ركعة من رمي الجمار لادرك يوم العشرة، فلو كان مفاد دليل «من ادرك» تنزيل مقدار ركعة منزلة الوقت التام من حيث آثار الوقت لا من حيث الصلاة، فهنا يصح ان يقال لا دور في المقام. ولكن ظاهر «من ادرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»، او موثقة عمار: «فان صلى ركعة... فليتم صلاته»، وهي ليس فيها «من ادرك»، فإن من الواضح من هذه الالسنة انّ منظور التنزيل التنزيلُ في الوقت من حيث أثر الصلاة ولأجل ذلك يعود محذور الدور.

وثالثاً: ذكر «قده» أنّ دليل التيمم لا اشكال انه يشمل من لم يدرك الأربع بوضوء وانما ادرك أربعة بتيمم، فمن لم يدرك الأربع بوضوء يشمله صحيحة زرارة «فإن خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل» فإذاً شملته أدلة التيمم ولكنه لم يبادر الى الصلاة وانتظر الى ان بقي مقدار ركعة أي انتظر الى حد لم يدرك ركعة بوضوء وانما ادركها بتيمم فإذا شمله دليل التيمم قبل ثلاث دقائق فمقتضى اطلاق الدليل ان يبقى شاملا له حتّى بعد تأخره الى ان لم يبق الا مقدار ركعة بتيمم، فيثبت مشروعية التيمم في محل كلامنا وهو من لم يدرك ركعة بوضوء من خلال شمول هذا الدليل لمن لم يدرك الأربع بوضوء.

ولكن يلاحظ عليه: ان هناك موضوعين بينهما عموم من وجه، 1 - من لم يدرك الأربع بوضوء هذا موضوع، 2 - ومن لم يدرك ركعة بوضوء، موضوع ثان؛ فالمكلف قد لا يدرك الأربع بوضوء ولكن يدرك ركعة بوضوء، وقد لا يدرك ركعة بوضوء ولكن يدرك الأربع بوضوء، فلا ملازمة بين الموضوعين..

فلأجل ذلك نقول: شمول دليل مشروعية التيمم لمن لم يدرك الأربع بوضوء لا يستلزم شموله لمن لم يدرك ركعة بوضوء، فلعل في مثل هذا الفرض يقول الشارع وظيفتك الصلاة القضائية.

فمجرد شمول دليل التيمم من لم يدرك الأربع بوضوء فهذا لا يستلزم شموله لم يدرك ركعة بوضوء، ودعوى الاطلاق مع اختلاف الموضوع غير صناعية.

ولأجل ذلك قد يكون المكلف ابتداءً لم يدرك الا ركعة بتيمم، لا انه لم يدرك الأربع بوضوء والآن بقي على حاله.

الوجه الثاني: ما أُفيد في جملة من الكلمات من ان مقتضى اطلاق دليل «التنزيل» أي تنزيل التراب منزلة الماء هو ذلك، وبيانه: ان المستفاد من قوله : «ان رب الماء ورب الصعيد واحد، وان التراب أحد الطهورين ويكفيك من التراب عشر سنين»: ان كل اثر يترتب على الطهارة المائية يترتب على الطهارة الترابية ومن اثار الطهارة المائية انه لو بقي للمكلف مقدار ركعة بوضوء فانه من الواضح يجب عليه المبادرة للصلاة وتعد اداء فهذا من اثار الطهارة المائية، ويثبت ذلك الاثر للطهارة الترابية، فمن ادرك ركعة من الوقت بتيمم فيجب عليه المبادرة وتعد صلاته اداءً.

وقد يلاحظ على ذلك: ان دليل «التنزيل» انما هو في مقام بيان أصل سعة الطهور لما يشمل الطهارة الترابية لا انه في مقام بيان انّ جميع ما يترتب على الطهارة المائية من اثر يترتب على الطهارة الترابية، فانه لو توضأ مثلا من اجل تحصيل الثواب فان التيمم لا يقوم مقامه في هذه الجهة حيث ذهب جمع من الاعلام الى ان الطهارة المائية محبوبة في نفسها وهذه المحبوبية لا تشمل الطهارة الترابية.

الوجه الثالث: ما ذكره السيد الإمام في كتاب الخلل «ص184» وهو مؤلف من امور:

الاول: قال: «ان للوقت بحسب الأدلة المتفرقة أهمية بحيث لا يعارضها سائر الاجزاء والشرائط والموانع، فالصلاة لا تترك وان فقدت جل اجزائها وشرائطها، ولو أدرك الوقت لا يقال: فاتت صلاته وان كانت سائر الاجزاء والشرائط مفقودة على اشكال في فاقد الطهورين، ومع استجماعها لجميع الشرائط والاجزاء إذا فات وقتها يقال: فاتت صلاته، فالوقت له أهمية لا تقاس بسائر الشرائط، ودليل «من أدرك» أيضا يدل على أهميته وان وقوع مقدار منها يصدق عليه عنوان الصلاة في الوقت موجب للزوم المبادرة إليها، فالوقت إذا يسع لإدراك ركعة منها لم تفت الصلاة عن وقتها، ومعه ان أمكن الإتيان بها جامعة للشرائط يجب والا فبمقدار الإمكان يراعى تحصيلها فواجد الماء ان تمكن من الإتيان بها مع الوضوء يجب، والا فيجب الإتيان بها مع التيمم لئلا تفوت الصلاة بفوت وقتها». إذاً الوقت هو الاهم بالنسبة لسائر الشرائط.

الامر الثاني: هل ان هذا الشرط الاهم وهو الوقت يشمل محل كلامنا وهو من لم يدرك ركعة بوضوء وانما ادرك ركعة بتيمم. يقال: مقتضى «من ادرك» ان الوقت فعلي فيجب التحفظ عليه.

الامر الثالث: بما ان الوقت اهم وهو قد اصبح فعلياً بحديث «من ادرك» فمقتضى هذين انه يجب عليه المبادرة الى اتيان الصلاة ولو فقد شرط الطهارة المائية فكانه قال إذا ادركت الوقت فصل فان كنت قادرا على الطهارة المائية فبها والا فالطهارة الترابية، وهذا هو المستفاد من الآية: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ.

ويلاحظ على ذلك: منع الامر الثاني بلحاظ ما تقدم ان شمول «دليل من ادرك» لمن لم يدرك ركعة بوضوء فرع كون هذه الركعة جامعة للشرائط الاخرى والمفروض ان جامعيتها للشراط الاخرى يتوقف على شمول دليل مشروعية التيمم لها وهو اول الكلام ومحل النزاع.

الوجه الرابع: ما ذكره «قده» أيضاً قال: «قوله : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»، نزّل إدراك ركعة منزلة ادراك الجميع، ومن آثار ادراك جميع الصلاة في الوقت هو الإتيان بها مع الطهارة المائية إن وسع الوقت لذلك والا فمع الترابية ومقتضى التنزيل في‌ الآثار لزوم ذلك أيضا». أي مقتضى التنزيل ان من ادرك ركعة بتيمم كمن ادرك أربع بتيمم.

ويلاحظ عليه: ما سبق من ان دليل «من ادرك» لا يتكفل بقية الشرائط وانما يقول من ادرك ركعة كمن ادرك أربع من حيث الاداء. واما جامعية الركعة للشرائط فلابد من اثباتها بدليل اخر فحيث لا يتكفل الاثبات إذا ففعليته فرع ثبوت الشرائط بدليل اخر وهذا اول الكلام.

الوجه الخامس: ما تعرض له سيدنا «ص237 ج11» وتعرض له أيضاً في «ج 10» ومحصله: أنّ مقتضى الإرتكاز المتشرعي امران:

الاول: ان الصلاة لا تسقط عنه. والامر الثاني: ان مقتضى الإرتكاز المتشرعي القطعي ان لا تصح منه الصلاة الا بطهور، فإذا علمنا ان الصلاة لا تسقط عنه وعلمنا انها لا تصح الا بطهور ولا طهور الا بالتراب فتعين لا محالة ان وظيفته التيمم، ولا يشكل انه بعد عدم شمول ادلة التيمم له فكيف تكون وظيفته التيمم فيقال قصور الادلة اللفظية عن اثبات التيمم لمثل هذا الشخص لا يعني انه انسد الباب امام تحديد وظيفة التيمم، فنحن نستفيد ان وظيفته التيمم من باب لازم الإرتكاز القطعي من ان الصلاة لا تسقط عنه وانها لا تصح الا بطهور مع انحصار الطهور بالتراب لازمه ان وظيفته التيمم. يأتي البحث في المراد من الركعة.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 44
الدرس 46