نص الشريط
الدرس 101
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 19/5/1436 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2613
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (665)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين

الجهة الاخيرة: في هذه المسألة: ما ذكره سيدنا:

أنه إذا علم باستدبار القبلة وكان الوقت باقياً فعليه الاعادة وان مضى الوقت فلا يعيد، والكلام في ان هذا الحكم هل يختص بالمجتهد المخطئ كما ذكره في المتن، حيث قال «وإن كان منحرفاً إلى اليمين واليسار أو إلى الاستدبار فإن كان مجتهداً مخطئاً أعاد في الوقت دون خارجه». أو يعمه والغافل وكذا الجاهل بالموضوع أو ناسيه أم لا؟. وسبق منا بحث ذلك؛ ولكن لان سيدنا اضاف بعض النكات استعرضنا كلامه، فقال: الظاهر هو الثاني، أي ان التفصيل بين وجوب الاعادة ان علم بالاستدبار داخل الوقت وسقوط القضاء ان علم بالاستدبار بعد الوقت هذا التفصيل عام بين المجتهد المخطئ والغافل والجاهل بالموضوع وناسيه لإطلاق النصوص.

منها: صحيحة عبد الرحمن عن ابي عبدالله، قال: «إذا صليت وانت على غير القبلة واستبان لك وانت على غير القبلة وانت في وقت فاعد، وان فاتك الوقت فلا تعد»، فإطلاقها يشمل جميع الفروض.

ونحوها: صحيح زرارة عن ابي جعفر قال: «إذا صليت على غير القبلة فاستبان لك قبل ان تصبح انك صليت على غير القلبة - أي قبل ان يخرج وقت صلاة العشاءين - فأعد صلاتك»، فإنّ وجوب الاعادة قبل ان يصبح بالمنطوق ووجوبها بعد الاصباح بالمفهوم فإن الاعادة المستفاد من المفهوم يشمل المجتهد وغيره.

قال سيدنا: "الظاهر هو الثاني، إذ لا مقتضي للتخصيص بعد إطلاق الأخبار التي منها صحيحة عبد الرحمن عن أبي عبد اللّٰه «قال: إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك أنّك صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد وإن فاتك الوقت فلا تعد»، فإنّها بإطلاقها تعم المجتهد وغيره.

ونحوها: صحيح زرارة عن أبي جعفر «قال: إذا صليت على غير القبلة فاستبان لك قبل أن تصبح أنّك صليت على غير القبلة فأعد صلاتك»، فإنّ عدم الإعادة بعد الإصباح وخروج وقت العشاءين المستفاد من المفهوم مطلق يعم المجتهد وغيره. ولا نعرف وجهاً للتخصيص الذي ذكره في المتن عدا التقييد بالاجتهاد أو التحري في روايتين:

إحداهما: صحيحة سليمان بن خالد، قال: «قلت لأبي عبد اللّٰه : الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيّم فيصلي لغير القبلة، ثم يضحي فيعلم أنّه صلى لغير القبلة كيف يصنع؟ قال: إن كان في وقت فليعد صلاته، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده».

فإنّ ظاهرها ان المسقط للقضاء ليس مجرد خروج الوقت وانما خروجه مع كونه مجتهدا متحريا.

وناقش سيدنا في ذلك، فقال: ان الرواية لا مفهوم لها، والسر في ذلك: ان هناك خصوصية في مورد الرواية حيث فرض السائل ان اليوم غيّم ومقتضى كون اليوم غيما ان يجتهد الانسان في الفحص عن القبلة فإن من صلى في قفر من الارض مع كون اليوم غيما فمقتضى ذلك اشتباه القبلة ومقتضى اشتباه القبلة ان يفحص عنها ففرض في مورد الرواية انه فاحص مجتهد فلذلك قال ان كان في وقت أي ان علم بالاستدبار وهو في الوقت اعاد وان لم يعلم حتّى مضى الوقت فيكفيه اجتهاده وتحريه فقوله فحسبه اجتهاده لا دلالة له على ان قيد الاجتهاد احترازي وانما اتى به لان مفروض المورد هو جود الاجتهاد والفحص فكانه قال وان مضى الوقت فحسبه ما اتى به من الصلاة وانما عبر بالاجتهاد لأنّه مورد الاجتهاد.

قال سيدنا: ”وفيه: أنّ ذكر الاجتهاد ليس لخصوصية فيه، بل لأجل أنّ المفروض في السؤال أنّ الرجل في قفر من الأرض واليوم غيّم، وبطبيعة الحال يتحرى المتصدي للصلاة ويفحص عن القبلة في مثل هذا الظرف، فتخصيص الاجتهاد بالذكر لكونه جارياً مجرى الغالب، فلا يدلّ على المفهوم حتى يتقيد به الإطلاق المزبور لو قلنا بثبوت المفهوم الاصطلاحي للقيد“. ولا يبعد ما ذكره سيدنا

الثانية: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّٰه : «في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة، قال: يعيد ولا يعيدون، فإنّهم قد تحروا».

فإنّ تعليل إعادته دونهم بتحرّيهم دونه يدلّ على دوران الصحة مدار التحري والاجتهاد، فبدونه تجب الإعادة، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين الوقت وخارجه.

وفيه: أنّ ظاهر الصحيح أنّ الانكشاف للأعمى إنّما كان في الوقت وبعد الفراغ من الصلاة، من جهة أخبار المأمومين إيّاه الذين قد تحروا فلا يشمل خارج الوقت".

فغاية الرواية: انه حيث تبين الانحراف اثناء الوقت فعلى الإمام الاعمى الاعادة لأنّه لم يتحر وليس عليهم الاعادة لانهم تحروا، فغايته دخل التحري لما علم في اثناء الوقت ولا دخل لما علم بعد الوقت كي يكون التفصيل ناظر لخصوص التحري، فنقول من علم بالاستدبار خارج الوقت فيسقط عنه القضاء مطلقا كان متحريا أو غافلا أو جاهلا.

قال سيدنا: "ويعضده التصريح بالتفصيل بين الوقت وخارجه في صحيحة أبي بصير الواردة في الأعمى عن أبي عبد اللّٰه قال: «الأعمى إذا صلّى لغير القبلة فإن كان في وقت فليعد، وإن كان قد مضى الوقت فلا يعيد».

وبالجملة: فالصحيحة أجنبية عن القضاء الذي هو محلّ الكلام، بل هي خاصة بالإعادة في الوقت فتحمل على الانحراف الكثير، للنصوص المتقدمة النافية للإعادة في الوقت مع الانحراف اليسير وإن لم يتحرّ كأن كان غافلًا ونحوه كما مرّ، إذ لا يحتمل اختصاص الأعمى بحكم دون غيره.

وكيف كان، فالإطلاق المتقدم «في صحيحة عبد الرحمن» محكّم بعد سلامته عما يصلح للتقييد، ولأجله يحكم بشمول الحكم للمجتهد وغيره كما عرفت".

ويلاحظ على ذلك: ان صحيحة الحلبي مطلقة ومجرد التعبير بالاعادة ليس قرينة على ان الانكشاف داخل الوقت فانه ارشاد إلى الفساد وبتالي فالنسبة يبينها وبين صحيحة ابي بصير التي فصلت بين داخل الوقت وخارجه عموم من وجه لأخذ صحيحة الحلبي قيد التحري ولتفصيل صحيحة ابي بصير بين داخل الوقت واخرجه فإن اطلاق التعليل في قوله انهم قد تحروا التفصيل بين فرض داخل الوقت وخارجا.

وثانياً: لو اغمضنا النظر عن هاتين الروايتين كما يقول في موثق الحسين بن علوان، من صلى على غير القبلة وهو يرى انه على القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا اعادة عليه، فإن هذا القيد لا يشمل الغافل والناسي وان كان اعم من التحري لشموله لمن كان معتقدا ان الجهة قبلة ولو لجهل مركب الا اننا بالنتيجة لو عالجنا قيد التحري فبهاتين الصحيحتين فيبقى قيد اخر يمنع من الطلاق لكل من صلى لغير القبلة وان لم ير ان الجهة التي صلى اليها قبلة.

إذاً: فدعوى الاطلاق هي محل التأمل وليست الاطلاقات محكمة كما افاد.

«فرع»

لو شك أثناء الصلاة في دخول الوقت بعد إحراز دخوله في أولها. فهنا صورتان: الصورة الاولى: فتارة ينقلب إحرازه إلى الشك فيشك في دخوله من أول الصلاة إلى الحال الفعلي.

الصورة الثانية: وتارة ينقلب إلى العلم بالخلاف وان دخوله فيها كان قبل الوقت لكن يشك في دخول الوقت في الأثناء.

الكلام في الصورة الاولى: هذه المسالة مرتبطة بكبرى في قاعدة التجاوز وهي هل تجري قاعدة التجاوز عند الشك في الشروط أم ان جريانها يختص بالشك في الاجزاء، فنقول من شكّ وهو في اثناء صلاته في انه دخل الوقت اول الصلاة أم لا فهو شاك في فعلية شرطية الوقت فهل هو مجرى لقاعدة التجاوز أم لا؟، وبما ان المقام من صغريات جريان قاعدة التجاوز في الشروط فهناك ثلاث ايرادات متسلسلة في جريان قاعدة التجاوز في الشروط تشمل محل الكلام.

الإشكال الأول: انّ المقتضي لجريان قاعدة التجاوز تصور التجاوز، أي ان يتصور في المكلف انه قد تجاوز، فمقتضى تصور ذلك تحقق المقتضي لجريان القاعدة فما لم يتصور فيه التجاوز فهو خارج اقتضاءً عن مورد القاعدة والشروط اجزاء تحليلية ذهنية وليست خارجية لان الشرط عبارة عن تقيد، فمثلاً إذا قيل يشترط في صحة الصلاة الطهارة أو الاستقبال أو الوقت، فالمقصود بالشرط ان ما هو مأمور به بالأمر الضمني التقيد ومن الواضح ان التقيد جزء تحليلي ذهني، قال ملا هادي:

وحصة الكلي مقيدا يجي تقيد جزء وقيد خارجي.

فالتقيد جزء ولكنه ذهني تحليلي وبما ان التقيد جزء تحليلي فلا يتصور فيه التجاوز منه إلى جزء اخر إذا فالمقتضي لجريان قاعدة التجاوز في الشروط منتف.

واجيب عن ذلك: - في كلمات الاعلام -: بأن جريان قاعدة التجاوز يعتمد على نكتة وموضوع ونكتة التجاوز الاذكرية هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك ومقتضى عموم النكتة شمولها للأجزاء التحليلية والخارجية. والركن الثاني: هو الموضوع، وهو تجاوز المحل الشرعي لا المحل الخارجي وتجاوز المحل الشرعي كما يتصور في الاجزاء الخارجية يتصور في التحليلية فبما ان جريان القاعدة يعتمد على ركن نكتتها وموضوعها وهما مما يحتملان في الشروط ما في الاجزاء فلا محذور ولا مانع في هذه الجهة في جريان قاعدة التجاوز في الشروط.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

الدرس 100
الدرس 102