نص الشريط
الدرس 113
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 17/6/1436 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2593
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (572)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين

التعليقة الأخيرة:

ما ذكره السيد الإمام: من ان دعوى التعارض بين ما دلَّ على ان الوظيفة هي الصلاة في الثوب المتنجس عند انحصار الساتر به، وما دلَّ على ان الوظيفة هي الصلاة عرياناً ممنوعة فلا تعارض بين الطائفتين، والوجه في ذلك: انه يمكن ايجاد الجمع العرفي بينهما بحمل ما دلَّ على وجوب الصلاة عارياً على ما إذا كان المصلي آمناً من وجود ناظر محترم وحمل ما دلَّ على الصلاة في الثوب المتنجس على ما إذا لم يكن المصلي آمنا من وجود ناظر محترم، والوجه في هذا الجمع ثلاث نكات:

النكتة الأولى: أنّ مصب الروايات الواردة في ان الوظيفة الصلاة عارياً هو كون المصلي في الفلاة المأمون فيها من الناظر، بخلاف الروايات الأخر التي لم يفرض فيها ان المصلي في «فلاة» كي يكون مأمونا من ناظر محترم.

ولكن السيد ناقش في هذه النكتة، فقال: في كتاب «الخلل في الصلاة، ص: 177‌»: «وفيها ان المتفاهم من الروايات ان فرض الفلاة لأجل فرض عدم إمكان الثوب غير ما عليه وعدم إمكان غسله لفقد الماء مع ان كونه فيها لا يلازم عدم غيره فيها لو لم نقل بأن الغالب وجود الرفقة في الاسفار».

النكتة الثانية: «بدعوى انصراف الدليل المشتمل على الصلاة عاريا عما إذا كان بمحضر من النظار لأنّ إباء النفوس عن ذلك بل قبحه لدى العرف يوجب الانصراف الذي هو بمنزلة التقييد فيقيد بها الإطلاقات الواردة في الصلاة مع الثوب.

وفيها منع الانصراف، ومنع القبح في المحيط الذي صدرت فيه الروايات بل القبح والاستيحاش تجدد بعد تلك العصور وفي أقوام أخر، فمن راجع الى ما وردت في آداب الحمام يرى ان الدخول فيه بلا ستر ومئزر كان متعارفا رائجا. مضافا الى‌ أن اشتمال الرواية الدالة على الصلاة عاريا على الأمر بالجلوس، كما في صحيحة الحلبي وموثقة سماعة على احدى الروايتين يمنع هذا الحمل، لما ورد في باب كيفية الصلاة عاريا ان الجلوس فيما إذا رآه ناظر محترم والقيام عريانا فيما إذا لم يره أحد».

النكتة الثالثة: أن يقال: بناءً على ان القدر المتيقن في مقام التخاطب مانع من احراز الاطلاق اما مطلقا كما ذهب إليه في «الكفاية» أو في خصوص روايات الافتاء كما ذهب إليه السيد الاستاذ، ومن الواضح أنّ الموثقة ورواية الحلبي واردة في مقام الافتاء فما ورد ان المصلي إذا لم يجد ساترا الا المتنجس ولا يمكن تطهيره فعليه ان يصلي عاريا، فإنّ هذا الحكم القدر المتيقن منه في مقام التخاطب بين الإمام والمستفتي فرض عدم وجود الناظر إذ لا يحتمل المستفتي ان يأمره الإمام بالصلاة عاريا حتّى مع عدم وجود الناظر فبما ان عدم وجود الناظر قدر متيقن في مقام التخاطب وهو مانع من احراز الاطلاق إذن فهذه الروايات اظهر في مورد عدم وجود الناظر من الروايات التي دلّت على ان الوظيفة ان يصلي في الثوب المتنجس لما ذكرناه انه متى ما كان هناك قدر متيقن في الدليل يكون ظهوره اقوى من معارضه.

إذاً عندنا طائفتان واحدة تدلَّ على الصلاة في الثوب المتنجس وهي مطلقة من حيث وجود ناظر وعدمه، وعندنا طائفة تأمر بالصلاة عارياً وهي أقوى ظهوراً في فرض عدم وجود ناظر من الطائفة الاولى لأنّ هذا الفرض هو القدر المتيقن منها بحيث لو قدمنا الطائفة الأولى عليها للزم إخراج القدر المتيقن من تحت الدليل وإخراجه من تحت الدليل مستهجن فتكون هذه الروايات الآمرة بالصلاة عارياً أقوى ظهوراً في هذا المورد من المعارض لها وهي مطلق ما دلَّ على الصلاة في الثوب المتنجس، وبما ان نكتة حمل المطلق على المقيد هي الأظهرية اي يحمل لأن المقيد أظهر من المطلق فبموجب هذه النكتة يحمل ما دلَّ على الصلاة في الثوب المتنجس على فرض وجود الناظر لأجل المقيد وهو ما دلَّ على ان الصلاة عاريا هو المطلوب في فرض عدم وجود الناظر.

ويرد على هذه النكتة: على ما ورد في النكتة السابقة، وهي:

أنّ صريح رواية الحلبي وموثقة سماعة «أن يصلي قاعدا» فموردها أنّه مع فرض وجود الناظر فكيف يقال أنّ القدر المتيقن في مقام التخاطب من هذه الروايات فرض وجود الناظر.

فتحصل من ذلك: أنّ الصحيح هو استحكام التعارض بين الطائفتين الطائفة الدالة على ان الوظيفة عند انحصار الساتر بالثوب المتنجس هي الصلاة في الثوب والطائفة الدالة على الصلاة عاريا.

ونتيجة ذلك: أن لا إطلاق في دليل شرطية ستر العورة لفرض الاضطرار لانكشاف العورة.

لأننا بحثنا: أنّه لو انكشفت العورة أثناء الصلاة فالتفت الى ذلك فبادر الى الستر في هذا الآن ففي هذا الآن وهذه الثانية قد حصل فيها إخلال بشرطية ستر العورة ولكنّه اضطراري، فهل أنّ ما دلَّ على أن يشترط في صحّة الصلاة ستر العروة له إطلاق بحيث ان له إطلاق حتى لفرض الاضطرار أم لا؟!، فلذلك: تعرضنا للروايات الدالة على شرطية ستر العروة لنعرف أنّها لها إطلاق أم لا، فإذا قررنا التحكيم أي ما دلَّ على الصلاة في الثوب المتنجس هي المحكمة فمقتضاها لزوم ستر العورة حتّى لفرض الاضطرار، أمّا إذا قلنا أنّها معارضة بما دلَّ على الصلاة عاريا ففي هذا الفرض الذي هو فرض الدوران بين ان يصلي في المتنجس فيرتكب الإخلال بمانعية النجاسة أو يصلي عاريا فيرتكب الإخلال بشرطية ستر العورة في هذا الفرض تعارضت الروايات فإذا تعارضت الروايات وهو فرض من فروض الاضطرار مع ذلك لا إطلاق لدليل شرطية ستر العروة لأجل وجود المعارض فحيث لا إطلاق له لا نحرز إطلاق له في فرض اخر من فرضو الاضطرار.

الوجه الثاني: صحيح مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ صَلَّى فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ لَيْسَ بِوَاسِعٍ قَدْ عَقَدَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَقُلْتُ لَهُ مَا تَرَى لِلرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إذا كَانَ كَثِيفاً فَلَا بَأْسَ بِهِ والْمَرْأَةُ تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ والْمِقْنَعَةِ إذا كَانَ الدِّرْعُ كَثِيفاً يَعْنِي إذا كَانَ سَتِيراً قُلْتُ رَحِمَكَ اللَّهُ الْأَمَةُ تُغَطِّي رَأْسَهَا إذا صَلَّتْ فَقَالَ لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ قِنَاعٌ».

ووجه الاستدلال به على شرطية ستر العورة مطلقا ما ذكره سيدنا في «ج12، ص91»:

«فإنّ تعليق الجواز على ما إذا كان القميص كثيفاً أي غليظاً ساتراً يدلّ بمقتضى القضية الشرطية على عدم الجواز فيما إذا كان رقيقاً حاكياً عما تحته، بل الظاهر أنّ منشأ السؤال ما ورد في غير واحد من الأخبار من الأمر بالصلاة في ثوبين ولا أقل من ثوب وحبل كما في صحيحة محمد بن مسلم الآتية المحمول على الفضل».

ولكن يلاحظ: على الاستدلال أنّها ليست في مقام البيان عن شرطية ستر العورة وإنّما من جهة شرطية الغلظة في مقابل الرقة فبما أنّها في مقام البيان من هذه الجهة فلا يحرز إطلاق المدلول الالتزامي لها وهو شرطية ستر العورة حتّى في موارد الاضطرار للكشف.

الوجه الثالث: قال سيدنا «ص92»:

«الثالث: الأخبار الكثيرة المستفيضة المتضمنة أنّ المكلف إذا لم يجد ساتراً صلّى عارياً «مومئاً» إما قاعداً أو قائماً، أو إن كان ناظر محترم فجالساً وإلا قائماً على اختلاف ألسنتها فإنّها متفقة على المنع عن الركوع والسجود وأنّه يومي إليهما. وهذا المقدار وإن لم يكف في اعتبار الستر في الصلاة بما هي، لكنه يدل على اعتباره في خصوص الركوع والسجود، ولذا منع عنهما مع العجز عن رعاية الستر فيهما، فلا مناص للمكلّف من تحصيل الساتر قبل الدخول في الصلاة من باب المقدمة كي لا تبدو عورته في حالتي الركوع والسجود فيفوّتهما على نفسه اختياراً، فإن الانتقال إلى الإيماء الذي هو بدل اضطراري إنّما هو مع العجز عن الوظيفة الاختيارية كما هو ظاهر».

ولكن يلاحظ على ذلك: انه لا ظهور لهذه الروايات في شرطية ستر العورة بمعنى انه سترهما بشيء، في الركوع والسجود، إذ من المحتمل ان مفاد هذه الروايات ان ابداء العورة حال الركوع والسجود مانع من صحّة الصلاة وراء شرطية الستر، اي انه كما انه يشترط وجود ساتر كذلك ابداء العورة حال الركوع والسجود مانع من صحّة الصلاة وان لم يكن لديه ساتر ولا يحرز إطلاق هذا المانع لفرض ظهور العورة قهرا واتفاقا، فإن مورد هذه الروايات الابداء الاختياري فدعوى اطلاقها حتّى لفرض البدو اتفاقا غير محرز.

الدليل الاخير: قال سيدنا: «ويعضده ما يظهر من غير واحد من الروايات من ارتكاز اعتبار الستر في الصلاة في أذهان الرواة بحيث إنّ ذلك من المسلمات لديهم، وقد أقرّهم الإمام على ذلك، التي منها صحيح زرارة، قال «قلت لأبي جعفر : رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه ولم يجد شيئاً يصلّي فيه، فقال: يصلّي إيماءً»، ونحوها غيرها. ويؤيده خبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال: «من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت، يبتغي ثياباً». فإنّها وإن كانت ضعيفة السند بأبي البختري وهب بن وهب الذي قيل في حقه: أنّه أكذب البرية، فلا يستدل بها، لكنها صالحة للتأييد».

فالمتخلص: أنّ المستفاد من الروايات ارتكازية ستر العروة وهو دليل لبّي والقدر المتيقن منه فرض الاختيار فمن الأصل لا نحرز شموله لفرض الاضطرار، ومقتضى ذلك: صحّة صلاة من برزت عورته اضطرارا.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

الدرس 112
الدرس 114