نص الشريط
الدرس 33
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 22/12/1435 هـ
تعريف: حقيقة العلم الإجمالي
مرات العرض: 2894
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (497)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

المطلب الثاني: انه بناءً على ان العلم الاجمالي منجز للجامع فقط فهل الاطراف مجرىً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، أم ان هناك منجز اخر في الاطراف رافع لموضوع القاعدة، وذلك المنجز هل هو عدم المؤمن، ام وجود مقتض للمنجزية كاحتمال التكليف فلأجل ذلك يوجد في المقام اتجاهات 3:

الاتجاه الاول

ما ذكره المحقق النائيني بحسب اجود التقريرات ج 2 ص 345، حيث افاد هناك بأنه تتعارض الاصول العقلية والاصول الشرعية في الاطراف، فان جريان البراءة عقلاً ونقلاً في جميع الاطراف مستلزم للترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي بتنجز الجامع، وجريان البراءة في طرف معيّن ترجيح بلا مرجح، فلا مجال لجريان البراءة البتة، واذا لم تجر للتعارض أصبح احتمال التكليف في كل طرف بلا مؤمن، فان المؤمن هو البراءة والمفروض عدم جريانها، والنتيجة ان المنجز للتكليف في الاطراف، ليس هو العلم الاجمالي ولا يوجد منجز شرعي بل المنجز هو ان احتمال

التكليف بلا مؤمن.

وهذا الذي ذكره المحقق النائيني «قده» اعتُرض عليه بان التعارض انما يتصور في البراءة الشرعية، باعتبار ان دليل البراءة الشرعية دليل ظنيٌ، وهو ما يستظهر من الاخبار فيمكن ان يقال ان اطلاق دليل البراءة لكل طرف معارض بإطلاقها للطرف الآخر، واما البراءة العقلية فهي حكم عقلي قطعي ولا يتصور التعارض في الاحكام القطعية كي يقال بان جريان البراءة العقلية في كل طرف معارض بجريانها في الآخر، فالمطلب الذي فرضه غير معقول فاذا لم يكن هناك تعارض في جريان البراءة العقلية جرت ومقتضى جريانها وجود المؤمن فلا منجز في البين اذ الاحتمال صار مع

المؤمن لا بدون مؤمن.

الاتجاه ال2 ان يقال ان هناك فرقاً بين البراءة الشرعية والبراءة العقلية فدليل البراءة الشرعية لفظي، وهو قوله رفع عن امتي ما لا يعلمون او قوله كل شيء لك حلال فبما ان ”الدليل لفظيٌ“ فانّ المنصرف منه عرفاً الاحاد المتعينة، بان يجري في هذا الطرف بعينه، وفي هذا الطرف بعينه، لذلك يأتي فيه ان جريانه في جميع الاطراف ترخيص في المخالفة القطعيّة وهو قبيح وجريانه في احدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، فلا مجال لجريانه بعد ذلك.

فان قلت فلم لا يجري في الأحد لا بعينه، قلت هذا خارج عن المنصرف العرفي لقوله كل شيء لك حلال، فالشيء هو المعين، لا الشيء لا بعينه، فاذا لم تجر في احدهما لا بعينه فإما ان تجري في الجميع وهو ترخيص في المخالفة القطعية او في احدهما دون الآخر وهو بلا مرجح فتسقط عن الجريان.

اما البراءة العقلية فهي حكم عقلي لا دليل لفظي كي يرجع الى المنصرف العرفي من دليليه، ولا محالة المناط في جريانها تحقق الموضوع، أي عدم البيان، وتحقق الموضوع تابع للملاك فمتى ادرك العقل ملاكها في مورد وتنقح بذلك موضوعها حكم بها، ولأجل ذلك تنطبق على المقام فيقال اذا علم المكلف اجمالاً بوجوب احدى الفريضتين يوم الجمعة فالمتنجز بالعلم الاجمالي هو الجامع أي احدى الفريضتين فيقول العقل ان احداهما بلا تعيين متنجز بالعلم الاجمالي واحداهما أيضاً بلا تعيين او فقل ما سوى الجامع او ما زاد على الجامع باي تعبير فان هذا العنوان وهو ما زاد

على الجامع مما لا بيان عليه فحيث انه لا بيان عليه فهو مجرى لقبح العقاب بلا بيان، فالبراءة العقلية تجري في الأحد لا بعينه ما دام موضوعها فعليا معه وهو عدم البيان.

فهذا هو الفرق بين البراءة العقلية والشرعية، ومقتضى ذلك ان لا تنجز للأطراف بل التنجز للجامع فقط، باعتبار جريان البراءة العقلية في ما عدا الجامع.

ولكن ما افيد وتمّ في البراءة العقلية ليس تاما في الشرعية، فانّ البراءة الشرعية وسائر ادلة الاصول لا تجري في الأحد لا بعينه كما جرت البراءة العقلية والوجه في ذلك انّ مقتضى اطلاق دليل الاصل وهو قوله كل شيء لك حلال او رفع عن امتي ما لا يعملون.. الخ ان موردها ما انطبق عليه عنوان الموضوع وهو الشيء الذي لم يعلم، وكان لجريان دليل الاصل اثر عملي، ولذلك التزمنا بجريان قاعدة الفراغ في احدى الفريضتين، فلو علم المكلف ببطلان احدى الفريضتين اما الظهر او العصر وحينئذٍ يشك في بطلان الاخرى، فيقول: احدهما باطلة جزماً والاخرى مشكوكة البطلان، فتجري فيها قاعدة الفراغ من دون تعيين، واثر جريان قاعدة الفراغ في احدهما من دون تعيين انه يستطيع ان يأتي ب 4 ركعات عما في الذمة ويحرز بذلك فراغ العهدة مع ان دليل قاعدة الفراغ لفظي وهو كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه، فلا مانع من شمول دليل الاصل العملي لما يصدق عليه انه شيء، وشيء شك في حكمه، او ما يصدق عليه انه مما لا يعلم، ما دام للجريان اثر عملي كما في المقام فانه لعل القائل لا يرى البراءة العقلية فتصل الى الشرعية فاذا كان دليل البراءة الشرعية يشمل ما سوى الجامع فحينئذٍ يمكنه ارتكاب الطرف الآخر بلا مانع شرعي.

الاتجاه الثالث:

ما بنينا عليه فيما سبق من ان العلم الاجمالي منجز للجامع على نحو العلية التامة ومنجز للأطراف على نحو الاقتضاء لان المعلوم بالإجمال ليس الجامع على نحو الموضوعية بل الجامع على نحو المشيرية، فاذا اشتغلت العهدة بذلك المشار اليه فمقتضى قاعدة الاشتغال لزوم اجتناب كلا الطرفين من اجل اليقين بالفراغ، اذا عدم جريان البراءة العقلية في الطرف الآخر او ما سوى الجامع لاقتضاء من العلم الاجمالي.

ولكن لو تجاوزنا عن ذلك كما هو مفروض البحث من ان العلم الاجمالي منجز للجامع فقط فهل الاحتمال منجز في الاطراف ام لا، فهنا ذكر في كلمات الاعلام مسلكان:

المسلك الاول:

ان احتمال التكليف في كل طرف منجز، لا من باب العلم الاجمالي بل من باب ان احتمال التكليف مساوق لاحتمال الضرر ودفعه منجز.

والمسلك الآخر

ما سلكه السيد الشهيد من انه احتمال التكليف في كل طرف موضوع لحق الطاعة، ومقتضى حق الطاعة كون الاحتمال منجزا، لأجل ذلك اذا قلنا بان العلم الإجمالي منجز للجامع فقط فهناك منجز فيما سوى الجامع وهو احتمال التكليف اما بالنكتة الاولى او الثانية.

فما هو الصحيح من المسلكين؟

والحمدلله رب العالمين

الدرس 32
الدرس 34