نص الشريط
الدرس 114
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 18/6/1436 هـ
تعريف: منجزية العلم الإجمالي
مرات العرض: 2555
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (464)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين

تقدم: أنّ السيد الشهيد أفاد: بأنّه إذا كان الأصل الطولي مبتلى بمحذور في نفسه مضافا إلى المحذور المشترك فلا ينهض للمعارضة.

واعُتِرضَ عليه: أنّ وجدان الأصل الطولي لمحذورين ليس كافيا لنجاة الأصل الطولي من المعارضة ما لم يكن بين المحذورين طولين، فإذا افترضنا أن بين المحذورين طولية وكان هذا المحذور أسبق رتبة من المحذور المشترك، فحينئذٍ يصح ان يقال: أنّ الأصل الطولي قد سقط بالمحذور السابق فلا ينهض للمعارضة بالأصل العرضي، وأما إذا لم يكن بين المحذورين طولية فلا يمنع من وقوع المعارضة بين الأصل العرضي في الطرف الآخر والاصلين الطوليين في هذا الطرف.

وبعبارة أخرى: ان أصالة الطهارة في ماء ألف مبتلاة بمانعين يمنعان جريانها، الاول الأصل الحاكم والثاني الأصل العرضي في الطرف الآخر وهو أصالة الطهارة في باء وحيث انه ليس بين المانعيتين طولية فإن مانعية استصحاب الطهارة من جريان اصالتها في ماء ألف في عرض مانعية أصالة الطهارة في ماء باء عن جريان أصالة الطهارة في ماء الف، فإذا لم يكن بين المانعيتين طولية فلا يوجب انحلال العلم الاجمالي وسلامة الأصل الطولي من المعارضة بل يقال ان الأصل الطولي ممانع بأصلين أصل حاكم وأصل عرضي في الطرف الآخر وهو أصالة الطهارة في ماء باء فليس بين المحذورين ترتب أو طولية كي ينجو الأصل الطولي من المعارضة.

وقال: هذا نظير ما إذا كان في أحد الطرفين توارد حالتين دون الآخر، مثلاً: ما ذكر سيد العروة: من أنّه لو توضأ وضوئين وصلّى صلاتين غير مترتبتين كما لو فرضنا انه توضأ وصلى صلاة اداء ثم توضأ وصلى صلاة قضاء ثم علم اجمالا انه احدث بعد أحد الوضوئين اما بعد الاولى أو بعد وضوء الصلاة الثانية، فإنّ قاعدة الفراغ في الصلاتين تتعارضان وتتساقطان، وبعد ذلك يقال: بالنسبة إلى الصلاة الاولى يجري فيها استصحاب الطهارة لأنّه توضأ قطعا ويشك انه هل حصل حدث بعد ذلك أم لا؟ فيجري استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى؛ وأمّا الصلاة الثانية فهي مورد توارد الحالتين لأنّه بالنسبة للصلاة الثانية يقطع انه توضأ وأنّه أحدث إمّا قبل وضوء الثاني أو بعد وضوئها فالصلاة الثانية مورد لتوارد الحالتين، وبالتالي فإنّ استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية معارض في نفسه باستصحاب الحدث لان الحدث قطعا حصل قبل الصلاة الثانية، ولكن حصل قبل وضوئها أو بعدها فهذا مشكوك، فاستصحاب الطهارة في الصلاة الثانية معارض باستصحاب الحدث فيها فهي مورد لتوارد الحالتين بخلاف استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى فإنّه ليس معارض باستصحاب الحدث لأنّه قد يكون حصل بعد الفراغ منها لأجل ذلك هل يتعارض استصحاب الحدث مع استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية ويسقطان ويجري استصحاب الطهارة في الصلاة الأولى بلا معارض. أم نقول: بأنّ استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية معارض لأصلين استصحاب الحدث في نفس الصلاة واستصحاب الطهارة في الصلاة الاولى وبمقتضى ذلك بقاء منجزية العلم الاجمالي فذكر المقرر في اشكاله على السيد الشهيد مع ان استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية مبتلى بمحذور في نفسه وهو انه معارض في نفسه باستصحاب الحدث مع انه مبتلى بذلك ولكن هذا لا ينجيه من المعارضة فيبقى استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية معارض باستصحاب الطهارة في الصلاة الاولى مع أنّه في نفسه معارض باستصحاب الحدث مما ينبه على ان مجرد ابلاء الأصل بمحذور في نفسه وراء المحذور المشترك لا ينجيه من المعارضة، فلنفترض ان استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية واجد لمحذور في نفسه مع غمض النظر عن العلم الاجمالي ولكنه لا ينجيه من المعارضة مع استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى فكذلك الامر في المقام فإن مجرد وجدان أصالة الطهارة في ماء ألف لمحذور وهو وجود أصل حاكم عليه وهو استصحاب الطهارة لا ينجيها من معارضتها لأصالة الطهارة في ماء باء.

ولكن ما ذكره غير صحيح، لأنّ مدّعى السيد الشهيد: أنّ بين المحذورين طولية فالسيد الشهيد يرى ان أصالة الطهارة في ماء ألف مبتلاة بمحذور في رتبة سابقة على وجود العلم الاجمالي، أي قبل وجود العلم الاجمالي فإن أصل الطهارة في ماء ألف لا يجري لوجود أصل حاكم عليه وهو استصحاب الطهارة فحصول علم اجمالي بالنجاسة اما في باء أو في ألف لا يوجد أصل الطهارة من جديد لأنّه في نفسه سقط مع وجود أصل حاكم عليه فالمحذور الثاني وهو محذور الترجيح بلا مرجح محذور متأخر تربة عن المحذور الاول، فإذا كان التأخر الرتبي كافيا في انجاء الأصل من المعارضة بحيث يتعارض استصحاب الطهارة في ألف مع أصالة الطهارة في باء ويسقطان ويولد أصل الطهارة بلا معارض فسوف ينحل العلم الاجمالي.

واما المبنى الذي يترتب عليه المثال فغير صحيح؛ والسر في ذلك: انه كما ذكر سيدنا في بحث الاستصحاب بأنه إذا كان في أحد الطرفين توارد حالتين كما مثلنا بأن علم اجمالا بحدث بعد أحد الوضوئين اما وضوء الصلاة الاولى أو الثانية فأصبحت الصلاة الثانية موردا لتوارد الحالتين فإنّ استصحاب الطهارة في الصلاة الثانية أبداً لا يقوى على المعارضة مع استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى والسر في ذلك ان دليل الاستصحاب في الصلاة الثانية ساقط لا محالة مع غمض النظر عن جريان استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى لانّ شمول دليل الأصل للنقيضين أو الضدين في نفسه غير ممكن، بلحاظ ان ظهور دليل الأصل في نفسه لا يفي بشمول النقيضين فالمسالة راجعة لعدم الظهور لا للتعارض حتّى يقال ان هناك تعارض من جهتين.

بيانه: استصحاب الطهارة واستصحاب الحدث اصلان متضادان، وبالتالي: دليل الاستصحاب لا ظهور فيه في الشمول لهما في آن واحد لأنهما متكاذبان في حد انفسهما مع غمض النظر عن وجود معارض أم لا فإن هذين الاستصحابين نتيجة لتكاذبهما باعتبار ان موردهما واحد وهو الصلاة الثانية فهما لتضادهما متكاذبان في حدّ انفسهما ومقتضى تكاذبهما انصراف دليل الاستصحاب عن الشمول لهما من الاساس وهو ما عبر عنه السيد الشهيد في بعض كلماته بالإجمال الداخلي أي ان ظهور الدليل من الاول منصرف عنهما فلأجل ذلك اصلا الاستصحاب لا يشمل الصلاة الثانية في نفسه كي يعارض استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى فلتكاذب الاستصحابين في الصلاة الثانية دليل الاستصحاب منصرف عنه، لا ان استصحاب الطهارة في الثانية معارض لاستصحاب الحدث فيها فليس هذا تعارض بل تكاذب وعدم امكان شمول الدليل لهما، وعليه: يجري استصحاب الطهارة في الصلاة الاولى بلا مانع لا ان يقال ان استصحاب الطهارة في ال صلاة الثانية معارضان لأنّه ي سبيين المحذورين طولية بل لا ظهور لدليل الاستصحاب لشمول الاستصحاب للصلاة الثانية فيجري استصحاب الطهارة في الصورة الأولى بلا معارض.

والنتيجة: ان ما ذكره السيد الشهيد بين المحذورين طولية، فمحذور عدم تقديم المحكوم على الحاكم متلبس بطرف ألف مع غمض النظر عن العلم الاجمالي بينما محذور الترجيح بلا مرجح محذور عارض والمحذور الاولى سابق رتبة عن الثانية.

فالصحيح في جواب السيد الشهيد ما ذكرناه: من ان وجود العلم الاجمالي بنجاسة أحد المائين موضوع لحكم عقلي وهو قبح الترخيص في المخالفة القطعية وبما ان الحكم العقلي لا يقبل التخصيص فلا فرق في هذا الحكم العقلي بين ان يكون في طرف أصل واحد أو أثنين ولا فرق بين ان يكون هذان الاصلان بينهما طولية أم لا فإن حكم العقل بقبح الترخيص في المخالفة القطعية سار بحسب نكتته في جميع هذه الفروض وبناء عليه يقول العقل لا يمكن الجمع بين أصالة الطهارة في طرف باء واس ترخيص في طرف سواء كان بين هذه الترخيص طولية أم لا فالجمع بين الترخيصين ترخيص في المخالفة القطعية وهو قبيح سواء كانت بينهما طولية في الرتبة أو في الوجود غاية ما في الباب انه ان كانت بينهما طولية في الرتبة فهناك علم اجمالي واحد وهو العلم الاجمالي بسقوط اما أصالة الطهارة في باء أو الجامع بين الترخيصين في طرف ألف وان كان بين المصداقين طولية فإن المحذور في الجامع وان كان بين الاصلين طولية في الوجود فهناك علم اجمالي ثاني تدريجي لا دفعي حيث إنَّ لدينا علما اجماليا بسقوط أصالة لطهارة في طرف باء في الثانية الاولى أو سقوط أصالة الطهارة في طرف ألف في الثانية ولا فرق في منجزية العلم الاجمالي بين ان يكون دفعيا أو تدريجيا فمقتضى ذلك ان ابتلاء الأصل بمحذورين محذور في نفسه ومحذور مشترك حتّى لو كان بين هذين المحذورين طولية في الرتبة أو في الوجود لا يمنع من تحقق المعارضة.

والحمدُ لله ربِّ العالمين

الدرس 113
الدرس 115