نص الشريط
المجتمع الرشيد وصناعة الرؤية
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 4/1/1434 هـ
مرات العرض: 3065
المدة: 01:09:17
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4414) حجم الملف: 16 MB
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ[1] 

أمنا بالله صدق الله العلي العظيم

الآية الكريمة تتحدث عن معالم المجتمع الرشيد فالمجتمع الرشيد له معالم أربعة:

المعلم الأول: تجسيد الهدف.

وهو الذي عبرت عنه الآية المباركة بقولها: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْفان لهدف من وجود المجتمع الإنساني هو إقامة خلافة لله على الأرض قال تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً[2]  وقال: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا[3]  فبما أن الهدف تحقيق الخلافة فإذا وعى المجتمع الإنساني لهذا الهدف وقام بتحقيقه وهو المجتمع الرشيد الذي استجاب لربه.

المعلم الثاني: الرقابة العامة.

وهذا المعلم عبر عنه القرآن الكريم بقوله: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ[4]  فأن هناك فرق بين الصلاة وإقامة الصلاة نحن كلنا نصلي لكن ليس كلنا يقيم الصلاة ولذلك أنت تقرأ في زيارة الأئمة الأطهار ”اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ اَقَمْتَ الصَّلاةَ“ إقامة الصلاة غير الصلاة، إقامة الصلاة: هي تحققي أهداف الصلاة يقول القرآن الكريم: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ[5]  فمن نهى عن الفحشاء والمنكر سلوكاً وعملاً فهو إنسان أقام الصلاة وهذا الإنسان هو الذي حقق الرقابة العامة على المجتمع الإسلامي﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ.

المعلم الثالث: القرار الجمعي.

فالمجتمع الرشيد لا تسوده قرارات فردية ولا تسوده قرارات ارتجالية بل قراراته نابعة من الحوار والمشورة والاستفادة من التجارب لذلك عبر القرآن الكريم عن هذا المعلم بقوله: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ.

المعلم الرابع: هو التكافل الاجتماعي.

فأن المجتمع الرشيد لا يعيش طبقية منفصلة بين فقراء مدقعين وأثرياء مترفين وإنما يعيش تواصل بين أفراده وطبقاته بنحو التكافل الاجتماعي وهذا ما عبرت عنه الآية المباركة بقولها: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ.

فهذا هو المجتمع الرشيد بمعالمه الأربعة ونحن نريد أن تحدث هذه الليلة عن نقطة جوهرية يحتاج إليها كل مجتمع: كيف يبني المجتمع القرار؟!! المجتمع إذا أراد أن يتخذ قرار إذا أراد أن يتخذ رؤية معينة كيف يبني رؤية وكيف يبني قراره؟!

هناك فرق بين الرؤيا وبين القرار، الرؤية: هي الخطه التي تراعى وترسم على ضوء الأهداف كأن يضع المجتمع لنفسه خطة خمسيه أو خطة عشرية هذه الخطة المرسومة على طبق الأهداف تسمى «رؤية» وأم القرار فهو ما يتخذه المجتمع من سلوك في كل مرحلة وفي كل زمن تطبيق لتلك الرؤية التي رسمها سابقاً، إذن كيف يصنع المجتمع رؤيته؟! وكيف يصنع المجتمع قراره؟! هذا ما نريد أن نركز عليه.

عندنا ثلاثة محاور:

المحور الأول: الرشد وحفظ النظام الاجتماعي.

هناك قضية مبدئية طرحها علماء الاجتماع وطرحا الفقهاء في كتبهم الفقهية وهي قضية حفظ النظام، ما معنى حفظ النظام؟! حتى نتفهم هذه القضية أذكر لك أمور ثلاثة:

الأمر الأول: الإنسان بطبعه اجتماعي يألف ويؤلف كما ورد عن النبي محمد : ”المؤمن يألف ويؤلف“ هذا الإنسان الاجتماعي بطبعة لا يستطيع أن ينجز عملاً أو يبدع إبداعاً إلا في بيئة اجتماعية لو عاش هذا الإنسان وحده لن يستطيع أن ينجز أي عمل لو عاش هذا الإنسان وحده لن يستطيع أن يبني إبداع الإنجاز والإبداع والعطاء فرع وجود مجتمع فالإنسان يحتاج إلى وجود مجتمع ينجز ويبدع فيه.

التفاعل مع المجتمع كيف يتم؟!

هنا يذكر علماء الاجتماع ثلاث نظريات للتفاعل مع المجتمع لتحقيق التفاعل مع المجتمع:

النظرية الأولى: تسمى نظرية الدور.

ما معنى نظرية الدور؟! يعني أن المجتمع يصوغ نفسه بنفسه فهو يكرر تجربته في كل زمن وفي كل جيل أي أن المجتمع في كل خمسين سنة يكرر نفس التجربة يكرر نفس العادات يكرر نفس المفاهيم الآباء يورثون مبادئهم وعاداتهم إلى الأولاد فيكررها الأولاد والأولاد يورثون مبادئ الاباء إلى الأحفاد، إذن المبادئ والعادات تتكرر كل خمسين سنة أو كل مئة سنة وهذا معناه أن المجتمع يصوغ نفسه بنفسه هذا ما يسمى «وبالدور» أو ما يعبر عنه علماء الاجتماع «التاريخ يعيد نفسه» يعني يكرر التجربة في كل مرحلة ولعلى هذه النظرية هي التي أشار إليها القرآن الكريم عندما قال: ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[6]  يعني هي تكرر التجربة والصورة من الأجداد إلى الأولاد إلى الأحفاد﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ هذه نظرية.

النظرية الثانية: نظرية التفاعل الرمزي.

ما معنى التفاعل الرمزي؟! كل مجتمع يملك رموز يعني يملك نماذج لها قيم ولها مبادئ وهؤلاء الرموز يؤثرون أكثر مما يتأثرون فهم يقومون عادة بصناعة المجتمع وبصياغته على طبق رواهم وعلى طبق مبادئهم بما يمتلكون من طاقات بما يمتلكون من خبرات بما يمتلكون من كاريزمية معينة يكونون قادرين على صياغة المجتمع على ضوء مبادئهم وقيمهم وهذا ما يسمى «بالتفاعل الرمزي» إنما التفاعل الرمزي تارة يكون اجابي تارة يكون سلبي تارة يكون الرمز رمز للعطاء والفكر فيكون التفاعل اجابي تارة يكون الرمز رمز للشر والضرر فيكون التفاعل سلبي وقد عبر القرآن عن نظرية التفاعل الرمزي بكلأ شقيه الإجابي والسلبي﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ «هذا تفاعل رمزي» أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ[7] وعبر عن التفاعل السلبي ﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا[8] .

النظرية الثالثة: نظرية التداول.

ما معنى نظرية التداول؟! أحياناً تكون هناك مجموعات متباينة تجتمع في بيئة واحدة أفترض مجموعة من الهند مجموعة من إفريقيا مجموعة من أوربا مجموعات متباينة في المفاهيم في العادات تجتمع في بيئة واحدة فيحصل بين المجموعات تداول أي تأثر وتأثير ويتحقق التفاعل الاجتماعي نتيجة هذا التداول كما في المجتمعات الغربية حيث تجدها عادة خليطاً من مجموعات متباينة في العادات وفي المفاهيم ولعلى هذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا[9]  أي ليحصل تداول بينكم إذن التفاعل الاجتماعي إما عبر نظرية الدور إما عبر نظرية التفاعل الرمزي إما عبر نظرية التداول فكلها محققه للتفاعل الاجتماعي.

الأمر الثاني: ما هو منشأ الحاجة إلى النظام؟! هل يمكن أن يوجد مجتمع بدون نظام؟! هل يمكن أن يسير مجتمع بدون نظام؟! غير ممكن، ما هي مناشئ الحاجة إلى النظام؟!

منشئ الحاجة إلى النظام ثلاثة:

المنشأ الأول: استقرار الحياة كل فرد من الأفراد يحتاج حاجات أساسية ثلاث الغذاء والملبس والمأوى لا يمكن لأي إنسان ان يحقق حاجاته الثلاث إلا باستخدام الآخرين يستخدم الآخرين ليوفروا له الغذاء يستخدم الآخرين ليوفروا له المأوى يستخدم الآخرين ليوفر له الملبس فكل فرد من المجتمع يحتاج أن يستخدم غيره حتى يوفر حاجته الاساسية الثلاث، من هنا ا، نظام حتاج المجتمع إلى نظام يتكفل بتنسيق الاستخدام، كيف تستخدم غيرك؟! وكيف غيرك يستخدمك؟! كيف تستخدم غيرك لتوفر غذائك؟! وكيف يستخدمك غيرك ليوفر المأوى لنفسه؟! لابد من نظام يتكفل تنسيق استخدام الآخرين لتوفير الحاجات الاساسية هذا المنشئ الاول للحاجة إلى النظام.

المنشأ الثاني: هناك حاجة للنظام لتوفيق بين النزعة الفردية وبين المصلحة الاجتماعية تعرفون أن الإنسان يمتلك غريزة اساسية هي غريزة حب التملك يريد أن يتملك الأشياء ولو خليه الإنسان وحده لملك الدنيا كلها فأن الإنسان لا يشبع من غريزة حب التملك وتفعليها لذلك لابد من توفيق وتنسيق بين هذه النزعة الموجودة عند الإنسان وبين المصالح العامة بحيث لا تكون النزعة على حساب المصالح العامة من هنا لابد من نظام يقوم بالتوفيق بين النزعة الفردية وبين المصالح العامة وإلا فالقرآن الكريم يقول: ﴿كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى «6» أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى[10]  إذا شاف نفسه مستغني وليس هناك من يراقبه يحاسبه يطغى على الجميع يمتلك من الأراضي ما يشاء وينهب ما يشاء ويغرف ما يشاء﴿كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى «6» أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىإذن لابد من نظام يوفق بين إشباع النزعة الفردية وبين رعاية المصالح العامة.

المنشأ الثالث من النظام: هو الحد من الصراعات: لا يوجد مجتمع بدون صراعات كل مجتمع يوجد فيه صراعات لا يخلو مجتمع من صراع، صراع فكري صراع سياسي صراع عسكري، صراع قبلي لا يخلو مجتمع من صراع المهم كيف نحد من الصراع لكي لا يقضي على الحياة الاجتماعية؟!

فأن المجتمع له موت وحياة كما أن للفرد موت وحياة كما أن الإنسان يحي ويموت المجتمع أيضاً إذا خلى من الصراعات صار حي وإذا أبتلي بالصراعات مات فالمجتمع له موت لذلك من أجل الحد من الصراعات لكي لا تودي بحياة المجتمع وحضارة المجتمع لابد من وجود نظام يقوم بالحد من هذه الصراعات وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ «يعني هذا يحد هذا» لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ[11]  وقال في آية أخرى﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ[12] ، إذن هناك مناشىء ثلاثة للحاجة إلى وجود نظام.

الأمر الثالث: ما هو المقصود ما هو النظام؟! نحن نحتاج إلى نظام يوفر لنا الحاجات الاساسية في الحياة يحد من صراعنا يوفق بين النزعة الفردية والمصلحة العامة، لكن ما هو النظام؟!

هنا نظرتان للنظام: النظرة الاجتماعية: يعني ما يطرحه علماء الاجتماع، والنظرة الفقهية.

1. أما النظرة الاجتماعية: علماء الاجتماع يعرفون النظام بأنه الضوابط والإجراءات التي على أساسها تحد الصراعات وتوفر الحاجات جميع الضوابط التي إذا أتبعناها توفرت الحاجات وحدت الصراعات تسمى ماذا؟! «نظام» سواء كان نظام ديني أو كان نظام وضعي أو كان عادات وتقاليد حتى العادات والتقاليد أحياناً تحد من الصراعات وتوفر الحاجات النظام هو عبارة عن ضوابط ما هو منشىء الضوابط؟! يختلف بختلاف المجتمعات الضوابط التي على أساسها توفر الحاجات وتحد الصراعات هي النظام هذه نظرة علماء الاجتماع.

2. نظرية الفقهاء: فقهائنا يركزون دائما على حفظ النظام يحرم الإخلال بالنظام، ما هو المقصود بالنظام في المصطلح الفقهي؟! يجب حفظ النظام يحرم الإخلال بالنظام، ما هو المقصود بالنظام؟!

هنا ثلاثة أنظار في الفقه الإمامي لعنوان النظام:

النظر الأول: الذي يرى أن النظام هو كل عمل يحفظ النفوس والأعراض والأموال من التلف فهو النظام وهذا ما يراه سيدنا الخوئي «قدس سره» كل عمل تنحفظ به النفوس فهو نظام كل عمل تنحفظ به الأموال فهو نظام كل عمل تنحفظ به الأعراض فهو نظام ويجب احترامه ويحرم مخالفته يعني الآن مثلاُ هو كان يفتي بهذا مثلاُ تأتي إلى إشارة المرور الإشارة المرورية نظام لماذا نظام؟! لأنه هذه الإشارة تحفظ الأنفس من التلف تحفظ الأموال من التلف بما أن الإشارات المرورية أمر يحفظ الأنفس والأموال إذن هو نظام فيجب حفظه شرعاً ويحرم مخالفته شرعاً نظام هذه نظرة للنظام.

النظرة الثانية: النظام جميع المصالح العليا للمجتمع الإسلامي ليس مهم حفظ الأنفس مصلحة عليا مثلاً مصالح تحسين التعليم، تحسين التعليم مصلحة عليا تحسين الصحة مصلحة عليا نظافة البيئة مصلحة عليا يسموها ماذا؟! مصالح عليا للمجتمع الإسلامي، القوانين التي تساهم في تحسين الصحة القوانين التي تساهم في تقدم مرافق الصحة مرافق التعليم المحافظة على نظافة البيئة هذه القوانين بحسب نظره فقهية أخرى نظام وهذا ما يراه السيد الأستاذ السيد السيستاني «دام ظله» نظرته للنظام أوسه من نظرة أستاذه الخوئي النظام: عبارة عن المصالح العليا للمجتمع الاسلامي كل قانون يساهم في تحقيق المصالح العليا من تحسين التعليم تحسين الصحة المحافظة على نظافة البيئة فهو نظام يجب حفظه شرعاً يحرم مخالفته شرعاً نظام يجب الالتزام به يجيب التقييد به.

النظرة الثالثة: أوسع من هذه كله وهو من يرى ولاية الفقيه العامة كالإمام الخميني «قدس سره» فهذا النظر الثالث لا يحصر النظام فيما يحفظ النفوس الاعراض والأموال ولا يحصره في المصالح العليا للمجتمع الإسلامي بل يقول كل مصلحة سواء كانت عليا أو غير عليا كل ما يراه الفقيه بحسب تشخيصه مصلحة للمجتمع الإسلامي فالفقيه له الولاية على الأمر به والمطالبة بتطبيقه فالنظام عنده أوسع دائرة.

إذن عندما يقول الفقهاء يجب حفظ النظام يحرم مخالفة النظام دائرة النظام قد تختلف سعة وضيق بختلاف ماذا؟! بختلاف النظر الفقهي، الذي نريد أن نقوله في هذا المحور أن هذا المجتمع الرشيد هو المجتمع الذي ينطلق في قراراته من مبدأ حفظ النظام المجتمع الرشيد لا يبني قراراته على الانفعال ولا على الارتجال وإنما يبني قراراته دائما انطلاقاً من ماذا؟! مبدأ حفظ النظام، لأجل ذلك تعرضنا إلى الحاجة إلى النظام وتعرضنا لتحديد معنى النظام بنظر علماء الاجتماع وبنظر الفقهاء «رضوان الله تعالى عليهم».

المحور الثاني: ماهي عناصر وركائز صناعة القرار؟!

كل مجتمع تولد فيه ظواهر ولابد أن يتخذ قرار اتجاه هذه الظواهر المجتمع الحي هو الذي يتخذ قرار وأما المجتمع الذي لا يتخذ قرار فهو مجتمع ميت المجتمع الحي لابد أن يتخذ قرار إزاء أي ظاهرة إزاء إي بادرة تولد فيه أو تستورد من مجتمع أخر لابد أن يحدد المجتمع موقفه من هذه الظاهرة في الماضي مثلاً قبل ثلاثين سنة لم يكن موجود عمل المرأة تولدت عندنا قبل ثلاثين سنة أو أربعين سنة ظاهرة أسمها ماذا؟!

عمل المرأة، المرأة تعمل خارج المنزل موظفة طيب المجتمع قبل هذه الظاهرة يعني المجتمع أتخذ قرار بقبول هذه الظاهرة وهي ظاهرة عمل المرأة طبعاً ضمن الضوابط الشرعية بعتبار أن المجتمع يرى ضرورة أن تصبح المرأة طبيبة أو مدرسة حفظ لهذا المجتمع وملئ لفراغاته من هنا وافق المجتمع على هذه الظاهرة وتفاعل معها يعني أتخذ قرار قبل أربعين سنة مثلاً بدأت ظاهرة الابتعاث ابتعاث أبنائنا إلى الخارج طبعاً هذا المبتعث إلى الخارج عندما يرجع يرجع ولديه مفاهيم جديدة قيم جديدة وأفكار وأيدلوجيات جديدة يؤثر بها على المجتمع شئنا أم أبينا المبتعثون من أبنائنا يتأثرون ويؤثرون علينا شئنا أم أبينا هذا ليس بأيدينا هذه ظاهرة المجتمع أتخذ قرار من قبل أربعين سنة قبل هذه الظاهرة وتفاعل معها لأنه رآها أنها ضرورة لمسيرته الحضارية.

إذن المجتمع الحي هو الذي يتخذ قرار أما برفض الظاهرة أو بقبول الظاهرة لا محال كل ظاهرة تولد لديه لابد من قرار أما بقبول أو الرفض لا يمكن للمجتمع أن يسكت ولا أدري ماذا أصنع من هنا نتحدث كيف يصنع المجتمع القرار؟! كيف يصنع المجتمع الرؤية اتجاه إي ظاهرة لديه؟!

نحن نقول ركائز صنع القرار ثلاث:

الركيزة الأولى: قراءة الواقع بمنهج علمي لا تستطيع أنت أن تصنع قرار ارتجالا واعتباطا لابد أن تقرأ الواقع قراءة علمية حتى تستند إلى هذه القراءة في صناعة القرار، أضرب لك أمثلة:

يعني الآن مثلاُ أنت تعيش ظاهرة البطالة مجتمعك يجع بالبطالة هذه ظاهرة المجتمع يريد أن يعالج هذه الظاهرة لا يمكن للمجتمع أن يتخذ قرار بمعالجة ظاهرة البطالة ما لم تكن لديه دراسات ما لم تكن لديه أسس لقراءة الواقع بمنهج علمي ولذلك ترى المجتمعات الأخرى المتطورة عندها مراكز دراسات لا يوجد مجتمع متطور ولا توجد عنده مركز دراسات مركز يأخذ على عاتقه التكفل بالدراسات الإستراتجية التي على أساساها ينهض المجتمع، إذن لابد من وجود دراسات لابد من قراءة للواقع على أسس منهج علمي حتى يبتني القرار على قراءة الواقع، كيف هذا المنهج العلمي؟! المنهج العلمي هو عبارة عن الإجابة عن مجموعة من الأسئلة إذا أجيب عنها أصبح البحث بحث علمي والمنهج منهج علمي.

السؤال الأول: ما هي المشكلة تحديد المشكلة.

السؤال الثاني: ما هي أسباب المشكلة وجذورها، ما هي أسباب مشكلة البطالة؟! ما هي أسباب مشكلة تخلف التعليم؟! ما هي أسباب مشكلة تخلف الصحة؟! هذه مشكلة ماهي أسبابها.

السؤال الثالث: ما هي الحلول المتصورة والمنظورة لعلاج هذه المشكلة؟!، لابد من الإجابة عنه.

السؤال الرابع: ما هي الإمكانات والطاقات التي نملكها لعلاج هذه المشكلة نحن نريد أن نعالج مشكلة البطالة أو أفترض الآن كثير من شبابنا يلجأ إلى مشاريع صغيرة مشاريع اقتصادية صغيرة يقول لك أنا إلى متى سوف أظل موظف إلى متى أظل أجير محكوم ولا أتقدم أذهب إلى عالم البزنس أذهب وأكون لي مشاريع صغيرة من خلالها أكون مستقبلي المادي، طيب هذه المشاريع الصغيرة تحتاج إلى قرار هذا القرار يتم على ماذا؟! يتم على أساس بحث المشكلة جذورها طرقها ماهي الإمكانات الاقتصادية الموجودة لذا هذا المجتمع التي على أساسها يستطيع أن يوفر هذه المشروعات الصغيرة في سبيل أنعاش مستوى المعيشة لأبنائه وأفراده؟!

السؤال الخامس: كيف نطوع الظروف لعلاج المشكلة يعني أنت لا تستطيع أن تحرر من الظروف التي تعيش فيها إذن كيف تطوع الظروف أنت حتى لو صنعت قرار هذا القرار لابد أن تطوع الظروف حتى تتأقلم مع قرارك حتى تتأقلم مع ما تريد هناك شخص مثلاً يقول أنا أريد أزوج امرأة أجنبية وإذا تزوجت امرأة أجنبية وجئت بها إلى البيت وبيتكم عاداتهم تختلف مع عاداتها المفاهيم تختلف الرؤية تختلف طيب ماذا تعمل؟! أنت حتى تصنع قرارك تحتاج إلى أن تدرس الظروف كيف تطوع الظروف وتجعلها متأقلمة مع قرارك الذي اتخذته إذن حتى المجتمع حينما يريد أن يأخذ قرار جمعي هذا القرار الجمعي يحتاج إلى ماذا؟! يحتاج إلى دراسة الظروف.

الركيزة الثانية: الاستفادة من التجارب الركيزة الثانية لصناعة القرار الاستفادة من التجارب كيف؟! نحن لدينا نحوان من التجربة:

النحو الأول: التجربة الداخلية مجتمعنا له تجارب فليقرأ تجاربه كما أن مقتضى الرشد الفردي قراءة التجربة مقتضى الرشد الاجتماعي قراءة التجربة أنا الآن كفرد لا أستطيع أن أتتطور إذا لم أقرأ تجربتي كل إنسان مدرس مدير مدرسة هناك بعضهم خلاص مدرس ثلاثين سنة مدرس لا يتطور لا يأخذ كورسات في مجال التربية ولا يأخذ في تدريب لا يدخل دورات تدربيه خلاص انتهينا خلاص من قبل ثلاثين سنة نسخة لا تتغير إلى ما بعد ثلاثين سنة لا يصير لابد لكل إنسان يقرأ تجربته أنا مدرس أقرأ تجربتي أنا خطيب أقرأ تجربتي في الخطابة أنا عالم أقرأ تجربتي في العلم أنا مثلاُ رئيس دولة أقرأ تجربتي في رأسه الدولة كل إنسان يريد أن يطور من مشواره لابد من أن يقرأ تجربته قراءة التجربة هي السبيل إلى التطور.

وهذا ما ورد عن النبي محمد »: ”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا“ كما أن مقتضى الرشد الفردي أن يقرأ الإنسان تجربته مقتضى الرشد الاجتماعي أن يقرأ المجتمع تجربته طيب أنت مجتمع عندك تجارب والله أنا جربت مثلاُ هناك مجتمع له حركة سياسية له حركة حقوقية له حركة مطلبيه هذا المجتمع الذي يقود حركة سياسية أو حركة مطلبيه لابد أن يقرأ تجربته في كل وقت لابد أن يقرأ تجربته في كل مرحلة إذا قرأ التجربة وأكتشف سلبياتها وأحرز إيجابياتها أستطاع أن يطورها أستطاع أن يفعلها قراءة التجربة هي الدليل على الرشد الاجتماعي هذا النحو الأول من قراءة التجربة.

النحو الثاني: استفراد التجربة من المجتمعات الناجحة أنت عندك تجربة أستفرد أيضاً التجارب الناجحة من مجتمعات أخرى الآن مثلاً مجتمعنا صفر في التعليم صح أو لا هذا الطالب من الصف الأول ابتدائي إلى الثالث ثانوي يتعاملون معه مثل الكاسيت يعبونه معلومات هذا الطالب بعد أثنى عشر سنة في المدرسة لا يعرف كيف يطبق المعلومات لا يعرف كيف ينميها لا يعرف كيف يستفيد منها علم على أن يسمع ويحفظ ولم يعلم كيف يتعلم ولم يعلم كيف ينمي معلوماته وكما ورد عن أمير المؤمنين علي : ”العلم نوعان علم مسموع وعلم مطبوع والعلم المطبوع خير من العلم المسموع“ أن تعلم كيف تتعلم أفضل مما أن تتعلم وأنت مثل ماذا؟! مثل شريط الكاسيت اللي يعبي معلومات من دون أن تعرف أين تضعها وأين تطبقها.

إذن إذا أردنا أن نتخذ قرار بتطوير التعليم لابد أن نستفيد من تجارب المجتمعات المتحضرة في مجال التعليم ونستفرد تجربتها نحن نرى مثلاً أنه المجتمع اللبناني عنده تجربة في الدفاع عن الكرامة في الدفاع عن الوطن في الدفاع عن الحرمات هذه لتجربة نجحت إذا أردنا أن نستنسخ هذه التجربة لابد من دراستها إذن استرفاد التجربة من الخارج هذا عنصر ضروري لابد من دراسته يأتي المنهج العلمي يتدخل في دراسة التجربة كيف ندرس التجربة؟!

أولاً: لابد أن تدرس من زوايا ثلاث:

الزاوية الأولى: مدى نجاح التجربة يعني ما الذي حققته التجربة من المصالح العليا للمجتمع الإسلامي لأنه يهمنا أن يكون المجتمع مجتمع إسلامي، ماذا حققت هذه التجربة؟! تجربة اقتصادية في ماليزيا، تجربة تعليم مثلا في أوروبا، تجربة سياسية مثلاً في لبنان ماذا حققت هذه التجربة من مصالح عليا للمجتمع الإسلامي لابد من دراسة ذلك هذه الزاوية الأولى.

الزاوية الثانية: ما هي نقاط الاشتراك ونقاط الاختلاف بين ظروفنا وظروف هذا البلد نحن نريد أن نستورد التجربة ماهي نقاط الاشتراك وما هي نقاط الاختلاف هل أن نقاط الاختلاف تمنع من استيراد التجربة أم لا هذا أمر لابد من دراسته لأنه ظروف المجتمعات والإمكانات والطاقات تختلف من مجتمع لأخر.

الزاوية الثالثة: الآليات استرفاد تجربة من مجتمع إلى أخر يحتاج إلى آليات فما هي الآليات المعدة لاستفراد هذه التجربة أو للإستيحاء منها أو للاستفادة والاستقاء من نجاحها إذن كل تجربة لابد من دراستها وهذا ما عبر عنه الإمام أمير المؤمنين علي : ”في التجارب علم مستفاد“ وورد عنه : ”من شاور الناس شاركهم في عقولهم“ وورد عنه ”أعقل الناس من جمع عقول الناس إليه ومن أستبد برأيه هلك“

الركيزة الثالثة من ركائز صناعة القرار: كيف نصنع قرار الموقف الشرعي طيب نحن مجتمعاتنا مجتمعات دينة يعني لا نستطيع أن نفصلها عن الموقف الشرعي يعني لا نستطيع نحن أن نصنع قرار ونلغي الموقف الشرعي من القرار أو نصنع قرار ونتغافل عن الرؤية الشرعية في القرار مجتمعاتنا مجتمعات دينية مجتمعات هي مثال للآية قراناها وافتتحنا بها المحاضرة﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَبما أن مجتمعنا مجتمع ديني إذن صنع القرار يتوقف على تحديد الموقف الشرعي والرؤية الشرعية، الرؤية الشرعية تتدخل حتى في المشاريع الخيرية هذا مشروع خيري لماذا أذهب واسأل الشرع عنه؟! واضح خيري حتى هذا المشروع الخيري يحتاج إلى رؤية شرعية، كيف يحتاج إلى رؤية شرعيه؟!

الآن مثلاُ في مجتمعتنا عندنا صناديق يسموها صناديق خيرية هذه الصناديق يسموها تبرعات يقوم لشخص في وسط المأتم يقول لك يالله يا مؤمنين تبرعوا صح أو لا تبرعوا إلى الصندوق الفلاني تبرعوا إلى المشروع الفلاني تبرعوا إلى الجهة الفلانيه طيب هذه الجهة التي تقوم بجمع التبرعات هل لها ولاية شرعية على التصرف في هذه الأموال أم لا؟! هذا لا بد أن نحدد الموقف الشرعي منه هل هي مخولة شرعاُ في التصرف في الأموال أما أنها لا تحتاج إلى إذن من الحاكم الشرعي في التصرف في هذه الأموال هذه جهة شرعية لابد من تحديدها.

أفترض نحن عندنا في مشكلة في القطيف بأبعادها الإدارية القديمة الذي سلبت إذن لاحظ القطيف بأبعادها الإدارية القديمة المعبر عنها بالخط تعيش أمراض وراثية صح أو لا تعيش أمراض الدم سكلسل شكسبيدي فقر الدم المنجلي هذه أمراض وراثية إلى الآن نحن لا توجد عندنا مستشفى يختص بهذه الأمراض مع أنها حاجة ملحة أنت إذا عندك شخص مصاب بالسكلسل تروح به المستشفى المركزي تبتلي لا يوجد له سرير لا يوجد له مكان لا يوجد له رعاية هذه الأمراض الوارثيه المنتشرة تحتاج إلى مستشفى يخصها من أجل رعايتها من أجل علاجها لا يوجد عندنا هذا المستشفى لو أراد مجموعة من المجتمع أن يقيموا مستشفى خيري يختص بذلك وجمعوا التبرعات لإقامة هذا المستشفى هل يحتاجون إلى إذن شرعي في التصرف في الأموال وإذا افترضنا أقاموا هذا المستشفى وصار له ريع فائض أين يصرف الريع وما هي موارده هذا الريع الفائض أيضاً يحتاج إلى حكم شرعي.

إذن الموقف الشرعي دخيل حتى في هذه المشار يع الخيرية التي نحن لا نتصور أن الشرع يمنع منها أيضاً تحتاج إلى تحديد الموقف الشرعي فكيف بالمشاريع المصيرية فكيف بالمشاريع الكبرى لابد أن تحتاج إلى ماذا؟! إلى رؤية شرعية وموقف شرعي.

مثلاً أضرب لك مثال ثاني: المسار الحقوقي هناك حركة حقوقية في البحرين هناك حركة حقوقية في اليمين هناك حركة حقوقية في مناطق أخرى هذه الحركة الحقوقية حتى يصدر المجتمع قرار بالتفاعل معها لابد أن يكون هذا القرار متوقف على الرؤية الشرعية لا يمكن عزل الرؤية الشرعية عن القرار مستحيل لابد من دراسة هذه الحركة هذه الحركة المطلبيه أو الحقوقية هل هي من باب الدفاع عن العرض والمال والنفس وهل تحتاج إلى ولاية من الفقيه أم لا هذا سؤال أم أن هذه الحركة المطلبيه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاُ أن لا يترتب على النهي عن المنكر ضرر على النفس أو على الغير طيب إذا ترتب ضرر نتوقف لا ننهى عن المنكر؟! لابد من الموازنة بين الأهم وبين المهم من هنا يتدخل الفقيه في مثل هذه الأمور ويقوم بالموازنة بين المهم والأهم هل الأهم دفع المنكر أو الأهم هو التحفظ عن الأضرار فإذا شخص الفقيه أن الأهم هو دفع المنكر قال أدفعوا هذا المنكر ولو ترتب عليكم من الضرر ما ترتب أمشوا وإذا تحقق الفقيه أن التحفظ من الضرر أهم من دفع المنكر قال لا إلى هذا المستوى يجب أن لا يرتكب الضرر من أجل دفع المنكر.

إذن بالنتيجة: لابد من رؤية فقهية أنا لا أتدخل في حركات معينة أو مسارات معينة يذهب مخك بعيد أنا أتكلم كلام عام كل مسار مطلبي حقوقي وكل مشروع خيري وكل مشروع اقتصادي يحتاج إلى رؤية شرعية يحتاج إلى قرار شرعي قرار مبني على دراسة الواقع ودراسة الرؤية الشرعية والتوفيق بينهما.

المحور الثالث: ما هي الخطوات تفعيل القرار نحن اتخذنا قرار خلاص قرار خيري قرار اجتماعي قرار سياسي قرار حقوقي أخذنها ومشينا طيب كيف نفعل القرار؟! كيف يتحول القرار من قرار نظري إلى قرار عملي سلوكي كيف؟!

هناك خطوات أربعة أذكرها سريعاً لتحويل القرار من قرار نظري إلى قرار عملي:

الخطوة الأولى: الحوار: طيب أنت أمامك مجتمع وأنت تريد أن تأخذ قرار لابد أن تحاور هذا المجتمع لا يمكن لأي فرد أن يفرض قراره على المجتمع أنا أفرض قرار وعلى المجتمع أن يمشى معي لا يصير لا يمكن أخذ قرار من دون حوار اجتماعي من دون معرفة هذا المجتمع لأنه الحفاظ على النسيج الاجتماعي مبدأ مهم، إذن لابد من الحوار مع المجتمع لكي يتحول القرار من قرار نظري إلى قرار عملي ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [13]  لابد من الحوار أي مجتمع لا يوجد فيه حوار سوف ترى هذا المجتمع يضرب بعضه بعض كل شخص يأخذ قراره ويمشى لا يمكن للقرار أن يتحول إلى سلوك اجتماعي عام حتى يكون هناك حوار اجتماعي فالحوار الاجتماعي خطوة ضرورية لتفعيل القرار وتجسيده.

الخطوة الثانية: الوعي: إذا كان المجتمع ليس واعي للقرار الحل لابد أن تقوم بحملة إعلانية لتوعية المجتمع به صح أو لا ما لم تكن الرؤية واضحة المجتمع لا يتفاعل معها أي قرار لا يكون واضح لا يتفاعل معه المجتمع القرار الذي يتفاعل معه المجتمع هو القرار الواضح رؤية واضحة أهدافك واضحة مراحل العمل واضحة آليات العمل الواضحة عندما يكون المشروع واضح حين إذن يتفاعل معه المجتمع فالوعي والوضوح عنصر ضروري في تفعيل القرار أنظر مثلاً مهاتير محمد هذا في ماليزيا صار رئيس الوزارة ومسك ماليزيا فترة من الزمن بنى خطة اقتصادية لهذا البلد إلى سنة كم؟! 2020 عندما وضع هذه الخطة أشتغل الاعلام من أول يوم لتوعية المجتمع بالخطة يا جماعة نحن لدينا خطة هذه أهدافها هذه مراحلها هذه آلياتها سوف نصل عام 2020 إلى هذه النتيجة خلصنا عندما يكون المجتمع واعي لقرار مستوعب لقرار فأنه يتفاعل معه ولذلك أنت في ماليزيا من الاستاذ الجامعي إلى العامل في الشارع إلى السائق التكسي كلهم يقولون تونتو تونتو 2020 كل شي واضح نحن تمشي على بصيرة واضحة لا يوجد.

إذن الوضوح في القرار المجتمع الإيراني عنده وضوح في القرار نحن نمشي مثلاً في مجال القوة النووية اسلمية هذه أهدافنا هذه مراحلنا هذه آلياتنا نحن نمشي على بصيرة ووضوح المجتمع حين إذن يتفاعل معك إذن القرار كي يتفاعل معه يحتاج إلى وضوح ويحتاج إلى أن يقترن بالوعي لأهدافه ومراحله وآلياته.

الخطوة الثالثة: أدب الاختلاف: طيب المجتمع أنقسم عادة المجتمعات تنقسم قسم يؤيد وقسم يرفض وقسم يقول ليس ليّ شغل صح إذا أنقسم المجتمع حول قرار معين حول ظاهرة معينة كيف نتفاعل؟! كيف نتعامل؟! نتعامل بأدب الاختلاف طيب نحن ليس مسلمين! الإسلام يعلمنا على أدب الاختلاف كيف يحترم بعضنا بعض؟! من أيد القرار محترم من أعترض على القرار محترم من ظل محايد محترم لكلاً رؤيته لكلاً مبادئه لكلاً منطلقاته أدب الاختلاف لابد أن يسود في المجتمع الرشيد والقرآن الكريم يشير إلى أدب الاختلاف﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ[14]  «هذا أول أدب حسن الظن» أن أحسن الظن بك من أيد القرار أنا أحسن الظن به أقول لم يؤيد القرار إلا وهو مقتنع لم يؤيد القرار إلا وعنده رؤية شرعية من رفض القرار أيضاً عنده رؤية شرعية، إذن بالنتيجة تبادل حسن الظن هو الأدب الأول من آداب الاختلاف.

الأدب الثاني: عدم تتبع العيوب مع الأسف أنت تدخل مواقعنا تدخل وترى في النت في التويتر في الفيسبوك في الوتساب الغسيل منشور جميع شخصياتنا ورموزنا حتى أبنائنا حتى أفلاذ كبدنا نشرحهم من الألف إلى الياء طيب هذا المجتمع الذي يعمل على تتبع عيوبه وتتبع أخطاه يتعامل دائما بلغة النقد دائما بلغة الهجوم دائما بلغة الإسقاط دائما بلغة الاعتراض هذا المجتمع لن يوفق لعمل أبداً لا يمكن لمجتمع أن يوفق لعمل وهو يتعامل بلغة النقد وبلغة الاسقاط لا يمكن أبداً لابد أن تسوده لغلة الاحترام لابد ان تسوده لغلة التكريم يكرم بعضه بعضا ويحترم بعضه بعضا لغلة التكريم هي الضامن لنجاح المجتمع أما لغة التسقيط ولغلة كشف العيوب وتتبع العورات ستميت المجتمع في صراعات لا نهاية لها ولا حد لها ﴿وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ورد عن النبي محمد : ”من روى على مؤمن رواية يريد به شينه وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان ثم لا يقبله الشيطان“.

الخطوة الأخيرة: حسن الواجهة: كل مشروع حسنه في واجهته الناس من تطرح عليهم مشروع يقول لك من الذي قايم عليه؟! يعني واجهته من؟! إذا كانت الواجهة للمشروع واجهة معروفة بالإيمان معروفة بالنزاهة معروفة بالإخلاص معروفة بالوعي تنقاد الناس إلى المشروع وتنجذب إليه أما إذا كان الواجهة مجهولة أو معروفة بالعكس الناس تنفر من المشروع.

إذن من خطوات تفعيل المشروع هو حسن الواجهة لابد أن يختار لأي مشروع اقتصادي سياسي خيري واجهة جذابة واجهة معروفة بالإيمان والإخلاص والوعي من هنا ركز أئمة أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم» على اختيار الواجهة الكريمة على اختيار الواجهة العظيمة في جميع مشاريعهم الإمام علي يسفر إلى أهل البصرة أبن عباس لحصافته وإخلاصه عندما يجهز الجيش يوم صفين يضع على رأس الجيش أبنه ولده محمد ابن الحنفية ومالك الاشتر لبراعتهم في القتال وإخلاصهما الإمام الحسين عندما خط مشروع الشهادة خط مشروع الإصلاح بعث إلى أهل العراق ثقته بعثت إليكم أخي وأبن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم أبن عقيل رسول الحسين ونعم الرسول من العتره الصالحة

وصلى الله على محمد وآل محمد

[1]  سورة الشورى، آية 38.
[2]  سورة البقرة، آية 30.
[3]  سورة هود، آية 16.
[4]  سورة البقرة، آية 277.
[5]  سورة العنكبوت، آية 45.
[6]  سورة آل عمران آية 140.
[7]  سورة الفتح، آية 29.
[8]  سورة الأحزاب، آية 67.
[9]  سورة الحجرات، آية 13.
[10]  سورة العلق، آية 6 - 7.
[11]  سورة البقرة، آية 251.
[12]  سورة الحج، آية40.
[13]  سورة النحل، آية 125.
[14]  سورة الحجرات، آية12.

مبدأ الكون ونظرية الانفجار العظيم
الانتظار وارهاصات الظهور