نص الشريط
الدرس 46
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 13/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 15
مرات العرض: 2610
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (462)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

المورد الرابع من موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير الدوران بينهما في مقام الاطاعة كما اذا شك المكلف انه اما ان يجب عليه القصر او التمام وهو قادر على ان يفحص عن حكم المسألة ويعرف وجوب احدهما عليه فتتحقق منه اطاعة تفصيلية، فهنا هل تتعين عليه الاطاعة التفصيلية بان يقوم بالبحث عن المسالة ليصدر منه احد الامرين ام انه مخير بين الاطاعة التفصيلية والاجمالية، بان يجمع بين القصر والتمام،

هنا نسب الى المحقق النائيني انه لو دار الامر بين التعيين والتخيير في الاطاعة فالعقل يحكم بالتعيين فيتعين عليه الاطاعة التفصيلية بلحاظ ان الاطاعة التفصيلية متيقنة الموافقة للواقع، ولكن ذكر السيد الخوئي وغيره انه مع الشك في تعين الاطاعة التفصيلية او انه مخير تجري البراءة عن التعيّن.

فان مرجع الشك في ذلك الى الشك في ان صحة العبادة هل هي مشروطة بان تقع عن جزم بالنية او عن حجة تفصيلية على العمل ام لا فحيث ان مرجع ذلك الى الشك في الشرطية فتجري البراءة عن الشرطية.

هذا تمام الكلام في موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير.

حينئذٍ يقال هل ينطبق احد هذه الموارد على محل كلامنا وهو مورد دوران الامر بين المحذورين مع كون احدهما اهم.

كما لو فرضنا دار امر النفقة على الولد المرتد بين الوجوب والحرمة ولكن الحرمة اهم محتملا بمعنى انه يحتمل أهمية الحرمة من الوجوب في هذا المقام.

فهل هذا المورد يدخل في موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير ام لا؟

لا ريب انه لا يندرج تحت المورد الأول وهو دوران الامر بين التعيين والتخيير في الحجية، كما اذا احتمل ان احد الفقيه، اعلم فدار الامر بين تعين حجية فتواه او التخيير بينهما.

والسر في ذلك انه في مورد دوران الامر بين التعيين والتخيير في الحجية يكون ذو المزية كمحتمل الاعلمية متيقن الحجية، لأجل ذلك حكم العقل بتعينه بينما في المقام وان احتمل ان الحرمة اهم من الوجوب ولكن كون الحرمة متيقنة المنجزية اول الكلام، فما دام ذو المزية في محل كلامنا ليس متيقن المنجزية فلا يندرج تحت دوران الامر بين التعيين والتخيير في الحجية.

اما دخوله في المرود ال 2 وهو دوران الامر بين التعيين والتخيير في باب التزاحم كما اذا دار الامر بين انقاذ نفس الامامي او انقاذ نفس الذمي وكان انقاذ نفس الامامي اهم محتملا أي يحتمل أهميته على الآخر، فهنا ذكرنا فيما سبق مسلكين لتخريج تعين الأهم محتملا.

المسلك الأول الذي تشبث به السيد الشهيد هو التمسك بالإطلاق أي ان اطلاق ذي المزية وهو قوله انقذ نفس الامامي ثابت بينما اطلاق غيره وهو انقذ نفس الذمي ساقط، فمقتضى الاطلاق تعين ذي المزية وهو ما يحتمل أهميته، ولكن هذا التخريج لا ينطبق على محل كلامنا وهو دوران الامر بين المحذورين لعدم وجود اطلاق في البين، لان الشك في اصل الحكم فهناك في باب التزاحم لا يوجد شك في الحكم فالحكم بانقاذ نفس الامامي وإنقاذ نفس الذمي معلوم انما وقع التنافي بين الاطلاقين في مرحلة الفعلية فقلنا بسقوط احدهما وبقاء الاخر.

اما في محل الكلام وهو ما اذا دار امر النفقة بين الوجوب والحرمة فالشك في اصل ثبوت الوجوب او اصل ثبوت الحرمة وليس الشك في سقوط الاطلاق لنتمسك باصالة الاطلاق فيه.

المسلك الاخر وهو القائل بانه جميع الواجبات في مرحلة التزاحم فعليّة، وانما يحصل التحيّر في معذرية احدهما، والا فالجميع فعلّي.

وبناءً عليه قيل في باب التزاحم انه انقاذ نفس الامامي متيقن المعذرية، اما لتساويهما او كونه اهم بينما انقاذ نفس الذمي مشكوك المعذرية، فلو سلمنا بهذا المبنى فهل ينطبق على محل كلامنا ام لا؟ حيث يقال في تصويره انه اذا دار الامر بين وجوب النفقة على الولد المرتد وحرمة النفقة عليه واحتمل أهمية الحرمة فهنا يقال يدور الامر بين الموافقة الاحتمالية لذي المزية وهو الحرمة او الموافقة الاحتمالية لغير ذي المزية وحيث لا يمكن المكلف في المقام الموافقة القطعية، اذ على أي حال لن يزيد امره على الموافقة الاحتمالية انما الموافقة الاحتمالية اما مع ما يحتمل أهميته او ليست معه، فيقال حينئذٍ ان البناء على طرف محتمل الأهمية وهو الحرمة بان يترك النفقة متيقن المعذرية لأنه على أي حال ان لم يفعله أي لن يلتزم به فهو لن يأتي اكثر من الموافقة الاحتمالية وعليه لو دار الامر بينهما كان البناء على الترك لكونه محتمل الاهمية متيقن المعذرية.

ولكن هذا التحليل انما يتم في فرض ثبوت منجز في رتبة سابقة فاذا افترضنا ان العلم الإجمالي بأحد المحذورين الوجوب والحرمة نجز الواقع أي نجز الالزام الواقعي ونحن احترنا في موافقة ذلك الإلزام المنجز فاما اننا نوافقه احتمالا بالفعل او نوافقه احتمالا بالترك الا ان الترك يتميز بكونه محتمل الأهمية فهنا يصح ان يقال بان اختيار محتمل الأهمية متيقن المعذرية فانت معذور في هذا الطرف على كل حال.

اما اذا كان اصل المنجزية مشكوكة اذا فتقديم محتمل الأهمية لن يكن ترجيحا في مقام الاطاعة بل سوف يكون ترجيحا في مقام المنجزية نفسها لان الاخذ بمحتمل الاهمية يراد منه ترجيح المنجزية في طرفه دون الآخر لا ترجيح الاطاعة في طرفه بعد المفروغية عن المنجز.

فحيث انه يرجع الى ترجيح المنجزية فقد ذكرنا ان مجرد كون احد الطرفين محتمل الأهمية من دون ان تكون هناك اقوائية في الكشف فانه لا يصلح ان يكون مناطا لتعين المنجزية فيه، حيث ان المنجزية تدور مدار الانكشاف فاذا كان الانكشاف فيهما على حد سواء فلا وجه لتعين جانب الحرمة في مقام المنجزية لأجل انه يحتمل أهميته..

هذا بالنسبة الى المورد ال 2 من موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير.

اما المورد ال3 وهو كما دار الامر بين التعيين والتخيير في المجعول، كما اذا علمنا ان من افطر متعمدا فعليه ان يكفر باطعام 60 سكينا، ولكننا لا ندري هل ان الاطعام مطلوب في نفسه ام انه مطلقا مخير بينه وبين عدل اخر كالصيام مثلاً فالمطلوب هو الجامع لا هذه الحصة فقد ذكر المحقق العراقي وغيره انه يتعين الاطعام باعتبار انه يوجد علم اجمالي وهو تعلق الوجوب اما بالجامع وهو احدهما او بواقع احدهما وهو الاطعام.

وبما انه دوران بين المتباينين فمقتضى منجزية العمل الإجمالي الموافقة القطعية وانما تتحقق الموافقة القطعية بالإتيان بالإطعام.

وهذا المبنى لو سلم هناك لا ينطبق على محل كلامنا اذ لا يوجد دوران الامر بين المحذورين بين ما هو متيقن التكليف كما هناك فهناك الاطعام متيقن التكليف انما لا ندري مخاطب بعنوانه او بعنوان الجامع.

اما في محل كلامنا لا يوجد ما هو متيقن التكليف فكما ان الوجوب مشكوك التكليف فان الحرمة مشكوكة التكليف وان كانت الحرمة يضاف اليها انه يحتمل اهميتها الا انها مشوكة التكليف فلا يندرج المقام في هذا الفرض.

اما اندراج المقام في المورد الرابع وهو دوران الامر بين التعيين والتخيير في الاطاعة، كما لو دار الامر بين تعين الاطاعة التفصيلية او التخيير بينها وبين الإجمالية وقلنا بمسلك النائيني من تعين الاطاعة التفصيلية الا ان تطبيق ذلك في المقام يرد عليه ما ذكرنا في المورد الثاني وهو انه انما يحكم العقل بتعيّن الاطاعة في محتمل الأهمية وهو جانب الحرمة اذا فرغ عن وجود المنجز وانحصر الشك والحيرة في مقام الاطاعة واما اذا كان الشك في المجز نفسه فلا يصلح احتمال الأهمية معينا للتنجز في طرفه دون الآخر.

فتحصل من ذلك ان دعوى تعين محتمل الأهمية في المنجزية دون الآخر ادراجا له في دوران الامر بين التعيين والتخيير غير تام.

هذا تمام الكلام في تأثير قوة الاحتمال او أهمية المحتمل في التنجيز.

الجهة ال 3 هل ان لقوة الاحتمال او أهمية المحتمل تأثيرا في حكم العقل بالتخيير ام لا.

حيث ذهب المحقق العراقي الى ان العقل في دوران الامر بين المحذورين حاكم باللاحرجية وذلك لمجموع امرين:

الأول ان المكلف مضطر الى الجامع فهو اما يفعل او يترك فبما انه مضطر الى الجامع فلا يعقل تكليف بالجامع فهو مضطر اليه.

الثاني ان دفع هذا الاضطرار بأحد الطرفين الفعل او الترك ترجيح بلا مرجح.

فنتيجة هذين الامرين وهم الاضطرار للجامع وتعيين احد الطرفين لدفع الاضطرار ترجيح بلا مرجح، نتيجة هذين الامرين قال المحقق بحكم العقل باللاحرجية أي لا حرج عليك باختيار الفعل أو الترك فلو فرضنا ان احدهما محتمل الأهمية واقوى احتمال من الاخر فهل يؤثر على حكم العقل باللاحرجية والتخيير ام لا؟.

الدرس 45
الدرس 47