نص الشريط
الدرس 47
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 14/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 16
مرات العرض: 2568
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (363)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وصل الكلام الى الجهة الثالث وهي ان أقوائية الاحتمال او احتمال الأهمية هل له تأثير على حكم العقل باللاحرجية في الفعل والترك ام لا، وهنا ينبغي ان يقال ان حكم العقل باللاحرجية هل هو منشأ لعدم تنجز العلم الإجمالي او هو متفرع على عدم المنجزية، فإننا افترضنا انه اذا علم المكلف بالزام واقعي مردد بين الوجوب والحرمة، فلا يدري ان النفقة على الولد المرتد واجب ام حرام، فحينئذٍ افاد المحقق العراقي وغيره بأنّ العقل يحكم في هذا الفرض باللاحرجية وانه لا حرج على المكلف ان يفعل او يترك.

وفي نفس هذا الفرض المكلف يحتمل الوجوب اكثر من احتماله للحرمة، او ان الوجوب يحتمل أهميته على الحرمة، فأحد الطرفين يتميز اما باقوائية الاحتمال او انه يتميز باحتمال الأهمية، فهل هذه الميزة مؤثرة في حكم العقل باللاحرجية بحيث تغير الميزان فيحكم العقل بلزوم التحفظ على ما هو اقوى احتمالا او ما هو محتمل الأهمية، ولا يحكم باللاحرجية في الفعل او الترك؟

لذلك لابد من تحليل حكم العقل وان حكم العقل باللاحرجية هل هو منشأ لعدم تنجز العلم الإجمالي في المقام او متفرع على عدم منجزية العلم الإجمالي..

فان قلنا كما عن العراقي ان حكم العقل منشأ لعدم المنجزية أي انه لو سألنا لم لا يتنجز العلم الإجمالي في طرف الوجوب او الحرمة؟

فيقول بانه حيث ان المكلف مضطر تكوينا لارتكاب احدهما أي الفعل او الترك حكم العقل باللاحرجية وفي اثر حكم العقل باللاحرجية ارتفعت منجزية العمل الإجمالي فحكم العقل منشأ لعدم المنجزية، فبناء على هذا التحليل اذا يصح ان يقال اذا كان احدهما اقوى احتمالا او محتمل الأهمية سوف يتغير الميزان.

والسر في ذلك ان حكم العقل باللاحرجية كان مبنيا على نكتة أخرى وهي ان التحفظ على احدهما المعين ترجيح بلا مرجح فالعقل يقرر بانه الالزام بالجامع غير معقول لاضطرار المكلف الى هذا الجامع ورفع هذا الاضطرار بأحدهما المعين ترجيح بلا مرجح فلما كان الالزام بأحدهما غير معقول ورفع هذا الاضطرار بالأحد المعين ترجيح بلا مرجح فالنتيجة هي اللاحرجية في الفعل او الترك اذا فحكم العقل باللاحرجية قد استند على نكتة ان التحفظ على احدهما المعين ترجيح بلا مرجح فحيث ان هذا الامر قد زال لتبين ان احدهما له مرجح وهو كونه اقوى احتمالا او كونه محتمل الأهمية فلا محالة اذا لا يحكم العقل باللاحرجية فتعود منجزية العلم الإجمالي لواجد المزية.

اما اذا قلنا بان الحكم العقل باللاحرجية متفرع على عدم المنجزية، لا انه منشأ المنجزية وهذا ما يبتني على النكتة التي سبق ان أيدناها وهي ان العلم الإجمالي في حد ذاته ليس بيانا فالعلم الإجمالي المتعلق بالنقيضين بالوجوب او الحرمة لا يصلح في حد ذاته للبيانية فهو قاصر في نفسه عن المنجزية، فاذا كان القصور في العلم الإجمالي في نفسه فسقط عن البيانية لقصوره لا لحكم العقل في البين.. غاية ما في الباب انه بعد سقوط العلم الإجمالي وقصوره قال العقل اذا لا حرج عليك ان تفعل او تترك.

اذا فكون احدهما اقوى احتمالا او محتمل الأهمية لا اثر في البين اذ بعد الفراغ عن ان لا منجز وانك لا حرج عليك في الفعل او الترك اذا بعد الفراغ عن ان لا منجز في البين لذلك قال العقل لا حرج عليك فسواء كان احدهما اقوى احتمالا او كان احدهما محتمل الأهمية لا اثر لذلك، اذ العلم الإجمالي بوجود الزام متساوي النسبة لطرف الوجوب او الحرمة وان كان طرف الوجوب اقوى احتمالا الا ان الثاني محتملٌ، فما دام العلم الإجمالي متساويا بالنسبة الى كليهما فلا اثر لهذه الاقوائية لأنّه انما يكون هناك اثر اذا كان هناك منجز نريد ان نطيعه فاذا كان هناك منجز في رتبة سابقة ونحن نريد اطاعته قلنا أقوائية احدهما احتمالا او احتمال أهميته اقرب لإطاعة ذلك المنجز اما اذا لم يكن هناك منجز في البين وان المكلف خلوٌ فحينئذٍ مجرد كون احدهما اقوى احتمالا او محتمل الأهمية لا اثر له في البين.

هذا تمام الكلام في البحث عن تأثير التميز باقوائية الاحتمال او أهمية المحتمل على مورد دوران الامر بين المحذورين.

ثم ان هناك تنبيها تعرض له صاحب الكفاية، وصار موضع التعليق لدى الاعلام وهي هل يجب الالتزام بأحد الطرفين، وعلى فرض الإلتزام به هل يتنافى الالتزام به مع الالتزام بالحكم الظاهري ام لا.

بيانه، انه اذا تردد الالزام المعلوم بين الوجوب والحرمة، فهل يجب على المكلف ان يلتزم قلبيا كما سبق في مبحث القطع باب الموافقة الالتزامية، ان يلتزم بأحد الطرفين، وهل ان التزامه به يتنافى مع ان الإلتزام بالوظيفة الظاهرية التي هي البراءة او الإباحة مثلاً

فهنا 3 اتجاهات تعرض لها المحقق الاصفهاني، في نهاية الدراية ج 4 ص 211.

افاد المحقق:

الاتجاه الأول يجب الإلتزام بطبيعي الإلزام والالتزام بطبيعي الإلزام لا يجتمع مع الإلتزام بالحكم الظاهري وبيان ذلك: بما ان الالتزام بدين النبي صلى الله عليه واله واجب أي كما انه يجب على المسلم ان يعمل بدين النبي صلى الله عليه واله يجب عليه أيضا ان يلتزم قلبيا بانه على دين النبي صلى الله عليه واله ومتدين به، فمقتضى وجوب الموافقة الالتزامية بدين النبي صلى الله عليه واله الإلتزام بكل حكم واقعي فالمكلف كما يجب عليه الصلاة يجب عليه ان يلتزم قلبيا بان الصلاة واجبة في حقه، فمقتضى وجوب الالتزام بالأحكام الواقعية ان المكلف في المقام بين فروض 3:

اما ان يلتزم بالحكم الواقعي بعنوانه أي عنوان الوجوب.

او يلتزم بالحكم المردد بينهما.

او يلتزم بطبيعي الالزام المعلوم بالإجمال.

واذا بطل الاولان تعين ال 3

اما الأول وهو الإلتزام بالحكم الواقعي بعنوانه فيلاحظ عليه ان الإلتزام الواجب انما هو الإلتزام بالحكم الفعلي لا الحكم الانشائي الذي لا فعلية له فلا يجب على المكلف ان يلتزم بأحكام الحائض، والحكم الواقعي بعنوانه كعنوان الوجوب ليس فعليا في حقه لأنّه مجهول فبما ان العنوان مجهول فليس الحكم الواقعي بهذا العنوان فعليا في حقه كي يجب الالتزام به فوجوب الإلتزام منتف بانتفاء موضوعه.

الفرض ال 2 ان يلتزم بالمردد فيقول انا التزم بفرد من الالزام مردد بين الوجوب والحرمة، فيقال لا يعقل أصلا تعلق الالتزام بما هو مردد، لان طرف الالتزام يجب ان يكون معين حتّى يتحقق الإلتزام والا لو كان طرفه مردد للزم تعين المردد او تردد المعين، بلحاظ ان الإلتزام بشيء من قوامه فان من قوام الالتزام ان يكون له متعلق اذ الإلتزام من الأمور الإضافية فلابد ان يكون له متعلق فاذا كان متعلقه مردد فاما ان يصبح الإلتزام مردد او ان تعين الالتزام يوجب تحول طرفه من مردد الى معين وكلاهما غير معقول اذا لا يعقل تعين الالتزام بالمردد..

فحيث بطل الاولان وصل الكلام الى ال 3 وهو ان يقال يجب الالتزام بجامع الإلزام، لا بالعنوان ولا بالفرد المردد، حيث علمت ان هنا الزام لا تعرف انه وجوب او حرمة فعليك ان تعقد قلبك ان الخطاب في حقك هو جامع الالزام، والالتزام بجامع الالزام يتنافى مع جريان الاباحة، اذ كيف تلتزم قلبيا بان الحكم في حقك هو الالزام وفي نفس الوقت تلتزم بان وظيفتك هي الاباحة او البراءة فهذان لا يجتمعان فلا محالة يجب عليك الالتزام بطبعي الإلزام ويكون التزامك به منافيا مع التزامك بالوظيفة في حقك.

وأجاب المحقق الاصفهاني عن ذلك، قال الإلزام وان كان معلوما تفصيلا الا انه ليس حكما فعليا في حق المكلف والسر في عدم فعليته اما لما اخترناه من قصور البيانية وان هذا الالزام المعلوم تفصيلا أصلا لا يعقل فعليته في حق المكلف لانبساطه على النقيضين او لما اختاره المحقق الاصفهاني بان فعلية الحكم فرع وجود اثر له ولا يوجد اثر عملي للإلزام لان المكلف بالنتيجة ستحصل منه الموافقة الاحتمالية كان هذا الالزام فعليا ام لا.

فالمكلف لا يخلو اما فاعل او تارك وعلى كل منهما تتحقق الموافقة الاحتمالية ففعلية الالزام لا اثر لها فاذا لم يكن الالزام فعليا اما لعدم معقولية فعلية الحكم المنبسط على النقيضين واما لأنّه لا اثر له فالنتيجة لا يجب الالتزام بطبيعي الالزام كي يكون منافيا للالتزام بالوظيفية التي هي الاباحة..

اذا نرجع ونقول لو سلمنا بوجوب الالتزام بالأحكام الواقعية فالالتزام بها لا يتنافى مع الالتزام بالحكم الظاهري وهو الاباحة، فيقول المكلف انا التزم بان حكم الله في حقي هو الوجوب ان كان هو الواقع وان حكمه هو الحرمة ان كان هو الواقع فالتزم بكليهما على فرض واقعيتهما، وفي نفس الوقت التزم بان وظيفتي الظاهرية هي الاباحة فكما لا منافاة بين الحكم الواقعي والظاهري في نفسه لا منافاة بين الالتزام بين الحكم الواقعي والظاهري اذ لا تنافي بين الملتزمين فلا تنافي بين الالتزامين.

الدرس 46
الدرس 48