نص الشريط
الدرس 50
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 17/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 19
مرات العرض: 2812
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (387)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

لازال الكلام في الاستدلال بالتخيير في الخبرين المتعارضين لإثبات التخيير في موارد دوران الامر بين المحذورين، وهنا عدة ملاحظات على الاستدلال الذي صاغه المحقق الاصفهاني:

الملاحظة 1 انه من المحتمل ان وجوب الالتزام بأحد الخبرين المتعارضين من باب التخيير بين المتزاحمين فلا يسري الى محل كلامنا، والوجه في ذلك ان حجية الخبر اما من باب السببية او من باب الطريقية.

فعلى المبنى الأول وهو مبنى السببية، الذي ذهب اليه الشيخ الانصاري في الرسائل وبيانه ان في الالتزام بخبر الثقة مصلحة سلوكية يتدارك بها ما فات من مصلحة الواقع فقيام خبر الثقة على حكم منشأ لحدوث مصلحة سلوكية لزومية يتدارك بها مصلحة الواقع، وبالتالي فيجب الالتزام بخبر الثقة احرازا للمصلحة السلوكية فاذا افترضنا ان هناك خبري ثقة متعارضين ففي كل منهما مصلحة سلوكية لزومية تقتضي الأخذ بالخبر، وبما ان المكلف لا يمكنه الاحراز لتلك المصلحتين السلوكيتين لتعارضهما فلا محالة يكون المقام من باب التزاحم نظير ما اذا خوطب بأنقد الغريق وانقذ الحريق ولم يمكنه انقاذهما معا وكانا متساويين من حيث الأهمية فانه يجب عليه انقاذ احدهما...

كذلك في المقام لو قام خبران متعارضان فهنا مصلحتان سلوكيتان لزوميتان على المكلف ان يحرزهما وحيث ان المكلف فاقد للقدرة على احرازهما لتعارض الخبرين فلا محالة يجب عليه احراز احدهما فيجب عليه الالتزام بأحد الخبرين المتعارضين فالالتزام بأحد الخبرين من باب التخيير في مرحلة التزاحم ولا علاقة له بما نحن فيه لأنّه لا يوجد تزاحم بين ملاكين هنا، بل ليس هناك الا ملاك 1 مجهول اذ لا ندري ان الملاك في الواقعة هو ملاك الحرمة ام ملاك الوجوب لا ان هناك ملاكين بالفعل وقصرت قدرة المكلف على الجمع بينهما.

اما بناءً على الطريقية وهو انه ليس الخبر الا كاشفا وحاكيا عن الواقع من دون سببية في البين، كما هو المسلك المشهور فبناءً على هذا المبنى من المحتمل أيضا ان يكون وجوب الالتزام بأحد الخبرين المتعارضين بملاك التسليم، لا بملاك مراعاة الحكم الظاهري ولا بملاك نفي ال 3 ولا بملاك احتمال الحكمين بل بملاك 4 وهو وجود المصلحة اللزومية في التسليم...

بيانه ان المستفاد من رواية محمد الحميري التي في ذيلها بايهما اخذت من باب التسليم كان صوابا، مع انهما متعارضان، المستفاد ان في التسليم مصلحة مع غمض النظر عن موافقة الوقع ففي التسليم بالخبر الوارد عن المعصوم ملاك لزومي يقتضي الاخذ به، نظير ما ورد في الرواية لا عذر لاحد من شيعتنا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا، ففي التسليم بما يرد عنهم من خلال خبر الثقة مصلحة لزومية، فبما ان المستفاد من هذه الروايات ان في التسليم في خبر الثقة مع غمض النظر عن موافقته او مخالفته توجد مصلحة لزومية فاذا في النتيجة هنا مقتضيان لمصلحتين أي يوجد مقتضيان لتسليمين التسليم ب 1 و2 وحيث ان المكلف قد قصرت قدرته عن الجمع بين التسليمين، اذ لا يراد بالتسليم مجرد التسليم القلبي وانما ما يكون مقدمة للعمل فلا يمكن للمكلف الجمع بين التسليمين فيتعين عليه الاخذ باحدهما من باب التسليم فهو من باب وجوب الالتزام باحدهما بنكتة التزاحم..

فلا ينطبق على محل الكلام، وهو ما اذا دار الامر بين المحذورين فلا نعلم الا بوجود مصلحة 1 ومقتض 1 لا ان هناك مقتضيين قصرت القدرة عن الجمع بينهما،

اذا فسواء قلنا ان حجية الخبر من باب السببية او ان حجيته من باب الطريقية على أي حال بالنتيجة تسرية وجوب الالتزام من باب التعارض الى محل كلامنا فرع احراز وحدة الملاك ولم يحرز.

الملاحظة 2 في بعض الملاكات السابقة قال لعل الملاك في الإلتزام بأحد الخبرين المتعارضين هو نفي ال 3 بمعنى انه اذا قامت حجتان على الوجوب التعييني فقد انتفى الوجوب التخييري أي الشق 3، فاذا كانت الحجة على نفي ال 3 موجبة لوجوب الالتزام فمن باب الأولى اذا قام العلم الوجداني على نفي ال 3.

يلاحظ على ذلك انه لا اشكال ان نفي ال 3 مدلول التزامي، والمدلول الالتزامي بحسب المبنى الصحيح تابع للمدلول المطابقي حجية فاذا افترضنا ان الخبرين تعارضا في المدلول المطابقي حيث ان الأول يدل على الوجوب التعييني للجمعة، والثاني يدل على الوجوب التعييني للظهر فتعارضا في المدلول المطابقي فسقط المدلول المطابقي عن الحجية واذا سقط عن الحجية سقط المدلول الالتزامي عن الحجية الا وهو نفي التخيير فكيف يقال بانه بعد تعارض الخبرين وتساقطهما يكون وجوب الالتزام باحدهما من باب حجيتهما في نفي ال 3 مع انه لا حجية لهما في نفي ال3 بعد سقوط حجيتهما في المدلول المطابقي؟

وان لم نسلم بهذا المبنى كما لم يسلم به الشيخ الانصاري والمحقق النائيني، وقالا هناك تفصيل بين كون المدلول الالتزامي طوليا او كونه عرضيا بنظر المرتكز العرفي... فاذا كان المدلول طوليا بحيث يرى العرف انه مقصود بالتبع وليس مقصودا بالأصالة مثلاً اذا قام لدينا خبر ثقة على وجوب الجمعة، فقد دل هذا الخبر بالمدلول الالتزامي على ان في الجمعة ملاكا يقتضي الوجوب فاكتشاف الملاك مدلول التزامي طولي أي في طول دلالة الخبر على الوجوب دلالة على الملاك، فبما ان المدلول ال 2 طولي اذا هو مقصود بالتبع والمقصود بالأصالة في مقام البيان هو المدلول الأول وهو الوجوب فاذا سقط المدلول المطابقي عن الحجية سقط مما هو تابع له..

اما اذا كان المدلول ال 2 عرضيا وبنظر المرتكز العرفي انه اخبار ثانٍ في عرض الاخبار الأول فكأن للخبر اخبارين في عرض 1 فسقوط احدهما عن الحجية لا يعني سقوط الآخر..

والمقام من هذا القبيل في تعارض الاخبار فانه لو وجد عندنا خبر يدل على تعين الجمعة، فهذا الخبر بمثابة خبرين في عرض واحد اذ لا تخيير في المقام بل تتعين الجمعة، فهنا يوجد خبران عرضيان لهذا الخبر، فاذا كان بمثابة خبرين عرضيين فكل خبر منهما موضوع مستقل للحجية، فاذا سقط المدلول الأول وهو تعين الجمعة بقي المدلول ال 2و هو لا تخيير على حجيته.

فحينئذٍ اذا جاء خبر اخر وقال تتعين الظهر فقد اتفق الخبران على ان لا تخيير في البين وهو المدلول ليس طوليا مقصودا بالتبع كي ان سقط الخبر عن الحجية سقط بتمام مداليله بل هناك خبران احدهما سقط وبقي الآخر.

هذا ما افاده الشيخ الانصاري في حجية المدلول الالتزامي بمعنى نفي ال 3 في باب الخبرين المتعارضين.

وهناك تصوير اخر لصاحب الكفاية حيث قال انه اذا تعارض الخبران احدهما يدل على تعين الجمعة والآخر يدل على تعين الظهر يوم الجمعة فقد علمنا علمين علم بكذب احدهما لا بعينه، والأخر نحتمل صدقه، فمقتضى اطلاق دليل الحجية حجية احدهما في مدلوله، فكما سقط احدهما لا بعينه عن الحجية للعلم بكذبه بقي احدهما لا بعينه على الحجية بمقتضى اطلاق دليل الحجية فذاك الذي نعبر عنه باحدهما الذي بقي على الحجية بمقتضى دليلها هو حجة في مدلوله المطابقي وفي مدلوله الالتزام غاية ما في الباب لا نستطيع ان نعمل بمدلوله المطابقي لعدم تمييزه ولكنه نستطيع ان نعمل بمدلوله الالتزامي وهو نفي التخيير، اذا فالمقام لا يتنافى مع تبعية المدلول الالتزامي للمدلول المطابقي في الحجية،

فسواء قلنا بحجية المدلول الالتزامي بمعنى نفي ال 3 بان قلنا بتصوير الشيخ او بتصوير صاحب الكفاية ليست العلة في وجوب الإلتزام بأحد الخبرين المتعارضين هو نفيهما لل 3 كي نقول انه هذه العلة موجودة في دوران الامر بين المحذورين لعلمنا الوجداني بنفي ال 3..

والسر في ذلك ان نفي ال3 اثر من اثار الحجية بمعنى انه لما كانت حجية احد الخبرين المتعارضين باقية كان لهذه الحجية اثران في عرض 1 وجوب الالتزام باحدهما ونفي ال 3 لا ان نفي ال 3 علة للأول فكلاهما اثران للحجية والشاهد على ذلك ان جميع الاعلام الذين قالوا بالتخيير في الخبرين المتعارضين قالوا يجب الالتزام باحدهما كان لهما نفي لل 3 ام لا فان الاعلام القائلين بوجوب الالتزام باحدهما لم يرتبوا وجب الالتزام باحدهما على القول بالحجية على نفي ال 3 كما أشار لذلك السيد الروحاني.

فتلخص من ذلك انه حتّى لو اردنا التسرية فان ما احتمل من كون ملاك التسرية هو نفي ال 3 هذا المحتمل ممنوع.

الدرس 49
الدرس 51