نص الشريط
الدرس 33
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 22/12/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2645
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (397)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

تقدم ان سبق الظهر على العصر من الشروط المتقدمة بمعنى ان محل ايقاعه هو ما قبل الشروع في العصر، وبناءً على ذلك فمن شرع في العصر فقد تجاوز محل الشرط فاذا شك في انه اتى بالظهر ام لا فقط شك في صحة العصر، ومقتضى قاعدة التجاوز تحقق الشرط لا لأجل اثبات وجود الظهر في نفسها، بل لإثبات صحة العصر بلحاظ جامعيتها للشرط.

واورد على هذا الاستدلال بوجوه:

الأول: أنّ ما هو متعلق الامر الضمني في المشروط هو التقيُّد لا القيد فكون القيد متقدما او مقارنا او متأخرا مما لا اثر له في المقام فان ما هو مصب الامر الضمني التقيّد كالتقيّد بالاستقبال والتقيّد بالطهور وان كان الطهور سابقاً والتقيّد بسبق الظهر وامثال ذلك وبما ان التقيّد مقارن لا محالة، فاذا فلا يتصور تجاوز لمحل التقيّد كي تجري بلحاظه قاعدة التجاوز فان جريانها فرع التجاوز ولا يعقل التجاوز بلحاظ التقيّد.

وهو وجه متين.

الوجه 2 ما ذكره سيدنا في مصباح الاصول، ومحصله ان شرط الترتيب بين الظهر والعصر ذكري لا واقعي، ومقتضى كونه ذكريا ان من دخل العصر غافلا فلا يشترط الترتيب في حقه وحينئذٍ حيث ان المكلف يشك هل انه اتى بالظهر ام انه دخل العصر غافلاً فبما انه يحتمل انه دخل العصر غافلا اذا هو لا يحرز شرطية الترتيب في هذه الصلاة اذ لو كان قد دخل العصر غافلا واقعا فالترتيب غير مشروط ولأجل ذلك لا يحرز المكلف اعتبار الشرط في هذا المورد فاذا لم يحرز اعتباره اذا لا وجه لجريان قاعدة التجاوز فان جريانها فرع صدق التجاوز بالنسبة للشرط وصدق التجاوز فرع اعتباره

حتّى يقال تجاوز محله فلو لم يكن معتبرا واقعا لما كان هناك تجاوز كي يتحقق موضوعها، اذا المكلف لا يحرز موضوع قاعدة التجاوز كي يكون المورد مجرى لها.

وهذا الوجه أيضاً طرحه الشيخ الانصاري واجيب عنه:

اولا ان مورد قاعدة التجاوز هو التجاوز للمحل بالعنوان الاولي لا الثانوي ومثال ذلك ان الإمام اجرى قاعدة التجاوز في صحيحة ابن جابر لمن شك في السجود وقد قام مع ان الترتيب بين السجود والقيام ذكري فلو قام غافلا ولم يكن قد سجد فالترتيب غير معتبر فبما ان الترتيب بين السجود والقيام ذكري مع ذلك الإمام اجرى قاعدة التجاوز لمن شك في السجود في القيام مع انه لا يحرز موضوع قاعدة التجاوز في هذا المورد اذ لعله دخل القيام غافلا واول دخوله غافلا لم يكن الترتيب معتبرا، مع ذلك اجرى الإمام قاعدة التجاوز مما يشهد ان المناط في جريانها

تجاوز المحل الشرعي بالعنوان الاولي فان الترتيب معتبر يبين السجود والقيام بالعنوان الاولي نعم عنوان الغفلة والنسيان فالترتيب مرفوع بحديث لا تعاد، كذلك في المقام فان الترتيب بين سبق الظهر وبين العصر معتبر بالعنوان الاولي غاية ما في الباب لو دخل العصر غافلا او ناسيا فمقتضى حديث لا تعاد سقوط شرطية الترتيب والا فهو بالعنوان الاولي معتبر وحيث انه معتبر بالعنوان الاولي كان مجرى لقاعدة التجاوز، لصدق تجاوز المحل بالعنوان الاولي.

وثانيا لو سلمنا ما افيد فعلى مبنى سيدنا لا يتم هذا الجواب لأنّه يرى اعتبار الترتيب بين سائر الاجزاء فسقوط شرطية الترتيب في الاجزاء الماضية لا يعني سقوطه في الاجزاء الباقية وحيث لم يسقط الترتيب في الاجزاء الباقية اذا حينئذٍ لا محل لقول بان موضوع قاعدة التجاوز مشكوك اذ لعل الترتيب غير معتبر في المقام، فانه معتبر في الاجزاء الاتية.

هذا بالنسبة للوجه ال 2 الذي افاده سيدنا.

الوجه ال 3 افاد سيدنا في مصباح الاصول أيضاً انه لو بنينا على ان الترتيب شرط واقعي بين الظهر والعصر مع ذلك لا مجال لجريان قاعدة التجاوز والسر في ذلك ان صلاة الظهر لها حيثيتان حيثية وجوبها النفسي وحيثية وجوبها الشرطي لصحة العصر، فمن حيث وجوبها النفسي ليست العصر مشروطة بها ولأجل ذلك لو تذكرها اتى بها ولو بعد العصر، واما من حيث وجوبها الشرطي لصلاة العصر فهو الذي يراد اجراء قاعدة التجاوز فيه.

وحينئذٍ نقول: ان لاحظنا الظهر من حيث وجوبها النفسي لم تجري فيها قاعدة التجاوز اذ ليس لها محل شرعي بلحاظ وجوبها النفسي فيجري فيها استصحاب عدم الاتيان، ومقتضاه الامر بإتيانها، واذا لاحظناها من حيث وجوبها الشرطي تجري قاعدة التجاوز ومقتضى قاعدة التجاوز ان المكلف مأمور بالعصر، لأنّه اذا صحت العصر منه امر بإتمامها والامر متهافتان، لأنّه من جهة يقال صليّ الظهر من جهة الاستصحاب، ومن جهة يقال اتم العصر بقاعدة التجاوز وحيث يقع التهافت بينهما، فلا تجري القاعدة لأجل هذا التهافت واذا لم تجري لم يكن مانع من العدول اذ متى ما شك المكلف

وهو في العصر انه اتى بالظهر عدل اليها، فيتنقح روايات العدول.

واجيب انه هل المدعى ان التهافت بين نفس الاستصحاب والقاعدة ام المدعى هو باللوازم؟ أي بالتعبد بعدم الظهر والتعبد بصحة العصر.

فان كان المدعى التهافت بين الاصلين أي استصحاب عدم الظهر وقاعدة التجاوز فمن الواضح حكومة قاعدة التجاوز على الاستصحاب، وان كان منظوره التهافت بحسب اللازم فيقال بما ان الاصول ليست حجة في مثبتاتها ولوازمها فلا مانع من الجمع بين هذه اللوازم المتباينة لان الاصول العملية مجرد وظائف علمية لا حكاية لها عن الواقع كي يقع التنافي بين مداليلها الالتزامية ولذلك من شك انه توضأ بعد الصلاة مقتضى الفراغ صحة الصلاة ومقتضى الاستصحاب التوضؤ للصلوات الاتية مع ان الحكمين متنافيين، الا انه يقال ما دام الاستصحاب والقاعدة مجرد وظائف عملية فلا

مانع من التعبد بمؤدياتها في مورد واحد وان كانت متنافية فانت من جهة بلا وضوء، بمقتضى الاستصحاب وانت من جهة ذو صلاة صحيحة بمقتضى الفراغ

وكذلك في المقام يقال ان هذا المكلف محكومة بعدم الاتيان بالظهر ومن جهة انه محكومة بصحة العصر فيتم العصر ثم يستأنف الظهر.

الوجه الرابع ما ذكره المحقق العراقي ومحصله ان مقتضى المدلول الالتزامي لروايات العدول عدم جريان قاعدة التجاوز، فان مورد روايات العدول نفس مورد قاعدة التجاوز أي من شك في الظهر وقد دخل في العصر فاذا كان من شك في الظهر وهو في العصر مأمورا بالعدول بمقتضى اطلاق روايات العدول بالعدول فلازم ذلك عرفا عدم جريان قاعدة التجاوز، اذ لو جرت لصحت صلاته عصرا وعليه لا معنى للعدول.

فمقتضى اطلاق روايات العدول العدول للظهر والمدلول اللاتزامي لهذا الاطلاق عدم جريان قاعدة التجاوز اذ ان المدلول الالتزامي لهذا الاطلاق ان التجاوز لم يحصل، لأنّه اذا قال اعدل الى الظهر فمعنى اعتبار الترتيب شرطا في الاجزاء الباقية عدم تجاوز الترتيب ومقتضاه عدم جريان قاعدة التجاوز.

ثم قال وعلى فرض التعارض بين الاطلاقين، فانهما يتساقطان وبعد سقوطهما فهذا المكلف شاك في انه اتى بالظهر ام لا ومقتضى الاستصحاب ان يعدل الى الظهر أيضاً.

واجيب عن كلامه:

اولا بان روايات العدول ليست في مقام البيان من هذه الجهة وانما هي في مقام التسهيل والامتنان، فمدلولها التوسعة وانه من اتى بصلاة ملفقة من عصر وظهر فانها تحتسب ظهرا فهو في مقام التوسعة واعتبار الصلاة الملفقة مصداقا للظهر لا انه في مقام البيان من جهة الترتيب كي يستفاد منها ان الترتيب معتبر في الاجزاء الباقية ومقتضى اعتباره عدم تجاوز محله ومقتضى عدم تجاوز محله عدم جريان القاعدة فان كل هذا مؤونة لا تتكلف روايات العدول ببيانها.

ولكن هذا الجواب ت محل تأمل فان ظاهر قوله فأنوها الأولى ان الامر مولوي ومقتضاه ان الترتيب لم يفت محله اذ لو فات محله لما كان هناك وجه للعدول للأولى امرا لزوميا فمدلولها الالتزامي العرفي بقاء محل شرطية الترتيب فينتفي موضوع قاعدة التجاوز.

الجواب الثاني قيل لو فرضنا ان مدلولها ذلك، ولكن حيث ان شرط الترتيب من الشرط المتقدم، لانّ محل ايقاع هذا الشرط هو ما قبل الدخول لصلاة العصر اذ مضمون الشرط هو سبق الظهر على العصر فمحل ايقاعها ان يأتي بالظهر قبل العصر فمتى ما دخل العصر فقد تجاوز محل الترتيب وعليه تحقق موضوع قاعدة التجاوز، فكيف يقال ان روايات العدول تنفي موضوع قاعدة التجاوز والحال ان موضوعها من الشروط المتقدمة وهو متحقق وجدانا.

ولكن للعراقي ان يجيب بانه نعم ان موضوع قاعدة التجاوز وجدانا متحقق ولكنه متحقق لولا المدلول الالتزامي لروايات العدول فحيث ان المدلول الالتزامي لروايات العدول مدلول لأمارة ظاهرها حجة فمقتضى حجية هذا المدلول الالتزامي عدم جريان قاعدة التجاوز فاذا عدم انتفاء الموضوع وجدانا لا يلتزم انتفاءه بالتعبد أي ببركة مدلول التزامي لروايات العدول.

وبالتالي لا مجرى للقاعدة والوظيفة ان يعدل بها الى الظهر الا اذا قلنا بجواز اقحام صلاة في صلاة فمن الممكن ان يدخل بالظهر ثم يعود ويتمها عصرا بعد ذلك وهذا مطلب اخر..

ولكن هذا المطلب الآخر ناقش فيه السيد الإمام وهو ان ظاهر روايات العدول عدم جواز اقحام فريضة في فريضة كما تقدم.

نعم..

ما ذكره العراقي من المعارضة حيث قال على فرض الاطلاق في كليهما أي ان موضوع العدول متحقق فتشمل المورد روايات العدول وموضوع روايات قاعدة التجاوز متحقق فتشمل المورد روايات قاعدة التجاوز فاذا تعارضا تساقطا ووصلت النوبة الى ان الملف شاكٌ في الاتيان بالظهر مقتضى الاستصحاب ان يعدل اليها.

هذا محل تأمل لعدم تصور المعارضة بين دليل الامارة والأصل العملي فان روايات العدول دليل اجتهادي وقاعدة التجاوز اصل علمي ولا مجال للمعارضة بينهما بل الاول وارد على الثاني.

وعلى فرض المعارضة والتساقط فلا يمكن الرجوع لروايات العدول مرى اخرى بان يقال ستصحب عدم الاتيان بالظهر ومقتضاه العدول الى الظهر، اذ لا موجب للعدول الا رواياته وقد سقطت بالمعارضة.

فنبغي ان يقال اذا تعارضا وتساقطا فان مقتضى استصحاب عدم الإتيان بالظهر قطع الصلاة واستئناف الظهر ثم العصر لا العدول بهذه الصلاة الى الظهر.

والحمدلله رب العالمين

الدرس 32
الدرس 34