نص الشريط
الدرس 111
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 15/6/1436 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2560
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (322)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين

تقدم: أنّ ما دلَّ على أنّ وظيفة المكلف في فرض انحصار الساتر بالمتنجس وعدم إمكان تطهيره هو الصلاة عريانا وهو معتبرة سماعة، قد يقال: بأنّه مبتلى بمحذورين: سندي، وقد سبق الكلام فيه، ومحذور مضموني، محصله:

أنّ معتبرة سماعة معارضة بموثقته الأخرى حيث إنَّ مفاد معتبرة سماعة أن يصلي عرياناً قاعداً، حيث قال: «سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه الا ثوب واحد واجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي عريناً قاعداً يومئ ايماءً»، بينما موثقته الأخرى: «سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض فاجنب... قال: يتيمم ويصلي عرياناً قائما»، فقد يقال: بالتعارض المضموني بين الموثقتين.

ولكنّ شيخنا الأستاذ «قده» قال: أنّ صحيحة عبدالله بن مسكان عن ابي جعفر عن أبي جعفر : في رجل عريان ليس معه ثوب؟ قال: «إذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائماً».

قال: بأنّ هذه الروایة شاهد جمع بين الموثقة الأُولى ورواية الحلبي الدالة على اعتبار الجلوس، وبين الموثقة الثانية الدالة على اعتبار القيام.

لكن ما افاده «قده» مبني على أنّ هناك روايتين: أحدهما: موثقته الأولى؛ والأخرى: موثقته الثانية.

فيقال: بأنّه بعد تعارض الموثقتين فهل هناك شاهد جمع بينهما أم لا؟، ولكن الاشكال أنّه لم يحرز ما رواه سماعة عن المعصوم باعتبار ان نقل اصحاب الاصول ان هناك روايتين فكأنّ سماعة سمع من الإمام مرتين الحكم، ولكن ظاهر اتحاد الروايتين في المتن أنّهما رواية واحدة إذ لا يحتمل ان يسأل سماعة الإمام مرتين بنفس صيغة السؤال وورد الجواب بنفس الصيغة؛ فيقال: أننا لا نحرز ما رواه سماعة عن الإمام فشاهد الجمع مورده الصناعي ما إذا كانت هناك روايتين اما إذا كانت هناك رواية واحدة لم يحرز متنها، فالجاري بحسب الصناعة حينئذٍ الاصول الجارية عند اختلاف متون الرواية لا ان الجارية الاصول الجارية عند الظهورات العقلائية ويكفينا أنّنا لا نحرز أنّهما روايتين في الاشكال على عدم لجوء إلى شاهد الجمع.

نعم قد يقال: التردد فيما رواه سماعة بين أن يكون المروي هو الصلاة قاعداً أو قائماً غير ضائر بالاستدلال لأنّ محل الاستدلال أن نثبت أنّ المكلف إن انحصر الساتر في الثوب المتنجس وعدم إمكان تطهيره فوظيفته الصلاة عاريا قاعدا أو قائما فهذا وصف اخر ومطلب آخر فإنّ هذا لا يسقط حجية موثقة سماعة في أصل المطلب.

هذا تمام الكلام في التعليقة الرابعة.

التعليقة الخامسة: وهي أيضاً ما أفاده شيخنا الأستاذ: من أنّ ما صنعه السيد الخوئي من تقسيم روايات الباب إلى طائفتين ثم عالج المعارضة بينهما ليس صناعيا، وإنّما الصحيح تقسيمها إلى ثلاث طوائف، ويقع التعارض بين الطائفة الثانية والثالثة، وبعد سقوطهما تكون الطائفة الأولى مرجعاً يتم الاستدلال به. وبيان ذلك: من خلال كلامه كما ذكر في «ج3، ص46»: «ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات، وقد يقال بأنها متعارضة فلا بد من الترجيح كما يقال بأن بينها جمعاً عرفياً فيجمع بينها ويقال أيضاً بأن المعتبر منها لا يختلف فيؤخذ بها وغير المعتبر منها لا يعمل به.

منها: ما دلَّ على تعين الصلاة في الثوب المتنجس مع عدم التمكن من غسله وتبديله بلا فرق بين الاضطرار إلى لبسه لبرد ونحوه، أم لم يكن له اضطرار كصحيحة محمد الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله؟ قال: «يصلّي فيه».

ومنها: ما دلَّ على تعين الصلاة في الثوب النجس مع فرض عدم الاضطرار إلى لبسه لبرد ونحوه، بل انحصار الثوب به وعدم إمكان غسله موضوع لهذا التعين، كصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى قال: سألته عن رجل عريان وحضرت الصلاة، فأصاب ثوباً نصفه دم أو كلّه دم يصلّي فيه أو يصلي عرياناً؟ قال: «إن وجد ماءً غسله، وإن لم يجد ماءً صلى فيه ولم يصلّ عرياناً».

ومنها: ما دلَّ على تعين الصلاة عرياناً مومئاً للركوع والسجود كصلاة العراة، وبتعبير آخر: الثوب المزبور كعدمه فيجري على المصلي المزبور حكم العاري كموثقة سماعة قال: سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه إلّا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: «يتيمّم ويصلي عرياناً قاعداً يومئ إيماءً»». فأنّ أمره بنزع الثوب والصلاة عريانا ظاهر بأنّه غير مضطر للبس الثوب، فالطائفة الثالثة واردة في مورد الطائفة الثانية، ومقتضى هذا البيان كما ذكر في «ص52» مقتضى هذا البيان ان التعارض يقع بين الطائفة الثانية والثالثة حيث الطائفة الثانية: مفاداها الصلاة في الثوب النجس إذا لم يضطر إلى لبسه، والطائفة الثالثة مفادها: الصلاة عريانا إذا لم يضطر إلى لبس الثوب المتنجس فإذا تساقطا رجعنا إلى الطائفة الأولى لأنّها بإطلاقها غير داخلة في المعارضة ومقتضى الطائفة الأولى أنّه إذا انحصر الثوب بالمتنجس ولم يكن تطهيره ولا تبديله فالوظيفة الصلاة فيه سواء اضطر للبسه أم لا، فهذا هو الصناعة لا ما صنعه سيدنا من وجود طائفتين.

قال: «فالمتعين هو الأخذ بالطائفة الأُولى والحكم بتعين الصلاة في الثوب النجس سواء اضطر إلى لبسه وعدمه كما هو مقتضى إطلاقها، حيث لم يثبت لها مقيد فإن المقيد وهي الطائفة الثالثة - المفروض فيها التمكن على النزع بقرينة الأمر بالصلاة عارياً - مبتلاة بالمعارض وهي الطائفة الثانية الآمرة بالصلاة في الثوب المزبور مع فرض عدم الاضطرار إلى اللبس أيضاً».

ولكن قد يقال: أنّ هناك اتجاهين في فهم هذه النصوص يمنعان من تقسيمها إلى ثلاث طوائف، ومقتضاهما انحصار روايات الباب في طائفتين، الاتجاه الاول: انما يصحّ استقلال الطائفة الثانية عن الاولى إذا كان عدم الاضطرار أخذ فيها قيداً اي ان الامام أخذ في الحكم بالصلاة في الثوب المتنجس ان يكون المكلف غير مضطر فإذا أخذ عدم الاضطرار قيدا في موضوع الحكم في الرواية كانت طائفة مستقلة وكانت مقابلة للطائفة الثالثة اما إذا افترضنا ان عدم الاضطرار فرض في السؤال لا انه قيد في موضوع الحكم فما فرض في السؤال انما يتجه اخذه في الحكم إذا احتمل اختصاص الحكم به عرفا كما لو عرض على العرف فيرى العرف ان مناسبة الحكم للموضوع ان يكون هذا القيد وان ورد في السؤال ان يكون قيدا في الحكم لا ما إذا لم يرى العرف مناسبة بين الحكم والموضوع، مثلاً: إذا قال السائل رأيت العالم في الحرم الشريف فقال المفتي فاكرمه ان رايته فهنا العرف يرى مناسبة بين الحكم والموضوع، بأن يقول: ان العالم وان أخذ فرضا في السؤال الا انه يحتمل اختصاص الحكم به واما إذا في المقام فلو ان السائل فرض الاضطرار إلى اللبس فأجاب الإمام بانه يصلي فيه لكانت هناك مناسبة بين الحكم وهو الصلاة فيه وبين ما فرض في السؤال الاضطرار واما إذا فرض السائل عدم الاضطرار فأجاب الامام بانه يصلي فيه فإن العرف لا يرى مناسبة بين الصلاة فيه وانه غير مضطر إلى لبسه لذلك احتمال أخذ ما فرضه السائل وهو عدم الاضطرار قيدا في الحكم ليس عرفياً فهذه الرواية لو عرضت على العرف يقول نعم اجاب الإمام عند انحصار الثوب بالمتنجس هي الصلاة فيه ولكن لا خصوصية لعدم الاضطرار بل يشمل جزما الاضطرار بالأولوية فحيث ان العرف لا يرى ان ما فرض في السؤال مما يحتمل اختصاص الحكم به لا يكون موجبا للتقييد فإذا لم يكن موجبا للتقييد كان مفاد الطائفة الثانية هو مفاد الاولى فكيف تصلح ان تكون طائفة مستقلة ليتم على اساسها تقسيم طوائف الباب إلى ثلاث، ودعوى تعارض الطائفة الثانية والثالثة؟.

فإنّ قلت: بما أنّ الطائفتين الاولى والثانية مطلقتان لفرض الاضطرار وعدمه والمفروض ان الطائفة الثالثة خاصة بعدم الاضطرار لأنّه في الطائفة الثالثة أمر بالصلاة عارياً وهذا إنّما يتصور في فرض عدم الاضطرار فالطائفة الثالثة أخص من الاوليين فإذا كانت أخص منهما فمقتضى الجمع العرفي حمل المطلق على المقيد فتحمل الطائفة الاولى والثانية على فرض الاضطرار لأن الطائفة الثالثة خاصة في فرض عدم الاضطرار.

قلت: هل أن صناعة حمل المطلق على المقيد تشمل القيد المنتزع من الحكم أو تختص بالقيد المأخوذ في الموضوع، فإذا قلنا بأن صناعة حمل المطلق على المقيد يكفي فيها أن يكون الطرف الثانية مقيداً ولو كان هذا القيد منتزعا عقلاً من الحكم بدلالة الاقتضاء ولم يأخذه الإمام في موضوع الحكم وإنما انتزعناه من الحكم بدلالة الاقتضاء، فحينئذٍ يتم هذا المطلب، وأما إذا قلنا أن الملاك في حمل المطلق على المقيد أن يكون ظاهر التقييد الاحترازية مع غمض النظر ان يكون للقيد مفهوم أم لا؟ فإذا كان ظاهر أخذ القيد الاحترازية كان موجباً لحمل المطلق على المقيد وهذا الظهور اي ظهور القيد في الاحترازية انما ينعقد إذا أخذ القيد في موضوع الحكم لا ما إذا انتزع القيد من الحكم بدلالة الاقتضاء كما هو محل كلامنا حيث سالته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه الا ثوب واجنب فيه كيف يصنع موضوع الحكم انحصار الساتر في الثوب المتنجس مع عدم الماء قال يتيمم ويصلي عريانا فقوله يصلي عريانا دل بدلالة الاقتضاء انه غير مضطر فالقيد انتزع من الحكم بدلالة الاقتضاء لا أنّه أخذ في ظاهر السياق فهل تشمل صناعة حمل المطلق على المقيد مثل ذلك.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

الدرس 110
الدرس 112